اغتيال "البيدجا" يطرح فرضية تصفية أمراء الحرب المعرقلين للحل السياسي في ليبيا

  • 9/3/2024
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

حملت حادثة اغتيال الرائد الليبي عبدالرحمان ميلاد “البيدجا”، التي جدت بمدينة جنزور، فرضيات خطة ممنهجة لتصفية أمراء الحرب المعرقلين للوصول إلى حل سياسي يفضي إلى مرحلة جديدة من الاستقرار وإجراء الانتخابات وبناء المؤسسات في ليبيا. طرابلس - طرح اغتيال الرائد عبدالرحمان ميلاد “البيدجا” الذي جد الأحد في منطقة صياد غربي جنزور من الضواحي الغربية للعاصمة طرابلس، تساؤلات في الأوساط الليبية بشأن فرضية تصفية أمراء الحرب المعرقلين لحلحلة الأزمة السياسية في البلاد. وتساءل بعض المراقبين، عما إذا كان اغتيال “البيدجا”، يدخل في سياق خطة ممنهجة لتصفية أمراء الحرب البارزين والمتورطين في جرائم ضد الإنسانية ممن يتمتعون بالإفلات من العقاب وباتوا يشكلون سلطات داخل السلطة. ولا يستبعد هؤلاء أن تكون هناك أطراف خارجية متورطة في اغتيال “البيدجا”، نظرا لتورطه في ملفات مهمة ذات علاقة بالاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين غير الشرعيين إلى الضفة الجنوبية للمتوسط مع تورطه في استهداف أعداد من المهاجرين في أحداث وثقها خبراء مجلس الأمن بعد تحقيقات موسعة. وأفادت مصادر أمنية أن “البيدجا” تعرض للاغتيال عندما كان يقود سيارته، حيث تم استهدافه بـ11 رصاصة من قبل مسلحين لم يتم الاستدلال على هوياتهم. وأكد مصدر من جهاز طب الطوارئ بالزاوية أن “البيدجا” قتل إثر تعرضه لإطلاق نار من ثلاث سيارات تعرضت لموكبه بعد خروجه من مقر الأكاديمية البحرية بمنطقة صياد. "البيدجا" يعتبر أحد أهم بارونات التهريب ومن المدرجة أسماؤهم في لوائح العقوبات الصادرة عن مجلس الأمن وكلف رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، وزارة الداخلية والأجهزة المختصة بفتح تحقيق عاجل في واقعة مقتل الرائد عبدالرحمان ميلاد “البيدجا” التي جدت الأحد في منطقة صياد غربي جنزور من الضواحي الغربية للعاصمة طرابلس في اتجاه مدينة الزاوية التي يتحدر منها الضحية. وقال الدبيبة، في تدوينة على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك الإثنين: “تابعت بكل أسى تفاصيل العملية الآثمة التي طالت الرائد البحار عبدالرحمان سالم ميلاد، الأحد، في جنزور”. وأضاف “كانت للفقيد وزملائه مساعِ محمودة لإعادة تأهيل الأكاديمية البحرية وتخريج دفعات جديدة منها بعد توقف دام أكثر من عقد، فضلا عن مساعيه دوما للصلح والمصالحة في مدينته الزاوية”. وأكدت مصادر أمنية أن “البيدجا” تعرض للاغتيال عندما كان يقود سيارته، حيث تم استهدافه بـ11 رصاصة من قبل مسلحين لم يتم الاستدلال على هوياتهم. وأكد مصدر من جهاز طب الطوارئ بالزاوية أن البيدجا قتل إثر تعرضه لإطلاق نار من ثلاث سيارات تعرضت لموكبه بعد خروجه من مقر الأكاديمية البحرية بمنطقة صياد. وطالب رئيس مجلس الدولة، خالد المشري، النائب العام والجهات المختصة بالكشف عن المتورطين في اغتيال “البيدجا” وتقديمهم إلى العدالة. وقال المشري على صفحته بموقع “فيسبوك” ” بكل الأسى والحزن، تلقينا نبأ اغتيال آمر معسكر الأكاديمية البحرية الحربية الرائد عبدالرحمان ميلاد الذي تشهد له مدينة الزاوية بسعيه للصلح بين أبنائها عند نشوب أي خلاف، وجهوده التي بذلها في استئناف العمل بالأكاديمية البحرية وتخريج أول دفعة منها بعد توقف 14 عاما”. ومن جانبه، شدد عضو المجلس الرئاسي الليبي عبدالله اللافي على أن “أيادي الغدر” التي نفذت الاغتيال “لن تفلت من العقاب”، فيما شهدت مدينة الزاوية حالة من الاحتقان الاجتماعي والتوتر الأمني في انتظار الكشف عن المتورطين في عملية الاغتيال. وكان ميلاد، البالغ من العمر 34 عاما، قد اكتسب شهرة باعتباره زعيمًا محليًا في عمليات التهريب التي تشمل كل شيء من المهاجرين إلى البنزين، قبل أن تتم تصفيته بالقرب من الأكاديمية البحرية العسكرية التي كان يديرها و يشرف عليها. ويعتبر “البيدجا” أحد أهم بارونات التهريب والاتجار بالبشر ومن المدرجة أسماؤهم في لوائح العقوبات الصادرة عن مجلس الأمن والحكومتين الأميركية والبريطانية. وفي أبريل 2019 وجه رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام آنذاك، الصديق الصور رؤساء جهاز المخابرات والمباحث الجنائية والأمن الداخلي والردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، بتكثيف عمليات البحث والتحري عن “البيدجا” وإلقاء القبض عليه لتورطه في تهريب الوقود. وقال الصور في كتاب مدون عليه “سري” واطلعت عليه “بوابة الوسط” الثلاثاء، إن النيابة العامة أصدرت قرارها رقم (458) لسنة 2017 المؤرخ في 20 ديسمبر من ذات العام و”الذي أمرت فيه الجهات الضبطية البحث والتحري وإلقاء القبض على عدد من المتهمين بارتكاب وقائع التهريب، ومنهم المتهم عبدالرحمان سالم ميلاد الملقب البيدجا”. "البيدجا" قتل إثر تعرضه لإطلاق نار من ثلاث سيارات تعرضت لموكبه بعد خروجه من مقر الأكاديمية البحرية بمنطقة صياد وأشار الصور إلى أن التحقيقات الجارية لديهم “حول وقائع تهريب المحروقات خارج البلاد، وما ترتب عليه من إلحاق أضرار بالاقتصاد الوطني لأجل تحقيق متحصلات مالية بطرق غير مشروعة لمصلحة عديد الأشخاص”، و”إلى ما ورد بتقرير أعمال فريق الخبراء المعني بليبيا استنادًا إلى قرار مجلس الأمن ذي الرقم (1973 لسنة 2011)، ذي الصلة بارتكاب وقائع تهريب المحروقات خارج حدود الدولة الليبية وما ترتب عن هذا التقرير من نتائج”. وأضاف الصور أن مكتب النائب العام تلقى “تقارير أمنية ترصد تحركات بعض الأشخاص المطلوبين للنيابة العامة لانخراطهم في جماعات تمتهن الجريمة المنظمة ومنهم المطلوب عبدالرحمان سالم ميلاد، وما تضمنته تلك التقارير من إشارة إلى وجوده بمدينة طرابلس متنقلًا بين عدة مناطق بداخلها”. وعرف عبد الرحمان ميلاد بلقب “بيدجا” بسبب إعجابه الكبير وتعلقه بلاعب كرة القدم الايطالي روبارتو باجيو الذي حصل في تسعينيات القرن الماضي على لقب أفضل لاعب في أوروبا والعالم. وفي أكتوبر 2020 رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا باعتقال “البيدجا” من قبل أجهزة إنفاذ القانون التابعة لحكومة الوفاق، مؤكدة أنها خطوة نحو المساءلة وسيادة القانون وتفكيك “الشبكات الإجرامية”، وقالت إنه مدرج على لائحة لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي منذ يونيو 2018 