يُمثّل الذكاء الاصطناعي التوليدي إنجازًا تقنيًا صرنا نشهد بصماته الفعليّة على أرض الواقع، خاصّةً في إنعاشه للطريقة التي تعمل بها الشركات، من خلال إنشاء المحتوى وكتابة التعليمات البرمجية وتحليل البيانات بكفاءة عالية. من شأن هذا التحوّل أن يعيد رسم ملامح مستقبل المملكة العربية السعودية، ذلك أنّ السبّاقين في تبنّي الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكنهم تحقيق ميزةً تنافسيّةً هائلة. أجرت ستراتيجي آند الشرق الأوسط، وهي جزءٌ من شبكة برايس وترهاوس كوبرز، بحثًا جديدًا تضمّن تقييمًا للتأثير المُحتمل للذكاء الاصطناعي التوليدي على مؤشّر الأرباح التشغيليّة عبر مختلف القطاعات في المملكة بحلول عام 2028. كما يوضّح هذا التقييم، المُتاح على موقعٍ إلكتروني تفاعلي، كيف يستطيع كُلّ قطاعٍ الاستفادة من الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي التوليدي. وفي هذا الصدد، قال هاني زين، الشريك في ستراتيجي آند الشرق الأوسط: “من المتوقّع أن تؤثّر التطوّرات المُتسارعة في الذكاء الاصطناعي التوليدي على جميع القطاعات في السعودية. ويُشير تحليلنا إلى أن قطاعات الاتصالات والإعلام والترفيه وتقنية المعلومات بمقدورها أن تُحقّق أعلى زيادة ربحيّة مُمكنة من خلال تبنّي الذكاء الاصطناعي التوليدي. ويمنح ذلك للشركات فُرصةً ثمينة لإعادة تقييم استراتيجياتها واستكشاف سُبلٍ جديدة نحو النمو والابتكار.“ قطاع تقنية المعلومات يحتلّ قطاع تقنية المعلومات في السعودية مركزًا مثاليًا لجني الفائدة الأكبر من الذكاء الاصطناعي التوليدي، إذ بمقدوره أن يُحقّق هامش ربحٍ تشغيلي بنسبة 15 نقطة مئوية بحلول عام 2028، ليرفع بذلك سقف أرباحه التشغيليّة إلى 15 مليار ريال سعودي. تستطيع شركات تقنية المعلومات السعودية تجسيد هذا النمو من خلال تطوير وتسويق حالات استخدامٍ جديدةٍ وتلبية الطلب على الأجهزة والبنية التحتية المُتقدّمة اللازمة من أجل استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. كما يُمكن للشركات الاستفادة من هذه التقنية لتسريع قُدراتها في مجال البحث والتطوير، وتسهيل عمليّة تصميم الحلول، وأتمتة دورة عمليات المبيعات الداخلية، ما سيؤدّي إلى خفض التكاليف بنسبة تصل إلى 30٪. وتعقيباً على ذلك، قال فواز بوعلوان، الشريك في ستراتيجي آند الشرق الأوسط: “ستُساعد هذه الجهود على تسريع تطوير الملكية الفكرية المحلية وتعزيز مكانة المملكة بصفتها مركزًا لشركات تقنية المعلومات الوطنية الرائدة. كما يُمكن أن يُعدّ الذكاء الاصطناعي التوليدي العامل المُحفّز الأساسي لدفع عجلة هذا التحوّل، وخلق فُرص نمو هائلة، وتعزيز القدرات الداخليّة.“ قطاع الإعلام والترفيه بإمكان قطاع الإعلام والترفيه في السعودية أن يُحقّق نموًا في هامش الربح بنسبة 14 نقطة مئوية بحلول عام 2028، ليرفع بذلك سقف أرباحه التشغيليّة إلى 6 مليار ريال سعودي. تستطيع شركات الإعلام والترفيه الوصول إلى هذا النمو من خلال الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي لتوسعة قاعدة المحتوى العربي الأصلي، وتخصيص تجارب العملاء بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي، وتعزيز القدرات التشغيلية. نظرًا لأن الإنفاق على الإعلانات في السعودية لا يتعدّى 240 ريال سعودي للفرد الواحد، يُشير البحث أيضًا إلى وجود إمكانات واعدة لهذه الشركات لتحقيق دخل أفضل من قاعدة عملائها. ومن شأن ذلك أن يُسرّع من وتيرة التحوّل في المملكة لكي تُصبح مركزًا إعلاميًا وترفيهيًا رائدًا، بما يتماشى مع خُططها واستراتيجيّاتها الوطنية. قطاع الاتصالات بإمكان سوق الاتصالات في السعودية أن يُحقّق نموًا في هامش الربح بنسبة 12 نقطة مئوية بحلول عام 2028، ليرفع بذلك سقف أرباحه التشغيليّة إلى 11 مليار ريال سعودي. بمقدور شركات الاتصالات الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي للحصول على رؤى أوسع حول تفضيلات مستخدمي خدمات إنترنت النطاق العريض، من أجل تقديم قيمة تلبي مُتطلّباتهم، وتحسين استخدام البنية التحتية لخدمات إنترنت النطاق العريض، والتي تبلغ حاليًا حوالي 50٪ فيما يتعلق بخدمة توصيل الألياف الضوئية إلى المنازل في المملكة. وتستطيع شركات الاتصالات، من خلال تحليل سلوك العملاء، تخصيص الحملات التسويقيّة بواسطة الذكاء الاصطناعي، من أجل تسريع عمليات بيع تقنيات المعلومات والاتصالات للشركات الصغيرة والمتوسطة واغتنام الفرصة المواتية للوصول إلى 10 مليار ريال سعودي بحلول عام 2028. سيُمهّد الذكاء الاصطناعي التوليدي الطريق لشركات الاتصالات نحو التميّز مُقابل الجهات المُنافسة، ومواجهة التحدّيات المُتعلقّة بتحقيق الدخل والتنافسيّة المُحتدمة في الأسعار. ويشمل ذلك إنشاء فئاتٍ مُتطوّرةٍ للغاية للعملاء، وتحليل رؤى العملاء، وبناء محافظ منتجات مُخصَّصة لتلبية احتياجات كُل فئة من فئات العملاء. وفي هذا السياق، قال علي غدار، المدير الأول في ستراتيجي آند الشرق الأوسط: “لكي تنجح الشركات في تبنّي الذكاء الاصطناعي التوليدي، ينبغي عليها اعتماد نهجٍ قائمٍ على القيمة يُحقّق منافع ملموسة تتجاوز حدود الابتكار التقني. وإنَّ خيرَ انطلاقةٍ لذلك هي تنسيقُ مُبادرات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تتسق مع أهداف الشركات، وإجراء تحليلاتٍ شاملةٍ للتكاليف والمنافع، وتنشيط الجاهزية التشغيليّة في جميع أقسام الشركات المعنيّة. وفي سبيل نجاح هذا النهج، لا بُدّ من اعتماد أسلوب الإطلاق التدريجي، الذي يُجرى تحت إشرافٍ عملياتيّ متين، ويخضع لمؤشرات عالية الدقّة.“
مشاركة :