عُقدت مساء اليوم الجلسة الرابعة من "ندوة الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على قاصديهما"، والمُقامة برحاب المسجد النبوي، التي تُنظمها رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي بالتعاون مع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، وبالشراكة الإعلامية مع وكالة الأنباء السعودية. وكان عنوان الجلسة التي حضرها العديد من أصحاب الفضيلة العلماء عن "أثر الفتوى في التيسير على المرأة الزائرة للمسجد النبوي وتطبيقاتها"، ورأَسَها معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور فهد بن سعد الماجد. وخلال الجلسة، تحدث الأستاذ المُشارك بالمعهد العالي للقضاء الشيخ الدكتور أحمد بن عبدالرحمن آل الشيخ، عن "تطبيقات فقه التيسير على فتاوى الزائرات بالمسجد النبوي"، وأشار إلى أن تعبير القرآن والسنة عن التيسير في 4 نقاط: التيسير، ورفع الحرج، ورفع الضرر، ورفع المشقة، وأنْ التيسير يشمل الدين كله، أصوله وفروعه، ظاهره وباطنه، وينتظم المكلفون كلهم، ذكورهم وإناثهم، إلا ما دل الدليل على التخصيص. وذكر أنَّ من التيسير مراعاة الأعراف والعادات في لباس الزائرة إذا كان موافقاً للضوابط العامة في لباس المرأة، وقال: إنَّ المرأة المسلمة مع أنها مُطالبة بالقرار في بيتها إلا أنها تحتاج من حين لآخر أن تشهد العبادات العظيمة, كالصلاة والتراويح والعيدين والجنائز, حتى تنشط في العبادة ولا يصيبها الملل، سارداً جملةً من التطبيقات في التيسير على الزائرات للمسجد النبوي مثل: الفتوى بجواز لبث الحائض في ساحات المسجد النبوي، ولو كان مسوراً، فإنه لم يُبن لجعل الساحات ضمن المسجد، وإنما أوجد للحماية الأمنية. وأبان أن من التيسير والتدابير المتعلقة بالزائرة للمسجد النبوي من الدولة -وفقها الله-، والمبنية على الشريعة الإسلامية، وتحافظ على خصوصية المرأة، وتحقق المحافظة عليها: تحديد أبواب خاصة بالمرأة في دخولها للمسجد وخروجها منه، والفاصل الكبير بين النساء والرجال في الصلاة، مؤكداً أن الدولة -سددها الله- يسرت سبل حصول الزائرات على الفتوى من أصحابها المؤهلين لها، فقامت بتوفير المرشدات والمعلمات في كل أرجاء المسجد النبوي، ويسرت ذلك أيضاً عن طريق الاتصال الهاتفي وعبر سبل التواصل الاجتماعي؛ ليسألن أهل الذكر، ويكونن على بصيرة من أمر عقائدهن وعباداتهن، وهذا من أحسن التيسير وأفضله. كما تحدث أستاذ الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية الشيخ الدكتور سليمان بن سليم الله الرحيلي عن "تفعيل مقاصد الشريعة في إفتاء زائرات المسجد النبوي"، مُبيناً أهمية الفتوى عموماً وفي الحرمين خصوصاً، العلاقة بين الفتوى ومقاصد الشريعة، وأهم المقاصد المؤثرة في إفتاء زائرات المسجد النبوي، مؤكداً أن الإفتاء منصب كبير، وعمل عظيم، يتولى صاحبه تعليم الناس أحكام دينهم، وتوضيح طريق الشرع لهم، وبيان الحلال والحرام، والجائز والممنوع، ويقوم مقام النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في وراثته لعلم الشريعة، وتبليغها للناس. وتابع: أن الناظر إلى الواقع والوقائع يدرك أن أهم المقاصد التي ينبغي تفعيلها في إفتاء زائرات المسجد النبوي مقصد التيسير الشرعي، وهو غير التساهل الذي تقدم ذمه والدين كله يسر، فقد أخبر الله تعالى أنه يريد إرادة شرعية بنا اليسر فقال سبحانه: [ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ ]، مُفيداً: والأصل أن الدين كله يسر إلا أنه قد يطرأ على المكلف عوارض تجعل الأمر شاقاً عليه مشقة خارجة عن المعتاد، فيخفف عنه تخفيفاً يُزيل عنه المشقة، فالمشقة تجلب التيسير وإذا ضاق الأمر اتسع وإذا اتسع ضاق. بدورها، تحدثت عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة الدكتورة أسماء بنت علي الحطاب، عن "دور المرأة في توجيه الزوار وإرشادهم (الفتوى نموذجاً)"، منوهةً بأهمية مشاركة المرأة في توجيه وإرشاد الزائرات، وأن وجود المرأة الموجهة والمفتية بين مجتمع الزائرات أمر ضروري؛ فللنساء أسئلتهن الخاصة التي يتحرجن من ذكرها للرجال، والموجهة تفهم من حال السائلة ومشاعرها وما في طيات كلامها ما لا يخطر على ذهن الرجل، مُشيرةً إلى أن وجود المرأة الموجِّهة والمفتية بين الزائرات؛ يجعلها تلاحظ النقص فتكمله، والخطأ فتصلحه، والمنكر فتنهى عنه، والجهل فترفعه -بإذن الله-. موضحةً أن العلماء لم يختلفوا في جواز أن تفتي المرأة غيرها، وأن تاريخ الإسلام حافل بسِير من تصدَّين للفتوى من النساء. وأشادت بمشاركة المرأة في توجيه وإرشاد النساء من خلال إدارة شؤون السائلين، التي خصصت عدة مواقع بالمسجد النبوي لاستقبال أسئلة الزائرات طوال العام، مع الإفادة من كراسي الدروس الموسمية، التي تتولى التدريس والإرشاد بها كفاءات علمية من معلمات كلية الحرم ومعهده، وعضوات هيئة التدريس بجامعة طيبة. وذكرت الدكتورة أسماء أن العاملات في حقل التوجيه والإرشاد بالمسجد النبوي قمن بحصر الأسئلة المتكررة من الزائرات في استبانة، استُخرجت أجوبتها من فتاوى هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء؛ وذلك لضبط الفتوى وتوحيدها، ولإيجاد مرجع قريب يكون زاداً للمفتيات والموجهات، مُثمنةً حرص رئاسة الشؤون الدينية على تطوير برنامج إرشاد السائلين، بالدورات التدريبية الموجهة للعاملات فيه، ومشيدةً بمبادرة (كرسي الأئمة للإفتاء وإجابة السائلين بالمسجد النبوي)، والتي يشارك فيها أئمة المسجد وخطباؤه الفتيا والتوجيه، داعية إلى توسيع نطاقها لتشمل الكفاءات العلمية بالمؤسسات التعليمية في المدينة المنورة.
مشاركة :