قالت ثلاثة مصادر قضائية في لبنان إنه جرى إلقاء القبض على حاكم مصرف لبنان المركزي السابق رياض سلامة اليوم الثلاثاء في بيروت بتهمة ارتكاب جرائم مالية مرتبطة بشركة وساطة، وهو أول اعتقال له بعد سنوات من الاتهامات في لبنان والخارج. وشغل سلامة (73 عاما) منصب حاكم مصرف لبنان المركزي لمدة 30 عاما لكن سنواته الأخيرة شابتها اتهامات من السلطات في لبنان وعدة دول غربية أخرى بارتكاب جرائم مالية، منها الإثراء غير المشروع من خلال الأموال العامة. وقال مصدران قضائيان لرويترز إن حاكم مصرف لبنان السابق متهم بالحصول على أكثر من 110 ملايين دولار من خلال جرائم مالية تتعلق بشركة أوبتيموم إنفست اللبنانية التي تقدم خدمات للوساطة المرتبطة بالدخول. وقال أحد المصادر إن التهم المحددة التي أدت إلى اعتقاله اليوم الثلاثاء هي الاختلاس وغسيل الأموال والاحتيال في إطار عمولات مكتسبة من خلال تعاملات البنك المركزي مع أوبتيموم بين عامي 2015-2018. ولم يرد سلامة أو محاميه على الفور على طلبات للحصول على تعليق. وكان سلامة قد نفى في السابق أي اتهامات تتعلق بجرائم مالية. وقال مصدر قضائي آخر إنه سيحتجز لمدة أربعة أيام ضمن "اعتقال احترازي" قبل إحالة القضية إلى المدعي العام في بيروت. وقالت الرئيسة التنفيذية لشركة أوبتيموم إنفست اللبنانية رين عبود لرويترز عبر الهاتف إنه لم يجر استدعاء الشركة إلى جلسة اليوم الثلاثاء وإنها سمعت بالقبض على سلامة من وسائل الإعلام. ووجهت رين عبود رويترز لبيان على موقع الشركة يقول إنها أجرت تدقيقا ماليا في أواخر عام 2023 ولم يجد "أي دليل على مخالفات أو ممارسات غير مشروعة" في تعاملات الشركة مع البنك المركزي اللبناني. وتختلف الاتهامات التي وجهت إليه اليوم عن جرائم مالية سابقة اتهم بارتكابها مرتبطة بشركة فوري أسوشيتس، وهي شركة يسيطر عليها شقيق سلامة، رجا. واتُهم الشقيقان باستخدام شركة فوري لتحويل 330 مليون دولار من الأموال العامة من خلال العمولات. وينفي الاثنان ارتكاب أي مخالفات. ورغم مواجهة سلامة اتهامات في لبنان ومذكرات اعتقال في كل من فرنسا وألمانيا وتحذير أحمر من الإنتربول، لم يتم القبض عليه من قبل. وإذا استمرت القضية، فستكون مثالا نادرا على قيام السلطات اللبنانية بمحاسبة شخصية بارزة، في نظام يقول منتقدون إنه يحمي النخبة منذ فترة طويلة. وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لقناة العربية الحدث إن الحكومة لن تتدخل في القضية. وعمل سلامة عن كثب مع كبار السياسيين في لبنان طوال فترة ولايته. ودفع ذلك المنتقدون إلى التشكيك فيما إذا كان القضاء اللبناني، حيث تعتمد التعيينات إلى حد كبير على الدعم السياسي، سيحقق معه بجدية. خاضع لعقوبات قال اثنان من المصادر القضائية لرويترز إنه جرى إلقاء القبض على سلامة في قصر العدل في لبنان عقب جلسة استماع بشأن تعاملات المصرف المركزي مع شركة أوبتيموم إنفست. وأضافا أن أوبتيموم تعاملت مع المصرف المركزي اللبناني لشراء وبيع سندات الخزانة وشهادات الإيداع ذات العائد السريع لتحقيق أرباح كبيرة. وقال وزير العدل اللبناني هنري خوري لرويترز إنه لا يملك تفاصيل عن الملف. وأضاف "لا شك أن النائب العام قام بما هو مطلوب منه واستجوب المحافظ السابق رياض سلامة". وبعد توليه قيادة البنك المركزي في أعقاب حرب أهلية مدمرة استمرت 15 عاما، ذاع صيت سلامه باعتباره مسؤولا اتسم بالكفاءة في النظام المالي، وكان يُنظر له ذات يوم على أنه رئيس محتمل. وبعد أن ترك منصبه، أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا فرض عقوبات عليه متهمة إياه بارتكاب أعمال فساد لإثراء نفسه ورفاقه، وهي مزاعم نفاها أيضا في ذلك الوقت. ويعكس سقوطه سقوط النظام المالي اللبناني، الذي انهار على مدار خمس سنوات في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، ويواجه الآن تقييما من قبل هيئة رقابة مالية في الأسابيع المقبلة يمكن أن تضعه على "قائمة رمادية" تستدعي مزيدا من التدقيق. ومن بين مناطق الفجوة الرئيسية التي حددتها مجموعة العمل المالي عدم اتخاذ إجراءات قضائية بشأن الجرائم المالية المزعومة. وقال مصدر دبلوماسي وآخر قضائي إنهما ينظران إلى اعتقال سلامة على أنه مسعى محتمل لمحاولة التلويح لمجموعة العمل المالي بأن شيئا ما يجري القيام به الآن.
مشاركة :