تداعياتُ خُروجِ بريطانيا من الاتحادِ الأُوروبيِّ

  • 4/28/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ترى وزارة الخزانة البريطانية تكلفة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي باهظةً وفادحة إلا أن تقييم التكاليف الاقتصادية المحتملة، يبقى أمرًا غير مؤكد في ظل اتساع نطاق النتائج المحتملة ويرجعُ السبب الرئيسي وراء رغبة البعض في انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى السعي لإستعادة البلاد لقدرتها على حكم نفسها بنفسها والمحافظة على قيمة عملتها النقدية . وهناك ثلاث بدائل تتعلق بالمستقبل التجاري لبريطانيا في حال خروجها من الاتحاد الأوروبي أولها الإستمرار في عضوية المنطقة الاقتصادية الأوروبية التي تعرف باسم ( النموذج النرويجي ) أما السيناريو الأكثر قربًا للبقاء في الاتحاد الأوروبي، فهو إقرار اتفاق ثنائي أقل شمولاً مع الاتحاد الأوروبي، على غرار الاتفاق المبرم مع كندا، والبديل الأخير هو ( الخيارالافتراضي ) وهو تنظيم العلاقات التجارية على أساس القواعد التي تقرها منظمة التجارة العالمية. ومن المقدر أن يصل إجمالي خسائر الناتج البريطاني إلى 4% في حال تطبيق سيناريو المنطقة الاقتصادية الأوروبية، و6%، في حال السيناريو الكندي، و8% في حال اللجوء لسيناريو منظمة التجارة العالمية. والملاحظ أن هذه التقديرات تتماشى بوجه عام مع ما توصلت إليه دراسات أخرى ومع ذلك تبقى النتائج الممكنة منطقيًا، أوسع كثيرًا من الدراسات وتعد بريطانيا أكثر اندماجًا داخل أوروبا من الناحية الاقتصادية عن النرويج فما الذي يمنعها من الاستمرار على هذا النحو، مع إقصاء نفسها عن الطموحات السياسية والدستورية الأوسع نطاقًا للاتحاد الأوروبي ؟ هناك إجابتان محتملتان لهذا التساؤل أولهما أن الاندماج الاقتصادي الوثيق، يستلزم بالضرورة درجة ما من الاتحاد الاقتصادي، وهو أمر قابل للجدل بالتأكيد إذ يتسم الاتحاد الأوروبي بمستوى أكبر بكثير من الاتحاد السياسي عما يحتاجه لتمكين السوق الموحدة من العمل فعمل هذه السوق ليس بحاجة إلى برلمان أوروبي، ومحكمة عليا، وميثاق حقوق، وجميع الشكليات المتعلقة بحرية انتقال البضائع والخدمات ورؤوس الأموال والعمال وتوجد هذه العناصر في الاتحاد الأوروبي ليس لحاجة السوق المشتركة لها، وإنما كخطوة نحو الانتقال إلى الاتحاد السياسي، الذي شكل دومًا هدفًا إضافيًا من وراء اتحاد أوروبي قائم بذاته، بل وكان هذا الهدف المبرر وراء عدد من الأخطاء الكبرى الفادحة مثل اليورو. بصورة أساسية، ويمكن لبريطانيا اختيار الاندماج الاقتصادي من دون الآخر السياسي. وإلى درجة ما، سمح لها بالفعل، ذلك أنها غير مشتركة في اليورو ولا منطقة شينغن (التي تسمح بالتنقل عبر الدول من دون عائق )، علاوة على أنها لا تشارك في مبادرات أمنية وقضائية، بجانب تمتعها بإعفاء واضح من الإلتزام الذي تنص عليه اتفاقية الإتحاد الأوروبي، تجاه بناء اتحاد أكثر قربًا إلا أنه بمجرد أن تفترض أن الاتحاد الأوروبي لن يساعد بريطانيا في التوصل إلى صيغة علاقة، لما بعد انسحابها منه تعود بالنفع على الجانبين، فإن التساؤل التالي الذي يطرح نفسه هو إلى أي مدى قد تذهب أوروبا في معاقبة بريطانيا على انشقاقها؟ ويبقى من المستحيل معرفة ذلك على وجه التحديد لكن الإعتقاد أن الاتحاد الأوروبي سيقطع شوطًا كبيرًا لإلحاق الأذى ببريطانيا، حتى لو أدَّى ذلك إلى إلحاق الأذى بنفسه . عبدالله الهدلق

مشاركة :