قال مسؤولون إن السودان يُعاني للعام الثاني على التوالي من تفشي الكوليرا والذي تسبب في وفاة 28 شخصاً على الأقل الشهر الماضي، وذلك وسط هطول الأمطار في مناطق تكتظ بالنازحين جراء الحرب المستمرة منذ 16 شهراً في البلاد. وقال شبل السحباني، مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في السودان لرويترز في مدينة بورتسودان إن البلاد سجلت 658 إصابة بالكوليرا في خمس ولايات منذ بداية الموجة الحالية من التفشي في يوليو. وأضاف السحباني أنه مع انهيار أو دمار معظم البنية التحتية الصحية في البلاد وتقلص عدد الموظفين بسبب النزوح، توفي نحو 4.3 بالمئة من المصابين، وهو معدل مرتفع مقارنة بتفشي أمراض أخرى. وذكر أن نحو 200 ألف شخص معرضون لخطر الإصابة بالمرض. وتسببت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم وشردت أكثر من 10 ملايين داخل السودان وخارجه. ويواجه السودان تفشياً لخمسة أمراض مختلفة بشكل متزامن منها حمى الضنك والحصبة. وتقدمت قوات الدعم السريع عبر مساحات واسعة من السودان حيث انقطعت المساعدات عن السكان بسبب عرقلة الجيش لوصولها ونهب جنود قوات الدعم السريع للإمدادات والمستشفيات. وتعقدت جهود توصيل المساعدات إلى منطقة دارفور في غرب البلاد بسبب الأمطار. وحذر خبراء دوليون من مجاعة في مخيم زمزم بدارفور، وهي منطقة غمرتها الأمطار وعرضة بشكل كبير لتفشي الكوليرا. وقال وزير الصحة هيثم محمد إبراهيم إن حوالي 12 ألف إصابة وأكثر من 350 وفاة سجلت في موجة الكوليرا السابقة بين أكتوبر 2023 ومايو 2024، مضيفاً أن لم يكن هناك تفش كبير في السنوات التسع التي سبقت الحرب. ويتركز التفشي الحالي في ولايتي كسلا والقضارف اللتين تؤويان 1.2 مليون نازح. وفي القضارف، التقطت عدسات مراسل رويترز صوراً لتجمع الحشرات عند برك المياه واختلاط مياه الأمطار الراكدة بالنفايات في برك كبيرة. وقال مسؤول محلي إن الغالبية العظمى من الأمراض سببها الحشرات وتدني جودة المياه والصرف الصحي. ويلجأ العديد من الفارين من هجمات قوات الدعم السريع إلى مراكز إيواء مؤقتة ومزدحمة فاضت فيها مياه الصرف الصحي من المراحيض بسبب استمرار هطول الأمطار الغزيرة على غير المعتاد. وتنتقل الكوليرا عن طريق الطعام والمياه الملوثين ببراز شخص مصاب وتنتشر في مثل هذه الظروف. وقال السحباني إن ولايات، مثل الخرطوم والجزيرة، الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع إلى حد كبير شهدت أيضاً حالات إصابة بالكوليرا، ومن المرجح أن تتعرض ولايات في منطقتي كردفان ودارفور لتفشي المرض. وأضاف أن «التحدي يكمن في توصيل الإمدادات إلى المناطق حيث تمس الحاجة إليها، فبسبب موسم الأمطار أصبحت طرق كثيرة غير صالحة للاستخدام الآن، وتوجد أيضا قيود أمنية وبيروقراطية». وقال في إفادة صحفية عبر الإنترنت اليوم الجمعة إن مجموعة التنسيق الدولية المعنية بتوفير اللقاحات وافقت على تسليم السودان 455 ألف جرعة من لقاح الكوليرا، واعتبر ذلك أنباء سارة وسط الأزمة الطاحنة. وذكر إبراهيم أن الحكومة الموالية للجيش اتخذت تدابير غير تقليدية تضمنت الإسقاط الجوي في محاولة لتوصيل اللقاحات والإمدادات إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع وكذلك المناطق المعزولة التي يسيطر عليها الجيش. وأكد المسؤولان أن احتياجات السودان تفوق بكثير جهود الإغاثة خاصة وأن النداء الإنساني الذي أطلقته الأمم المتحدة لمساعدة البلاد لم يجمع سوى ثلث التمويل اللازم.
مشاركة :