تشهد سوق السيارات الكهربائية العالمية تحوُّلا كبيرا، حيث تأتي الصين في طليعة هذا التحوُّل. وكانت الصين ذات يوم لاعبا جديدا في صناعة السيارات، وأصبحت الآن قوة في السيارات الكهربائية، متجاوزة عمالقة صناعة السيارات التقليديين وهي تضع معايير جديدة لمستقبل النقل. وذكر مقال نشره موقع "التصنيع اليوم في الهند" مؤخرا أن هذا الصعود لا يتعلق فقط بالأرقام، ولكن أيضا بالأهداف الاستراتيجية والابتكار والحجم الهائل لأعمال الشركات الصينية. وبينما نشهد صعود الصين السريع في مجال السيارات الكهربائية، يصبح من الضروري دراسة آثاره على اللاعبين العالميين الآخرين، وخاصة مصنعي السيارات الكهربائية في الهند. ولم يحدث صعود الصين في سوق السيارات الكهربائية العالمية بين عشية وضحاها، بل هو ناتج عن عقود من التخطيط الاستراتيجي والاستثمارات الضخمة والدعم الحكومي. وقد أصبحت شركات مثل "إن آي أو" و"بي واي دي" و"إكس بنغ" أسماء مألوفة في الصين والعالم، متحدية هيمنة العلامات التجارية التقليدية مثل "تيسلا". وأحد الدوافع الرئيسية وراء نجاح الصين هو التزام حكومتها الثابت بدعم صناعة السيارات الكهربائية. وأعطت ريادة الصين على سلسلة توريد البطاريات أيضا ميزة كبيرة لصناعة السيارات الكهربائية بها، وتمكنها من الحفاظ على انخفاض التكاليف مع ضمان إمدادات ثابتة من المكونات الحيوية. وتتوسع العلامات التجارية الصينية للسيارات الكهربائية بقوة في الأسواق العالمية. وعلى سبيل المثال، تفوقت "بي واي دي" على "تيسلا" لتصبح أكبر مصنع للسيارات الكهربائية في العالم من حيث المبيعات وهي تضع أنظارها الآن على أوروبا وأمريكا الشمالية والأسواق الناشئة. وتشق "إن آي أو" و"إكس بنغ" أيضا طريقها إلى أوروبا، مستفيدة من براعتها التكنولوجية وأسعارها التنافسية لجذب المستهلكين المهتمين بالبيئة. وتدعم هذا التوسع العالمي للشركات الصينية سلسلة توريد قوية وتكنولوجيا متقدمة وفهم عميق لتفضيلات المستهلكين. ولا يقدم مصنعو السيارات الكهربائية الصينيون سيارات كهربائية فحسب، بل يقدمون أيضا سيارات ذكية ومتصلة بالإنترنت وذاتية القيادة تجذب جمهورا عالميا مهتما بالتكنولوجيا. وأصبح دمج التكنولوجيا المتطورة، مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء واتصالات الجيل الخامس، سمة فريدة للسيارات الكهربائية الصينية، تميزها عن نظيراتها الغربية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن شركات السيارات الكهربائية الصينية بارعة في توطين منتجاتها لتلبية الاحتياجات المحددة للأسواق المختلفة. وكانت الهند، باعتبارها إحدى أكبر أسواق السيارات في العالم، بطيئة نسبيا في احتضان ثورة السيارات الكهربائية. وفي حين أن الحكومة الهندية قد وضعت أهدافا طموحة لاعتماد المركبات الكهربائية، فإن الواقع أكثر تعقيدا. وأدى الافتقار إلى البنية التحتية الكافية للشحن، وارتفاع التكاليف الأولية، ووعي المستهلك المحدود إلى إعاقة نمو سوق السيارات الكهربائية الهندي. ويتقدم مصنعو السيارات الكهربائية الهنود مثل "تاتا موتورز" خطوات واسعة في السوق المحلية لكنهم يواجهون تحديات كبيرة في التنافس مع نظرائهم الصينيين. ولكن هذا لا يعني أن العلامات التجارية الهندية للسيارات الكهربائية قد خسرت السباق. وعلى العكس من ذلك، فإن صعود السيارات الكهربائية الصينية يوفر تجربة قيمة يمكن للمصنعين الهنود الاستفادة منها لتخطيط طريقهم إلى النجاح.
مشاركة :