شهدت المملكة المتحدة والمجتمع البريطاني العنف وأعمال الشغب المناهضة للمسلمين والأقليات وطالبي اللجوء التي قام بها بعض المتطرفين الذين ملأت قلوبهم بالحقد والكراهية. لقد اعتدى المتطرفون على المساجد وعلى مقابر المسلمين وعلى الممتلكات العامة والخاصة وعلى رجال الشرطة وجهات إنفاذ القانون. وتأججت أعمال الشغب بعد ان تم الاعتداء على بنات قاصرات في مدينة ساوث بورت بالطعن. مات ثلاث من القاصرات وجرح تسع منهن. ولأن القانون البريطاني يحظر نشر اسم وهوية المعتدي إن كان تحت سنة الثامنة عشر لم تفصح الشرطة عن اسم المعتدي. استغل المتطرفون هذا الوضع ونشروا عبر وسائل الإعلام أن المعتدي لاجئ مسلم. وهذه المعلومات الكاذبة المغرضة انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي وألهبت مشاعر البعض وبدأوا بالتجمع والاعتداء على المساجد ودور العبادة والمتاجر. واعلنت الشرطة فيما بعد عن اسم المعتدي وهويته ودينه. فالمعتدي ليس لاجئ لانه ولد في بريطانيا وليس مسلم. ولكن بالرغم من خروج المعلومة إلا أن الاعتداء قد تم. وهنا تأتي مسألة المعلومة الصادقة والإعلام الهادف وعدم الانجرار وراء المشاعر وقد حذر القرآن الكريم من نشر الشائعات والتبين من المعلومة، قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا إن جائكم فاسق بنبا فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين” سورة الحجرات: 6. ولقد قامت حكومة المملكة المتحدة بمواقف قوية وحازمة. وخرج رئيس الوزراء كير ستارمر بإعلان قوي يدين فيه الاعتداء على المساجد وعلى المواطنين المسلمين في بريطانيا وحذر بأن المعتدين سيواجهون أقصى العقوبات. فخطوات حكومة المملكة المتحدة لوضع حد لأعمال الشغب وضمان محاسبة المسؤولين موقف تاريخي يستحق الاشادة. وكذلك يجب الإشادة بدور الشرطة والجهات الأمنية الذين عرضوا أنفسهم للخطر لاحتواء العنف، والذين أصيب الكثير منهم أثناء أداء واجبهم، وقاموا ببطولات قل نظيرها. كما نشيد بالجهات القضائية التي سارعت في جمع الأدلة والتحقيقات وإصدار أحكام رادعة. وإنما يتبين رقي المجتمع وتقدمه في أوقات الأزمات. ويوم أمس الأربعاء 7/8/2024م هدد المتطرفون بموجة عنف والخروج في مظاهرات وأعمال شغب في 100 موقع في بريطانيا. ولكن الذي حدث أن الآلاف من المواطنين من مختلف الديانات والأعراف والأعمار والطبقات خرجوا إلى الشوارع في منظر مهيب يعربون فيها بكل صراحة عن نبذهم للعنصرية والتنديد بالعنف واحترام إنسانية الإنسان. وما خرجت هذه الجماهير حتى انحسرت موجة التطرف والعنصرية ولم تخرج مظاهرة واحدة من هؤلاء. وكانت هناك مظاهر جمال من بعض المساجد والأئمة الذين خرجوا للمتظاهرين بالحلوى والابتسامة. كما خرج في بعض المناطق غير المسلمين لحماية المساجد والترحيب بالمصلين. وكذلك خرجت بيانات تندد بهذا العنف من العديد من الجمعيات والمؤسسات الإسلامية وغيرها. إن هذا الحدث يذكرنا بمسأله التعايش السلمي والاستثمار في الحوار المجتمعي وبناء العلاقات الإنسانية المبنية على الاحترام المتبادل وبناء ثقافة أفشوا السلام واطعموا الطعام التي دعا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قدومه إلى المدينة المنورة.
مشاركة :