أعادت تصريحات دونالد ترمب خلال مقابلة أجراها مع بلومبرغ كجزء من حملته لاستعادة البيت الأبيض، ذكر في اللقاء أن الولايات المتحدة لديها مشكلة في العملة وذكر قوة العملة في العمق مقابل ضعف الين واليوان هائل، وكان ترمب في ولايته الأولى يواجه ضعف اليوان بفرض رسوم جمركية، رغم صرامة ترمب كانت النتيجة في المقابل عبئا هائلا على الشركات الأمريكية التي تحاول بيع سلعها في الخارج، لذلك يأخذ ترمب هذه الخطوة ضد الدولار على محمل الجد بسبب أن قوة الدولار المفرطة يلحق الضرر بالاقتصاد الأمريكي. هناك من يتفق مع ترمب كما أوضح محلل العملات في دويتشه بنك جورج سارافيلوس بأن الدولار لابد وأن ينخفض بنحو 40 في المائة لسد العجز التجاري في الولايات المتحدة مع العالم وبشكل خاص مع الصين، لكن يبدو هذا الهدف ضخما وخطيرا على الاستقرار المالي العالمي وفي داخل الولايات المتحدة بشكل خاص بل قد تفقد الدولار كعملة احتياطي عالمية، كما أوضح رئيس استراتيجية العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في يو بي إس شهاب غالينوس إنه لا توجد طريق واضحة للرئيس ترمب لاتخاذها لخفض قيمة الدولار، وأكد أن المشكلة الأساسية لا يوجد شعور بأن قيمة الدولار مبالغ في قيمته. لكن الاقتصاديون يتساءلون: هل يستطيع ترمب إذا فاز في الانتخابات يستطيع إضعاف العملة الاحتياطية المهيمنة في العالم؟، ووفقا لصحيفة فاينانشيال تايمز فإن إضعاف قيمة الدولار لن يتم دون تدمير الاقتصاد الأمريكي، والرئيس الأمريكي ليس مضطرا لذلك، فيما يرى مستثمرون أن خطة ترمب لخفض قيمة الدولار من غير المرجح أن تنجح سيجري تقويضها من خلال سياسات مثل التعريفات الجمركية وتخفيضات الضرائب، وستكون خطط خفض قيمة الدولار مكلفة وقصيرة الأجل، بل اعتبرت صحيفة فاينانشيال تايمز حتى الرسوم الجمركية سياسات شعبوية شأنها ان تعاكس تأثيرها، لأن ترمب أعلن أثناء الانتخابات أنه عازم إذا فاز ان يفرض رسوم جمركية بنحو 60 في المائة على الواردات الصينية ونحو 10 في المائة على الواردات الأخرى غير الصينية، لكن يعترض الاستراتيجيون الذين يرون أنه يشكل عبئا على العملات خارج الولايات المتحدة بسبب أن حجم التجارة عبر الحدود أكبر نسبيا من حجم اقتصاد الولايات المتحدة، مما يجعل الدول في الخارج تتجه نحو خفض أسعار الفائدة وأيضا خفض اليورو، كما أعلنت عن ذلك رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد. كما قدر رئيس أبحاث العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في ستاندرد تشارترد ستيف إنغلاندر أن التعريفات الجمركية قد ترفع الأسعار بنسبة 1.8 في المائة على مدى عامين، بل يرى رئيس النقد الأجنبي في مورغان ستانلي أن التعريفات الجمركية تقود إلى زيادة قوة الدولار خصوصا إذا أدى الانتقام من الشركاء التجاريين في شكل تعريفات جمركية إلى زيادة مخاطر النمو الإضافية للاقتصاد العالمي، أي أن إضعاف الدولار سيواجه المجتمع الأمريكي زيادة في أسعار السلع المستوردة، مما سيغذي التضخم، وقد يتجه الشركاء إلى إجراءات انتقامية مماثلة وهي الصيغة التي كانت عليها فترة ترمب في الولاية الأولى، ولن تنجح القومية الاقتصادية الذي يفكر ترمب في اتجاه واحد حول خفض الضرائب على المصنعين الأمريكيين مما يساهم في زيادة العجز المالي في الداخل الأمريكي، وهو يود في المقابل ان يفرض أعباء أكبر على المصنعين الأمريكيين في الخارج من أجل العودة إلى الداخل الأمريكي. لم تتم محاولة خفض قيمة الدولار منذ اتفاق بلازا في عام 1985 الذي حقق بعض النجاح، ولكنه كان مدعوما بانخفاض أسعار الفائدة في أميركا، لكن يمكن لترمب أن يضغط على بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، ومع ذلك يثير هذا التدخل قلق الأسواق لأنه يقوض استقلالية البنك المركزي، وهو بذلك يستخدم الدولار سلاحا خطوة تتصادم مع أجندته الاقتصادية الأوسع، ولا تخدم مسعاه في تعزيز التصنيع المحلي وخفض العجز التجاري الأمريكي. ** ** - أستاذ الجغرافيا الاقتصادية والسياسية سابقا بجامعة ام القرى
مشاركة :