تجسيداً لتوجهات دولة الإمارات العربية المتحدة للارتقاء بشراكاتها الدولية وتطوير أدوارها السياسية والاقتصادية والإنسانية على الساحة الإفريقية، وقعت الحكومة الإماراتية مع نظيرتها الكينية في 18 أغسطس 2024 مذكرة تفاهم لتدشين شراكة جديدة بين الدولتين بهدف تبادل المعرفة والخبرات في مجالات الحوكمة وتطوير العمل الحكومي. جاء توقيع المذكرة خلال أعمال الدورة الرابعة للجنة المشتركة بين دولة الإمارات وجمهورية كينيا، وهي تتماهى مع مبادرات برنامج التبادل المعرفي الحكومي الإماراتي، الذي يستهدف تطوير الأبعاد المختلفة للعلاقات الإماراتية مع مختلف دول العالم عبر أدوات مختلفة، منها نقل المعرفة لدول أفريقيا، وتوسيع مساهمة الإمارات في بناء القدرات وصقل خبرات الكوادر الأفريقية ودعم العمل التنظيمي والمؤسسي، تماهياً مع توجيهات القيادة الرشيدة بتوسيع آفاق التعاون البنَّاء والشراكات الإيجابية على المستوى الدولي، بما يسهم في تعزيز بيئة التعاون الدولي والمشاركة في المسيرة العالمية لصناعة مستقبل أفضل. وتشمل الأدوات كذلك تنويع أدوات التحرك الإماراتي لتطوير الروابط المشتركة مع كينيا، في ظل توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بتخصيص 15 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الفيضانات وتداعيات الأمطار الغزيرة التي اجتاحت كينيا، وأدت إلى وفاة مئات الأشخاص ونزوح آلاف من السكان وتدمير الطرق والجسور والمنازل والمرافق الصحية والأراضي الزراعية في العديد من المناطق، خاصة مناطق شمالي العاصمة نيروبي. وفضلاً عما سبق، يضمن هذا المسار مواصلة الارتقاء بالدور الإماراتي على الساحة الأفريقية في دول منها كينيا؛ في ظل حرص دولة الإمارات منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين عام 1982، على دعم مبادرات التنمية والتطوير والتحديث في كينيا، إضافة إلى التوسع في توظيف مبادرات البرنامج الإماراتي للتبادل المعرفي، لتوسيع الشراكات وتعزيز أطر التعاون، بما يفضي إلى تطوير الفرص المستقبلية بين الإمارات وكينيا. كذلك تدعم مثل هذه الشراكات الاستقرار في كينيا وتعزِّز قدرات حكومتها من خلال أدوات منها المساهمة في تطوير الخدمات الحكومية، والمبادرات الاستباقية، وتدشين برامج بناء قدرات موظفي الخدمات الحكومية، عبر اعتماد المعايير العالمية وتطوير السياسات العامة وتعزيز ريادة الأعمال والتنمية الاقتصادية المستدامة. وتستهدف توجهات وسياسات دولة الإمارات تطوير مسارات التعاون مع كينيا ودعم بنيتها المؤسسية وفق منظور لا ينفصل عن سياقات السياسات الإماراتية حيال مختلف الدول الإفريقية، والتي ترتكز على استراتيجيات «الربح المتبادل»، وهو ما تجسده بنود الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وكينيا التي تم التوصل إليها في فبراير الماضي. تعكس هذه الشراكة الواعدة رهان دولة الإمارات وغايتها في بناء زخم تجاري بين الدولتين، لا سيما في ظل المسار المتصاعد لحجم التبادل التجاري غير النفطي الذي سجل نمواً بنسبة 26.4% في عام 2023 ليصل إلى أكثر من 3 مليارات دولار، مقابل 2.4 مليار في عام 2022، الأمر الذي يتسق مع تصريح معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، حيث أكد تطلع الإمارات إلى توسيع التعاون بين الدولتين في قطاعات شتى؛ منها مجالات إنتاج الأغذية والتعدين والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية. وفي هذا السياق، أبرمت وزارة الاستثمار في دولة الإمارات ووزارة الإعلام والاتصالات والاقتصاد الرقمي في كينيا، أبريل الماضي، مذكرة تفاهم لإرساء أسس التعاون الاستثماري بين البلدين في قطاع البنية التحتية الرقمية والتكنولوجيا، كما يشمل التعاون البحث والتطوير في مشاريع مراكز البيانات، والذكاء الاصطناعي، مع تقديم حوافز لدعم المبادرات والمشاريع الاستثمارية في الاقتصاد الرقمي الذي يمكن أن يصبح محركاً رئيسياً للنمو في كافة الصناعات الأخرى، ما يشكل ويحدد رؤية واضحة للمستقبل أساسها الرخاء والتقدم. إن التحديات التي تواجهها العديد من الدول الأفريقية، تلقى استجابة فورية من مختلف مؤسسات دولة الإمارات عبر تحركات نوعية ودبلوماسية ومبادرات إنسانية ترتكز على تحقيق المصالح المشتركة ودعم الشعوب الأفريقية وتنمية كوادرها، من خلال برامج مؤسسية تستهدف تطوير الروابط المشتركة وتعزيز مناعة الدول الأفريقية في مواجهة المهددات وتنمية قدراتها في المجالات الإدارية والاقتصادية والأمنية. *عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
مشاركة :