مدير "طب النوم" بجامعة المؤسس لـ"اليوم": السهر لا ينقص الوزن ويضر بالمناعة

  • 8/24/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أكد استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم مدير مركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور سراج عمر ولي لـ ”اليوم“، أن هناك مشاكل عديدة تترتب على عدم النوم الصحي وجودته. وبين أن من أخطر المشاكل التي تهدد الصحة هي السهر الطويل، أي تأخير وقت النوم إلى ساعات متأخرة من الليل، وهذا يؤدي إلى خلل في إيقاع الساعة البيولوجية «ساعة داخلية تنظم بعض الوظائف البيولوجية» للجسم. وأوضح أن إيقاع الساعة البيولوجية ينطوي على اليقظة خلال النهار والنوم ليلًا؛ حيث يؤدي اضطرابها إلى اضطراب إنتاج الميلاتونين "هرمون في الجسم يساعد على تنظيم النوم ويتأثر إنتاجه بأشعة الشمس". وفيما يلي نص الحوار: بداية وبصفتكم أحد المتخصصين في اضطرابات النوم، ما الأهمية التي يشكلها النوم في حياة الانسان؟ يلعب النوم دورًا رئيسًا في صحة الفرد وهو بنفس أهمية الأكل والشرب والتنفس، وعند بقاء الشخص مستيقظًا لمدة طويلة ينبه نظام توازن النوم واليقظة والساعة البيولوجية الجسم بحاجته إلى النوم، ويساعد الجسم على أخذ ساعات كافية من النوم خلال الليل ليستعيد نشاطه خلال النهار. ومن المهم أن يكون النوم مبكرًان فذلك يساعد النوم المبكر على تعزيز وظائف الدماغ وزيادة الانتباه والتركيز أثناء اليوم، وتعزيز صحة القلب والأوعية الدموية، وخفض مخاطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، بجانب تنظيم إفراز الهرمونات المهمة، ما يؤثر بشكل إيجابي على النمو والصحة العامة. مراحل النوم هل هناك مراحل يمر بها الفرد عند نومه؟ يمر الفرد أثناء نومه بمرحلتين، إذ تحدث عدة أمور في كل مرحلة وهي أولًا: النوم العميق، وفي هذه المرحلة يزداد تدفق الدم إلى العضلات، وتتم عملية صيانة الجسم ونمو الأنسجة، وإعداده للنشاط في اليوم التالي، وإفراز الهرمونات المهمة لعملية النمو والتطور. وثانياً: مرحلة نوم حركة العين السريعة «النوم الريمي»، وفي هذه المرحلة ينشط المخ وتبدأ الأحلام، ويكون الجسم غير قادر على الحركة، وتكون نبضات القلب مضطربة وكذلك التنفس، ويحتاج الجسم إلى المرور بكلا المرحلتين ليحصل على نوم صحي، فالذين تتم مقاطعة نومهم بشكل متكرر قد لا يحصلون على كفايتهم من بعض مراحل النوم يقودني السؤال السابق إلى معرفة كيفية تحقيق ”جودة النوم“؟ هناك بعض النصائح المهمة، منها الالتزام بوقت محدد وثابت للنوم والاستيقاظ، خلق بيئة نوم مريحة وباردة ومظلمة وهادئة، تجنب تناول الكافيين في فترات المساء، تجنب تناول المأكولات الثقيلة قبل النوم، ممارسة الرياضة بشكل منتظم في وقت مبكر من اليوم. إضافة إلى تجنب الذهاب إلى السرير عند عدم الشعور بالنعاس، وعند عدم القدرة على النوم خلال 20 دقيقة يجب ترك الفراش والقيام بنشاط خفيف، وتجنب أخذ قيلولة بعد الساعة 3 مساء، وتجنب أداء المهمات والواجبات الدراسية في نهاية اليوم، وتجنب المحفزات وقت النوم "مثل: الجوال، الأنشطة التلفزيونية، واستخدام الحاسوب، والألعاب الإلكترونية". كما ينصح بكتابة قائمة المهمات قبل الخلود إلى النوم للتقليل من التفكير فيها خلال النوم، الحرص على ممارسة أنشطة خفيفة وهادئة في المساء. السهر يضر بالمناعة ما مدى صحة أن عدم النوم الصحي يؤثر على الجهاز المناعي؟ نعم هذا صحيح، فالنوم الصحي ليلاً والاستيقاظ مبكراً يعزز عمل الجهاز المناعي، الذي ينتج أثناء النوم مواد وقائية لمكافحة العدوى، ومن هذه المواد السيتوكينات التي تستخدم في مكافحة البكتيريا والفايروسات، وتساعد على النوم، وتمد الجهاز المناعي بالطاقة اللازمة للدفاع عن الجسم ضد المرض، بينما نقص أو سوء النوم قد يمنع الجهاز المناعي من بناء نفسه، واستعادة قوته، ما يؤدي إلى ضعفه في مكافحة الأمراض، وقد يستغرق الشخص وقتاً أطول من العادة حتى يشفى من المرض. ما هي الأهمية التي يشكلها تشخيص اضطرابات النوم؟ بعض اضطرابات النوم الشائعة التي إذا تجاوزت أعراضها وحدودها تستوجب التشخيص المبكر للحصول على العلاج اللازم ومنها: الأرق، وهو حالة تتميز بصعوبة خلود الإنسان إلى نومه، أو صعوبة البقاء مستغرقا فيه، أو كليهما. وهناك انقطاع التنفس النومي «أو أثناء النوم»، وهو اضطراب يحدث حين ينسد مجرى التنفس بشكل متكرر أثناء النوم، وأيضا النوم القهري، وينطوي على ”هجمات نوم“ أثناء النهار، وهذه تتسم بالنعاس الفجائي والشديد، أو النّوم بدون سابق إنذار. وبجانب ذلك هناك متلازمة تململ الساق، إذ تولد لدى الفرد إحساسا بأنه يحتاج لتحريك ساقيه باستمرار، حتى عند النوم. ماذا تقصدون بـ ”تململ الساقين“ وما هو علاجه؟ تململ الساقين هو تململ وتحريك الأرجل بصورة متكررة ولا إرادية، وكثيرا ما يكون مصحوباً بتنميل أو حكة في الرجلين، ورغم أن هذه الحالة عادة ما تؤثر على الأرجل بصورة أساسية، إلا أنها يمكن أن تصيب الأيدي أيضاً، وهي غالباً ما تصيب الأصحاء، ولكنها غير مرتبطة بالاضطرابات النفسية والعصبية. وتحدث متلازمة تململ الساقين أثناء اليقظة، ولكنها تؤثر على مقدرة الشخص على الدخول في النوم، فالحاجة الدائمة لتمديد أو تحريك الأرجل للتخلص من تلك الأحاسيس المزعجة قد تمنع الشخص المصاب من النوم. وعلى العكس من ذلك تجد أن بعض المرضى يخلدون إلى النوم بسرعة، ولكنهم سرعان ما يستيقظون بسبب آلام الأرجل التي تجبرهم على القيام والمشي قليلاً للتخلص من هذا الشعور، نتيجة لذلك فإن الأرق هو الصفة الشائعة والشكوى الأساسية عند مرضى تململ الساقين، وفي الحالات الشديدة جداً قد يصاب المريض بإحباط شديد واضطرابات نفسية. وأول خطوة لعلاج متلازمة تململ الساقين هي تحديد ما إذا كان لبعض العوامل كالأمراض - مثل نقص الحديد أو السكري - أو استخدام مضادات الاكتئاب تأثير على أعراض المريض، ومن ثم محاولة إزالتها أو تخفيفها أولاً. ثم بعد ذلك يأتي دور العلاج المنزلي قبل اللجوء إلى العقاقير الطبية، ويمكن أن يكون العلاج المنزلي فاعلا مع بعض المرضى، وتتضمن هذه العلاجات الاستحمام الساخن، تدليك الأرجل، الضمادات الساخنة، الأسبرين أو مسكنات الألم، والتمارين المتكررة، والتقليل من الكافيين. وعلى أي حال ففي بعض الأحيان لا تكون العلاجات المنزلية مفيدة، وعندئذ يلجأ الأطباء إلى استخدام الأدوية التي يمكن أن تكون مفيدة لمرضى الأرجل غير المضطربة ومتلازمة الأطراف الدورية على حد سواء. الميلاتونين سر النوم هناك عدم اهتمام من البعض بأهمية هرمون الميلاتونين بسبب السهر الطويل، فما رأيكم؟ هرمون الميلاتونين يعتبر من أهم الهرمونات لضبط الساعة البيولوجية عند الإنسان، فالغالبية العظمى من الكبار والصغار يحرمون أنفسهم من هذا الهرمون المهم خلال ساعات النوم الليلية عبر السهر لساعات طويلة إلى ما بعد الفجر. فالميلاتونين هرمون موجود بشكل طبيعي في الجسم، وينتج من الغدة الصنوبرية في الدماغ، ويلعب دورًا مهمًا في تنظيم دورة النوم لدى الإنسان، ويفرز ليلاً وتكون في أعلى مستوياتها في ساعات الليل المتأخرة «3 إلى 4 صباحًا»، أي نحو 3 ساعات بعد الدخول في النوم، ثم يبدأ في الانخفاض تدريجيًا استعدادًا للاستيقاظ، إذ يرتبط الارتفاع اليومي في إفراز الميلاتونين بانتظام أوقات النوم، ويصبح موعد إفراز هرمون الميلاتونين قبل ساعتين من موعد النوم المعتاد عليه. فوظيفة الميلاتونين الرئيسية في الجسم هي تنظيم دورات الليل والنهار أو دورات النوم والاستيقاظ، ويكون الظلام سببًا في إنتاج الجسم للمزيد من الميلاتونين، ما يشير إلى استعداد الجسم للنوم ورغبته فيه، وفي المقابل يقلل الضوء من إنتاج الميلاتونين وهذا يساعد الجسم للاستعداد للاستيقاظ، فيما يعاني بعض الأشخاص الذين يعانون بسبب صعوبة في النوم من انخفاض مستويات الميلاتونين، ويُعتقد أن إضافة الميلاتونين من المكملات الغذائية قد يساعدهم على النوم. ما مدى صحة أن الأشخاص الذين يرغبون في إنقاص الوزن قد لا يستفيدون من الرياضة في حال نقص ساعات نومهم؟ الأشخاص الذين يعانون من نقص واضح في ساعات نومهم لا يفقدون الوزن بسهولة، بل إن بعضهم قد يكون يمارس الرياضة بانتظام، ويلتزم بنظام غذائي قليل السعرات، إلا أنه لا يفقد وزنه، ما يشعره بعدم جدوى ما يفعله فيدخل في دوامة اليأس والإحباط، ويزهد في الرياضة، ويتوقف عن الالتزام بنظام غذائي فيزيد وزنه أكثر، ويفقد الأمل في الوصول إلى وزن مناسب، ويصل إلى نقطة اللا عودة فقط بسبب قلة النوم. لذا يعتبر النوم الصحي بالساعات المطلوبة من أهم الضروريات الصحية للإنسان، حتى تعمل جميع العمليات الحيوية داخل جسمه بالشكل الصحيح وأهمها إفراز الهرمونات التي تحدث خلال فترة النوم وفي سكون الظلام. وماذا عن مركز ”طب وبحوث النوم“ الذي تشرفون عليه؟ مركز طب وبحوث النوم هو مركز متخصص في دراسة وتشخيص ومن ثم علاج اضطرابات النوم السائدة في مجتمعنا، وأهم ما يميز المركز وجوده في مستشفى جامعة الملك عبدالعزيز، ما يتيح للطبيب المعالج الاستعانة بجميع الموارد البشرية والتشخيصية الموجودة في المستشفى لضمان تلقي المريض رعاية شاملة وعلى أعلى مستوى من الجودة، إضافة إلى خدماته التشخيصية والعلاجية. فالمركز يهدف لنشر الوعي الصحي عن اضطرابات النوم في المجتمع، وذلك عن طريق عقد المنتديات والفعاليات التثقيفية، والعمل على إنتاج كوادر صحية مدربة من أطباء وفنيين في مجال طب النوم لخدمة مجتمعنا والرقي به، وبالتالي مجاراة المراكز العالمية. كما يسعى إلى تحقيق أهداف عديدة منها خدمة المجتمع بتوفير مركز متطور لتشخيص وعلاج اضطرابات النوم، تقييم حجم التأثير الصحي لاضطرابات النوم على المجتمع، العمل على الحد من الحوادث وخصوصا المرورية الناتجة عن فرط النوم بعد التشخيص والعلاج، رفع مستوى الوعي الصحي باضطرابات النوم لدى الأطباء وطلبة وطالبات الطب خاصة والمجتمع عامة، إعداد فنيين وأطباء من الشباب السعودي في مجال طب النوم. وبجانب ذلك هناك جوانب مهمة للمركز، كإجراء الدراسات وعقد المؤتمرات ونشاطات التوعية للمجتمع من خلال تنظيم حملات توعوية عن اضطرابات النوم، بالإضافة إلى تصميم عدة فيديوهات تثقيفية. نوم أصحاب الورديات يعاني معظم العاملين على نظام ”الورديات“ من مشكلة عدم انتظام نومهم فما هو الحل؟ تعاني هذه الفئة ومع ظروف عملهم عادة من نقص ساعات النوم، إذ يبلغ متوسط عدد ساعات نومهم 2-4 ساعات أقل من العاملين خلال النهار، وهناك عاملاً آخر يؤثر عليهم وهو أن نوم النهار مع وجود الضوء والضجيج عادة ما يكون أقل راحة وجودة، وبالتالي فإن قلة النوم والأرق أمران شائعان لدى عاملي الورديات. ويمكن أن تزداد مشكلات النوم التي يواجهها العاملون بهذا النظام سوءاً في حالة وجود سبب آخر لاضطراب النوم مثل انقطاع التنفس أثناء النوم، أو بسبب وجود التزامات أخرى تزيد من ضغط جدولهم الزمني؛ ما لا يسمح لهم بقسط كاف من النوم، والإيقاع اليومي هو الذي ينظم وظائف الجسم المختلفة، مثل: درجة الحرارة، ووقت الاستيقاظ والنعاس، والجوع، وكذلك إفراز معظم الهرمونات على مدار 24 ساعة، وأقوى رغبة نعاس عادة ما تحدث في البالغين الأصحاء خلال مرحلة محددة من إيقاع الساعة البيولوجية، وهناك 7 نقاط مهمة في هذا الجانب، وهي: أولاً: مواعيد العمل، إن أفضل جدول عمل زمني هو الذي يتيح النوم خارج ساعات الخدمة واليقظة أثناءها، فالجداول التي تتماشى مع إيقاع الساعة البيولوجية عن طريق تحريك النوبات في اتجاه عقارب الساعة يؤدي إلى زيادة الإنتاجية والارتياح. ثانياً: مواعيد النوم، يجب على الذين يعملون بنوبات ليلية بشكل دائم الحفاظ على جدول نوم منتظم 7 أيام في الأسبوع حتى في أيام التوقف عن العمل، فالذين يعملون بنظام نوبات متغيرة بإمكانهم محاولة تعديل جدول نومهم بطريقة تمكنهم من التكيف بسهولة أكبر في وقت التحول الجديد عندما يحدث، «على سبيل المثال في الأيام الأخيرة من أوقات النوم المسائي يمكن لهم أن يؤخروا أوقات نومهم واستيقاظهم بمعدل ساعة إلى ساعتين». أما الذين يعملون بمناوبة تحت الطلب لديهم مشكلات مختلفة - نوعا ما - بحيث لا يمكنهم التنبؤ بجداولهم لتخطيط نومهم؛ وبالتالي ينبغي عليهم أن يكونوا في حالة راحة دائمة بأخذهم غفوات من النوم عند استطاعتهم. ثالثًا: الأدوية المنومة، غالباً ما تستخدم الأدوية المنومة من قبل الذين يعملون بنظام نوبات لتجاوز الوقت، وجعل أنفسهم قادرين على النوم، على الرغم من أن الحبوب المنومة قد تقدم المساعدة، إلا أنها لا تعالج السبب الحقيقي للمشكلات في النوم، وهناك عيوب لاستخدام هذه الأدوية وهي الآثار الجانبية، كما يؤدي استخدامها لوقت طويل إلى زوال تأثيرها مع التعود على تناولها، استمرار ضعف درجة التركيز والعطاء أثناء العمل بالرغم من تحسن مدة النوم. رابعاً: المنشطات، أظهرت الدراسات بأن استخدام المنشطات - مثل الكافيين - يمكن أن تقلل من النعاس، وتحسّن من درجة الإدراك والوعي أثناء العمل، ولكن ينبغي تجنبها خلال 4 ساعات من وقت النوم المطلوب. خامساً: الميلاتونين، إن دورة النوم والاستيقاظ تؤثر على إنتاج الميلاتونين في الدماغ، وهناك بحث مستمر حول فعالية الميلاتونين في محاولة لإعادة توقيت دورات إيقاع الساعة البيولوجية لدى العاملين بنظام النوبات. سادساً: سلوكيات النوم السليمة، هناك تدابير وعلاجات للمساعدة على تعزيز النوم العميق مثل: النوم في ظلام وفي هدوء، استخدام غرفة النوم فقط للنوم، المحافظة على البرودة ودرجة حرارة مريحة لغرفة النوم، الاسترخاء قبل النوم. سابعاً: تدابير أخرى، يستحسن أن يتناول الفرد نسبة جيدة من البروتينات والكربوهيدرات في وجبات الطعام، وينبغي أن يتجنب الأطعمة المقلية التي يصعب هضمها، وعدم الذهاب إلى الفراش جائعاً أو بعد تناول وجبة دسمة.

مشاركة :