يقترب الفرقاء الليبيون من التوصل إلى اتفاق بشأن أزمة المصرف المركزي بدعم من بعثة الأمم المتحدة، وهو ما من شأنه أن يعيد ضخ إنتاج النفط المتوقف منذ أيام بسبب خلافات حول إدارة المصرف وعائدات النفط. ويتوقع محللون أن يتم توقيع الاتفاق في أسرع وقت بسبب إدراك الفرقاء الليبيين أن البلاد لا يمكنها أن تصمد طويلا دون تصدير النفط، بالإضافة إلى الضغوط الغربية بهذا الشأن حيث أدى إيقاف التصدير من ليبيا إلى إرباك السوق العالمية. وقال الصديق الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي المعزول إن هناك مؤشرات “قوية” على اقتراب أطراف الصراع السياسي في ليبيا من التوصل إلى اتفاق بشأن عمل البنك المركزي بما يمهد الطريق أمام استئناف تصدير النفط الليبي. وذكرت وكالة بلومبيرغ للأنباء أن انفراج الأزمة بين الحكومتين المتصارعتين في ليبيا من شأنه أن يمهد الطريق أمام عودة أكثر من نصف مليون برميل من النفط الليبي يوميا إلى الأسواق العالمية. انفراج أزمة المصرف من شأنه أن يعيد أكثر من نصف مليون برميل من النفط الليبي يوميا إلى الأسواق العالمية ويتابع المتعاملون في السوق العالمية التطورات عن كثب حيث من المرجح أن يؤدي استئناف الإنتاج إلى دفع أسعار النفط إلى الانخفاض مجددا، في حين تستعد بعض الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وتحالف أوبك+ لإعادة جزء من إمداداتها المقطوعة. ويرى الكاتب سايمون واتكينز في مقال منشور في موقع أويل برايس أن ليبيا لا يمكنها أن تتحمل إيقافا طويل المدى لضخ النفط هذه المرة، مذكرا بالخسائر التي سجلتها البلاد عندما توقف ضخ النفط في 2020. وقال واتكينز “استمر الحصار شبه الكامل لحقول إنتاج النفط الليبية من 18 يناير إلى 18 سبتمبر من ذلك العام (ويُقدر بشكل متحفظ أن هذا كلّف البلاد 9.8 مليار دولار من عائدات النفط) قبل التوصل إلى اتفاق بين الجانبين لإنهاء النزاع”. وتتجه البعثة الأممية إلى إعلان الاتفاق الحاصل بين مجلسي النواب والدولة الليبيين لحلحلة أزمة مصرف ليبيا المركزي، والذي ينتظر أن يلغي قراري المجلس الرئاسي ومجلس النواب ويطرح خيارا ثالثا إلى حين التوصل لاختيار محافظ جديد باتفاق المجلسين. وتنص المسودة المبدئية للاتفاق على أن تسيير إدارة المصرف المركزي يتولاه نائب المحافظ مرعي البرعصي بلجنة مؤقتة من 3 أشخاص، على أن يتفق المجلسان خلال 30 يوما على تعيين محافظ جديد وفقا للاتفاق السياسي، وفي حالة عدم التوافق يتم التمديد للجنة المؤقتة لمدة 30 يوما إضافية، وخلال فترة التمديد توجه الدعوة لعقد اجتماع بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لتيسير تعيين محافظ المصرف. وتضمنت المسودة جملة الشروط المطلوب توفرها في محافظ مصرف ليبيا المركزي، ومنها أن يكون ليبيّا من أبوين ليبيين، وأن يكون متحصلا على درجة الماجستير في مجال الشؤون المالية أو المصرفية أو الاقتصادية مع خبرة لا تقل عن عشر سنوات وإسهامات علمية منشورة، وألا يقل عمره عن 40 عاما ولا يزيد عن 65 عاما، وأن يتقن اللغة الإنجليزية، وألا تكون له مصالح تجارية أو مالية أو مصالح أخرى تتعارض مع واجباته أو مقتضياته الحيادية أو الاستقلال أو من شأنها أن تؤثر في اتخاذ القرار. pp وبحسب مراقبين أطاح الاتفاق الحاصل بين فريقي مجلسي النواب والدولة بتطلع المحافظ المعزول الصديق الكبير إلى العودة لمنصبه، وأطاح بالمحافظ الجديد المعين من المجلس الرئاسي محمد الشكري ونائبه عبدالفتاح الغفار، وفسح المجال لمرحلة جديدة من التوافق بين المجلسين وفق اتفاق