تأتي زيارة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إلى إيطاليا، في سياق نهج فريد اختطه سموه منذ عقود، ويقوم على التوجه إلى الأمم بخطاب حضاري عصري، يعتمد التفاعل المعرفي، والحوار الثقافي، والتواصل الإنساني. وقد حقق سموه، خلال مسيرته الزاخرة بالإنجازات، وفي سياق هذا النهج، الكثير من الإنجازات، التي تحسب للإمارات، وللشارقة على وجه الخصوص، وتمثل مكسباً للعالم المحب للخير والسلام، المتطلع إلى نهضة البشرية وتقدمها. ومن جهة أخرى، يعد هذا النهج، الذي اتسمت به توجهات سموه، مكوناً مؤسساً ورئيسياً في سياسة الإمارات وهويتها الوطنية، التي تولي أهمية كبرى إلى الدبلوماسية الثقافية والقوة الناعمة، في سياق التفاعل مع المحيط الجغرافي القريب، والاتصال بالشعوب والأمم البعيدة، الشريكة في الحضارة الإنسانية. ومن هذا المنطلق، فإن المكانة التي يتبوأها سموه في الأوساط الثقافية والمعرفية والعلمية والأكاديمية، ولدى النخبة المبدعة في العالم، تمثل بحد ذاتها قيمة مضافة، وإرثاً خاصاً قل نظيره، يؤسس لدور إماراتي بارز على الصعيد الحضاري عالمياً. حضور دولي في الواقع، فإن زيارة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي إلى إيطاليا، ليست الأولى من نوعها، فقد اعتاد العالم أن يكون سموه المحاور البارز، والباحث الحصيف، الذي يمثل الثقافة العربية والإسلامية، في كل المحافل الممكنة، التي يتحدث من خلالها بصوت الحكمة، وإعمال العقل، ونبذ التعصب والتزمت. ومن هنا، لطالما كان حضور سموه يعطي الصورة المشرقة الناصعة عن الدولة ونهجها الحضاري، ويعزز سياستها الخارجية القائمة على التعاون، وتعزيز الحوار بين الأمم والشعوب. إن المعاني العميقة، التي تنطوي عليها زيارة صاحب السمو إلى إيطاليا اليوم، تعيد التذكير بالأثر الطيب الذي تركته الكثير من الزيارات السابقة المماثلة، التي قام بها سموه، وتعددت وتنوعت وجهاتها. وكان فيها وخلالها أجدر محاور، وخير بانٍ لجسور التواصل مع الأمم والشعوب، وممثلاً فوق العادة للثقافة العربية الإسلامية. ومن نافلة القول إن رصيد سموه من مثل هذه الزيارات، ذات الثقل الثقافي، والمحمولات الحضارية، كثير وكبير، لدرجة أن ذكرها وتوصيفها يؤسس لأطلس كامل من العطاء المعرفي، والمبادرات الثقافية، التي تصحح النظرة المغلوطة إلى إرثنا وحاضرنا، وتمنحنا الفرصة في إعادة نسج الخيوط مع العصر وعلومه ومعارفه. إرث إنساني وحضاري لقد دشن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، خلال مسيرته الحافلة، العديد من محطات الحوار والتواصل في مختلف بقاع الأرض، ولدى شتى الأمم والشعوب، وشركاء الحضارة الإنسانية. وتعد زيارته إلى مكتبة الأمبروزيانا الإيطالية في مدينة ميلانو، واحدة من ألمع هذه المحطات؛ فهذه المكتبة، هي إحدى أعرق مكتبات العالم، حظيت مبكراً باهتمام سموه وتقديره، وهو ما تمت ترجمته بمبادرات التعاون التي وجه بها سموه سابقاً، وكان من ثمارها رقمنة أكثر من 2500 مخطوطة عربية نادرة يعود تاريخها إلى ما يزيد على 450 عاماً، وعرضها للمرة الأولى رقمياً على مستوى العالم من خلال المنصة الإلكترونية الخاصة بمكتبة الشارقة العامة التابعة لهيئة الشارقة للكتاب. إن عراقة مكتبة الأمبروزيانا الإيطالية، التي تجول سموه في أقسامها المتعددة، هي جزء من الإرث الحضاري الإنساني العالمي. وهي، بما تضمه من محتوياتٍ ثرية، وعاء معرفي كبير يضم إلى جانب أنفس المخطوطات والمجموعات التاريخية الإيطالية والغربية القيمة، مجموعة أخرى نادرة من المخطوطات العربية، التي تعد من الأفضل في العالم وأكثرها أهمية. وبهذا، فإن زيارة سموه مقر هذه المكتبة، إنما هي التفاتة حضارية إلى القواسم المشتركة، التي تجمعنا بشركائنا من أبناء الإنسانية الواحدة. كما أنها التفاتة سامية إلى تاريخنا وتراثنا واسهامنا الحضاري الكبير. شخصية موسوعية إن شخصية الحاكم القيادية، ونظرته الثاقبة في الحكم، لم يحجبا يوماً قامة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي مثقفاً من طراز رفيع، ومبدعاً متعدد الاهتمامات والنتاجات، ومحاوراً متمكناً. هذا ما يبدو في حضور سموه، في مثل زيارته الحالية إلى إيطاليا، التي حل فيها ضيفاً، حاكماً، ومثقفاً، ومبدعاً، ومحاوراً، يستنطق الإنسان والكتاب والثقافة، ويقود التواصل بين ممثلي الثقافات المختلفة إلى مسارات من الوعي والتفاعل الإيجابي، وهذا أثر كبير وجليل. ويجدر القول هنا، إنه ليس من السهل أن يضطلع إنسان ما، وحده، بمسؤولية محاورة ممثلي مختلف الثقافات الحية، على أكثر من صعيد، وفي مجالات متعددة، لكن سموه بفكره الموسوعي، وقاموس اهتماماته العابر للتخصصات والثقافات، وبشخصه الشغوف بالمعرفة، مثّل مؤسسة ثقافية عملاقة حيّة، دأبت تدشن بين الفينة والأخرى محطات الحوار الثقافي والتفاعل الحضاري، بمختلف الوسائل والأدوات؛ من الكتابة الأدبية والمسرحية، إلى الإنجازات البحثية، وكتب السيرة. وكذلك من دعم الآداب والفنون، وتواصل المبدعين العرب مع نظرائهم في الشرق والغرب، إلى بناء المؤسسات المعنية بالثقافة والتعليم والتبادل الحضاري. هذا الدور، الذي يضطلع به صاحب السمو، يمثل خير رافعة للدبلوماسية الثقافية والقوة الناعمة الإماراتية، اللتين تجدان في سموه وجهوده المباركة، خير معزز لهما، وأفضل محرك يقودهما نحو التفاعل والتواصل الخلاق مع الشعوب والأمم الأخرى. تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :