وتأتي الانتخابات في تورينغن وساكسونيا بعد نحو أسبوع على مقتل ثلاثة أشخاص في عملية طعن أقرّ مشتبه به سوري بتنفيذها وتبنّاها تنظيم الدولة الإسلامية، أثارت الجدل مجددا بشأن الهجرة في ألمانيا. وأظهرت استطلاعات الرأي تربع حزب البديل من أجل ألمانيا في الطليعة في تورينغن وحلوله في المركز الثاني بفارق بسيط في ساكسونيا، فيما توقعت نتيجة قوية لحزب "بي إس في" اليساري المتطرف الجديد. ولقي الحزبان قبولا شعبيا في المقاطعتين الواقعتين شرقا على خلفية انتقادهما للحكومة في برلين وللمساعدات العسكرية لأوكرانيا. ومن شأن تحقيق البديل من أجل ألمانيا فوزا انتخابيا، أن يكون منعطفا مهما للبلاد في حقبة ما بعد الحرب، وبمثابة توبيخ لشولتس قبل انتخابات عامة في 2025. وأظهرت الاستطلاعات في المقاطعتين أن الحزب الاشتراكي الديموقراطي بزعامة شولتس سيحصل على نحو 6 بالمئة من الأصوات، وخلفه بفارق كبير شريكاه في الائتلاف حزب الخضر والحزب الليبرالي. وحتى إن حلّ "البديل من أجل ألمانيا" في الطليعة، من غير المرجح أن يتولى السلطة الإقليمية لأن أحزابا أخرى استبعدت العمل مع اليمين المتطرف لتشكيل حكومة. وتغلق مراكز الاقتراع الساعة 18,00 (16,00 ت غ) على أن يبدأ بعد ذلك بقليل صدور النتائج الأولية. - صعود اليمين المتطرف - تأسس حزب البديل من أجل ألمانيا في 2013 كمجموعة مناهضة لليورو قبل أن يتحول إلى حزب معاد للهجرة. واستفاد من تشرذم التحالف الثلاثي في برلين ليكتسب شعبية في استطلاعات الرأي. وحقق الحزب نتيجة قياسية في الانتخابات الأوروبية في حزيران/يونيو، بحصوله على 15,9 بالمئة من الأصوات، ونتيجة جيدة بشكل خاص في شرق ألمانيا حيث خرج كأكبر قوة. أما تورينغن الريفية فهي المقاطعة الوحيدة حيث يتقدم حزب دي لينكه اليساري المتشدد، خليفة الحزب الشيوعي الحاكم في ألمانيا الشرقية سابقا. ومن المقرر أن تجرى في أيلول/سبتمبر، انتخابات في مقاطعة ثالثة بألمانيا الشرقية سابقا هي براندنبورغ، حيث تظهر الاستطلاعات تقدم حزب البديل من أجل المانيا مع 24 بالمئة من الأصوات. واعتبرت ماريانه نوير أستاذة السياسة في جامعة دريسدن للتكنولوجيا أنه على رغم اختلاف الصورة في كل مقاطعة، لكن "في كل الحالات، من الواضح بأن حزب البديل من أجل ألمانيا سيحشد عددا مهما جدا من الأصوات لصالحه". ووجد هذا الحزب دعما أقوى في الشرق حيث المزيد من الناخبين "يتعاطفون مع مواقفه القومية والاستبدادية" والعديد منهم غير راضين عن الأحزاب التقليدية، وفق نوير. وفي آخر اجتماع للحملة الانتخابية لـ"البديل من أجل ألمانيا" السبت في إرفورت عاصمة تورينغن، قال تورستن هنتسشه الناخب البالغ 52 عاما، إنه "يحلم بأغلبية مطلقة" لصالح الحزب. وأضاف "لكننا واقعيون. إن الحصول على 33 بالمئة على الأقل سيكون أمرا رائعا لأنه سيمنحنا أقلية معطِّلة في البرلمان (الإقليمي)". منافس جديد هيمن على الفترة التي سبقت التصويت في ساكسونيا وتورينغن استياء من الهجرة عقب هجوم بسكين أوقع قتلى في زولينغن (غرب). وكان من المقرر في مراحل سابقة أن يتمّ ترحيل المهاجم المفترض، وهو سوري يبلغ 26 عاما ويشتبه بارتباطه بتنظيم الدولة الإسلامية، لكنه أفلت من السلطات الى حين قيامه بتسليم نفسه بعد تنفيذه عملية الطعن. وسعت الحكومة إلى الاستجابة للإنذار بالإعلان عن ضوابط وقواعد أكثر صرامة بشأن حيازة السكاكين للمهاجرين غير الشرعيين في ألمانيا. وفي إحياء ذكرى ضحايا الهجوم الأحد شدد الرئيس فرانك فالتر شتاينماير على أن "غالبية الناس في بلدنا يريدون العيش معا بسلام في مجتمع يسترشد بالإنسانية وليس بالكراهية". وقال "يريد الإسلاميون المتطرفون تدمير ما نحبه: مجتمعنا المنفتح وطريقة حياتنا ومجتمعنا وحريتنا". والى جانب "البديل من أجل ألمانيا"، وجد "حزب بي إس في" قبولا من الجمهور في الولايات الشرقية لانتقاده الحكومة في برلين والمساعدات العسكرية التي تقدمها لأوكرانيا. وقد أسست السياسية اليسارية زهرا فاغنكنخت هذا الحزب في كانون الثاني/يناير بعد استقالتها من حزب دي لينكه. وهي تدعو إلى إحلال السلام مع روسيا والتشدد حيال الهجرة. حقق هذا الحزب نجاحا في الانتخابات الأوروبية في حزيران/يونيو وحصل على قرابة ستة بالمئة من أصوات الألمان. وحل ثالثا في استطلاعات الرأي في ساكسونيا وتورينغن. ورفضُ الأحزاب الأخرى العمل مع حزب البديل من أجل ألمانيا يجعل "حزب بي إس في" صانع ملوك محتمل في تورينغن وساكسونيا، رغم خلافات سياسة مهمة مع شركاء محتملين، وخاصة بشأن أوكرانيا.
مشاركة :