من الصعب التكهن إذا ما كانت السيدة كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي الحالي سوف تصبح الرئيسة المقبلة للولايات المتحدة الأمريكية أم لا. وينطبق المنطق نفسه على حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز الذي اختارته ليكون نائبا لها. لكن العالم كله يريد أن يعرف أكثر عن من هما هذان الشخصان، وما هي الآراء والمواقف التي يتبناها كلاهما، وما هي مصادر قوتهما، وما هي نقاط الضعف عندهما؟ ولدت السيدة كامالا ديفي هاريس في 20 أكتوبر 1964م وكانت عضو مجلس الشيوخ المنتخب عن ولاية كاليفورنيا من 2017 حتى 2021. وقبل ذلك كانت المحامية العامة لولاية كاليفورنيا، حيث سبق أن تم انتخابها لهذا المنصب في 2010، وبعد ذلك تم إعادة انتخابها في 2014. تلقت كامالا هاريس تعليمها في جامعة هاورد في العاصمة واشنطن، وهي الجامعة التاريخية للمواطنين السود في أمريكا، كما حصلت على شهادتها في القانون من كلية القانون التابعة لجامعة كاليفورنيا. وبعد تخرجها عملت في مكتب المدعي العام لمدينة سان فرانسيسكو منذ 2003، إلى أن تولت هي نفسها هذا المنصب. وتنحدر كامالا هاريس من أسرة أصولها أفريقية وهندية من جنوب آسيا. والدها السيد دونالد هاريس مهاجر من جاميكا وحضر إلى الولايات المتحدة في 1961م ليدرس الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا فرع بيركلي، وبعد حصوله على شهادة الدكتوراه عمل بالتدريس في عدة جامعات وآخرها جامعة ستانفورد. الأم هاجرت من الهند إلى أمريكا في 1958م لتدرس علم الغدد الصماء أيضا في جامعة كاليفورنيا / بيركلي، وهناك تم التعارف بينهما واتفقا على الزواج. ومن الناحية الأخرى ولد السيد تيموثي جيمس والز في السادس من أبريل 1964م، وسبق له أن عمل كمدرس، وأيضا قد خدم في القوات المسلحة الأمريكية كضابط احتياط. وكان عضوا في مجلس النواب الأمريكي عن إحدى دوائر ولاية مينسوتا ما بين 2007 إلى 2019. وأثناء عضويته في الكونجرس كان عضوا في اللجنة الخاصة بأمور المحاربين القدامى، وقد تم انتخابه حاكما لولاية مينيسوتا عن الحزب الديمقراطي منذ 2019 وحتى الآن. أما عن المواقف السياسية للسيدة هاريس، فهي من أكثر المؤيدين للقوانين التي تحد من تملك السلاح، كما أنها تطالب بإجراء إصلاحات في تشريعات الضرائب والرعاية الصحية. بالإضافة إلى أنها تناصر أيضا القانون المعروف باسم "دريم." ويرمي هذا القانون إلى حماية طائفة من المهاجرين غير الشرعيين الذين حضروا إلى أمريكا وهم أطفال، لكنهم ما يزالون معرضين لخطر الترحيل من الولايات المتحدة قسرا. وهي من الداعين إلى عدم تحريم عدد من مواد الإدمان. وتعمل هاريس على إنجاح البرامج الاقتصادية لإدارة بايدن، مثل زيادة الإنفاق على البنية الأساسية والدعم المالي لأصحاب الأعمال والمستثمرين الصغار، وهذه نصوص قانونية في التشريع المعروف باسم "قانون تخفيض التضخم". كامالا هاريس من أنصار مكافحة الآثار السيئة لظاهرة تغير المناخ، ولذا فهي تدعم استعمال وسائل الطاقة المتجددة، وتعمل على بدء العمل بالسيارة الكهربائية، ومن هذا المنحى، فهي تؤيد محاسبة شركات النفط بصورة أكثر صرامة لو ثبتت عليهم أي مخالفات بيئية. يساند الحاكم والز أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة، ويركز على سياسات التدريب التي تزيد من مهارات القوى العاملة، كما يعمل أيضا على تحسين البنية التحتية لولايته. وقد قدم في 2020 خطة المشروعات والوظائف المحلية بميزانية قدرها 1.9 مليار دولار. وتسعى هذه الخطة إلى توفير فرص العمل في قطاع التشييد والبناء وغيرها من القطاعات الاقتصادية لمقاومة فقدان الوظائف بعد اندلاع جانحة كورونا. وتبغى سياسته أيضا إلى تخصيص راتب لمن يأخذ إجازة مرضية أو إجازة عمل، كما أنه قد أخذ موقفا يتسم بزيادة الحصانة لحماية العاملين في شركة "أمازون" وعمليات التخزين والشحن، وأصدر قرارا بزيادة مكافأة سائقي سيارات الأجرة لمن يعملون لحساب شركتى "أوبر" و"لفت" على الرغم من تهديد تلك الشركتين بوقف أنشطتهما في ولاية مينيسوتا. وعندما كان عضوا في مجلس النواب صوت لصالح خطة الرئيس أوباما للرعاية الصحية والمعروفة باسم "أوباما كير". فيما يتعلق بسياسته الصحية أيضا، ففي أثناء عمله كحاكم خصص مبلغ 92.7 مليون دولار لمجال الصحة النفسية والعقلية لجعل خدمات الرعاية الصحية متوفرة بصورة أكبر. وفى هذا المضمار أعلن والز في 2020 تخفيض سعر عقار الأنسولين الطبي لمن يحتاجه، كما حاول تطبيق سياسات خاصة بالتأمينات الصحية بأسلوب متجدد وناجح. وفيما يتعلق بالطاقة فقد شرع السيد والز قانونا يفرض على كل محطات الطاقة في ولاية مينيسوتا بأن تطبق سياسات طاقة نظيفة، من التي لا تضر بالمناخ بنسبة 100% مع حلول 2024. وسوف يزيد هذا من استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ويناصر الحاكم والز استخدام السيارة الكهربائية والسيارات التي تعمل بنظام الطاقة الهجينة في ولاية مينيسوتا. الحاكم والز رفع ميزانية التعليم في ولاية مينيسوتا بنسبة 10% لتصبح 2.2 مليار دولار. كما اتبع سياسات تقديم وجبة غذائية مجانا لكل الطلاب في كل مدارس ولايته. كما أرسى أيضا السياسة التي نصت على منح أي طالب في الجامعة معونة مالية إذا كانت أسرته لها دخل سنوي لا يزيد على 80 ألف دولار سنويا. كل من هذين المرشحين يؤيدان حق النساء في الإجهاض بقوة، وفي الحقيقة أن هذا الموضوع قد يسبب ضررا لهما، ليس فقط لأنهما قد يخسران أصوات المحافظين الديموقراطيين بل لأن هناك تصريحات من كامالا هاريس تقول فيها إن الرئيس ترامب يحبذ منع الإجهاض كلية. لكن الرئيس ترامب لم يقل هذا فيما يتعلق بمنع الإجهاض بصورة شاملة. لا شك أن كلا من المرشحين الديموقراطيين يمتلكان عدة ميزات قوية تجعلهما ينالا تأييدا واسعا من العديد من الناخبين. كما يمثلان أيضا مجموعة من السياسيين من أصحاب الوجوه الجديدة، بعيدا عن شخصية الرئيس بايدن المتقدمة في العمر. كما استطاعا في وقت قليل زيادة حماس العديد من الناخبين، وأيضا استطاعا تقوية القاعدة الجماهيرية للحزب الديموقراطي. ويظهر هذا في التفوق بأرقام قليلة لكامالا هاريس في استطلاعات الرأي، حيث تتفوق على الرئيس ترامب بنقاط محدودة على مستوى الولايات المتحدة وفي الولايات المتأرجحة. وعلى الرغم من هذه الإمكانيات المتفوقة التي يمتلكانها، إلا أن كامالا هاريس وتيم والز يواجهان العديد من التحديات التي قد تخفق مسار سعيهما للبيت الأبيض. أول تلك العوامل هو عدم خوض أي منهما الانتخابات الأولية لحزبهما الديموقراطي. لذا فهما يبدوان كأنهما معينان وليسا شخصين حاولا الحصول على تأييد الحزب عن طريق المندوبين الذين كانوا يريدون انتخابهما. والواضح جليا أن معظم الناخبين في أمريكا ينظرون إلى كامالا هاريس وتيم والز على أنهما مرشحان ينتميان إلى اليسار المتطرف. معظم الناخبين في أمريكا ينهجون ناحية الوسطية السياسية. وتزداد تلك النظرة السيئة لهما لو أدركنا أن كليهما يعتبران أنفسهما من أصحاب التيار الليبرالي المغالي الذي يتبع أسلوب التدخل الحكومي الكبير في السياسات الاقتصادية والاجتماعية. وتفضل السيدة هاريس زيادة عدد قوات حرس الحدود لمراقبة الحدود الجنوبية للولايات المتحدة مع المكسيك. لكن هناك تأييدا لا يستهان به لاقتراح الرئيس ترامب الذي يتبنى بناء حائط لفصل حدود أمريكا جنوبا مع دولة المكسيك. ويعتبر هذا سياسة أفضل لمكافحة قضية الهجرة غير الشرعية للولايات المتحدة الأمريكية. كما واجه السيد والز العديد من الانتقادات عندما فشل في العمل على استعادة الأمن والنظام المدني في ولاية مينيسوتا في مايو 2021، عقب المظاهرات التي اندلعت في أعقاب مصرع المواطن الأسود جورج فلويد على أيدي قوات الشرطة. وهناك أيضا الشكوك بأن السيدة هاريس أخفت العديد من الأسرار حول الصحة العقلية والبدنية للرئيس بايدن. في نهاية المطاف الأمر متروك للشعب الأمريكي ليقرر نوع التغيير الذي يريده بعد انتهاء رئاسة جو بايدن. السؤال: هل يريد الشعب الأمريكي عودة ترامب مرة أخرى للرئاسة ويكون في هذا الأمر مالكا لقوة سياسية لا يستهان بها، أم يفضل الأمريكيون بقاء الإدارة الحالية الديموقراطية مع إضفاء وجوه جديدة عليها؟ سيعرف العالم الإجابة عن هذا السؤال في نهاية الثلاثاء الموافق الخامس من نوفمبر 2024. ................ الرئاسة الأمريكية كامالا هاريس جو بايدن دونالد ترامب الحزب الديمقراطي البيت الأبيض الانتخابات الأمريكية القضايا الأمريكية الشعب الأمريكي
مشاركة :