لضلوعه في الاتجار بالبشر وتهريب الوقود، كما ورد اسمه في نشرة خاصة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الإنتربول”، وفي أمر اعتقال صادر في أبريل 2019، عن مكتب النائب العام في طرابلس بتهمة الاتجار بالبشر وتهريب الوقود. وأضافت البعثة أن مثل هذه الاعتقالات تشكل خطوة مهمة نحو ضمان العدالة لآلاف من الفئات المستضعفة، الليبيون منهم والمهاجرون على حد سواء، وتعزيز احترام حقوق الإنسان في ليبيا، وشددت على ضرورة إجراء محاكمة عادلة وشفافة وسريعة للبيدجا وجميع الأفراد المحتجزين حاليا في الحبس الاحتياطي، كما تلتزم البعثة بمواصلة الشراكة مع السلطات الليبية المختصة لضمان اتباع الإجراءات القانونية الواجبة وإعلاء سيادة القانون. المراقبون لا يستبعدون أن تكون هناك أطراف خارجية متورطة في اغتيال "البيدجا"، نظرا لتورطه في ملفات مهمة ذات علاقة بالاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين وفي أبريل 2021 أعلن أن “البيدجا” أطلق من السجن وتمت ترقيته إلى رتبة رائد في جهاز حرس السواحل الليبية، وذلك بعد ستة أشهر من توقيفه من قبل السلطات في العاصمة طرابلس. وكان قد تم إدراج عبد الرحمان ميلاد ضمن قائمة الشخصيات الليبية الخاضعة للعقوبات بحسب القرار الصادر في يونيو 2018 انطلاقا من أنه “يرأس الوحدة الإقليمية لخفر السواحل في الزاوية التي يرتبط اسمها باستمرار بالعنف ضد المهاجرين ومهربي البشر الآخرين”. ويقول فريق خبراء الأمم المتحدة إن “الميلاد وأفراد آخرين في خفر السواحل ضالعون بشكل مباشر في إغراق مراكب كانت تقل مهاجرين باستخدام أسلحة نارية”. ويتعاون الميلاد مع مهربي المهاجرين الآخرين مثل محمد كشلاف (المقترح أيضاً إدراج اسمه في القائمة) والذي تقول بعض المصادر إنه يوفر له الحماية لتنفيذ عمليات غير مشروعة تتعلق بالاتجار المهاجرين وتهريبهم. وذكر عدة شهود في التحقيقات الجنائية أن رجالا مسلحين أخذوهم في عرض البحر إلى متن سفينة تابعة لخفر السواحل تدعى تليل (يستخدمها الميلاد) ثم اقتيدوا إلى مركز النصر للاحتجاز، حيث ورد أنهم احتُجزوا في ظروف وحشية وأُخضعوا للضرب”. وبعد أيام قليلة من الإدراج الأممي، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات ضد “البيدجا” و5 ليبيين آخرين بسبب ما قالت “تهديدهم للسلام والأمن والاستقرار في ليبيا من خلال تورطهم في تهريب المهاجرين” وهو ذات الإجراء الذي أعلنت عنه بريطانيا في الوقت ذاته. وفي نوفمبر 2023 حدّثت المملكة المتحدة قائمة العقوبات المفروضة على شخصيات ليبية من بينهم “البيدجا”، لتورطهم في ارتكاب انتهاكات أو تجاوزات جسيمة لحقوق الإنسان في ليبيا، تتصل بملف الهجرة غير الشرعية والتهريب. وأثارت تصفية “البيدجا” جدلا واسعا في الأوساط الليبية، فقد هاجمت الباحثة المتخصصة في قضايا الأمن والهجرة، ريم البركي، من يدافعون عن مهرب البشر والوقود عبدالرحمان ميلاد. وقالت: “ليس بحقوقي ولا صحفي ولا عاقل ولا ينتمي للجنس البشري من يُدافع عن تاجر بشر”، وأضافت “نعم لا شماتة في الموت، لكن بدون دفاع عن شخص بسببه مات عشرات الآلاف من الأطفال والنساء غرقاً”. انشرWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :