تبادل طرفا النزاع في السودان الاتهامات بالتسبب في المجاعة، التي تم تأكيدها بأحد أكبر معسكرات النازحين في دارفور، وسط تحذيرات من استمرارها ووصولها إلى مناطق أخرى في البلاد. وكشف أحدث تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن المجاعة أصبحت متفشية الآن في مناطق من السودان الذي يعاني من نزاع مسلح، ومن المتوقع أن تستمر خلال الشهرين القادمين. وقال التقرير الجديد بشأن الأمن الغذائي العالمي الذي نشر قبل يومين، إن النزاع المتصاعد الذي استمر 15 شهرا قد عرقل بشدة الوصول الإنساني ودفع أجزاء من شمال دارفور إلى المجاعة، خاصة في مخيم زمزم للنازحين داخليا. ووفق التقرير، فإن العوامل الرئيسية وراء المجاعة في مخيم زمزم هي النزاع ونقص الوصول الإنساني، وكلاهما يمكن معالجته فورا بالإرادة السياسية اللازمة. وأضاف "ستزداد ظروف المجاعة سوءا وتطول إذا استمر النزاع ولم يتم توفير الوصول الكامل إلى المساعدات والأنشطة التجارية". ويعد معسكر زمزم الواقع علي بعد نحو 12 كيلو جنوب مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور أحد أكبر معسكرات النازحين بدارفور. ووفقا للأمم المتحدة، يبلغ عدد سكان المعسكر ما لا يقل عن 500 ألف شخص بسبب الاشتباكات المستمرة في مدينة الفاشر. واتهمت وزارة الخارجية السودانية في بيان صحفي تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) نسخة منه اليوم (السبت) قوات الدعم السريع بالتسبب في المجاعة التي ضربت معسكر زمزم للنازحين لاستمرارها في حصار مدينة الفاشر وإعاقة إيصال المساعدات الإنسانية والدوائية. وقال البيان إن قوات الدعم السريع "هي من تسببت في انتشار الجوع في معسكر زمزم في إطار إستراتيجية التجويع التي تنتهجها". ودعا إلى اتخاذ موقف دولي حازم تجاه قوات الدعم السريع وداعميها وردع تماديها في ارتكاب الفظائع والاستخفاف بالشرعية الدولية. وأكد البيان أن عدم استخدام معبر حدودي بعينه ليس السبب في عدم وصول الإغاثة للمحتاجين. وتطالب وكالات الأمم المتحدة السلطات السودانية بفتح معبر (ادري) على الحدود مع تشاد لتمكين شاحنات المساعدات من الوصول إلى دارفور في ظل صعوبات التحرك عبر منفذ الطينة في شمال دارفور بسبب الأمطار الغزيرة. لكن الخرطوم ترفض هذا الطلب، وترى إمكانية استغلال الحدود مع تشاد لإدخال تمويل عسكري لقوات الدعم السريع. في المقابل، اتهمت قوات الدعم السريع، الجيش السوداني باستخدام سلاح التجويع ضد سكان إقليم دارفور وأقاليم أخرى في البلاد، وذلك بعرقلة أو منع إيصال المساعدات الإنسانية إليهم. وطالبت قوات الدعم السريع في بيان على منصة ((إكس)) الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتدخل لإنقاذ الملايين ممن يتهددهم شبح الموت جوعا، مؤكدة التزامها بتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية. كما طالبت بإنشاء آلية عليا مشتركة لمتابعة التدابير والالتزامات المتعلقة بالمساعدات الإنسانية وحماية المدنيين. وكانت شبكة الإنذار المبكر، وهي تابعة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قد قالت الخميس الماضي إن مخيم زمزم "يواجه مجاعة كما يحتمل وقوعها في مخيمين آخرين". وأضافت الشبكة "أن لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أفادت بأن المجاعة مستمرة حاليا في مخيم زمزم". وأشارت إلى احتمال وقوع مجاعة في مخيمي أبو شوك والسلام، حيث تقلل الأدلة المتاحة والمحدودة من القدرة على تأكيد أو نفي وقوعها. وفي السياق، قال المتحدث باسم منسقية النازحين واللاجئين في دارفور آدم رجال إن وضع مخيم زمزم "يشابه أوضاع أكثر من 171 معسكرا في إقليم دارفور". وأضاف رجال في بيان على موقع المنسقية في ((فيسبوك)) "أنه رغم تأخر إعلان المجاعة في مخيم زمزم، لكن بقية مخيمات دارفور البالغة أكثر من 171 معسكرًا تعيش في ذات الظروف". وأشار إلى أن ما بين 20 إلى 25 شخصا يموتون يوميا في مخيمات دارفور بسبب سوء التغذية وعدم توفر الغذاء والمواد الغذائية وانعدام الأدوية المنقذة. ولم يتسن التأكد من هذه الإحصاءات من جهات رسمية. ورغم هذه التحذيرات، قال مكتب برنامج الغذاء العالمي بالسودان على منصة ((إكس)) اليوم إنه "لم يفت الأوان بعد لتغيير الوضع ووقف انتشار المجاعة". وأضاف المكتب "نحن على استعداد لزيادة المساعدات، ولكننا بحاجة إلى توسيع هائل في وصول المساعدات الإنسانية ووقف القتال". وتابع أن "الاحتياجات في ولاية شمال دارفور لا تزال ضخمة، ومن غير المتوقع استمرار القدرة على إيصال المساعدات الإنسانية". ومنذ 10 مايو الماضي تفرض قوات الدعم السريع حصارا على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بهدف السيطرة علي المدينة الاستراتيجية. وسبق أن حذرت وكالات أممية من أن السودان قد يواجه أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد المسجلة. ووفق التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الصادر في 27 يونيو الماضي، فإن نحو 25.6 مليون سوداني يعانون من الجوع الشديد، بينهم 755 ألف شخص في مرحلة المجاعة، فيما يقترب نحو 8.5 مليون شخص من هذه المرحلة. لكن وزير الزراعة السوداني ابوبكر البشري، نفي مؤخرا، وجود مجاعة في البلاد، وشكك في بيانات مدعومة من الأمم المتحدة مفادها أن 755 ألف نسمة يعانون من جوع كارثي. ومنذ منتصف أبريل 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت نحو 13 ألفا و100 قتيل، حسب الأمم المتحدة، فيما بلغ العدد الإجمالي للنازحين في السودان منذ اندلاع القتال إلى نحو 7.3 مليون شخص. كما أدت الحرب إلى لجوء نحو مليوني شخص إلى دول الجوار، خاصة مصر وإثيوبيا وتشاد وإريتريا وجنوب السودان، وفق تقارير سابقة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
مشاركة :