حاجتنا إلى الرؤية المستقبلية - م. خالد إبراهيم الحجي

  • 5/2/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

إن الرؤية المستقبلية لها أهمية كبيرة في التخطيط الإستراتيجي، والتغيير وإدارة التطوير على مستوى المؤسسات والدول؛ لأنها توضح اتجاه الأعمال، وتساعد على تنسيق الجهود وتجميعها، وتحفز على إنجاز الأعمال لتحقيق الأهداف بعيدة المدى.. والرؤى المستقبلية تختلف بالنسبة لتأثيرها في المجتمعات والدول وتتنوع كالتالي: (أ) تكون أفكاراً نظريةً مثالية بعيدة المنال ويصعب تنفيذها على أرض الواقع؛ لأنها تفتقر إلى القدرة على التغييرِ أو التطبيق العملي. (ب) تكون امتداداً للأفكار المتوارثة، أو مستمدة من التصورات المتبلورة مسبقاً؛ فلا تتعدى مكانها ولا تضيف جديداً للواقع، ولا تواكب التغيير والتنويع، وتعجز عن تلبية حاجات المجتمع المعاصرة. (ج) تُحدث تحولاً ملموساً وتقدماً حقيقياً في المجتمع، وتشكل مستقبل الأجيال القادمة. وقد سبق أن قال الأديب الفرنسي المشهور فيكتور هيجو قبل مئة وخمسين سنة «لايوجد هناك شيء مُلح أقوى من فكرة مبتكرة ومفيدة حان وقتها»، والرؤية السعودية المستقبلية للتنوع الاقتصادي للخمس عشرة سنة القادمة التي أطلقها رئيس المجلس الاقتصادي والتنمية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان تحت شعار «الرؤية السعودية 2030»، تعتمد في جوهرها على ثلاث ركائز لتنويع مصادر الدخل يجب تفعيل استغلالها على الوجه الأفضل وهي: (1): إعادة هيكلة صندوق الاستثمارات العامة: لتحريك القدرة الاستثمارية للاقتصاد الوطني، وتنويعه ليصبح أكبر صندوق سيادي في العالم برأس مال قدره سبعة تريليون ريال سعودي، وسيتضمن الصندوق شركة أرامكو والشركات التابعة لها وأصول عقارية سيتم نقل ملكيتها إلى الصندوق الذي سيتم إدارته من قبل مجلس إدارة مستقل؛ لتوظيف الصندوق في تنويع مصادر الدخل الوطني عن طريق طرح 5 % من القيمة السوقية لشركة أرامكو والشركات التابعة لها، سواء بشكل مباشر في الأسواق السعودية والعالمية، أو بشكل غير مباشر، بطرح أسهم صندوق استثماري قابض يحتوي عاى محفظة من الشركات المختلفة ومنها شركة أرامكو. (2): الموقع الجغرافي الإستراتيجي للمملكة: وتوظيفه لخدمة الاقتصاد الوطني؛ لأن المملكة تشرف على ممرات بحرية دولية إستراتيجية يمر من خلالها 30 % من التجارة العالمية، وبالتالي الاستفادة من شواطيء المملكة لتوفير خدمات لخطوط الملاحة الدولية، وصناعة قطع الغيار وإنشاء أحواض لصناعة السفن، وإقامة مصانع معدات وتجهيزات عسكرية، ومصانع توكيلات عالمية. (3): العمق العربي الإسلامي للسعودية: الاستفادة من العراقة العربية والإسلامية والمكانة الإقليمة والدولية للمملكة لأنها عوامل قوية تمنحها عمقاً إستراتيجياً لا يتوفر لغيرها. وبالتالي ستصبح المنتجات السعودية التي تنافس المنتجات الأجنبية في الجودة والسعر والتطور لها أولوية وأفضلية عليها. «الرؤية السعودية 2030»، نحتاجها على وجه السرعة؛ لأن مصادر الدخل الوطني في الوقت الراهن تعتمد اعتماداً كلياً على النفط فقط، ومن المعلوم للجميع أن النفط من مصادر الطاقة غير المتجددة وستنضب بمرور الأيام، والعلاقة بين الرؤية المستقبلية وبين الخطط الخمسية للتنمية علاقة متوافقة، ومترابطة مع الدخل الوطني؛ لأن الرؤية المستقبيلة تقودنا إلى تنويع مصادر الدخل الوطني الاقتصادية لتحقيق أهداف التنمية والتطوير والازدهار، والخطط الخمسية هي بمثابة السفينة