داخل إحدى العيادات الطبية المخصصة في دير البلح وسط قطاع غزة، شعرت الفلسطينية جيهان منصور بالارتياح بعد ما تلقى طفلاها الجرعة الأولى من اللقاح ضد شلل الأطفال مع بدء حملة التطعيم ضد المرض رسميا صباح اليوم (الأحد). وجيهان كانت واحدة من مئات الفلسطينيين الذين توافدوا مع أطفالهم على مراكز التطعيم وسط قطاع غزة تلبية لدعوة وزارة الصحة في غزة ومنظمة الصحة العالمية ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف). وتشمل مراكز التطعيم المستشفيات والمستوصفات والمدارس ومراكز الإيواء في غزة. وأعلنت وزارة الصحة في غزة السبت إطلاق حملة تطعيم ضد شلل الأطفال تستمر حتى 12 من سبتمبر الجاري، مشيرة إلى أنها ستبدأ رسميا صباح الأحد في المناطق الوسطى من قطاع غزة. وأرسلت الأمم المتحدة 1.2 مليون جرعة لقاح ضد شلل الأطفال تعطى عبر الفم بهدف تطعيم حوالي 640 ألف طفل، حيث يحصل كل طفل منذ ولادته وحتى العاشرة من عمره على جرعتين من اللقاح. وفي منتصف أغسطس الماضي سجل قطاع غزة أول حالة إصابة بفيروس شلل الأطفال في مدينة دير البلح منذ 25 عاما، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية. وخوفا من انتشار الفيروس والأمراض، قدم آباء وأمهات مع أطفالهم وغالبيتهم من النازحين القادمين من مدينة غزة وشمال القطاع إلى مراكز التطعيم المنتشرة في دير البلح لإعطاء أبنائهم الجرعة الأولى من اللقاح. وبعد ما تلقى طفلاها اللذان يبلغان من العمر عامين وأربعة أعوام على الجرعة الأولى من اللقاح ضد شلل الأطفال داخل إحدى العيادات الطبية المخصصة في دير البلح، أعربت جيهان منصور عن ارتياحها. وقالت منصور البالغة من العمر (29 عاما) "كنت مترددة وخائفة في البداية من مدى أمان اللقاح، لكن بعد التأكيدات على أمانه وذهاب غالبية الجيران لنقاط التطعيم قررت الذهاب بأطفالي لأحميهم من الأمراض". وتابعت منصور بعدما انتهت من تطعيم طفليها "أنهما أصيبا بأمراض عدة بسبب الحرب وعدم توافر النظافة نتيجة الظروف التي يعيشونها داخل خيمة في مراكز الإيواء". ونفت وزارة الصحة الفلسطينية في الضفة الغربية في بيان الخميس الإشاعات المُتعلقة بالطعومات، مؤكدة أن هذا النوع من الطعومات تلقاه مليار طفل في العالم ولم تُسجل له أي مُضاعفات. وعلى غرار الفلسطينية جيهان منصور، وصل سعيد صبح إلى جمعية الهلال الأحمر في دير البلح لتطعيم طفلته. وقال صبح وهو يحمل طفلته البالغة 11 شهرا بين يديه، "جئت لإعطاء طفلتي الجرعة الأولى من اللقاح لحمايتها ووقايتها من مرض شلل الأطفال". وأردف الرجل النازح من مدينة غزة قائلا "نحتاج إلى تطعيم الأطفال لأن الأمراض زادت بفعل الحرب". وتابع صبح البالغ من العمر (38 عاما) وهو أب لأربعة أطفال أن غالبية الأطفال في القطاع أصبحوا مصابين بأمراض مختلفة، داعيا إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار للتغلب على الوضع المأساوي. وقبل انطلاق حملة التطعيم جرى نشر حملات توعية بين سكان القطاع وإرسال رسائل نصية للمستهدفين من أجل حثهم على إرسال أطفالهم لتلقي التطعيم. وقال مدير الرعاية العامة في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني الدكتور محمد ابو رحمة