خلّفت أخبار مصرع العشرات في قصف على مستشفى بمدينة حلب السورية حنقًا واسعًا بين صفوف المتتبعين للأزمة السورية، إذ عمّت الصور الحمراء بروفايلات فيسبوك تضامنًا مع الضحايا، فيما شجبت عدة تنظيمات منها الأمم المتحدة ما وقع، في وقت تم فيه تبادل الاتهامات بين القوات الروسية والسورية من جهة وقوات التحالف بارتكاب هذه "المجزرة". زهير لهنا، طبيب مغربي يشارك بشكل دوري في مستشفيات ميدانية بالأراضي السورية لإسعاف وإنقاذ جرحى الحرب، منها مستشفيات بحلب، قال إن ما وقع منتصف هذا الأسبوع من قصف لمستشفى القدس يعدّ "عملًا سافلًا يناهض أخلاقيات الحروب ويشكّل خرقَا واضحًا لاتفاقية جنيف التي تمنع قصف المراكز الصحية أيًا كانت الأسباب". وتحدث لهنا لـ CNN بالعربية إن "القصف الشديد الذي تتعرّض له المستشفيات السورية أجبر غالبيتها على العمل تحت الأرض، وإن ما يجري في حلب أفظع بمراحل ممّا وقع في غزة"، مستدركًا: "إذا كان الواجب يحتم علينا التضامن مع غزة، أليس الواجب ذاته يفرض على الجميع الآن التضامن مع سكان حلب؟". وحول أوضاع مستشفيات سوريا، قال الطبيب المغربي إنها تعيش أوضاعًا مزرية، وإن الأطقم الطبية لا تستطيع إنقاذ الكثير من الحالات الصعبة بسبب قلة الأطباء وندرة المعدات، متحدثًا عن أن دخول الأطباء الأجانب إلى سوريا أضحى معقدًا منذ 2013، وأن الأطباء السوريين هم من يدفعون ضريبة الاستمرار في علاج الناس. وتابع لهنا أن القصف الأخير أدى إلى مقتل آخر طبيب أطفال بمستشفى القدس، ويتعلّق الأمر بطبيب سوري شاب جاءته الكثير من الفرص كي يعمل في دول أجنبية، رفضها جميعا حتى يعالج أبناء سوريا، فيما لم يتبق بحلب في مجال التوليد سوى طبيبة وحيدة، مشيرًا إلى أن المستشفيات الميدانية التي تقام بين الفينة والأخرى في سوريا لمساعدة الأطباء الملحيين، تعاني صعوبات كثيرة ولولا دعم جمعيات طبية سورية بالخارج، ما كان لها أن تلتئم. وزاد لهنا الذي عبّر مؤخرًا عن رغبته في افتتاح مركز لعلاج اللاجئين السوريين مجانًا بالمغرب أن "قوات النظام السوري تستخدم الأسلوب الروسي في المعارك، أي ضرب كل الحواضن الشعبية للمعارضة ودفع السكان إلى الهجرة من حلب، تمامًا كما حدث بالشيشان، كما تقوم بضرب المكان ذاته مرتين، حتى تتمكن من قتل المسعفين". وقد شهدت مدينة حلب السورية خلال الأيام السبعة الماضية غارات جوية وقصفًا شديدًَا، ممّا أفضى إلى مصرع مئتي مدني على الأقل، 50 منهم تقريبًا في مستشفى القدس الذي تدعمه منظمتا أطباء بلا حدود والصليب الأحمر. وحسب ما أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد قُتل في الغارات على مستشفى القدس الواقع في مناطق تحت سيطرة المعارضة بحلب، 34 طفلًا و20 امرأة، وقد أدانت الأمم المتحدة والولايات المتحدة ومنظمة أطباء بلا حدود التي قُتل لها ستة عاملين هذه الغارات، فيما حذرت منظمة الصليب الأحمر من كارثة إنسانية وشيكة في المدينة.
مشاركة :