التي تسير بنا في اتجاه معلوم لتحقيق الأهداف المنشودة من الرؤية المستقبيلة، والميزانيات السنوية هي بمثابة الوقود المحرك لسفينة الخطط الخمسية، ومن هذا المنطلق وبناءً على ضوء الرؤية المستقبلية نستطيع صياغة خطط التنمية القادمة؛ وتحقيق الأهداف المرحلية المرسومة، وتنفيذ الخطوات الإجرائية للرؤية المستقبلية على مدى خمس عشرة سنة قادمة في ثلاث خطط خمسية متتالية، تحتاج أيضاً إلى 15 ميزانية سنوية متتالية، لتمويل وتنفيذ تلك الخطط الخمسية المتتالية، والمُصاغة مسبقاً لتحقيق ثمرة الرؤية المستقبلية؛ لذا ما أشد حاجتنا إلى تفعيل «الرؤية السعودية 2030»، واعتبارها هدفاً رئيساً نسعى بجد واجتهاد لتحقيقه خلال المدة المحددة. وللرؤية المستقبلية فوائد عديدة للمجتمع والقوى العاملة يمكن إجمالها في النقاط التالية: أولاً: تثير الشغف في المجتمع: وتدفعنا إلى حب العمل، والتطلع إلى مستقبل أفضل نسعى فيه إلى التنمية والتطور والرخاء والازدهار، كما تُقوي الرؤية المستقبلية ارتباطنا العاطفي بأعمالنا، وتبث فينا الحيوية والنشاط؛ فتعطينا قوة الدفع، والطاقة لبذل أقصى جهودنا كي يصبح كل شيء في حياتنا العملية جزء لا يتجزء من رحلة الوصول إلى تحقيق أهداف الرؤية المستقبلية. ثانياً: تشجيع القوى العاملة وتحفيز المجتمع: لأن تحول رتابة العمل الروتيني الذي نقوم به إلى واجب وطني يساهم في تحقيق أهداف الرؤية المستقبلية؛ ولأن الذي يعمل في ظل رؤية مستقبلية واضحة المعالم لديه دوافع شخصية ومهنية قوية ومستمرة، سيجد معنًى سامياً ورغبةً ملحةً تدفعه إلى إنجاز أعماله بحماس لينتقل إلى المراحل التالية في سلسلة الأعمال المنوطة به؛ أو بمعنًى آخر وجود الرؤية المستقبلية الواضحة المعالم يجعلنا نفهم السبب المهني للقيام بأعمالنا. ثالثاً: تحديد أولويات الأعمال: بواسطة الرؤية المستقبلية الواضحة المعالم نستطيع اكتشاف مكمن القوى التي نمتلكها؛ وبالتالي تسخيرها بالشكل الأمثل، وتوظيفها لخدمة مسار التنمية باتجاه التطور والازدهار، وترتيب أولويات الأعمال التي تقربنا من تحقيق أهداف الرؤية المستقبلية. رابعاً: تركيز تفكير العاملين وتوحيد جهودهم وتجميع قوتهم: لأنهم يعرفون إلى أين يتجهون، وماذا يريدون أو يفعلون؛ فيسخرون أنفسهم لخدمة إنجاز أعمالهم لتحقيق أهداف الرؤية المستقبلية. وبناءً على ما سبق ننتظر من كل وزير أن يبادر إلى وضع معالم رؤيته المستقبلية الخاصة بوزارته لتتواءم مع «الرؤية السعودية 2030»، وتساهم في تحقيق أهدافها، مع عرضها على المجتمع بطريقة سهلة الفهم وسريعة الهضم، كما فعل الأمير محمد بن سلمان بـ«الرؤية السعودية 2030»، عبر المقابلة التلفزيونية التي نقلتها قناة العربية؛ لأن التغيير الاجتماعي والتقدم الاقتصادي والتطور الحضاري يمكن رسم معالمه الأساسية وخطوطه العريضة بواسطة أصحاب القرار من الدولة والمفكرين والمخططين من الوطن، لكن لا يمكن تحقيقه وتحويله إلى واقع ملموس إلا بالتكاتف والعمل الجماعي في منظومة متكاملة لخدمة الوطن. الخلاصة: يجب أن نسعى بجد واجتهاد إلى تحقيق أهداف الرؤية المستقبلية لتنويع مصادر الدخل والاقتصاد الوطنية، لأن المخاطر الحقيقية أن نظل بلا رؤية مستقبلية. مقالات أخرى للكاتب تصدير الخدمات القائمة على المعرفة تقييم المفاسد والمصالح المتداخلة في القضايا المعاصرة الطريق إلى المجتمع الصناعي الحديث قيادة المرأة للسيارة مشكلة أم حل؟ تقرير نزاهة: 44 % من المشاريع الحكومية متعثرة

مشاركة :