يسعى البنك الدولي إلى استئصال الفقر في العالم، غير أن حملته من أجل تحقيق هذا الهدف لا تزال تتوقف عند حدود إيران بالرغم من تخفيف العقوبات المفروضة عليها. وأقر رئيس البنك الدولي الأمريكي جيم يونغ كيم في منتصف إبريل إننا نتابع الوضع عن كثب، لكن ليس لدينا في الوقت الحاضر أي مشروع محدد يهدف إلى منح قروض لإيران. ولم تقدم سلطات طهران في الواقع طلباً بذلك، لكن تحفظات المؤسسة المالية مردها أسباب أخرى، يلتقي فيها الاقتصاد مع الجغرافيا السياسية، والحرص على عدم إثارة استياء العملاق الأمريكي. وتبقي الولايات المتحدة، المساهم الأول في البنك الدولي، الالتباس محيطاً بالأبعاد الحقيقية لقرار رفع العقوبات جزئياً عن إيران بموجب الاتفاق حول ملفها النووي الذي أبرم في يوليو/تموز 2015 ودخل حيز التنفيذ في مطلع العام. وقالت متحدثة باسم الخزانة الأمريكية إن ممثل الولايات المتحدة في البنك الدولي ملزم بموجب التفويض الذي منحه إياه الكونغرس بـالتصويت ضد القروض لإيران. ويمكن للمصرف نظرياً تخطي هذه المعارضة وتمويل مشاريع إنمائية على صعيد المواصلات والطاقة والبنى التحتية وغيرها، في بلد تفشى فيه الفقر نتيجة الحظر الاقتصادي. لكن الواقع أن أي استياء يمكن أن تبديه القوة الاقتصادية الأولى في العالم قد تكون له انعكاسات. وقال الخبير في معهد بيترسون للدراسات الاقتصادية الدولية جاكوب كيركغارد من الواضح أن هناك مخاطر سياسية بالنسبة للبنك الدولي إن ارتبط بإيران، لأن الكونغرس قد يكون رده سلبياً للغاية. تشكل العقوبات التي لا تزال قائمة عقبة ثانية كبيرة في وجه البنك الدولي. وقال المسؤول السابق في البنك الدولي بول كاداريو لوكالة فرانس برس في ظل وجود سعي إلى تمويل مشاريع ستخضع لاستدراج عروض دولية، من الواضح أن استمرار وجود عقوبات أمريكية يعقد الوضع. ويترتب على المؤسسة المالية التثبت من أن مشاريعها غير مرتبطة على الإطلاق بالأشخاص والشركات الإيرانية المشمولة بالقائمة السوداء الأمريكية والتي لها وجود طاغ في الاقتصاد الإيراني. وقد تتردد الشركات قبل أن تشارك في هذه المشاريع، خشية أن تمر المدفوعات عبر النظام المالي الأمريكي ما سيعرضها لتدابير أمريكية، بحسب ما أوضح كاداريو، الأستاذ حالياً في جامعة تورونتو. وسبق للبنك الدولي أن واجه مثل هذا الوضع حين اضطر عام 2007 إلى تعليق تسديد 5,4 مليون دولار مرتبطة بمشروع يعود إلى ما قبل 2005، بعدما اكتشف أن الأموال تمر عبر بنك ملي الإيراني المستهدف بعقوبات أمريكية. ولا تقتصر الصعوبات على البنك الدولي وحده، بل إن عودة المؤسسات المالية ككل إلى إيران تصطدم بعقبات، ما يثير استياء السلطات. وتعليقاً على هذا، قال حاكم البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف مؤخراً طلب منها عدم التعامل مع المصارف الإيرانية وهي خائفة، هذا طبيعي. في هذه الأثناء، بدأت الجمهورية الإسلامية تتحول عن البنك الدولي الذي يهيمن عليه الغربيون، وتقترب من مؤسسات بديلة.(ا ف ب)
مشاركة :