أعلنت هيئة الصحة التابعة للاتحاد الأفريقي، عن إقرار "حالة طوارئ صحية عامة" بسبب تفشي جدري القردة داخل دول أفريقيا الوسطى. ودقت الهيئة الصحية التابعة للاتحاد الأفريقي ناقوس الخطر بشأن تفشي مرض جدري القردة في القارة السمراء، وذلك في عدد من البلدان الأفريقية لا سيما في جمهورية الكونغو الديمقراطية. لكل ما سبق، ما هو فيروس جدري القدرة، كيف ينتقل وما هي أعراضه، ثم أمام هذا الوضع هل المغرب مهدد بدخول هذا المرض إلى التراب الوطني، حملنا هذه الأسئلة لكي يجيب عنها الطبيب والباحث الخبير في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، ضمن الفقرة الأسبوعية "ثلاثة أسئلة". نص الحوار.. أعلن الاتحاد الإفريقي حالة الطوارئ الصحية عامة في القارة بسبب جدري القدرة، بداية ما هو مرض جدري القردة وكيف تظهر أعراضه؟ جدري القردة "أمبوكس"، هو مرض فيروسي ينتج عن فيروس ينتمي إلى فصيلة جدري القردة. ظهر هذا الفيروس في القردة أول مرة عام 1958 في الدنمارك على بعض الحيوانات كانت قادمة من وسط أفريقيا واكتشف داخل مختبر للحيوانات، بينما تم تسجيله في الإنسان لأول مرة في القارة الأفريقية سنة 1970 وهو حالة طفل مصاب بهذا الفيروس. ظل هذا الفيروس ينتقل في أفريقيا الوسطى والغربية، وينتشر خاصة في مناطق الغابات الكثيفة وسكان البوادي البعيدة والذين يتعايشون مع الحيوانات ويأكلون لحمها. لكن في 2022 تمّ اكتشاف هذا الفيروس في دول أخرى أوروبية وأمريكية وأيضا في الدول الأفريقية ثم في آسيا، كما تم تسجيل حالات في المغرب، لكن كان يصيب الرجال الذين لهم علاقات جنسية مثلية بالخصوص، وهنا ظهرت سلالة ثانية لهذا الفيروس، حيث وقعت طفرة فيه. منذ سنة 2022 بقي هذا الفيروس متحكما فيه على مستوى دول العالم، خاصة في الدول التي لها إمكانيات اقتصادية مرتفعة؛ حيث سهولة الكشف المبكر عن المرض والعلاج منه. غير أنه في الأشهر الأخيرة بدأ هذا الفيروس في الانتشار بعدة دول افريقية وينتقل بين الأشخاص في حالات العلاقات الجنسية العادية، بين الرجل والمرأة، كما أصبح ينتقل بين الأسر والأطفال الذين ليس لهم أي علاقات جنسية، بالتالي بدأت تظهر عوالم أنه فيروس من سلالة جديدة، أطلقوا عليه اسم ( 1 B). فيما يتعلق بأعراض هذا المرض، فهي تتمثل في ارتفاع درجات حرارة الجسم والصداع في الرأس وألم المفاصل، وإرهاق شديد وتضخم الغدد الليمفاوية، وظهور طفح على الجلد يتشبه بثور أو بثور مليئة بحبوب، تتشكل هذه الحبوب وتظهر في كامل الجسم. كيف ينتقل هذا المرض؟ في البداية، السلالة الأولى التي كانت في أدغال إفريقيا في وسط وغرب إفريقيا، كان ينتقل من الحيوان مصاب إلى الإنسان مباشرة عن طريق الاحتكاك بالدم واستهلاك لحم يحتوي على الفيروس. لكن السلالة الجديدة أصبح ينتقل الفيروس بسرعة كبيرة من شخص إلى آخر في حالة إذا كان هناك احتكاكا كبيرا وجدا ما بين الانسان المريض بهذا الفيروس وأفراد عائلته، كما ينتشر هذا الفيروس في حالات العلاقات الجنسية المثلية والعادية. كما ينتقل أيضًا من خلال التماس مباشر مع قروح وبثور جلد لشخص مصاب، وينتقل أيضا عن طريق الملابس والأغطية والأسرّة. كيف يمكن الوقاية من الإصابة بجدري القردة؟ بما أننا نعلم أن هذا الفيروس ينتقل عن طريق العلاقات الجنسية العادية والمثلية وعن طريق الاحتكاك، فإن السلالة الجديدة التي ظهرت في الأشهر الأخيرة لا نعرف لحد الساعة بالضبط ما هي الطرق التي ينتشر بها، لذلك فإن الوقاية تنطلق أولا، على مستوى الدول القيام بما أمكن من مجهودات من أجل العمل على محاصرة هذا المرض في أماكن ظهوره حتى لا يزيد في الانتشار بدول أخرى في العالم. ثانيا، يجب دراسة طريقة انتشار هذه السلالة الجديدة للفيروس لمعرفة كيفية اتخاذ الإجراءات الاحترازية، وثالثا، عند العلاقات الجنسية يجب أخذ احتياطات الحماية، كما أنه يجب على الافراد تجنب الاحتكاك مع الأشخاص الذين تظهر عليهم الأعراض التي ذكرت (ارتفاع الحرارة والطفح الجلدي..)، والقيام بالتحاليل المخبرية لتشخيص المرض. وتبقى الإجراءات من بينها التلقيح والعلاج الملائم للقضاء على الفيروس، بالإضافة إلى نظافة الجسم وأماكن العيش. هل ترى أن المغرب مهدد بدخول هذا المرض بعد إعلان الاتحاد الافريقي حالة الطوارئ بالقارة، وما هي الإجراءات التي ينبغي عليه اتخاذها؟ إن هذه أسئلة هامة، وللإجابة عليها، ينبغي علينا أن نُدرك ما الجديد في هذا الفيروس وما سبب إعلان حالة الطوارئ الصحية في أفريقيا. أعتقد أن منظمة الصحة العالمية ستعلن قريبا حالة طوارئ صحية عالمية، وذلك لأسباب عدة. أولاً، هذا الفيروس هو سلالة جديدة، ثانيا، تُظهر هذه السلالة الجديدة طفرات أسرع من سابقاتها، مما يعني أن تغيراتها تحدث بسرعة كبيرة. ثالثا، ينتشر هذا الفيروس بشكل أسرع بكثير، رابعا، لاحظت الدول الإفريقية ارتفاعا ملحوظا في عدد الحالات، كما أن طرق انتقاله أصبحت أوسع، حيث يُمكن انتقاله عن طريق الاتصال الجنسي، والاحتكاك بين الأطفال، وداخل الأسرة، مما يزيد من سرعة انتشاره. خامسا، يتواجد هذا الفيروس في دول أفريقيا وغيرها، ومع انتشاره داخل المدن، وخروجه من الأدغال والغابات، والمناطق الريفية النائية، ليصل إلى المدن، يزداد انتشاره إلى الدول الأخرى المجاورة، بالتالي فإن هذا الفيروس قد وصل إلى 15 دولة أفريقية، وينتشر في العالم، ويمثل تهديدا أكبر. ومن المهم أن نُدرك أن هذا الفيروس يشكل خطورة عالية من حيث نسبة الوفيات، حيث تُقدر نسبة الوفيات بـ 3 بالمائة من المصابين، وبعض الدراسات تشير إلى أن هذه النسبة قد تصل إلى 5 بالمائة للبالغين و10 بالمائة للأطفال. لكن، من المهم أن نُدرك أن هذا الفيروس ينتشر بسرعة ويمثل تهديدا كبيرا للمغرب، مثلما يهدد الدول الأخرى في أفريقيا والعالم، ونظرا لانتشار هذا الفيروس بسهولة، ووصوله للمدن في أفريقيا، لا يمكننا التغاضي عن خطره ويجب علينا أن نكون على أهبة الاستعداد. لذلك، يجب على المغرب اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية للمواجهة هذه التهديد. أولًا، ينبغي على المغرب توعية وتحسيس الساكنة وتقديم التوعية الصحية للمهنيين الصحيين. ثانيا، يجب على المغرب مراقبة وصول هذا الفيروس وتطبيق إجراءات الوقاية واليقظة الصحية في المنافذ الحدودية. ثالثا، يجب على المغرب المساهمة في الجهود الدولية لمكافحة المرض من خلال تقديم المساعدات في توفير اللقاحات والأدوية، وتوفير الوسائل لتشخيص المرض في المناطق النائية، ودعم الدول الإفريقية في الكشف المبكر والعلاج، وينبغي علينا جميعا أن نتخذ الإجراءات اللازمة للحماية من هذا المرض. وأخيرًا، لا ننسى أن اللقاحات التي تم تطويرها للعلاج من جدري القردة عام 202قد ساعدت في الحد من انتشاره في أوروبا وأمريكا، ويجب على أفريقيا الاستفادة منها للحماية من هذا الخطر.
مشاركة :