رسائل ملكية لرسم خارطة الطريق للمرحلة المقبلة

  • 8/28/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في مشهد سياسي وأمني معقد يعيشه الشرق الأوسط، يبرز الأردن كحجر زاوية في الاستقرار الإقليمي، وهو دور لم يكن ليُحقق لولا القيادة الحصيفة والحازمة للملك عبدالله الثاني ابن الحسين ، في لقاء جلالة الملك مع نخبة من السياسيين والإعلاميين في قصر الحسينية، جرى توجيه رسائل سياسية واضحة تحمل في طياتها توجهاً صارماً نحو المستقبل، مرتكزاً على مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، في ظل التحديات الداخلية والإقليمية المتزايدة. أكد الملك عبدالله الثاني أن مسيرة التحديث الشاملة التي بدأها الأردن لن تتوقف، وأنها تعد بمثابة التزام وطني لا رجعة فيه ، فالتحديث ليس مجرد شعار، بل هو عملية مستمرة تهدف إلى الوصول إلى بيئة سياسية أكثر نضوجاً، حيث يلعب المواطنون دوراً حيوياً في اختيار ممثليهم بناءً على برامج واقعية تُقدمها الأحزاب ، هذا التحديث، الذي يُشكل حجر الأساس في رؤية الملك للمستقبل، يعكس إرادة قوية نحو تعزيز الديمقراطية التعددية والانتقال إلى مرحلة جديدة من الحياة السياسية الأردنية، تُبنى على أسس صلبة من الشفافية والكفاءة. من جهة أخرى، وضع الملك القضايا الاقتصادية في مقدمة الأولويات، مشدداً على أن تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، والحد من الفقر والبطالة، هي أهداف لا تقل أهمية عن الأهداف السياسية و في ظل هذه الرؤية، يرى الملك أن الاستقرار الاقتصادي هو البوابة لتحقيق الاستقرار السياسي، وأن جذب الاستثمارات وتمكين الشباب هما السبيل الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة. ان التأكيد على أهمية تنويع الاقتصاد وتعزيز التعاون مع الدول الإقليمية، مثل العراق ومصر وقبرص واليونان، يعكس سياسة خارجية تسعى لتوسيع دائرة الشراكات الاقتصادية بما يتجاوز الحدود الجغرافية التقليدية، وهي خطوة تُعزز من موقع الأردن كفاعل اقتصادي مهم في المنطقة، يُسهم في استقرارها ويستفيد من الفرص المتاحة رغم التحديات. اما في الشأن الإقليمي، جدد الملك عبدالله الثاني موقف الأردن الثابت تجاه القضية الفلسطينية، مُبرزاً رفض المملكة القاطع لمحاولات تهجير الفلسطينيين، ومحذراً من السياسات الإسرائيلية التي تسعى لفرض واقع جديد في القدس والأراضي الفلسطينية. هذه الرسائل الحازمة تأتي في سياق رؤية أردنية ترى أن الاستقرار في المنطقة لا يمكن أن يتحقق دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وهو موقف يعبر عن التزام تاريخي وديني تجاه القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية. كما دعا الملك المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف الحرب على غزة ووقف الإجراءات الأحادية في الضفة الغربية، مؤكداً أن الأردن لن يسمح بأن يكون أي تصعيد في المنطقة على حساب أمنه وسيادته ،هذا التأكيد على عدم المساس بأمن الأردن هو رسالة قوية لكل الأطراف الفاعلة في المنطقة، بأن الأردن تحت قيادة الملك عبدالله الثاني سيظل صامداً أمام أي محاولات لزعزعة استقراره أو النيل من سيادته. في إطار آخر، شدد الملك على أهمية دور الإعلام والسياسيين في مواجهة محاولات التشويش على الأردن. هذه الرسالة ليست مجرد دعوة للوقوف إلى جانب الدولة، بل هي تأكيد على الدور المحوري الذي يلعبه الإعلام في توجيه الرأي العام وتحصينه ضد حملات التشكيك والتضليل. ان الإعلام، بحسب رؤية الملك، هو خط دفاع حقيقي لا غنى عنه، خاصة في ظل ما يشهده العالم من اضطرابات سياسية وإعلامية. لقاء الملك عبدالله الثاني مع السياسيين والإعلاميين ليس حدثاً عابراً، بل هو محطة استراتيجية يتم من خلالها وضع ملامح المرحلة المقبلة للأردن ، ما بين التأكيد على التحديث الداخلي ودور الأردن الإقليمي، يظهر الملك قائداً يعرف تماماً ما يريد لوطنه ولأمته، ويقود بلاده بحنكة نحو مستقبل يتحدى الصعاب ويبني على المنجزات. هذه الرسائل الملكية ليست فقط توجيهات سياسية، بل هي دعوة لكل الأردنيين للوقوف معاً، للتكاتف في مواجهة التحديات، والعمل معاً لتحقيق رؤية الأردن القوي، القادر على تحويل التحديات إلى فرص، والاستمرار في دوره كركيزة أساسية للاستقرار في منطقة مضطربة. "الغد"

مشاركة :