اتخذت السلطات المغربية خطوة مهمة على صعيد تعليم الأطفال ذوي الإعاقة، بشكل يضمن كرامتهم واندماجهم في المجتمع ويساند أسرهم التي تعاني أغلبيتها من وضعيات صعبة ويصعب عليها تأمين احتياجاتهم التعليمية. الرباط – يهتم المغرب بالأطفال الذين يعانون من وضعية إعاقة، وإدماجهم في المجتمع بصورة تليق بهم وتحافظ على كرامتهم من خلال دعم وضمان فرصهم في التربية والتعليم والتكوين، واحترام مبدأ تكافؤ الفرص بين كافة فئات المجتمع، وذلك للارتقاء بالوضع الاجتماعي لهؤلاء الأطفال، وهو ما تترجمه العديد من البرامج التي تهدف إلى تقديم الأفضل لهذه الفئة. وأعلنت وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، استمرار تقديم خدمات برامج تدريس الأطفال ذوي الإعاقة خلال الموسم الدراسي 2024-2025، من خلال صندوق دعم الحماية والتماسك الاجتماعي، بالتعاون مع كافة القطاعات الحكومية المعنية، وجمعيات المجتمع المدني المتخصصة في تدريس وإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة، ما يعزز حماية حقوق هؤلاء الأطفال، ويخفف العبء عن أسرهم، ويوفر لهم فرصًا متكافئة في التربية والتعليم والتكوين والإدماج، ويعزز تكافؤ الفرص بين جميع فئات المجتمع. وأشارت الوزارة، إلى أن هذه المرحلة الانتقالية المحددة بسنة واحدة ستكون بإشراك كل القطاعات الحكومية المعنية، وجمعيات المجتمع المدني العاملة مباشرة في مجال تدريس وإدماج الأشخاص من ذوي إعاقة والفاعلين ذوي الصلة بالموضوع، وستشمل أيضا استمرارية باقي الخدمات التي يستفيد منها الأشخاص في وضعية إعاقة في إطار صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي. وأكدت أسر هؤلاء الأطفال ارتياحها لهذا القرار كونه تدبيرا معقلنا يتماشى مع حاجيات أطفالهم، ويحفظ كرامتهم وحقهم في التعليم، بعدم الإقصاء لأبنائهم من الدخول لمؤسسات التربية والتكوين. أسر الأطفال ذوي الإعاقة في أمس الحاجة إلى الدعم، خاصة المعوزة منها التي لا تستطيع تحمل تكاليف البرامج العلاجية وأكد منير ميسور، رئيس الجامعة الوطنية للعاملات والعاملين الاجتماعيين، لـ”العرب”، أن “هذا الإجراء جاء ثمرة للمجهودات الجبارة التي قام بها المجتمع المدني من جمعيات ومنظمات حريصة على خدمة فئة الأشخاص ذوي الإعاقة، خاصة الأطفال الذين يتابعون دراستهم وأيضا غير المتعلمين بالمدارس العمومية أو بالمراكز الاجتماعية والتربوية المستقطبة لهذه الفئة”. وأضاف أنه “بالرغم من أن القرار جاء متأخرا إلا أنه جاء كبارقة أمل ستدوم لوقت إضافي محدد في انتظار حل فعلي ومستدام للنهوض بهذه الفئة في المغرب، خاصة وأن الأسر الكافلة لهذه الفئة في وضعية مؤلمة جدا في غياب الموارد المادية الضرورية لعلاج وتأهيل هذه الفئة. وطالب المرصد المغربي للتربية الدامجة والجمعية الوطنية للعاملات والعاملين الاجتماعيين الناشطين في مجال الإعاقة، الحكومة بالاستمرار في دعم خدمات تدريس الأطفال من ذوي الإعاقة، مؤكدا أن أي توجه نحو توقيف الإمكانات التي يوفرها هذا البرنامج كانت ستكون له تداعيات سلبية على أوضاع ما يقارب 30 ألف طفل في هذه الوضعية مُسجلين داخل المراكز والمدارس، فضلا عن تشريد مرتقب لأكثر من 8 آلاف مهني وعامل اجتماعي. ودعت الجمعيات الموقعة على البيان إلى ضرورة الاستمرار في تقديم الدعم السنوي الذي يصل إلى 500 مليون درهم (51 مليون دولار أميركي) للسنة الدراسية المقبلة، لتنظيم إعلان طلب مشاريع خدمات دعم التدريس، كإجراء انتقالي إلى حين وضع وإرساء تصور وسيناريو ملائميْن في إطار منظومة الحماية الاجتماعية، محمّلة بذلك وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة “كل المسؤولية في عدم وضع رؤية استباقية”. وأوصت الجمعيات المعنية