"لو سمحت ممكن تلبس قفاز"؟ تساؤل مغلف بطلب. هذا ما كنا نقوله قبل سنوات ليست ببعيدة عندما نذهب إلى محلات الأطعمة؛ كالمخابز والمقاهي والمطاعم حين لا يرتدي مقدم الطعام فيها قفازا في يديه؛ فنضطر لطلب ذلك. حيث تجد العامل يقوم بعمل الساندويشات عاري اليدين، ممسكا بالخبز بإحدى يديه وبالأخرى تجده يضع الطعام داخل الخبز، كالدجاج أو الطعمية أو البطاطس أو غيرها، أو تجده يقوم بتعبئة الخبز أو المعجنات في أكياس أو علب الطعام دون ارتداء قفاز، والأمثلة هنا كثيرة ولا داعي لحصرها. وفي مثل تلك المواقف يجد العميل نفسه مضطرا إلى أن يطلب من العامل ارتداء القفاز، وغالبا ما يواجه هذا الطلب بالاستهجان ونظرات الغضب، ويتم لبس القفاز على مضض، وفي بعض الحالات قد يرفض ويتم التحجج بعدم وجود قفازات أو أي حجة أخرى. ولكننا اليوم وبفضل الله تعالى ثم الجهود المبذولة من وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان أصبح لبس القفازات أمرا إلزاميا لا خلاف فيه، وفرضت غرامات على كل مخالف لذلك. وبفضل الله وجهود الأمانات والحملات الرقابية أصبح من النادر أن نجد أي عامل في محل للأطعمة لا يلتزم بذلك. فمنذ مدة طويلة لا أذكر أني ذهبت إلى محل لبيع الأطعمة واضطررت أن أطلب من العامل ارتداء القفاز. ومع ذلك وللأسف الشديد ما زال السؤال يطرح بشأن القفاز وإن اختلف قليلا في وقتنا الحالي؛ إذ لا نكاد نذهب إلى أي محل للأطعمة من مطعم أو مقهى أو غيره إلا ونقول "لو سمحت ممكن تغير القفاز"؟ مفارقة عجيبة، ولكن هذه هي الحقيقة؛ حيث تجد العامل يعد الساندويشات بالقفاز نفسه الذي تسلم به مبلغ الشراء من العميل وفتح صندوق المحاسب ليضعه فيه! ويأخذ الكوب يعبئ القهوة ويغلقه بالقفاز نفسه الذي تصفح به جواله ووضع به السماعة في أذنه! ويعبئ الآيس كريم بالقفاز نفسه الذي عدل به هندامه أو عدلت به حجابها! ويقدم الطعام بالقفاز نفسه الذي لمس به عينه أو وضعه في شعره! والأمثلة لهذه الممارسات لا سبيل لحصرها، وكلها تندرج تحت انعدام النظافة باستخدام القفاز نفسه في عمل كل شيء. وأصبح كل هم العميل الآن أن يتأكد أن القفاز الذي ارتداه العامل لم يمسك به أي شيء ليس له علاقة بالطعام. ولعل ذلك يعود إلى الجهل وقلة الوعي وعدم إدراك بعض العمال المغزى والمقصد من فرض ارتداء القفازات؛ فعندما تطلب منه تغيير القفاز تجده يستغرب لماذا! وتضطر إلى شرح السبب له؛ فتجد البعض يتفاجأ وكأنك تقول له شيئا لا يعرفه، والبعض يغضب ويعتبرك زبونا ثقيلا يريد الخلاص منه. ولئن كانت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان وضعت لوائح وأنظمة وقوانين ونصت على عقوبات لمن لا يلتزم بها، فهنا يبقى دور أصحاب المحلات في توعية موظفيهم والإشراف عليهم؛ إذ ينبغي أن يفهم مقدم الطعام المغزى من ارتداء القفاز ويتدرب على ارتدائه عند إعداد الطعام وتقديمه في كل مرة، وعدم الإمساك أو لمس أي شيء آخر غير الطعام أثناء ارتدائه. وإن اضطر إلى أخذ النقود أو القيام بأي عمل آخر فلا بد من تغيير القفاز. ونحن بصفتنا مستهلكين يتجلى دورنا في عدم القبول بالخطأ، والمطالبة بتطبيق الأنظمة؛ فلو اعتاد العمال على مطالبة الزبائن المستمرة بتغيير القفازات لأصبحت عادة لديهم ولما احتجنا إلى طلبها في كل مرة؛ فكما يقال ما تكرر تقرر، إضافة إلى ضرورة القيام بواجبنا في التعاون مع المسؤولين والإبلاغ عن المخالفات، ولا سيما المتكررة منها لضمان التزام الجميع بالأنظمة الهادفة إلى المصلحة العامة وصحة وسلامة الجميع.
مشاركة :