لـ((شينخوا)) إن التحضير لحملة التطعيم بدأ منذ اليوم الأول لاكتشاف الطفل المصاب بالمرض. وتابع أن التحضيرات شملت إرسال رسائل نصية للمجتمع المحلي وحملات قامت بها طواقم الجمعية في مراكز الإيواء لنشر التوعية والتثقيف الصحي حول المرض وإمكانية الحماية والوقاية منه. وتابع أن مرض شلل الأطفال "لا يوجد علاج له، وأفضل وسيلة لتجنبه هو التطعيم، ولذلك نهيب بالعائلات إرسال أبنائهم من عمر يوم حتى 10 أعوام لتلقي جرعة التطعيم المناسبة". وتزامنا مع ذلك، أفادت الأونروا بأن أكثر من ألف شخص من العاملين لديها يشاركون بحملة التطعيم في سباق مع الزمن للوصول إلى كافة الأطفال. وقال مدير عمليات الأونروا في غزة بالإنابة سام روز في بيان إنه "ابتداءً من اليوم، ستصل فرقنا إلى آلاف الأطفال بلقاحات شلل الأطفال في العيادات والنقاط الصحية ومن خيمة إلى خيمة في جميع أنحاء قطاع غزة". بدوره، طالب مفوض عام الأونروا فيليب لازاريني، أطراف الصراع باحترام فترات الهدنة المؤقتة في المنطقة لنجاح حملة التطعيم. وقال لازاريني في بيان "من أجل أطفال المنطقة، حان الوقت لوقف إطلاق النار الدائم"، معربا عن شكره لفِرق الأونروا ومنظمة الصحة العالمية واليونيسف. وتجرى حملة التطعيم تحت إشراف وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة وبالشراكة مع منظمة الصحة العالمية واليونيسف والأونروا، وفق خطة متكاملة لإتمامها بنجاح في جميع محافظات وأحياء قطاع غزة. ومن أجل القيام بهذه الحملة وافقت إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) على ثلاث هدن منفصلة ومؤقتة للقتال في أماكن محددة تستمر عدة أيام في قطاع غزة، وفق مسؤول بمنظمة الصحة العالمية. وقال رئيس مكتب منظمة الصحة العالمية في الضفة الغربية وغزة ريك بيبركورن، للصحفيين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، إن الاتفاق ينص على أن تسري الهُدَن بين الساعة السادسة صباحا والثالثة عصرا بالتوقيت المحلي، بدءا من الوسط بهدنة مدتها ثلاثة أيام، ثم جنوب غزة بهدنة مؤقتة أخرى مماثلة يليها شمال غزة. وكان وزير الصحة الفلسطيني ماجد أبو رمضان قد أعلن الجمعة في بيان أن برنامج التطعيم سيكون من يوم الأحد المقبل وحتى الأربعاء في مدينة دير البلح، ومن 5 إلى 8 من سبتمبر في خان يونس، ومن 9 إلى 12 من الشهر ذاته في مدينة غزة والشمال. وأعلنت إسرائيل الليلة الماضية أنها ستسمح "بممرات إنسانية فقط" من أجل حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة، نافية صحة الأنباء عن وقف شامل لإطلاق النار. وذكر بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس أن "الأنباء عن وقف شامل لإطلاق النار من أجل إتاحة الإمكانية لإجراء التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة عارية عن الصحة". وتابع "أن إسرائيل ستسمح بممرات إنسانية فقط. والتي عن طريقها سيمر القائمون على التطعيمات"، مضيفا "أنه سيتم إقامة مجمعات آمنة من أجل إتاحة الحصول على التطعيم لساعات معدودة فقط". وأكد البيان أن "إسرائيل ترى أهمية كبرى بمنع انتشار وباء شلل الأطفال في قطاع غزة وبضمن ذلك من أجل منع انتشار الوباء في المنطقة عموما".
مشاركة :