بالأطفال من ذوي الإعاقة، منها الجمعية الوطنية للعاملات والعاملين الاجتماعيين، والمرصد المغربي للتربية الدامجة، والاتحاد الوطني للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة الذهنية، والمنظمة المغربية لحقوق النساء في وضعيات إعاقة، بضرورة تأمين استمرارية خدمة دعم تدريس الأطفال في وضعية إعاقة بالاستفادة الكاملة من حقهم في التعليم، وذلك للوصول إلى تطوير المراكز التي تحتضن هذه الفئة الخاصة من أجل إدماجهم في الحياة اليومية من خلال ضمان تعليم وتأهيل مهني لهم. ويقصد بـ“تحسين ظروف تدريس الأطفال في وضعية إعاقة” الواردة في صندوق دعم التماسك الاجتماعي، كل الخدمات التربوية والتأهيلية والتكوينية والعلاجية الوظيفية التي تقدمها الجمعيات داخل المؤسسات المتخصصة أو المؤسسات التعليمية الدامجة، كما يستفيد من دعم” تحسين ظروف تدريس الأطفال في وضعية إعاقة”، الأشخاص من ذوي الإعاقة المعوزين منهم، والمسجلين في مؤسسات متخصصة أو في إطار أقسام الإدماج المدرسي أو أقسام دراسية عادية في مؤسسات تعليمية عمومية، وتتولى الجمعيات التي تسير المؤسسات المتخصصة أو الناشطة في مجال الإدماج المدرسي تقديم طلبات الدعم. تأمين وصول الأشخاص من ذوي إعاقة بالمغرب إلى منظومة التربية والتكوين، هدف من أهداف التنمية البشرية التي تتجه إلى النهوض بالمشاركة الكاملة والفعالة لهؤلاء الأفراد وفي تقرير سابق أصدره المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أكد وجود مجموعة من التحديات تواجه تدريس هذه الفئة، من بينها وجود تلاميذ يقضون مدة طويلة في الدراسة في السلك الابتدائي، إضافة إلى تهميش المدرسة الابتدائية وهيمنة المقاربة الطبية للإعاقة والإصرار على الرؤية الإحسانية، ووجود وصمة عار منتشرة، ناهيك عن كون الإعاقات الحركية مقبولة أكثر من الإعاقات الذهنية، إلى جانب ضعف التتبع المدرسي للشباب من ذوي إعاقة، مع وجود إكراهات أسرية وإكراهات مرتبطة بالتمويل. وألقى التقرير الضوء كذلك على وجود تباين قوي بين الإستراتيجيات الجهوية، إذ هناك فجوة بين المناطق الحضرية والمناطق القروية، إضافة إلى احتلال المجتمع المدني مركزا محوريا، نحو نموذج دامج يميل إلى الهيكلة ويعتمد على التنسيق وإجراءات الدعم لمجمل الفاعلين. ولفت منير ميسور، أن أسر الأطفال في وضعية إعاقة في أمس الحاجة إلى هذا الدعم خاصة المعوزة منها التي لا تستطيع تحمل تكاليف البرامج العلاجية. وقال ميسور “نحن نعي جيدا المجهودات والخطط المتخذة من طرف الجهات المعنية لتغطية الخصائص المتعلقة سواء بتكوين الأطر العاملة في هذا المجال، أو فيما يتعلق باستمرارية الاستفادة من الخدمات الموجهة لهذه الفئة بالمجان، وتوفير الفضاءات والمراكز الضرورية لتنفيذها”. ويعتبر تأمين وصول الأشخاص من ذوي إعاقة بالمغرب إلى منظومة التربية والتكوين في المغرب، خطة استرإتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي 2015-2030، وهدفا من أهداف التنمية البشرية التي تتجه إلى النهوض بالمشاركة الكاملة والفعالة لهؤلاء الأفراد، ويدخل في إطار دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي الموجه للأشخاص في وضعية إعاقة ضمن ورش الحماية الاجتماعية الذي يشرف عليه العاهل المغربي الملك محمد السادس. ولفتت جليلة مرسلي، المستشارة البرلمانية، إلى أن أي قرار متسرع لحذف برنامج دعم التدريس المندرج ضمن صندوق دعم التماسك الاجتماعي سيتأثر به أكثر من 9 آلاف عامل اجتماعي بالمملكة وسيوقف تقديم الخدمات التربوية لصالح ما يصل إلى 30 ألف طفل في وضعية إعاقة، لافتة إلى أن عدم الإعلان عن دعم مشاريع التدريس لسنة 2024 ينذر بتوقيف خدمات مراكز رعاية الأشخاص في وضعية إعاقة.
مشاركة :