نَاقَشنَا في المقالِ السّابق ضرورةَ تَكَيُّفِ الكُليّاتِ التّطبيقية مع التّحولات الوطنيّة المتسارعة التي تشهدُهَا بِلادُنَا -حَرَسَهَا اللهُ تعالى من كُلِّ سوءٍ ومَكرُوهٍ- في مسارات المالِ، والأعمالِ، والهندسةِ، والتّقنيةِ، والثّقافةِ، والفنونِ، والصّحةِ وغيرِهَا. ولصياغة هذه التّجرُبة النّوعية لا بُدّ أن تَسْتَنِدَ استراتيجيةُ الكليّات التّطبيقيّة إلى منطلقاتٍ رئيسةٍ، تتمثّل في: تحديد الهُويّة، ونقطة الارتكاز، والتي تَتَجَلّى بعد دراسة الاحتياج، والتّعرُّف إلى الموقع الجُغرَافي بكافة تَفاصِيلهِ، والفُرص واستثمارها، والتّحديات، والعمل الجِاد على حلّها من خلال التّعاون، والتّحَالُف مع الشُّركاء، والمُنافسين، ومما تَجدُرُ الإشارة إليه هنا: ضرورة اطّلاع قادةِ الكُليّات على ما لَدى القطاعاتِ والكُليّاتِ المماثلة في النّطاق، والاهتمام على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، وابتكار مسارات جديدة، والبعد عن التّركيز على التّنافس مع تلك القطاعات في تقديم الخدمات، والبرامج المماثلة فقط؛ والّذي سَيُؤَدّي إلى استقطاب مزيدٍ من العُمَلاء، وزيادة الحِصّة السُّوقية، وتحسين مُعدّلات الإيرادات، وتخفيض التّكاليف. ويأتي التّفرُّد بعد ذلك في تقديم برامجَ، وَخدمات منافسة، ونوعية تُلبِّي الاحتياج المجتمعي، وإيجاد فُرَص عملٍ بمستوياتٍ وظيفيّة مُتنوعة: إشرافيّة، وتنفيذيّة، ثُمّ تصميم الخُطَطِ التّسويقيّة لتلك الخدمات التي تُخاطبُ عقليّة العميل، وتستهوي مشاعرَهُ، وتُلبّي احتياجه بوسائل تِقنيّة احترافيّة. ومن الملامحِ المُهمّة في هذا الجانِبِ: التّركيز على الصُّورةِ الكبيرة، وابتكار الأفكار وتطبيقها في توجيه استراتيجية تلك الكُليّات، والبُعد عنِ الإحصائيات، والأرقام، والتّعثُّر في تفاصيلها، والعمل على دراسة السّوق، والتّعرُّف إلى شرائح العُمَلاء للتّكيُّف مع الاختلافات الدّقيقة بينهم، وتنمية القُدرات القياديّة لاستقطاب الأفراد الرافضين الانضمام لاستراتيجية التّحوُّل، والعمل على إشراكهم في رحلةِ التّغيير تدريجيًّا، والاحتفاء بِمنجَزَاتِهِم «وإن صَغُرَت»، وذلك لأنّ العالمَ اليوم لا يَتَحَمّل خلق الصّراعات والتّنافس المُفرَط المَحموم، وإنما هُو حاجةٍ ماسةٍ إلى تعزيزِ التّحالفاتِ، والتّغاضي، والتّغافلِ للوصولِ إلى الهدفِ المَنْشودِ - بإذن الله تعالى -. عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد @mesfer753
مشاركة :