كان يطلق على ( تدليع ) الصناعة المصرية ( بالحماية ) – حماية الصناعة الوطنية فى طور نموها – ووضعها فى شبة حضانات – يدفع تكلفتها المستهلك المصرى – وذلك زعماَ بأن حماية الصناعة الوطنية أمام منافستها للصناعات الشبيهة لها القادمة من الخارج واجب وطنى – حتى أن البعض أطلق على من يستخدم منتجات أجنبية بأنه ( خائن ) – وبأنه غير وطنى – وصدق أغلب الشعب المصرى هذه الإطلاقات وهذه الصيحات – حيث تمس قلوب المصريين أى جملة تحمل إسم الوطن – وسنت التشريعات – الحامية للصناعات الوطنية والمضادة لكل المنتجات الإجنبية – وغابت فى ظل هذه الهوجة التى بدأت فى السبعينيات - حتى أوائل التسعينيات – أى قواعد أو أنظمة تحمى المستهلك المصرى من المنتج المصرى -إمتلأت الأسواق بمنتجات سيئة الجودة – ومرتفعة بل ومبالغة فى أسعارها وشارك فى هذه الحملات بجانب أصحاب المصانع – ( رجال الأعمال ) والأثرياء الجدد فى المجتمع المصرى – وكل المسئولين الحكوميين فى هذا الزمن – ولم يمنع ذلك أيضاَ إشتراك بعض الكتاب والصحفيون والإعلاميون – وظهرت فى هذه الحقبة منتجعات الساحل الشمالى والساحل الشرقى – وأهمها –مارينا العلمين – والغردقة – وشرم الشيخ - وكانت تلك المجتمعات الجديدة تعكس أحد مظاهر البذخ الذى زاوله هؤلاء الأثرياء – الطبقة الجديدة فى المجتمع المصرى – أصحاب المصانع والمتاجر – وأصحاب الحصانة والحماية التى أطلقتها البلاد – تحت مسمى حماية الصناعة الوطنية – حتى أن (وحدة) المنتج من أى من بعض تلك الصناعات كان يباع بخمسة أضعاف سعره العالمى – دون وازع من ضمير ودون رقابة – ودون حتى رفع الصوت بكلمة ( آه ) حتى ( الآه ) كانت معيبة لأنها ضد الوطنية – وتضخمت رؤوس الأموال – وإنتشرت السيارات الفارهة – والطائرات الخاصة – والمنتجعات المنغلقة على أصحابها – بل أكثر من ذلك إمتدت تلك المنتجعات والممتلكات خارج البلاد فى جبال أوربا وأمريكا اللاتينية – وظهرت فى هذه الحقبة طبقة من الفسدة فى البنوك وفى سوق المال –وترتب عليها – هروب البعض – ودخول السجون للأخرين – وظهر للشعب المصرى أنه كان تحت مخدر إسمه الوطنية المصرية وحماية الصناعة المصرية – وأصبحت الأموال المنهوبة من البنوك تحت حجة التوسعات والإنشاءات الجديدة كلها أوهام – وكلها فساد وظهرت نظرية التخصيص للأراضى بملاليم وإعادة تقسيمها وبيعها بالملايين – وتقاسم أصحاب المصالح والمحظوظين أرباح غير شريفة – حيث هى فى الحقيقة إبتذاذ وسرقة "دم ولحم شعب مصر.." -ومازلنا اليوم نقرأ عن أثار هذا الفساد الذى إستشرى فى أوصال المجتمع – حتى جائت أوائل الألفية الثالثة وبدأت صحوة حكومية وسياسية وشعبية وفتحت الأسواق ودخلت البضائع وأخذت مراكز الإنتاج تصحح أوضاعها – وأصبحت المنافسة على الجودة والسعر هم الأساس أمام المستهلكين المصريين. وإختفت كلمة الحماية – والدلع للصناعة الوطنية – إلا أن هناك بوادر فساد أخرى بدأت تظهر فى الأفق وهى تشجيع الإستثمار الأجنبى فى مصر مهما كان نوعه وأثره على بيئة وصحة المصريين وهذه قصة أخرى ستبدأ فى مصر !! أ.د/حمــاد عبد الله حمـــاد
مشاركة :