يثير مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد في مصر تحفظات من جانب المحامين، الذين اعتبروا أن عددا من بنود المشروع لا تتسق والدستور، وتمس من حق الدفاع، منتقدين تجاهل الجهات المعنية لاعتراضاتهم. القاهرة - استأنفت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب المصري، الاثنين، مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، وسط اعتراضات عليه لاسيما من قبل المحامين، الذين يرون في بعض مواده ضربا للحريات وتقييدا لحق الدفاع. وعقدت اللجنة النيابية خلال الأيام القليلة الماضية عددا من الاجتماعات، وافقت خلالها على 170 مادة، وشارك في اجتماعات اللجنة وزير الشؤون النيابية والقانونية، وممثلون عن وزارتي العدل والداخلية، وممثلون عن مجلس القضاء الأعلى، والنيابة العامة، ونقابة المحامين، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وهيئة البريد المصري. وأبدى ممثلو نقابة المحامين تحفظات على عدد من البنود الخاصة بعمل المحامين وضمانات حمايتهم. وكشف محمود الداخلي، عضو مجلس نقابة المحامين وممثلها في لجنة صياغة مسودة المشروع المثير للجدل، خلال اجتماع عاجل عقده مجلس النقابة بمشاركة نقباء الفرعيات، عن تجاهل الأطراف المعنية لتحفظاتهم على المشروع. وقال إنه شارك في 85 جلسة بحضور كافة الجهات المعنية، منذ ترشيحه لتمثيل النقابة في مناقشات قانون الإجراءات الجنائية. محمود الداخلي: تفاجأت بعدم نظر الجهات المعنية في الاعتراضات محمود الداخلي: تفاجأت بعدم نظر الجهات المعنية في الاعتراضات وأوضح الداخلي أنه أبدى اعتراضا “على أي نصوص تضر مهنة المحاماة أو مصلحة المواطن، من منطلق الدستور الذي يضمن حقوق الدفاع للمحامين والتزاما بمصلحة الجمعية العمومية وقانون المحاماة”، مشيرا إلى أنه تفاجأ “بعدم نظر الجهات المعنية في الاعتراضات المقدمة سواء مني أو من باقي المشاركين”. وكان الداخلي، تقدم بمذكرة للجنة الدستورية والتشريعية، أكد فيها التحفظ على المواد: 15- 2/17 – 73 -74- 82- 99- 189 – 242. وأوضح في مذكرته أن تلك المواد لا تحقق آمال المحامين، “فضلا عن تقييد حق الدفاع، وتكميم أفواههم، وتعرضهم للتحقيق معهم في جرائم، بل وإلقاء القبض عليهم”، مشددا على أن “هذا مخالف لنصوص الدستور المنصوص عليها في المواد (54- 94- 99) فضلا عن النصوص والمواد الواردة بالقانون 17 لسنة 1983”. وشدد على أن “هذا الأمر يقلص دور مهنة المحاماة في مباشرة كافة الحقوق القانونية، وينشئ صراعات بين السلطات القضائية والنيابية والمحامين وغيرها من المؤسسات، فضلا عن الاعتداء على الحريات وتقييد حقوق الدفاع أمام القضاء والنيابات أيضا”. ووافق مجلس الوزراء المصري في اجتماع عقد في 22 أغسطس الجاري على مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد المعد من اللجنة الفرعية بمجلس النواب، واعتبره المجلس بديلاً عن جميع مشاريع تعديل قانون الإجراءات الجنائية السابق تقديمها من الحكومة إلى البرلمان. وكلف رئيس مجلس النواب المصري المستشار حنفي جبالي مؤخرا لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بعقد اجتماعات لمناقشة مشروع القانون الإجراءات الجنائية والانتهاء منه خلال الإجازة البرلمانية، استعدادًا لمناقشته بالجلسات العامة للمجلس النيابي بداية دور الانعقاد القادم الذي سيبدأ في أول أكتوبر 2024. أهمية قانون الإجراءات الجنائية تكمن في كونه ينظم الإجراءات التي يجب اتباعها في التحقيق والمحاكمة والفصل في القضايا الجنائية