قتل شخص على الأقل، وفق ما أفادت منظمة غير حكومية، في احتجاجات اندلعت أمس في فنزويلا وتخللتها مواجهات مع الشرطة، بعيد إعلان فوز نيكولاس مادورو بولاية رئاسية ثالثة في انتخابات رفضت المعارضة نتيجتها وشكّكت بها دول عدة. وكتب ألفريدو روميرو مدير منظمة "فورو بينال" غير الحكومية للدفاع عن السجناء السياسيين، على منصة إكس "قتل شخص على الأقل في (ولاية) ياراكوي (شمال غرب) وتمّ توقيف 46 آخرين". ونزل الآلاف إلى الشوارع في أحياء فقيرة في كراكاس، وأحرقوا ملصقات لمادورو وأطلقوا هتافات تدعوه إلى "تسليم الحكم الآن" وقال لويس غارسيا (23 عاماً) الذي شارك في الاحتجاجات في بيتاري بشرق كراكاس، إن الانتخابات كانت "عملية الاحتيال الأضخم في العالم". بدورها قالت مارينا سوغاي (42 عاماً) "من أجل حرية بلادنا! من أجل مستقبل أولادنا! ليرحل مادورو!". وألقى المتظاهرون الحجارة نحو عناصر الأمن، بينما عملت الشرطة على تفريقهم عند اقترابهم من وسط العاصمة، من خلال إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع. وأعلن المجلس الوطني الانتخابي الموالي للحكومة الإثنين، فوز مادورو بولاية رئاسية ثالثة من ستة أعوام. إلا أن المعارضة رفضت الإقرار بالنتيجة، معلنة بأن مرشحها إدواردو غونزاليس أوروتيا هو من فاز بانتخابات الأحد. وندّد مادورو بمن "يحاولون تنفيذ انقلاب فاشي معاد للثورة في فنزويلا". وأعلنت زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو التي حال قرار قضائي دون خوضها الانتخابات في مواجهة مادورو، أن المعارضة لديها الوسائل "لإثبات" فوز غونزاليس أوروتيا. وقالت "لدينا الوسائل لإثبات الحقيقة"، مؤكدة حصول غونزاليس أوروتيا على 6,27 ملايين صوت، في مقابل 2,7 مليون لمادورو الذي أعلِن فوزه. وأشارت إلى أن هذه "الإثباتات" باتت في حوزة "قادة" أجانب، على أن يتمّ نشرها على الإنترنت في مرحلة لاحقة. وكان رئيس المجلس الوطني الانتخابي شجب "اعتداءً على نظام نقل المعلومات أدى إلى تأثر" عمليات فرز الأصوات. ولا تتوافر الجداول التفصيلية للاقتراع بحسب المراكز، وهو ما تطالب به المعارضة ودول أجنبية عدة. وفتحت النيابة العامة الإثنين تحقيقاً، ملمحة الى تورط ماتشادو في عملية "القرصنة" هذه. وبحسب النتائج الرسمية المعلنة، حصل مادورو (61 عاماً) على 5,15 ملايين صوت، أي ما نسبته 51,2 بالمئة من المقترعين، وفاز تالياً بولاية رئاسية ثالثة متتالية مدتها ستة أعوام. ومادورو هو وريث عهد الرئيس السابق هوغو تشافيز الذي حكم البلاد منذ العام 1999 وحتى وفاته في 2013. وبحسب أرقام المجلس الوطني الانتخابي، نال الدبلوماسي السابق غونزاليس أوروتيا (74 عاماً) زهاء 4,5 ملايين صوت، أي 44,2 بالمئة من الأصوات. وأكدت المعارضة مواصلة العمل لانهاء حكم "التشافيزية" المستمر منذ 25 عاماً. وأكد غونزاليس أوروتيا أن المعارضة ستواجه "من أجل حريتنا"، مذكراً مؤسسات الدولة "بواجبها الدستوري باحترام الإرادة الشعبية". وبينما تلقى مادورو تهنئة دول حليفة له مثل الصين وروسيا وكوبا ونيكاراغوا وهندوراس وبوليفيا، شككت أطراف أخرى أبرزها الولايات المتحدة التي تفرض عقوبات على كراكاس، بالنتيجة. ودعت تسع دول أميركية لاتينية الإثنين إلى "مراجعة كاملة" للنتائج. وفي بيان مشترك، طلبت الأرجنتين وكوستاريكا والإكوادور وغواتيمالا وبنما وباراغواي والبيرو وجمهورية الدومينيكان وأورغواي "مراجعة كاملة للنتائج بحضور مراقبين مستقلين". وحضّت البرازيل وكولومبيا على إجراء مراجعة للنتائج في حين اعتبرت تشيلي أن النتائج "يصعب تصديقها". وأعلنت البيرو استدعاء سفيرها للتشاور، فيما أعلنت بنما تعليق العلاقات مع كراكاس. وعبّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن "مخاوف جدية" من أن النتيجة لا تعكس رغبة الشعب الفنزويلي، في حين دعت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى "الشفافية". في المقابل، أعلنت فنزويلا سحب موظفيها الدبلوماسيين من سبع دول في أميركا اللاتينية احتجاجا على "تدخلها" عبر التشكيك في إعادة انتخاب مادورو رئيسا، وفقا لبيان صادر عن وزارة الخارجية الفنزويلية. كما ستعلّق كراكاس اعتباراً من الأربعاء، الرحلات الجوية من بنما وجمهورية الدومينيكان وإليهما، بسبب "إجراءات التدخل" من جانب حكومتَي هذين البلدين في الشأن ذاته، وفق ما أعلنت وزارة النقل الفنزويلية. وكانت مراكز استطلاع للرأي قد توقّعت بأن مادورو سيخسر ولكنه لن يقرّ بذلك بعد أكثر من عقد في السلطة. ويتولى مادورو منذ العام 2013 رئاسة الدولة النفطية التي كانت ثرية وحيث تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 80 في المئة في غضون عقد، ما دفع أكثر من سبعة ملايين من سكان البلاد البالغ عددهم 30 مليونا للهجرة. وهو متّهم بسجن أي شخص ينتقده ومضايقة المعارضة وممارسة حكم استبدادي. وسبق له أن حذّر من "حمام دم" حال خسارته. وكانت انتخابات الأحد نتيجة اتفاق تم التوصل إليه العام الماضي بين الحكومة والمعارضة. ودفع الاتفاق على إجراء الانتخابات الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات التي فرضتها بعد إعادة انتخاب مادورو عام 2018 جزئيا. ويعد الوضع الاقتصادي في الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية من أبرز أسباب الهجرة التي تضغط على حدود الولايات المتحدة الجنوبية. يعيش معظم الفنزويليين ببضع دولارات شهريا فحسب، ويعاني السكان نقصا حادّا في الكهرباء والوقود.
مشاركة :