قراءة في كتاب: "مدخل إلى فِقه اللُّغة"..حلقات في فِقه اللُّغة العربيّة وتاريخها ولهجاتها

  • 9/2/2024
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أنجز الباحث: عبدالعزيز بن محمد المفلح الجذالين، كتاباً بعنوان: "مدخل إلى فِقه اللُّغة".. حلقات في فِقه اللٌّغة العربيّة وتاريخها ولهجاتها. ويقع الكتاب في 252 صفحة تحتوي على 61 حلقة في "فِقه اللُّغة" بأسلوب مختصر سهل، يناسب العالم والمتعلّم وعامة النّاس، ومن أبرز الموضوعات التي تطرق إليها: أصول اللغة لدى الإنسان، نشأة اللّغة العربية، نشأة الكتابة والخطوط القديمة، قُدسيّة اللّغة، اللّغة والقرآن، عالمية العربية، النّحت في لغة العرب، الاشتقاق في اللغة، علم الأصوات اللغوي، من وظائف اللّغة، القراءة ولهجات العرب، تداخل اللّغات، اللّغة والهويّة، اللّغة والتّفكير، علم اللّغة النّفسي، اللّغة والفن، الضعف اللّغوي أسبابه وعلاجه، وغيرها. واستهل الباحث كتابه ببيان عراقة "اللّغة العربية"، ذاكراً أنها من أقدم اللّغات البشرية، وأعرقها تاريخاً، وأكثرها انتشاراً، امتازت بكثرة مفرداتها ونموها واتّساعها، وشرّفها الله بأن أنزل بها خير كتبه على أفضل رسله؛فبلغت بشرف القرآن وبفضل الإسلام رتبة سامية وشأنًا رفيعًا ومنزلة عالية، فهي لسان العرب، ولغة محمد - صلى الله عليه وسلم-، وصحبه الكرام، وهي من أسمى اللغات، وأجلّها، وأجملها نطقاً وكتابة. وأوضح أن "فقه اللغة" مصطلح قديم عند علماء العربية، وهو علم يدرس قضايا اللغة؛ كالاشتقاق، والتعريب، والدّلالة، والترادف، والتّوليد، والصّوتيات، والنّحت، والدّخيل، والمعاجم، وتاريخ اللّغة، ولهجاتها، وقد اعتنى بهذا العلم ثلّة من العلماء وألفوا فيه الكتب منهم: الأصمعي (216هـ)، و أبو الفتح ابن جني (392هـ)، و أحمد بن فارس (395هـ)، وأبو هلال العسكري (395هـ)، والثعالبي (429هـ)، وابن سِيده (458هـ)، والسُّيوطي (911هـ)، ومن المعاصرين: الدكتور علي عبدالواحد وافي، والدكتور صبحي الصالح، والدكتور محمد المبارك، والدكتور عبدالغفّار هلال، والدكتور إبراهيم أنيس، والدكتور عبدالله ربيع، والدكتور عبدالصّبور شاهين، والدكتور توفيق محمد شاهين وغيرهم. ويشير الباحث إلى أن "اللغة العربية" كغيرها من اللّغات لا يمكن أن نرجع نشوءها إلى تاريخ معيّن؛ لأن مفرداتها تكونت من خلال الزمن، ولم تولد فجأة، كما أن اللّغات بشكل عام يؤثر بعضها في بعض، في المفردات، والقواعد، والأساليب، وتطور دلالاتها مع الزمن؛ حيث تتفرع اللغة إلى لغات. وبيّن أن أقدم نص وجدت به كلمة "العرب"، هو (اللّوح المسماري) لملك آشوري في القرن التاسع قبل الميلاد، ووجد نقش آخر ب "قرية الفاو" كتب بخط المسند الجنوبي، يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، كما عثر على نقش "النّمارة" الذي كتب بالخط النّبطي على قبر "امرئ القيس المنذري" ثاني ملوك الحيرة بالعراق عام 328 م، وحينما نشأت العربية مع أخواتها السّاميات قبل الميلاد بوقت طويل، عاشت قروناً مع العرب البائدة، ومع العرب والعربيّة الجنوبية اليمنية التي كتبت بالخط المسند الحِميري حقبة من الزمن، ثم تفرّعت إلى عربية جنوبية وعربية شمالية كتبت بالخط المِسماري، ثم النّبطي إلى أن نضجت العربيّة الشّمالية قبل الإسلام، وعزّزها نُزول القرآن بها، فتعددت لهجاتها، وخطوطها التي أبرزت جزءاً من جمالها الأخّاذ ومن أبرز تلك الخطوط: الجَزم، والكُوفي، والمشق، والمَدني، والنَّسخ، والثُّلث، والدِّيواني، والرّيحاني، والرِّقعة. واستشهد الباحث في كتابه بقول الدكتور محمد علي النّجار: "إن اللغة العربية من أوسع اللغات، وأغناها، وأرقّها تصويراً، وأوسعها مذهباً، وسعت جميع الأغراض التي تناولها البشر، ولم تضق ذرعاً بجميع العلوم والفنون، وتقبّلت بصدر رحب ثمرات قرائح الفحول، ونتاج أفكار الفلاسفة والحكماء من سائر الأمم، وكان أن نّزل القرآن الكريم بها أبلغ كلام، وأعلاه طبقة، وأسماه بلاغة، وأسمعه فصاحة، وأقرعه بياناً، وأبرعه افتتانا". وقد أثّرت اللغة العربية وأثرت كثيراً من اللُّغات، فاتسعت رقعتها؛ فمسلمو الصين ومسلمو الهند، وأندونيسيا، وماليزيا، والأمريكيتان، وروسيا، ومسلمو أوروبا، وأفريقيا، كلهم يقرؤون القرآن ويتعلّمون الدِّين بالعربية. واستدل الباحث بانبهار عدد من المستشرقين باللغة العربية كأمثال: الألماني كارل بروكلمان الذي يقول: "بلغت العربية بفضل القرآن من الاتساع مدى لا تكاد تعرفه أي لغة أخرى من لغات الدنيا، والمسلمون جميعاً مؤمنون بأنّ العربية وحدها اللسان الذي أحلّ لهم أن يستعملوه في صلاتهم". ويقول ماريوبل - صاحب كتاب (قصة اللغات): "اللّغة العربية هي اللّغة العالمية في حضارة العصور الوسطى، وكانت رافداً عظيماً للإنكليزية في نهضتها". أمّا الألمانية زيغريد هونكه فلم تستطع إخفاء إعجابها الشّديد باللّغة العربية حيث تقول: "كيف يستطيع الإنسان أن يقاوم جمال هذه اللّغة، ومنطقها السليم، وسحرها الفريد، فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صرعى من سحر تلك اللّغة. الجدير ذكره أن "اللغة العربية" تشتمل 16000 جذر لغوي، وهي إحدى اللُّغات الرّسمية السّت في (منظمة الأمم المتّحدة)، ويُحتفل بها في يومها العالمي في 18 ديسمبر من كل عام، وهو اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها بإدخال اللّغة العربية ضمن "اللغات الرَّسمية العالمية، ولغات العمل في الأمم المتحدة"، بعد اقتراح قدّمته "المملكة العربية السعودية"، و "المملكة المغربية"، في الدورة 190 للمجلس التّنفيذي لليونسكو.

مشاركة :