أبوزنيقة الموقع في يناير 2021. وأعرب الكبير في مقابلة مع بلومبيرغ من إسطنبول، نشرت الثلاثاء، عن ثقته بأنه سيكون جزءا من أي حل وأنه مستعد للعودة إلى ليبيا لمواصلة عمله. وقال “إذا وقّعوا الاتفاق اليوم سأعود غدا”. وأعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، مساء الإثنين، التوصل إلى تفاهمات مهمة لحل أزمة المصرف المركزي. وقالت في بيان إن المشاورات التي استمرت من الصباح إلى ساعة متأخرة من ليل الإثنين تميزت بالصراحة، وحقق المشاركون تفاهمات مهمة بشأن سبل حل الأزمة المحيطة بالمصرف المركزي، وإعادة ثقة الليبيين والشركاء الدوليين بهذه المؤسسة الحيوية. واتفق ممثلو مجلسي النواب والدولة في نهاية الجلسة على رفع ما توافقوا عليه إلى المجلسين للتشاور، على أن يجرى استكمال المشاورات بهدف التوقيع النهائي على الاتفاق. وبحسب أوساط ليبية دخل ملف مصرف ليبيا المركزي مرحلة جديدة سيكون من أبرز سماتها قطع الطريق أمام أي محاولة لفرض خيارات المجلس الرئاسي ومن ورائه حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة الذي يسعى لتمكين مقربين منه من مفاتيح المؤسسة المالية السيادية الأكبر في البلاد. الاتفاق الحاصل بين فريقي مجلسي النواب والدولة أطاح بتطلع المحافظ المعزول الصديق الكبير إلى العودة لمنصبه وتشير الأوساط إلى أن الأمر بات واضحا وهو أن مرحلة الصديق الكبير قد انتهت بلا رجعة، وأن القرار كان مشتركا بين أطراف ليبية وأخرى أجنبية. إلى جانب ذلك حذرت وزارة الخارجية البريطانية الثلاثاء من تنامي قلق المؤسسات المالية العالمية حيال أزمة مصرف ليبيا المركزي، وقالت في بيان إن الإجراء الذي اتخذ مؤخرًا يعقّد بشدة علاقات ليبيا مع المصارف العالمية. وأهابت بالأطراف الليبية العمل جديا مع البعثة الأممية، للاتفاق سريعًا على عملية سياسية تضمن قيادة فعالة وشفافة للمصرف المركزي. والسبت الماضي أكد مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية أن البنوك الأميركية والدولية بدأت إعادة تقييم علاقاتها مع مصرف ليبيا المركزي، ما أدى إلى إيقاف المعاملات المالية معه مؤقتا. وأوضح المكتب أن هذا القرار جاء نتيجة للإجراءات الأحادية الأخيرة التي أثارت تساؤلات حول الحوكمة الشرعية للمصرف، ما دفع البنوك إلى اتخاذ خطوة التوقف في انتظار أن يتضح الوضع. وأشار المكتب إلى ضرورة أن تتخذ الجهات الفاعلة الليبية خطوات عاجلة للحفاظ على مصداقية المصرف وضمان استمراره في المشاركة الفعالة مع النظام المالي الدولي. كما أعرب عن قلقه من أن أي اضطرابات إضافية مع البنوك المراسلة الدولية قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية وتؤثر سلبًا على رفاهية الأسر الليبية. وكرر المكتب دعوة مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، للجهات الليبية إلى العمل مع البعثة الأممية لإيجاد حل سياسي يعيد القيادة الكفؤة للمصرف ويضمن استقرار الاقتصاد الليبي. وأشار المكتب إلى أن حالة عدم اليقين الناجمة عن الإجراءات أحادية الجانب قد دفعت العديد من البنوك الأميركية والدولية إلى إعادة النظر في علاقاتها مع المصرف المركزي الليبي. وجددت الخارجية الأميركية دعوتها الأطراف الليبية الفاعلة إلى ضرورة العمل بشكل عاجل وبالتعاون مع البعثة الأممية لإيجاد حل سياسي يضمن إعادة قيادة مختصة وذات مصداقية إلى مصرف ليبيا المركزي، وحثت الجهات الفاعلة الليبية على اتخاذ خطوات للحفاظ على مصداقية المصرف المركزي وإيجاد حل لا يضر بسمعته ومشاركته مع النظام المالي الدولي.
مشاركة :