في ظل تصاعد التوتر في المنطقة وفي حدود لبنان تحديداً، لم تمنع كل هذه التطورات أهالي ضحايا مرفأ بيروت من إحياء الذكرى الأليمة للحادثة التي أودت بحياة 220 شخصاً، وتسببت في إصابة 6 آلاف آخرين. ونظم أهالي الضحايا، أمس، مسيرة في العاصمة اللبنانية، مطالبين بالسماح للمحقق العدلي طارق البيطار بالعودة واستكمال التحقيق المتوقف منذ سنتين ونصف بسبب الدعاوى التي قدمت ضده من قبل المدعى عليهم في هذا الملف وهم نواب ووزراء سابقون. ووفق تأكيد مصدر لـ«الاتحاد»، سيستأنف القاضي طارق البيطار التحقيق بعد اجتماعات عدة مع النائب العام التمييزي جمال الجراح، وعلى إثرها سيقوم البيطار باستدعاء كل المدعى عليهم للمثول أمامه للمرة الثانية. ويعتزم البيطار استئناف إجراءاته اعتباراً من الأسبوع المقبل، وقال المصدر: إن المحقق العدلي سيحدد مواعيد دورية لاستجواب جميع المدعى عليهم الذين لم يمثلوا أمامه بعد، وفي حال امتناعهم سيقوم البيطار بإصدار القرارات المتبعة في هذا الإطار. كما شدد المصدر على أن البيطار ينوي إنهاء التحقيق وإصدار قراره الاتهامي في هذه القضية قبل نهاية العام الحالي. ومنذ اليوم الأول، عزت السلطات اللبنانية انفجار 4 أغسطس 2020 إلى تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ دون إجراءات وقائية. وإثر اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه، تبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكناً. ومذّاك، لا يزال التحقيق في الأسباب معطّلاً، وسط تعقيدات سياسية وقضائية. واعتبرت المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جنين هينيس-بلاسخارت، في بيان أمس، أن «الغياب التام للمحاسبة عن كارثة من صنع الإنسان كهذا الانفجار يعد أمراً مذهلاً».. وقالت إن «المتوقع من السلطات المعنية أن تعمل بلا كلل لإزالة جميع العوائق أمام التحقيق - سواء كانت هيكلية أو سياسية - ولكن ما يحدث هو العكس تماماً». وإثر الانفجار، عيّنت السلطات القاضي فادي صوان محققاً عدلياً، لكن سرعان ما تمت تنحيته في فبراير 2021 إثر ادعائه على رئيس الحكومة حينها حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين بتهمة «الإهمال والتقصير والتسبّب بوفاة وجرح مئات الأشخاص». واصطدم خلفه القاضي طارق بيطار بالعراقيل ذاتها مع إعلان عزمه على استجواب دياب، تزامناً مع إطلاقه مسار الادّعاء على عدد من الوزراء السابقين، بينهم نواب، وعلى مسؤولين أمنيين وعسكريين. وامتنع البرلمان السابق عن رفع الحصانة عن النواب المذكورين، ورفضت وزارة الداخلية منحه إذناً لاستجواب قادة أمنيين ورفضت قوى الأمن كذلك تنفيذ مذكرات توقيف. وغرق التحقيق بعدها في متاهات سياسية ودعاوى قضائية، بعدما حاصرت بيطار عشرات الدعاوى لكف يده. وخلال أكثر من 3 سنوات، تمكّن بيطار من العمل رسمياً لقرابة 6 أشهر فقط، تعرّض خلالها لضغوط أنذرت بأزمة غير مسبوقة في الجسم القضائي، خصوصاً بعدما أحبط مدعي عام التمييز السابق غسان عويدات محاولته استئناف التحقيقات مطلع العام الماضي. واستأنف بيطار تحقيقاته في 23 يناير 2023 بعد 13 شهراً من تعليقها، وقرّر الادّعاء على ثمانية أشخاص جدد بينهم عويدات، وحدّد مواعيد لاستجواب 13 شخصاً مدعى عليهم. لكن عويدات تصدى له بالادعاء عليه بـ«التمرد على القضاء واغتصاب السلطة»، وأصدر منع سفر في حقه، وأطلق سراح جميع الموقوفين.
مشاركة :