يقيم المتعاملون في أسواق النفط العالمية، التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وسط مخاوف من نقص الإمدادات، حيث ارتفعت أسعار خام برنت الاثنين أكثر من 3 %، في حين ارتفعت العقود الآجلة للخام الأمريكي بما يزيد عن 4 %. فيما تابعت السوق النفطية باهتمام تعديل منظمة أوبك لتوقعات نمو الطلب العالمي على النفط لعام 2024 بالخفض قليلا بمقدار 135 ألف برميل يوميا عن توقعات الشهر السابق، قال لـ"الاقتصادية" محللون "إن بيانات الطلب مطمئنة ولا مخاوف في المستقبل". وبحسب أوبك يقف نمو الطلب عند مستوى صحي يبلغ 2.1 مليون برميل في اليوم، وهو أعلى بكثير من المتوسط التاريخي البالغ 1.4 مليون برميل في اليوم قبل عام 2019، ويعكس هذا التعديل الطفيف البيانات الفعلية الواردة للربع الأول من عام 2024 وفي بعض الحالات للربع الثاني من عام 2024. وقال لـ"الاقتصادية"، روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، "إن التجار أعادوا التركيز على التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، كما أنهم يراقبون بيانات التضخم الأمريكية المقرر صدورها في 14 أغسطس لقياس الاقتصاد الأمريكي وقرار خفض سعر الفائدة المحتمل من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي لشهر سبتمبر، ومن الممكن أن يدعم سوق العمل القوي والتضخم المنخفض خفض أسعار الفائدة". وسلط المحللون الضوء على بيانات أوبك التى ترصد تراجع التوقعات بشأن نمو الطلب على النفط في الصين في عام 2024 وفي المناطق الرئيسة، وتوقعت أوبك أن ينمو الطلب بنحو 0.2 مليون برميل يوميا في عام 2024، في حين من المتوقع أن يرتفع الطلب على النفط من خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنحو 1.9 مليون برميل يوميا. وذكر التقرير أنه في عام 2025، سيتم تعديل الطلب العالمي على النفط أيضًا بالخفض قليلاً بمقدار 65 ألف برميل يوميًا، ليصل إلى نحو 1.8 مليون برميل يوميا، كما توقع التقرير الشهري أن يتوسع الطلب في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنحو 0.1 مليون برميل يوميا في عام 2025، مع مساهمة الأمريكتين في تسجيل أكبر زيادة. ورجح التقرير أن يقود الطلب من خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية النمو في العام المقبل، ليرتفع بنحو 1.7 مليون برميل يوميا، بقيادة مساهمات من الصين والشرق الأوسط وآسيا والهند. كما اهتم المراقبون ببيانات أوبك عن إمدادات النفط العالمية حيث توقعوا أن ينمو إنتاج أوبك +بمقدار 1.2 مليون برميل يوميًا في عام 2024، دون تغيير عن تقييم الشهر السابق، وتوقع التقرير أن تكون محركات النمو الرئيسة هي أمريكا وكندا والبرازيل، ورجح أن ينمو العرض بنحو 0.1 مليون برميل يوميا إلى متوسط 8.3 مليون برميل يوميا في عام 2024، تليها زيادة بنحو 40 مليون برميل يوميا. وفي هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية"، فولفجانج إلياس مدير شركة "إنرجي فيينا"، "إن تقرير أوبك هو بوصلة أسواق النفط"، معتبرا بيانات الطلب مطمئنة، وذكر أن أسعار النفط انتعشت بعد انخفاضها إلى أدنى مستوى لها منذ 7 أشهر بسبب عمليات البيع الحادة في الأسواق المالية في وقت سابق من هذا الأسبوع بسبب المخاوف من الركود، لكن توقعات الطلب الضعيفة نسبيا في الصين والولايات المتحدة استمرت في التأثير في المعنويات. من جانبه، أكد لـ"الاقتصادية" ألكسندر بوجال مستشار شركة "إنرجي جي بي"، أن تقرير أوبك نبه مجددا إلى الزيادات المستمرة في العرض خاصة من خارج "أوبك+"، مبينا أن مصافي التكرير الأمريكية تعمل على خفض معدلات التشغيل وسط انخفاض هوامش التكرير ما يثير المخاوف بشأن احتمال زيادة المعروض من النفط الخام كما يستعد تحالف أوبك + لبحث إجراء زيادات إنتاجية في الربع الأخير من العام. من جانبها، أكدت وكالة بلاتس للمعلومات النفطية أن العقود الآجلة للنفط الخام ارتفعت في ظل التوتر في الشرق الأوسط، حيث طغى الصراع المتزايد على التباطؤ الاقتصادي في الصين وانخفاض معدلات تشغيل المصافي الأمريكية. في حين قال محللون لـ"الاقتصادية"، "إن أسعار النفط الخام تواصل ارتفاعاتها مدفوعة بزيادة المخاوف بشأن العرض وسط التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط"، وأشاروا إلى ارتفاع أسعار النفط أيضا بفضل البيانات الاقتصادية الإيجابية الصادرة عن الصين والولايات المتحدة حيث ارتفعت أسعار المستهلكين في الصين بشكل أسرع من المتوقع في يوليو كما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الصيني بنسبة 0.5 % على أساس سنوي في يوليو. المحللون ذكروا أنه من المحتمل أن توفر التوقعات بخفض محتمل لسعر الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر دعمًا للطلب على النفط، حيث أن انخفاض تكاليف الاقتراض سيدعم الأنشطة الاقتصادية في الولايات المتحدة.
مشاركة :