أزهار البياتي (الشارقة) يلعب «الحكواتي» دوراً استثنائياً في فعاليات الدورة الثامنة من الشارقة القرائي لأدب الطفل، والذي يواصل تظاهرته الثقافية حتى 30 أبريل الجاري، حيث يطل علينا بشخصه المميّز، وهندامه اللافت، مع صوته الرخيم في أكثر من جناح وركن من أروقة المكان، مساهما في إذكاء جلسات قرائية مدهشة وممتعة لجموع الأطفال من زوار المهرجان، مستعيداً من جديد نمطه العربي المتأصل في التراث الشعبي، ليروي صفحات وفصولا من القصص والحكايات والأساطير الغارقة في الخيال. حكايات شّيقة لعل وجود «الحكواتي» أو الراوي أو القصّاص باللغة العربية، وإعادة إحياء دوره الريادي ضمن فعاليات متعددة في المهرجان لا يعد بالأمر الغريب، فلطالما ارتبط شخصه بعالم الكتب والقراءة وسرد القصص التقليدية ورواية السّير الشعبية في الزمن القديم، حين كان يشكل مصدراً للترفيه والاستمتاع، وعاش عقوداً وسنوات بين الحارات العتيقة متربعاً في صدر المقاهي والمجالس العربية، مجمعاً حوله حشود الشباب ليحكي لهم سيرة مجد «أبي زيد الهلالي» أو «عنتره العبسي» أو«الظاهر بيبرس»، منتصراً لمعاني العدل، الحق، والبطولة، وضارباً لهم مثلاً للمآثر والأخلاقيات الحميدة. في الشارقة القرائي، كان للحكواتي قصة أخرى مع جناح المجلس الإماراتي الأعلى لكتب اليافعين، حيث تقمص الممثل السوري «منذر أبو راس» شخصه وهندامه، مرتدياً العباءة والعمامة، ليقف شامخاً بين جموع الأطفال الذين تحلقوا من حوله بمنتهى الشغف والانتباه، منصتين إلى تعابيره وانفعالاته كافة، وهو يروي لهم حكايات شّيقة تجمع الترفيه بالفائدة. دور إعلامي وتثقيفي وتشير إلى هذا النشاط المميز لكتب اليافعين خلال المهرجان ميرة النقبي، منسق عام، قائلة: «في عالم متغير أصبح يعتمد كلياً على التقنيات الحديثة والألعاب الإلكترونية، حتى تقهقر دور الكتاب الورقي والحكاية التقليدية التي تربينا عليها، ولو رجعنا للتاريخ والتراث العربي القديم، فسنجد أن «الحكواتي» كان يقوم بدور إعلامي وتثقيفي كبير في الحي الشعبي، راوياً قصصاً عن البطولات والمآثر التي قد يختلط فيها الخيال مع الواقع، ولكنها تحتوي في الوقت ذاته على كم كبير من الوعظ والحكم والتوجيه المعنوي والاجتماعي، ومن هذا المنطلق فقد استعدنا بدورنا شخصية «الحكواتي»، لنعيد إحياءه في ذاكرة الطفل، ونستقطب اهتمامه نحو عالم القراءة والأدب». وتتابع النقبي: إن «حكواتي» كتب اليافعين يقوم بحوالي أربع جلسات قرائية يومياً طوال أيام المهرجان، ليجمع الصغار من حوله في حلقات ممتعة ومثيرة، سارداً لهم مجموعة من القصص والحكايات التي اخترناها في هذه الدورة من النتاج الأدبي الحديث، ومن دور نشر عربية ومحلية مختلفة، تميّز منها القصة الفائزة بجائزة اتصالات لكتاب الطفل 2012، والمعنوّنة بـ «كائنات سقف الغرفة» من تأليف الكاتبة نبيهة محيدلي ورسوم الفنان حسان زهر الدين، بالإضافة إلى قراءات أخرى من كتب مشروع «صنع في الإمارات» تطّوع لها نخبة من المؤلفين المحليين الصاعدين، منها حكاية «الأسماك الطائرة» للكاتبة بدرية الشامسي، وقصة «علايه» للشابة علياء الشامسي، وغيرها الكثير من المؤلفات التي حققت تميزاً في أدب الأطفال». ... المزيد
مشاركة :