سيشارك المرضى بمانشستر في أول دراسة تستخدم «مادة إعجازية» اكتشفت في المدينة الإنجليزية من المقرر البدء نهاية الشهر الجاري في تجارب سريرية لأول غرسة دماغية مصنوعة من الغرافين، توصف بأنها «مادة إعجازية» اكتشفتها جامعة مانشستر قبل 20 عاماً. ويأمل الباحثون في معهد مانشستر الوطني للغرافين أن تؤدي التجربة التاريخية المهمة إلى التوسط بين الأدمغة البشرية وحواسيب خارجية بطريقة أكثر حساسية مقارنة بالأجهزة المستخدمة اليوم. وتشمل التطبيقات المحتملة علاجات أفضل للأمراض العصبية، مثل مرض باركنسون والسكتة الدماغية، إضافة إلى ترجمة أفكار ذوي الإعاقة إلى كلمات أو حركة. ويستعد فريق طبي من مستشفى «سالفورد رويال» لزرع وصلة مرنة تحوي 64 قطباً كهربائياً من الغرافين داخل دماغ مريض في التجربة الأولى، خلال عملية جراحية لإزالة ورم أرومي دبقي. وستحفز هذه الغرسة النشاط العصبي وتقرأه بدقة عالية، بحيث يمكن الحفاظ على الأجزاء الوظيفية من الدماغ عند استئصال الورم السرطاني. وأفاد كوستاس كوستاريلوس، الأستاذ في جامعة مانشستر وأكبر الباحثين العلميين في التجربة بأن «الهدف الأساسي من هذه التجربة الأولى على البشر يتمثل في إثبات أمان الأقطاب الكهربائية المصنوعة من الغرافين التي سيتم زرعها في أدمغة ما يتراوح بين ثمانية وعشرة مرضى، كما أننا سنقيم جودة الإشارة المسجلة وقدرة الغرسة على تنشيط الدماغ». وعملت «إن برين» على إنتاج الغرسات، وهي شركة للتكنولوجيا العصبية في برشلونة خرجت إلى النور بفضل برنامج «غرافين فلاغشيب» للاتحاد الأوروبي البالغة قيمته مليار يورو، بالتعاون مع المعهد الكتالوني للنانو تكنولوجي وجامعة مانشستر. وأعلنت كارولينا أغويلار، الرئيسة التنفيذية لدى «إن برين»، أن المرحلة التالية تتمثل في إجراء تجارب سريرية بواسطة الزرعة الدماغية التي طوّرتها الشركة لعلاج مرض باركنسون وستحتوي على جزأين مرتبطين. وأوضحت الرئيسة التنفيذية أن الجزء الأول سيكون في قشرة المخ «وكأنها قطعة من السلوفان»، وتعمل على قراءة وتفسير النشاط الكهربائي للدماغ. وبالنسبة للجزء الثاني، فسيزرع في الدماغ لتوصيل تحفيز أكثر دقة للمناطق المتحكمة في الحركة ووظائف أخرى تأثرت سلباً بسبب باركنسون على نحو يفوق أي من أجهزة «التحفيز العميق للدماغ» المستخدمة اليوم. وذكرت أغويلار أنه «بواسطة الذكاء الاصطناعي يمكن للجهاز أن يتعلم من أدمغة المرضى لتوفير علاج عصبي مخصص» لكل شخص على حدة. وتتكون شرائح الغرافين من طبقة أحادية من ذرات الكربون في شبكة سداسية، ويقصد بذلك بنية جزيئية تمنح المادة خصائص كهربائية وميكانيكية غير عادية. وحاز مكتشفو المادة، أندريه غييم وكوستيا نوفوسيلوف، جائزة «نوبل» عام 2010، وتحرى الباحثون إمكانية استخدامها في مجموعة مختلفة من الصناعات في مجالات تراوح من الطاقة والطيران إلى الإلكترونيات والأجهزة الطبية. ورغم عدم نمو سوق الغرافين بالسرعة التي توقعها المتفائلون الأوائل، حيث يقدر المحللون أن مبيعات العالمية للجرافين عام 2023 سجلت ما يراوح بين 300 إلى 400 مليون دولار، إلا أن السوق تنمو بمعدل سنوي يفوق 30%. ويرى خوسيه غاريدو، كبير الباحثين العلميين لدى «إن برين»، أن «الغرافين مادة إعجازية، لأنه يقوم بالكثير من الأشياء الرائعة»، وأردف: «ما زلت أؤمن به، فلقد أفضى إلى عدد مهول من الاكتشافات العلمية الأخرى، لكن ترجمة ذلك إلى تطبيقات تتنافس مع التقنيات المعمول بها يستغرق وقتاً طويلاً وهو مكلف للغاية». وحينما يتعلق الأمر بالتطبيقات الطبية، أضاف كوستاريلوس: «أتحدى أي شخص أن يبين لي مادة جديدة انتقلت من مرحلة الاكتشاف إلى التجارب السريرية في أقل من 20 عاماً». وأعرب كوستاريلوس عن ثقته في إثبات مزايا الغرافين في التجارب السريرية مقارنة بالأقطاب الكهربائية المعدنية المستخدمة في أي من الوصلات الدماغية الأخرى. وأضاف: «لا تتيح أي تقنية أخرى مثل هذا المزيج من الوصلات متناهية الصغر وعالية الدقة بمثل هذه الانتقائية في فك تشفير الإشارات». تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز كلمات دالة: FT Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :