تواجه الشركات الناشئة في السعودية صعوبات في الحصول على تمويل تقليدي؛ ما دفعها إلى البحث عن بدائل جديدة توفر فرص تمويل مرنة من خلال توفير رأس المال المغامر؛ لمساعدتهم في بناء خططهم الاستثمارية وتطويرها. وبحسب دراسة أجرتها كلية لندن للأعمال عن الشركات الصغيرة والمتوسطة في منطقة الشرق الأوسط، وحصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن قطاع الأعمال بدأ في الاعتماد على تأمين رأس المال المغامر، أو تمويل المستثمرين من القطاع الخاص بهدف الوصول إلى فرص تمويل أفضل. وأشارت الدراسة إلى أن أصحاب الشركات الجديدة في الشرق الأوسط، وفي السعودية خاصة، شرعوا في تجاوز نماذج تمويل المؤسسات التقليدية والتطلع إلى أبعد منها مثل رأس المال المغامر، والنظر إلى تمويل العملاء بوصفه المسار الأفضل لنمو الشركات بشكل فاعل؛ وذلك وفقا لأحد المختصين من كلية لندن للأعمال. وأوضح جون مولينز، أستاذ مساعد في التسويق وريادة الأعمال في كلية لندن للأعمال، أنه «ينتشر افتراض على نطاق واسع في الشرق الأوسط وغيره بأنه على شركات رأس المال المغامر أن تكون المحطة الأولى لرجال الأعمال الناشئين»، مشيرا إلى أن الغالبية العظمى من الشركات سريعة النمو في جميع أنحاء العالم لم تتبع سياسة رأس المال المغامر، إلا أن هناك نماذج لشركات استطاعت أن تدعم عملاءها بطرق ذكية للحصول على تمويل، بطريقة رأس مال مغامر. ولكن بالعودة إلى الدراسة، فإن بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة ما زالت تفضل استخدام وسائل التمويل التقليدية، وأشارت الدراسة التي استطلعت رأي 500 شركة في المنطقة، أنه عندما يتعلق الأمر بتمويل الشركات الجديدة، يعد رأس المال المغامر نموذج التمويل الأكثر نجاحا في جميع أنحاء المنطقة بنسبة 36 في المائة. من جهته، قال معتصم الأحمد، الخبير الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط»: «إن التمويل يعد من أبرز التحديات التي تواجه أصحاب الأعمال والشركات الناشئة في المنطقة بسبب زيادة مخاوف البنوك من تمويل المشروعات الصغيرة، التي تعدها ذات مخاطر عالية»، مشيرا إلى أن رأس المال الجريء هو أحد الأنشطة التمويلية المهمة التي تدفع بالاقتصاد الوطني إلى مزيد من التوسع وتنشيط الحركة الاقتصادية، ويساهم في خلق فرص العمل في الوطن وتوسيع دور المنشآت الصغيرة والناشئة، إلا أن هذا الأسلوب لا يزال محدود الاستخدام في المنطقة، ومن المتوقع أن يشهد نموا في السنوات المقبلة مع توسيع ثقافة أصحاب الأعمال واكتسابهم مزيدا من الخبرات في قطاع التجارة. ووفقا لتقرير لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية QECD، فإن رأس المال المغامر يساهم بنحو 100 مليار دولار سنويا لتمويل المشروعات على مستوى العالم، وفي الولايات المتحدة ومنذ نشأته عام 1946 أصبح يتضاعف حتى بلغ ما يزيد على 50 في المائة من مجموع التمويل العالمي. وبيّن التقرير، أن هذا الأسلوب انتشر بعد ذلك إلى دول أخرى أدركت الحاجة إلى دعم الأفكار الإبداعية والمشاريع الابتكارية، وفتح المجال للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لبناء اقتصاد المعرفة، وكان من أبرز تلك الدول هونج كونج وفنلندا وتايوان التي تأتي بعد أميركا على التوالي، ففي تايوان وحدها هناك أكثر من 250 شركة تمويل برأس المال الجريء بمبالغ تمويلية تزيد على 5 مليارات دولار سنويا. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أدركت الدول أن هذا الأسلوب يعد أحد المفاتيح المهمة لتحقيق أهداف اقتصادية عدة، فمن خلاله يمكن استغلال الفرص الجديدة، وتبني دعم الابتكارات الحديثة، ونقل التقنية العالمية، وتوفير فرص العمل، وعد الشركات الناشئة فرصة نسبية للدول النامية لبناء شركات يمكن أن تكبر وتتوسع في المستقبل.
مشاركة :