في 1997، وفي مكة المكرمة، وُلد طفلٌ مختلفٌ عن أقرانه بإعاقة حركية، يُدعى عبد الرحمن القرشي، الابن الثالث للعائلة المكونة من أربعة أبناء، ثلاث منهم أصحاء. ابن حارة «المغمس» بعُرف شباب الأحياء السكنية، الذين دائمًا ما يفضلون أن يُنادى عليهم باسم الحارة التي يسكنونها، تحدى منذ صغره الصعاب، حركية كانت أم تعليمية، وواصل يتيم الأب تعليمه في مدارس مكة المكرمة، حتى تمكن من إتمام المرحلة الثانوية بالكامل، ملتحقًا بعد ذلك بجامعة أم القُرى، ولأسباب عدة لم يُكمل عبد الرحمن تعليمه الجامعي. التحق القرشي في عام 2014 بنادي مكة لذوي الإعاقة، وبعد ثلاثة أشهر انضم إلى المنتخب السعودي لألعاب القوى لذوي الإعاقة في رياضة الكراسي المتحركة، وشارك في بطولة العالم للشباب الناشئين في لندن، العاصمة البريطانية آنذاك، وفي عام 2015 سجَّل عبد الرحمن حضوره في مجموعة من البطولات، ليتعرض عام 2016 لحادث سير نتج عنه بعض الحروق، ومكث على إثره في المستشفى قرابة الأشهر الستة، وابتعد عن مزاولة الأنشطة الرياضية مدة عام. وبفضل جهود والدته عاد القرشي إلى ممارسة الأنشطة الرياضية عام 2018، وذلك عبر التدرج على مراحل حتى تمكن في العام ذاته من المشاركة في دورة الألعاب الآسيوية المنظمة في جاكرتا، العاصمة الإندونيسية. الاختلاف رافق القرشي منذ ساعات ولادته الأولى حتى هذه اللحظة، فعادة ما يدين الرياضيون بالفضل بعد النجاح إلى المدربين والطواقم الفنية المشرفة عليهم، ماعدا عبد الرحمن الذي تكفلت والدته بهذه المهمة، وتولت الاهتمام بإعادة معنوياته إلى القمة، بعد التوقف عامًا كاملًا، وإصرارها عليه بإكمال مسيرته الرياضية، التي كانت تتنبأ بها خيرًا. في الشارقة، عام 2019 كانت انطلاقة عبد الرحمن الحقيقية، التي أظهرت مشاركته مؤشرات إيجابية كبيرة لبطل مستقبلي، وتحقق ذلك بالفعل عندما نال الميدالية البرونزية في دورة الألعاب البارالمبية طوكيو 2020 في سباق 100 متر، وذهبية سباق 100م كراسي متحركة بدورة الآسيوية في هانجتشو 2022، وذهبية سباق 100م كراسي متحركة في بطولة العالم لألعاب القوى 2024، وأخيرًا ذهبية منافسات 100م كراسي متحركة T53 في دورة الألعاب البارالمبية الجارية في باريس، العاصمة الفرنسية.