هل بقي للمدرسة من مكان

  • 5/2/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في ثنايا سهرة خضراء، وبلون هذا الوطن الكبير، كان النقاش مع عدد من زملاء الجامعة وأصدقاء المهنة يدور حول عدمية وعبثية الثلاثي الشهير: الطالب والكتاب والسبورة. قلت لهم فوراً، سأذهب إلى أبعد من هذا بكثير وسأطرح السؤال الصعب: هل بقي للمدرسة من مكان؟ وبزعمي أننا مع ثورة التقنية وتعدد وسائط المعلومات المذهلة أصبح "موت المدرسة" التقليدية هو ذات السؤال الذي طرح من قبل عن "موت المؤلف" وعن "موت الورق" الصحافي ووفاة الصحيفة أمام هذا المد الجارف الساحق للفضاء الإلكتروني. نحن اليوم أمام أفكار استثنائية في شكل التعليم والمنهج، بل نحن أمام القرن المذهل لموت المدرسة. خذوا هذه الأمثلة: أنا مدمن لقراءة المجلة العلمية الأشهر في عالم التربية، وهي متاحة تماماً لكل من أراد القراءة "Education Review"، وفيها أن دولة مثل اليابان قررت إلغاء ما يقرب من 37 مليون حصة دراسية في مدارسها عن تاريخ اليابان واستبدلتها بقرص إلكتروني "CD" تهديه لكل طالب كي يشاهده في الوقت الذي يريد، وللدهشة اكتشفوا أن طلابهم يحصدون ضعف الدرجة في مقرر التاريخ الياباني بالمقارنة مع تاريخ الفصل والورق والمدرسة. في المثال الثاني تكمن الدهشة: ثري أميركي اسمه "بول برادنورد" أراد أن يهدي بلدته الصغيرة في ولاية "مين" كلية صغيرة في تخصص إدارة الأعمال فذهب فوراً إلى جامعة هارفاد الشهير المجاورة ثم تعاقد معها على نقل كافة الفصول الدراسية عبر دائرة تلفزيونية خاصة إلى الكلية الجديدة، والنتيجة النهائية أن أبناء قرية أميركية يحصلون بالضبط على ما يحصل عليه طلاب جامعة هارفارد، أيقونة الجامعات العالمية. والخلاصة التي أريد الوصول إليها أننا نستطيع إلغاء نصف المدارس ونصف الجامعات بالاستفادة من تجارب ثورة المعلومات وكثافة التقنية. المشكلة الأساس لدينا أن التعليم حقل توظيف وإلا: ما هي الحاجة لآلاف الحصص اليومية في مادة اللغة العربية مثلاً إذا ما كان بالإمكان تسجيل 30 حلقة لأعظم أستاذ في قواعد الإعراب اللغوي. ما هي الحاجة لعشرات آلاف حصص التاريخ في آلاف المدارس ونحن المؤمنون الواثقون بأن شريكاً بصرياً يستطيع اختزال كل هذا الجهد ثم يمنح أولادنا درجة مضاعفة مثلما فعلت اليابان بالضبط. زبدة المقال: دعوا أولادنا يذهبون لمدارسهم من أجل العلوم والرياضيات وحدهما فقط، وكل ما حولهما من إضافات وزوائد يمكن استيعابه وبطريقة مضاعفة مثلما كان في التجربة اليابانية. دعونا نكون في صف الدول الرائدة التي بدأت من الآن موت نصف المدرسة.

مشاركة :