وتكمن أهمية قانون الإجراءات الجنائية في كونه ينظم الإجراءات التي يجب اتباعها في التحقيق والمحاكمة والفصل في القضايا الجنائية، وصدر القانون الحالي في أكتوبر من عام 1950، وخضع لعدة تعديلات خلال السنوات الماضية. وحاولت جهات حكومية الإيحاء بأن هناك توافقا سياسيا حول مشروع القانون الجديد وأنه جرى التوافق عليه خلال جلسات الحوار الوطني، لكن حقوقيين شاركوا في جلسات الحوار نفوا الأمر. وقال المحامي والحقوقي نجاد البرعي، إن الحوار الوطني ليست له علاقة بمشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي يناقشه مجلس النواب، والذي كان يعمل فيه قبل وقت طويل، مضيفًا أنه في جلسة الحبس الاحتياطي التي نظمها الحوار الوطني أشار بعض نواب البرلمان الحاضرين إلى مشروع القانون. وأضاف البرعي في تدوينة له عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “قال النواب حينها إن اللجنة الفرعية انتهت منه تقريبا وأن بعض ما نقوله متضمن فيه، فيما أشار أحمد راغب مقرر مساعد لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة بالحوار الوطني، وهو من أدار الجلسة، إلى أن المشروع يناقش بشكل سري فكيف يمكن أن نعرف ما تضمنه فلا نعيد طرحه وهو ما أثار حفيظه بعض النواب الحاضرين وعبروا عن ذلك علنا”. وتابع “عندما حضرت الاجتماع الذي كان قد دعي إليه رئيس مجلس النواب، قلت بالنص إن توصيات الحوار الوطني ستصل إلى مجلس النواب عن طريق الرئيس عبدالفتاح السيسي وأنني سأتكلم كمحام”. وأكمل “وأوضحت أن نصوص الحبس الاحتياطي والتحفظ على الأموال والمنع من السفر غير مرضية تماما وأنها عبارة عن تكرار لنصوص قانون الإجراءات الحالي، وتقريبا المشروع لم يأخذ في اعتباره الإجراءات التي تم اتخاذها ونتجت عنها مشكلة الحبس الاحتياطي والمنع من السفر وشرحتها تفصيلا وقلت أن أي نص لا يضع حدا أقصى لانتهاء النيابة من التحقيق في الجريمة وإصدار قرارها إما بالإحالة أو بالحفظ أو بأن لا وجه لأقامة الدعوة، لا يمكن اعتباره تقدما في طريق الحل”. وقال البرعي “في كل الأحوال فإن الحوار الوطني لم يتصد لقانون الإجراءات الجنائية الذي يقع في 550 مادة تقريبا وكل ما ناقشه هو الحبس الاحتياطي والمنع من السفر فقط وبالتالي لا يجوز ربط الحوار الوطني بمشروع قانون الإجراءات الجنائية المطروح للمناقشة”. وانتقد النائب إيهاب الطماوي، وكيل اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، التحفظات على قانون الإجراءات الجنائية. وقال الطماوي إن فلسفة القانون المقترح مرتبطة بالدستور الجديد في حين يقوم القانون القائم على دستور 23. واعتبر النائب أن القانون الجديد يتسق مع الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والفلسفة مختلفة، ومع المواثيق ذات الصلة بحقوق الإنسان. وأضاف وكيل اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب أن “هناك من يهاجم مشروع القانون لأسباب شخصية ويجب أن نتجه في قراءة القانون لتحقيق الصالح العام ورئيس اللجنة المستشار ابراهيم الهنيدي قال مرارا وتكرارا إن اللجنة منفتحة على كافة الآراء والأطروحات. ورأى الطماوي أن “التشكيك في القانون ليس تشكيكا في شخص أو مؤسسة واحدة بل من قام بهذا العمل يشكك في مجهود مؤسسات الدولة الوطنية البرلمان والحكومة والقضاء المستقل. وقال “القانون الجديد يراعي قواعد الجمهورية الجديدة وينظر للمصلحة الوطنية، واستطرد “أقول لمن يهاجم القانون أن يتخلى عن الأهداف الشخصية ويقدم المصلحة العامة والوطنية”.
مشاركة :