قرأنا أن بعض قنصليات الدول المصدرة للعمالة المنزلية تُصر على معرفة شكل المنزل وسعته وعدد السكان. ووجدتُ شخصيا أن ثمة صوابا أو رشدا أو انضباطا للموضوع، وقرأتُ في صحافة بلدانهم أن أكثر الشكاوى تتركز في حجم المساحة التي تكون تحت عهدة الخادمة رعاية وتنظيفا يوميا ، من غرف وحمامات وملاحق «بما يتبع الخيرة من كثرة ارتياد» إضافة إلى غسيل «الأواني» وغسيل الملابس وكيها وترتيبها. وبالمختصر المفيد ستأتي المرأة إلى «قصر»، أقرب إلى الحصن أو القلعة منه إلى السكن العائلي، ويضم القصر منازل كثيرة وغرفا وفرشا وستائر وكُمّة مصابيح كثيرة «أباجورات»، وتلك - في الجوّ المغبر - تحتاج إلى تدبّر وتنظيف مستمر . وتأكدتُ من فكرتي عندما أجرى أحد أرباب الأسر التي أعرفها تمحيصا بأسباب حالات هروب خادمات، أو رفضهن العمل، أو طلبهن إنهاء عقودهن وترحيلهن بطريقة نظامية، أو عدم تجديد العقد لمدة إضافية، وتبين له أن سعة منزله أو « قصره « هي فوق طاقتهن البشرية، ورأى أنهن يحتجن إلى أكثر من 12 ساعة عمل، وحاول إرضاءهن بزيادة الراتب لكنه - وهو مدرك وحكيم - عرف أن المسألة تتعلق بالطاقة البدنية والذهنية أكثر منها بالمادية «الأجر». وجرى حديث مع ذاك الفاضل وقال إنه يفكر في الانتقال إلى منزل أصغر، وانه بعملية حسابية عادية وجد أنه يوفّر الوقت والمال والقلق والصيانة، وأتبع أن قصره الخالي يحتوي على بعض الغرف والمجالس التي لم يدخلها أحد.. ! وكان أوجدها لزوم الامتياز أو الهيبة أو المقام، أيام الوفرة والغنى والفيض المتدفق، وعندما قلّت بعض «الروافد» الآن تحتم عليه إعادة النظر. وعرض القصر الكبير للبيع أو الإيجار فلم يجد المشتري، لأن الناس كما يقول أصبح عندهم ذات الوعي والتخوف من تضاعف مصاريف الخدمة والصيانة. تغيّرت ثقافة الأفراد العاديين السكنية نتيجة التغيرات المتلاحقة في أسعار المواد، وأيضا مع المعطيات الجديدة للحياة، والتخلي عن بعض العادات الاجتماعية مثل كثرة الدعوات للوجبات «حلفت» -قل تم- ، والتي كانت تتطلب سعة في المرافق، والمبالغة في المساحة غير ذات الفائدة. والبيوت منخفضة المساحة يسهل تنظيفها وإدارتها وتبريدها، وأيضا يسهل بيعها. @A_Althukair
مشاركة :