وبعد أكثر من عشرة أشهر من الحرب التي دمّرت القطاع وخلّفت عشرات آلاف القتلى وتسببت بأزمة إنسانية كارثية، تستضيف القاهرة جولة مفاوضات جديدة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بوساطة من الولايات المتحدة وقطر ومصر. وأكدت واشنطن الجمعة أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي ايه" وليام بيرنز وصل الى القاهرة للمشاركة في المباحثات، متحدثة عن "تحقيق تقدم" في النقاشات التمهيدية التي تسبق المباحثات الموسعة. تجري المحادثات بعد جولة مماثلة عقدت في العاصمة القطرية الأسبوع الماضي، لم تحضرها حماس. وأعلن قيادي في الحركة السبت لوكالة فرانس برس أن "وفدا قياديا من حركة حماس يتوجه اليوم السبت الى العاصمة المصرية القاهرة، وسيلتقي... كبار المسؤولين في جهاز المخابرات المصرية بهدف الإطلاع على تطورات جولة المحادثات الجارية بشأن صفقة تبادل الأسرى واتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة". وشدد المصدر على أن هذه الزيارة "لا تعني المشاركة في جولة المفاوضات" التي تعقد بوساطة من الولايات المتحدة وقطر ومصر، سعيا لابرام اتفاق يتيح تحقيق هدنة في الحرب المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر، والافراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة مقابل معتقلين فلسطينيين. جولة "مفصلية" وأفاد مصدر مصري بأن جولة المفاوضات "الموسعة" ستنطلق الأحد بمشاركة مسؤولين مصريين وقطريين. وتحدث عن "مناقشات موسعة تجري في القاهرة الجمعة والسبت للإعداد لجولة مفاوضات موسعة تنطلق الأحد"، مشيرا الى أن واشنطن "تناقش مع الوسطاء مقترحات إضافية لسد الفجوات بين إسرائيل وحماس وآليات التنفيذ". ورأى أن جولة الأحد ستكون "مفصلية لبلورة اتفاق سيعلن عنه إذا نجحت واشنطن في الضغط على نتانياهو". وأكد مكتب نتانياهو هذا الأسبوع تمسكه بتحقيق "جميع أهداف الحرب" قبل وقف النار، معتبرا أن "هذا يتطلّب تأمين الحدود الجنوبية" للقطاع مع مصر. ويؤشر ذلك الى تمسّك إسرائيل بإبقاء قوات في غزة خصوصا عند الشريط الحدودي بين القطاع ومصر المعروف بـ"محور فيلادلفيا". وترفض حماس ذلك بشدة وتشدد على ضرورة الانسحاب الكامل. وكان مكتب نتانياهو أكد الخميس التزامه "بالمبدأ القائل بأن إسرائيل يجب أن تسيطر على ممر فيلادلفيا من أجل منع حماس من أن تعيد تسلّحها ما يسمح لها بأن ترتكب مجددا الفظائع التي ارتكبتها في 7 تشرين الأول/أكتوبر". وتتمسّك حماس بموقفها الداعي إلى التقيد بالمقترح وفق الصيغة التي أعلنها بايدن في 31 أيار/مايو، وأعلنت قبولها في مطلع تموز/يوليو. وينص المقترح على هدنة مدتها ستة أسابيع يصاحبها انسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة في غزة وإطلاق سراح رهائن خطفوا في 7 تشرين الأول/أكتوبر، ثم مرحلة ثانية تنتهي بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع. ورأى القيادي في حماس حسام بدران أن "إصرار نتانياهو على إبقاء قوات الاحتلال في محوري طريق الشهداء (نتساريم) وصلاح الدين والشريط الحدودي مع مصر (فيلادلفيا) يعكس نوايا الاحتلال في مواصلة العدوان وحرب الابادة وعدم التوصل لاتفاق نهائي". وأكد لفرانس برس الجمعة "لن نقبل بأقل من انسحاب قوات الاحتلال بما في ذلك محور فيلادلفيا ونتساريم"، وأن واشنطن "تتحمل مسؤولية الضغط عليه لتحقيق وقف إطلاق النار". ومع تواصل المعارك، يتضاءل احتمال التوصل الى هدنة بالنسبة لكثيرين. ومن هؤلاء عائلات الرهائن الذين التقى وفد منهم نتانياهو الجمعة لحثّه على إبرام اتفاق. وأعربت ابنة أحدهم عن شعورها بأن الاتفاق ليس وشيكا. وقالت إيلا بن عامي التي خُطف والدها أوهاد في الهجوم، في بيان صادر عن منتدى عائلات الرهائن "غادرت بانطباع ثقيل وصعب بأن هذا لن يتمّ قريبا". - القضاء على حماس- وأسفر هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر عن مقتل 1199 شخصا، معظمهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية. وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 105 منهم محتجزين في غزة، بينهم 34 أعلن الجيش وفاتهم. وتوعد نتانياهو بـ"القضاء" على حماس ويشن الجيش منذ ذلك الحين قصفا مدمرا وعمليات برية في قطاع غزة، ما تسبب بمقتل ما لا يقل عن 40334 شخصا وفقا لوزارة الصحة التابعة حماس التي لا تذكر تفاصيل بشأن عدد القتلى المدنيين والمقاتلين. وتقول الأمم المتحدة إن معظم القتلى من النساء والقصّر. وفي قطاع غزة المحاصر والمدمر والذي يعاني كارثة إنسانية تهدد سكانه البالغ عددهم حوالى 2,4 مليون نسمة، أعلن الدفاع المدني السبت عن 14 قتيلا بينهم أربعة أطفال وأربع نساء في غارات إسرائيلية على القطاع. وقتل 11 شخصا منهم في قصف منزل في خان يونس جنوب القطاع، بحسب مصدر طبي. وأكد مراسلو فرانس برس والدفاع المدني دوي غارات جوية وضربات مدفعية في مناطق مختلفة من القطاع. كما دارت معارك بين جنود إسرائيليين ومسلحين فلسطينيين في مدينة غزة شمالا. من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه "خلال اليوم الماضي، تم القضاء على العشرات من الإرهابيين في مواجهات عن قرب وضربات جوية إسرائيلية في منطقة تل السلطان في رفح" أقصى جنوب القطاع. وبحسب الجيش فإن قواته "بدأت أمس عملية مستهدفة البنية التحتية للإرهاب في منطقة مدينة غزة (..) حتى الآن، قاموا بالقضاء على عدد من الإرهابيين وتفكيك مواقع البنية التحتية للإرهاب". ويخشى المجتمع الدولي من تصعيد عسكري إقليمي أكبر بعد توعّد إيران وحزب الله بالردّ على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في 31 تموز/يوليو في طهران المنسوب إلى إسرائيل، واغتيال القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت في ضربة إسرائيلية.
مشاركة :