وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، تحذيراً شديداً إلى أوكرانيا وحلفائها الغربيين، متوعداً برد عنيف على أكبر توغل لجيش أجنبي في الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية. وقال بوتين: «لا بد من قتال فعال ضد المجموعات التخريبية، في إطار عملية مكافحة الإرهاب القائمة في المناطق الحدودية، والعدو سيلقى رداً مناسباً على أفعاله، وستتحقق جميع أهداف العملية العسكرية الخاصة»، مضيفاً: «أوكرانيا تنفذ إرادة أسيادها في الغرب، الذي يقاتلون روسيا بأيديها، وتحاول من خلال تصرفاتها في مقاطعة كورسك تحسين موقفها المستقبلي في المفاوضات، لكن لا يوجد ما يمكن بحثه مع نظام يهاجم المدنيين ومنشآت الطاقة النووية». ومع إقرار الجيش الروسي بالتوغل الأوكراني المستمر منذ أسبوع في عمق كورسك، كشف القائم بأعمال حاكم المقاطعة الروسية عن سيطرة القوات الأوكرانية على 28 بلدة، مؤكداً أن الوضع في كورسك صعب، ولا معلومات حتى اللحظة عن مصير 2000 شخص من سكان هذه البلدات. وإذ أكد القائم بأعمال حاكم كورسك مقتل 12 وإصابة 121 بينهم 10 أطفال في قصف أوكراني، وسعت السلطات الروسية نطاق عمليات إجلاء السكان من المناطق الحدودية لتشمل بيلغورود. وقال حاكم بيلغورود فياتشيسلاف غلادكوف، في مقطع مصور قصير أمس، «نواجه صباح يوم متوتر. العدو ينشط على حدود منطقة كراسنايا ياروجا، ولأسباب أمنية، سيتم نقل السكان إلى مواقع أخرى»، متابعاً: «أنا واثق بأن كل شيء سيكون منظماً. الأمر الرئيسي هو الهدوء دون ذعر»، وأضاف أنه متأكد من أن الجيش الروسي يبذل كل ما في وسعه لمجابهة التهديد. وأعلن حاكم منطقة كورسك بالوكالة أليكسي سميرنوف، خلال اتصال بالفيديو مع بوتين، أن نحو 121 ألف شخص تم إجلاؤهم من المنطقة الحدودية مع أوكرانيا، بسبب التوغل المسلح لقوات كييف فيها، وأكد رئيس إدارة منطقة كراسنوياروسكي أندريه ميسكوف «إجلاء 11 ألفاً بشكل منظم، وبقي نحو 500، بما في ذلك العاملون في الإدارة على رأس عملهم»، مشيراً إلى أن عملية إجلاء السكان تمت وفق خطة مسبقة تم التدرب على تنفيذها مرات عدة في فترات سابقة، وجرت بواسطة حافلات وفرتها السلطات وعبر مسارات آمنة. وذكرت مدونة ريبار العسكرية الروسية أن هناك هجوماً على معبر كولوتيلوفكا الحدودي، وأن قوات التخريب الأوكرانية اخترقت منطقة غابات بالقرب من تيريبرينو، ولم يصدر تأكيد لهذا الأمر. وتقع منطقة كراسنايا ياروجا في شمال غرب منطقة بيلغورود، وتحد منطقة كورسك الروسية، التي دخلتها القوات الأوكرانية الثلاثاء الماضي. وأدان السكان المحليون بشدة عدم استعداد السلطات. وفر عشرات الآلاف من سكان البلدات الحدودية في حالة من الفوضى. وشغّلت شركة السكك الحديد الروسية قطارات طوارئ من كورسك إلى موسكو على مسافة 450 كيلومترا، للأشخاص الذين يريدون الفرار. ويعتبر الهجوم على كورسك العملية الأكبر العابرة للحدود والأنجح التي تنفذها كييف حتى الآن، وأكبر هجوم لجيش أجنبي على الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية. من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها «دمرت» ليل الأحد الاثنين 18 مسيرة أوكرانية في مناطق كورسك وبيلغورود وفورونيج، غرب روسيا، وفي وقت سابق أكدت أنها «أحبطت محاولات» للجنود الأوكرانيين باستخدام مدرعات لتحقيق «اختراق في عمق الأراضي الروسية»، لكنها أشارت إلى أن بعض هذه القوات متمركز قرب قريتي تولبينو وأوبشي كولوديز، على مسافة 25 و30 كلم على التوالي من الحدود الروسية الأوكرانية. وفي حين حذر مسؤولون أميركيون من رد فعل روسي عنيف على توغل أوكرانيا في كورسك، دعت الصين جميع الأطراف إلى تخفيف حدة الوضع، والالتزام بالمبادئ الثلاثة المتمثلة في عدم توسيع ساحة المعركة، وعدم تصعيد القتال، وعدم تأجيج النيران من قبل أي طرف. حريق نووي في هذه الأثناء، تبادلت روسا وأوكرانيا المسؤولية عن حريق اندلع في محطة زابوريجيا للطاقة النووية، لكن الطرفين والوكالة الدولية للطاقة الذرية أشاروا إلى عدم وجود خطر تسرب لإشعاعات نووية. وأُخمِد الحريق، الذي اندلع مساء أمس الأول في المحطة، حسبما أعلن أمس فلاديمير روغوف، المسؤول الذي عينته روسيا في منطقة زابوريجيا. وجاء الحريق بعد دعوة الوكالة الدولية للطاقة الذرية روسيا وأوكرانيا إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس مع اقتراب التوغل الذي شنته كييف داخل روسيا من محطة كورسك للطاقة النووية إحدى أكبر المنشآت النووية في روسيا. وفي فضيحة فساد جديدة دفعت الحكومة إلى إقالته، أودع نائب وزير الطاقة الأوكراني أولكسندر خيلو الحبس الاحتياطي بتهمة تلقي رشوة قدرها نصف مليون دولار. وأعلن جهاز الأمن الأوكراني، في بيان أمس، كشف مخطط فساد على نطاق واسع شمل طلب خيلو رشاوى من مديري شركات تعدين في غرب أوكرانيا كانوا يرغبون في نقل المعدات المستخدمة في المناجم القريبة من خط الجبهة، مؤكدا توقيفه وشركائه الثلاثة المشتبه بهم «متلبسين»، ويواجهون عقوبة «السجن لمدة تصل إلى 12 عاما ومصادرة ممتلكاتهم». إلى ذلك، أكد نائب رئيس وزراء صربيا، ألكسندر فولين، أمس، أن معظم دول الاتحاد الأوروبي وجميع أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) يريدون هزيمة روسيا، بغض النظر عن الخسائر البشرية، لأن السلام لا يهمهم، لكن روسيا قوة نووية، ولا يمكن هزيمتها في ساحة المعركة.
مشاركة :