نظمت الكنائس في أوكرانيا أمس، مراسم لتأبين ضحايا كارثة تشيرنوبيل النووية في 26 نيسان (ابريل) 1986، حين تسبب اختبار فاشل في انصهار قلب مفاعل وانطلاق سحب قاتلة من المواد المشعة إلى الهواء أرغمت عشرات الآلاف على مغادرة بيوتهم، وسممت مساحات من شرق أوروبا في شكل دائم. وذكر الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو بأن السلامة النووية «ليست مضمونة إطلاقاً». وأضاء أقارب لمتوفين في أسوأ حادث نووي في العالم، شموعاً بكنيسة في كييف بنيت لإحياء ذكراهم. وقالت لودميلا كامكينا، التي عملت في المفاعل: «لم يخطر في بالنا أن هذا الحادث سيغير حياتنا، ويقسمها بين ما قبل الحرب النووية الصامتة، وهي التسمية التي أطلقناها على الحادث، وما بعدها». وتجمع آخرون لحضور قداس في مدينة سلافوتيتش التي تبعد مسافة 50 كيلومتراً من تشيرنوبيل، والتي شيّدت لإيواء كثيرين اضطروا الى ترك بيوتهم إلى الأبد. وقتل 31 من العاملين في المحطة ورجال إطفاء في الحادث، غالبيتهم نتيجة الإشعاع. وخلال السنوات الثلاثين التالية، أصيب آلاف غيرهم بأمراض ناتجة من الإشعاع مثل السرطان، علماً أن العدد الإجمالي للوفيات وحقائق الآثار الصحية على المدى الطويل ما زالت موضع جدل شديد. وتقول منظمة الصحة العالمية أنه «تمّت تعبئة أكثر من نصف مليون شخص من المدنيين والعسكريين من أنحاء الاتحاد السوفياتي السابق لتطهير آثار الكارثة واحتواء تداعياتها»، علماً انها سلطت الضوء على أوجه قصور في النظام السوفياتي السابق وبيروقراطيته، خصوصاً أن أمر الإخلاء لم يصدر إلا بعد 36 ساعة على الحادث. وكان الزعيم السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف قال أن «تشيرنوبيل أحد المسامير الرئيسية في نعش الاتحاد السوفياتي الذي انهار عام 1991». واكتسبت الذكرى الثلاثون أهمية إضافية بسبب قرب استكمال إنشاء قوس فولاذي بكلفة 1.5 بليون يورو وفرتها تبرعات من أكثر من 40 حكومة لتغطية موقع المفاعل المنكوب، من أجل منع تسرب أي إشعاعات أخرى في السنوات المئة المقبلة. ولكن حتى بعد اكتمال الغطاء، ستظل منطقة الحظر التي تبلغ مساحتها 2600 كيلومتر مربع من الغابات والمستنقعات على حدود روسيا البيضاء غير مأهولة، ومغلقة أمام الزوار باستثناء من تسمح لهم السلطات. وفي مناسبة الذكرى، قال الأمين العام للوكالة الدولية امانو في بيان أن «الدرس الرئيسي المستخلص من كارثة تشيرنوبيل وكارثة فوكوشيما دايشي في اليابان عام 2011 الى جميع المعنيين بالقطاع النووي من مشغلين وحكومات وهيئات ضبط، هو عدم اعتبار السلامة أمراً مضموناً». وزاد: «قد تتجاوز الحوادث الحدود، ومن الضروري بالتالي حصول تعاون دولي فاعل على مستوى السلامة النووية». وأشار الى انه رغم تشديد المجتمع الدولي معايير السلامة النووية بعد كارثة تشيرنوبيل، واجه العالم حادثاً خطراً آخر في محطة فوكوشيما دايشي عام 2011، ما ذكّرنا بطريقة مؤلمة بأن حصول حادث خطير ممكن حتى في بلد يتمتع بتكنولوجيا متطورة، وبرنامج نووي ناضج». وكانت منظمة «غرينبيس» حذرت الأسبوع الماضي من تفاقم الخطر النووي بسبب تهالك المنشآت حول العالم، خصوصاً في الغرب حيث صُممت غالبية المحطات في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين. وصرح الخبير النووي في المنظمة شون باتريك ستنسيل: «بلغنا مرحلة تهالك غالبية المفاعلات في العالم، خصوصاً في فرنسا، وهذه المفاعلات بنيت قبل التفكير حتى في خطر الإرهاب النووي».
مشاركة :