مهرجان المسرح الجامعي في عُمان: كثير من الكآبة قليل من البهجة

  • 1/13/2014
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

مجموعة من الشباب تغني وتصفق على مقاعد القاعة بعد انتهاء عرضهم ضمن مهرجان للمسرح الجامعي في مدينة صور العمانية. أصواتهم تعلو كثيراً بالفرح والبهجة، لكن قبل نصف ساعة من أهازيج السعادة تلك لم يكونوا سعداء على خشبة المسرح، فقد قدموا عرضاً كئيباً، بدأ من لون الستارة السوداء في خلفية الديكور، وأكثر من ممثل أطلق نحيبه لأن دوره كان يقتضي منه البكاء وإبداء الشعور المرّ بالألم. تسعة عروض قدمها مهرجان المسرح الجامعي في نسخته الأولى، تقاسمتها أيام المهرجان الثلاثة، وقد خصص اليوم الرابع لتوزيع الجوائز على الفائزين، واحتفى الممثلون الشباب بالحزن والألم كثيمة أساسية في سائر العروض. عرض واحد ذهب إلى التقليدية وقدم قضية شبابية من منظور تراثي حيث الحبيب محكوم بالبحث عن ست دانات، كل دانة من بلد، يقدمها مهراً لابنة عمه التي يريدها والدها زوجة لرجل ثري. رئيس الجمعية العمانية للمسرح الأكاديمي سعيد السيابي فسّر حال التشنج وتظليل الفعل المسرحي بهالة من الكآبة بأنها استسهال من قبل الشباب لكسر قواعد المسرح، مضيفاً لـ «الحياة» أن الحماسة تجعلهم يميلون للصراخ والأداء الانفعالي لإثبات الذات. كان عرض جامعة السلطان قابوس «على افتراض ما حدث فعلاً» الأجمل فنياً ولذلك حظي بأفضل الجوائز بينها (أفضل عرض) لكنه قدم الكوميديا المعتمدة على السخرية من خلال مجموعة مجانين. فحتى الضحكة جاءت من مصحة نفسية قاربت بين الاجتماعي والسياسي لتجعل من الملك (نزيل المصحة) مهووساً بالخلود حيث البحث عن رفات جندي يضعه في نصب الجندي المجهول الذي حلم به كثيراً، لكن مستشاره باع كل رفات الجنود. وكان تبادل الأدوار بين الممثلين الشباب على مستوى مقبول من الإبداع الفني ما مكّنهم من نيل إعجاب الحضور، ولجنة التحكيم. ويشير السيابي إلى عرض الجامعة بأنه قدم السهل الممتنع، الكوميديا بحس فكري أجاد تقديمه جيل من الشباب الموهوب فنياً. ويرى السيابي أن البكاء أسهل من الكوميديا، فالضحك يحتاج إلى أدوات فنية عالية، وهذا ما جعل المشاركين يعتمدون على البكائيات للتأثير في المتلقي، بخاصة أنهم اختاروا نصوصاً فلسطينية وعراقية، مع ما عرفه هذان الشعبان من حروب ومآس، توفر لدى كتّابها قاموساً ثرياً من لغة المعتقلات والسجون وآثار الحروب. وأشار الأكاديمي إلى أن هذه النصوص متوافرة على الإنترنت اعتمد عليها الشباب لسهولة الوصول إليها مقابل قلة النصوص المطبوعة والمتاحة. ويأخذ السيابي على المشرفين إغفالهم مهمة توجيه الشباب نحو قضاياهم الحقيقية من خلال نصوص، مهما تبدو بسيطة، إلا أنها معبرة عنهم، منوهاً بأن الأخذ من نصوص الآخرين ليس عيباً لكن شرط التعبير عن قضية اجتماعية تدور في فلك الشباب، أذ إن الاعتماد على النصوص المستوردة يبعدهم عن الرقابة حيث «لا مكان ولا زمان» يقيدانهم في الساحة المفتوحة أمام الحرية، بموازاة مجتمع يتخذ دائماً الحذر في التعاطي مع القضايا الحساسة، والشباب يريدون شيئاً غير تقليدي، ومعاكسة الواقع، وهذا ما أعطاهم فرصة تقديم المسرح الرخيص على مستوى الديكور والملابس فما دامت هناك ثنائية الصراع بين الخير والشر فلا أكثر مناسبة من اللونين الأبيض والأسود. وفي المحصلة فازت الفرقة التي قدمت البهجة على رغم أنها حدثت في مصحة للمجانين، إلا أنها مزجت السخرية والضحكة، وقدمت مواهب شابة تحدث عنها النقاد كثيراً، متوقعين أن يعود جيل الشباب مرة أخرى ليأخذ بيد المسرح بعد أن تعب «رواده» من حالات اليأس والإحباط، وترجلوا بعيداً منه، يبحثون عن لقمة العيش بعيداً من خشبة المسرح.

مشاركة :