كان أول بيان لحركة «20 فبراير» تدعو فيه إلى التظاهر قبل سنتين خرج ليلة 26 كانون الثاني (يناير) 2011 ونشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي. نشطاء مغاربة تداولوا أخيراً على مواقع التواصل الاجتماعي نداء من أجل الخروج إلى الشارع في 26 الجاري للاحتجاج على ما اسموه قرارات لا شعبية للذين يستحوذون على القرار السياسي والاقتصادي في المغرب. وذكر الناشطون في ندائهم مبررات النزول وغاياته ثم الوسائل الممكنة لتحقيق الأهداف مع تأكيدهم فتح المجال أمام كل الاجتهادات لإنجاح التظاهر. وتأتي هذه المحطة بحسبهم «لكي تكون، أو يراد لها أن تكون، جسراً مستمراً في سيرورة الكفاح المتواصل لشعبنا الكادح، ومحطة من محطاته المتفجرة عبر تاريخه النضالي المشرق على درب الحرية والانعتاق، وبالتالي فعملية الاحتجاج هذه لا يمكن لها إلا أن ترتهن إلى الشارع وتتمسك به كخيار وحيد للمجابهة والمقاومة، وإيصال صوت من لا صوت له في عملية من النزال الميداني المنظم الهادف إلى إيجاد ميزان قوى اجتماعي وسياسي لمصلحة قوى التغيير. لذلك فنجاح هذه المحطة هو مسؤولية كل الأحرار». وعليه، قررت تنسيقية الرباط لحركة «20 فبراير» تخليد اليوم النضالي مساء يوم الأحد 26 الجاري بمسيرة احتجاجية، بموازاة استعداد الحركة لإحياء الذكرى الثالثة لانطلاق الحراك المغربي في مجموعة من المدن، ويأتي الاحتفاء بهذه المحطة النضالية «تأكيداً لعزم الديموقراطيين والديموقراطيات المغاربة على مواصلة حركة 20 فبراير لنضالها الجوهري»، بحسب بيان الحركة الذي عممته بالمناسبة، قبل أن تؤكد أن إحياء الذكرى الثالثة «سيكون مناسبة، لطرح مطالب الحركة الواردة في أرضيتها التأسيسية والتي تم تأكيدها وتطويرها من خلال البيانات الصادرة عن المجلس الوطني لدعم الحركة، ولنؤكد اصطفاف الحركة إلى جانب الجماهير الشعبية من عمال وموظفين ومستخدمين وفلاحين ومعطلين وطلاب وغيرهم من الفئات المقهورة رجالاً ونساء، وإلى جانب كافة القوى الديموقراطية الحقيقية، السياسية والنقابية والحقوقية والشبابية والنسائية والثقافية والجمعوية الأخرى». وسيركز شباب الحركة خلال إحياء الذكرى الثالثة على مطلب «الكشف عن الحقيقة بالنسبة إلى سقوط شهداء الحركة ومتابعة الجناة، وعلى الحرية لمعتقلي الحركة وكل المعتقلين السياسيين ببلادنا». وفي قراءته لنشأة وتطور «حركة 20 فبراير»، يرى الباحث والناشط الأمازيغي أحمد عصيد أنها عرفت مواطن ضعف عدة، «كالصراع الداخلي بين المنتمين إليها، بخاصة من طرف الحركة الإسلامية المتمثلة في جماعة العدل والإحسان، التي تلخص الديموقراطية في حكم الغالبية وما كان يهمها هو تحقيق هذه الغالبية، في حين أن قيم الديموقراطية الحقيقية لم تكن مهمة». وأضاف عصيد: «تعتبر جماعة العدل والإحسان أقوى تنظيم في المغرب وأضعفه في الوقت نفسه، فمنبع قوتها يكمن في العدد الكبير للمنتمين إليها، أما مكمن ضعفها فيتلخص في مطالبتها بتطبيق نظام الخلافة الإسلامية، ما يعني مطالبتها بالدولة الدينية، وذلك ما طرح اختلافاً جوهرياً في فهم الديموقراطية داخل حركة 20 فبراير التي ضمت مختلف المشارب». ومن المآخذ التي تسجل على حركة «20 فبراير» أنها لم تنجح في ربط مطالبها الاجتماعية والسياسية، كما أنها لم تستطع شرح أثر التحولات السياسية التي تطالب بها على حياة الأفراد. واستطرد الناشط الأمازيغي: «ثالث سبب هو فشل الحركة في تطوير أساليبها الاحتجاجية، إذ حافظت على المسار الاحتجاجي نفسه ما أبعد عدداً من الناشطين من صلبها مثلاً حركة «توادا» الأمازيغية التي واصلت الاحتجاج وفتحت للأمازيغ باب النضال لدعم قضيتهم». وعلى رغم الانتقادات، لا يمكن الجزم بفشل حركة «20 فبراير»، فهي التي نجحت عملياً في إجبار النظام على مراجعة الدستور، على رغم محاولة عدد من الأحزاب قبلها، فقد شهد المغرب في 2006 حواراً عميقاً حول الدستور السابق لكن ذلك لم يشفع للنخب لتحقيق تعديل دستوري. من جهتها، طالبت جمعيات حقوقية بـ «وقف فوري»، لكل الاعتداءات التي تطاول المتظاهرات والمتظاهرين، التي يتعرضون لها في مختلف المدن المغربية، في رسالة مفتوحة وجهتها إلى رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، ووزيريه في الداخلية والعدل، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وطالبت الجمعيات بـ «إلغاء المتابعات والمحاكمات التي يتابع فيها العديد من المتظاهرين، مع إلزام الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين باحترام المعايير والقواعد الدولية أثناء التعاطي مع مختلف أشكال التظاهر والاحتجاج مع فتح تحقيقات جدية في الانتهاكات الممارسة في حق المواطنات والمواطنين، خلال التظاهرات والاعتصامات السلمية، ومحاسبة المسؤولين عنها، مع فتح حوار جدي مع كل فئات المواطنين المحتجين المتضررين من سياسات الدولة، ومن تدهور أحوالهم المعيشية وانتهاك حقوقهم، والاستجابة لمطالبهم المشروعة واحترام كرامتهم».
مشاركة :