البروفيسورة مناهل ثابت في لقاء حصري في منزلها: الانتماء إلى السعوديّة امتنانٌ لا ينتهي

  • 9/4/2024
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في حوارها الأوَّلِ والحصري مع «سيدتي»، لا تكتفي البروفيسورةُ مناهل ثابت بفتحِ أبوابِ بيتها، بل وقلبها أيضاً، لتشارك العالمَ، عبر المجلَّةِ، جوانبَ نادرةً، وخاصَّةً من شخصيَّتها التي قلَّما يتمكَّن أحدٌ من رؤيتها. تعدُّ البروفيسورةُ مناهل من أبرزِ العلماءِ في مجالاتِ الرياضيَّات الكموميَّة، والهندسةِ الماليَّة على المستوى الدولي، وتمتلكُ شخصيَّةً استثنائيَّةً، تجمعُ بين العبقريَّة العلميَّة، والنضجِ الإنساني العميق. خلال هذا اللقاءِ المميَّزِ، تسلِّطُ الضوءَ على محطاتٍ من حياتها الشخصيَّة، وتجاربها التي لم تتطرَّق إليها من قبل، وتكشفُ عن الإنسانةِ التي تقفُ خلفَ الإنجازاتِ الكبرى، والروحِ التي تضيءُ لها دروبَ النجاحِ، والشغفِ العلمي. هذا الحوارُ فرصةٌ فريدةٌ للتعرُّفِ على البروفيسورةِ مناهل، ليس فقط بوصفها عالمةً عبقريَّةً، بل وإنسانةً أيضاً، تتَّسمُ برقَّةِ المشاعرِ، وعمقِ التفكير.   البروفيسورةُ مناهل إحدى القاماتِ العلميَّة البارزةِ عالمياً. حصلت على شهادةِ الدكتوراه في الهندسةِ الماليَّة، والدكتوراه في الرياضيَّات الكموميَّة، وتأتي بين عددٍ قليلٍ جداً من الخبراءِ في هذه المجالاتِ المعقَّدة. بفضلِ أبحاثها الرائدةِ، التي نُشِرَت في مجلَّاتٍ علميَّةٍ محكمةٍ منذ 2013، حازت مكانةً مرموقةً في الأوساطِ الأكاديميَّة العالميَّة. تشغلُ البروفيسورةُ مناصبَ قياديَّةً عدة، فهي مبعوثٌ خاصٌّ للأمينِ العامِّ لاتحادِ دولِ الكومنولث في مجالَي العلومِ والتكنولوجيا، وبحكمِ دورها، تعملُ على تعزيزِ التعاونِ العلمي بين الدولِ الأعضاءِ الـ 56، ودعمِ تحقيقِ أهدافِ التنميةِ المستدامة. كذلك تشغلُ منصبَ مستشارٍ لرئيسِ مدينةِ الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنيَّة، ومنصبَ نائبِ المدير وبروفيسورٍ زائرٍ لمعهد IBCHN في كليَّة إمبريال كوليدج، وهي أيضاً عضوٌ في الجمعيَّة الملكيَّة البريطانيَّة للعلوم، ونائبُ رئيسِ شبكةِ الذكاءِ العالميَّة WIN، أكبر منصَّةٍ للذكاءِ العالي في العالم، كما أنها مؤسِّسةٌ ورئيسةٌ لشركةِ كونسورتيوم للاستشارات، التي تختصُّ ببنوكِ البياناتِ، والدبلوماسيَّة العلميَّة، والهندسةِ الماليَّة، وإعادةِ هيكلةِ الاقتصادِ المستدام. وحظيت البروفيسورةُ مناهل، خلال مسيرتها الزاخرةِ بالنجاحاتِ، بتكريماتٍ عدة على مستوى العالم، من بينها جائزةُ «عبقريَّة العام» عقل العامِ البريطانيَّة، وجائزةُ جينيس للأرقامِ القياسيَّة في القدرةِ العقليَّة، وجائزةُ إنجازِ الشرقِ الأوسطِ في العلوم. كذلك تمَّ تصنيفها ضمن أذكى عشرِ شخصيَّاتٍ على قيدِ الحياة، وتكريمها بامتيازِ حريَّة لندن، ولقبِ فارسةِ سانت كاثرين. وتمتلكُ البروفيسورةُ شخصيَّةً متعدِّدةَ الأبعاد، وتجمعُ بين الإبداعِ العلمي، والذكاءِ العاطفي، وهي مثالٌ يُحتذى به في المزجِ بين الطموحِ والإنسانيَّة. ومن بين كوكبةِ علماءٍ متميِّزين على مستوى العالم، كانت البروفيسورةُ مناهل ثابت من الذين نالوا شرفَ الحصولِ على الجنسيَّة السعوديَّة بقرارٍ ملكي سامٍ من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تقديراً لجهودها العلميَّة الرائدة، وإسهاماتها، وخبرتها الاستثنائيَّة في ميادينِ العلومِ والتكنولوجيا. في حديثها الخاصِّ لنا، تكشفُ البروفيسورةُ بعفويَّةٍ عن مشاعرها العميقةِ تجاه هذا التكريمِ الرفيع، وتأثيره في مسيرتها الشخصيَّة والعلميَّة، ما يتيحُ فرصةً نادرةً للتعرُّفِ على ما يدورُ في خاطرِ عالمةٍ عبقريَّةٍ، أثرت البشريَّة بعلمها، تجاه هذا التشريفِ الكبير. يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط بين كلِّ هذه الألقابِ والمسمَّيات مناهل ثابت الإنسانة، هي ببساطةٍ شخصٌ، يسعى دائماً لاكتشافِ المزيد، ليس فقط في مجالاتِ العلمِ، والبحث، بل وفي فهمِ العالمِ المحيطِ بنا، وفهمِ ذواتنا بوصفنا بشراً أيضاً. أنا أؤمنُ بأن العلمَ وسيلةٌ للتواصلِ مع العالمِ، ووسيلةٌ للتعبيرِ عن حبِّ المعرفة، وحبِّ الخيرِ للإنسانيَّة. خلفَ كلِّ هذه الألقابِ، أنا مثل أي امرأةٍ طموحةٍ، ترى في العلمِ نافذةً للأمل، وفي العملِ الدؤوبِ طريقاً لتحقيقِ الأحلام. العلمُ بالنسبةِ لي، ليس مجرَّد وظيفةٍ، أو لقبٍ. إنه شغفٌ متجذِّرٌ في داخلي، يدفعني كلَّ يومٍ إلى الاستمرارِ على الرغمِ من التحدِّيات. في النهايةِ، أرى نفسي إنسانةً، تسعى دائماً إلى تقديمِ الأفضلِ للعالمِ والإنسانيَّة، مدفوعةً بحبٍّ لا ينضبُ للمعرفةِ، ورغبةٍ صادقةٍ في أن أكون جزءاً من بناءِ مستقبلٍ أفضل. أمَّا بالنسبةِ إلى الألقابِ فمن منظوري المتواضعِ الألقابُ قد تمنحك بريقاً، واعترافاً بإنجازٍ ما، لكنْ الشخصُ، هو الذي يضيفُ للقبِ قيمته بأفعاله، وأخلاقيَّاته، وتأثيره في المجتمع. بمعنى آخر، الألقابُ تكون جوفاءَ إذا لم يرافقها عمقٌ حقيقي، وإسهاماتٌ ملموسةٌ من الشخصِ الذي يحملها. بدأت رحلتي مع العلمِ عندما كنت طفلةً صغيرةً، حين كان العالمُ بالنسبةِ لي كتاباً مفتوحاً، ومملوءاً بالألغازِ التي تنتظرُ مَن يكتشفها. كان يأتيني دائماً ذلك الشعورُ العميقُ في داخلي بأن هناك أكثر مما تراه العينُ، وأن وراءَ كلِّ ظاهرةٍ حكايةٌ، تنتظرُ أن تُروى. بدأتُ بالسؤالِ عن كلِّ شيءٍ، وبحثتُ عن إجاباتٍ، لم تكن دائماً سهلةَ المنال، لكنْ كلُّ خطوةٍ في طريقِ المعرفة، كانت تُشعِلُ داخلي شغفاً لا ينطفئ. العلمُ بالنسبةِ لي ليس مجرَّد مجموعةٍ من الحقائقِ، أو النظريات. إنه نبضُ الحياة. هو الوميضُ الذي يضيء ظلمةَ الجهل، ويمنحنا القوَّةَ، لنحلم، ونبتكر. العلمُ، هو رحلةٌ، نكتشفُ فيها ذاتنا قبل أن نكتشفَ العالم. هو تلك البوصلةُ التي تُرشدنا إلى الحِكمة، وتُعلِّمنا أن نبحثَ عن المعنى في كلِّ شيءٍ، حتى في أصغرِ التفاصيل. من خلال العلمِ، نفهمُ أن كلَّ سؤالٍ، يقودنا إلى سؤالٍ آخرَ، وأن الحياةَ، ليست عن الوصولِ إلى الإجابةِ النهائيَّة، بل عن متعةِ البحثِ عن الحقيقةِ، والاستمتاعِ برحلةِ الاكتشاف. العلمُ في جوهره، هو الإيمانُ بأن الإنسانَ قادرٌ على تجاوزِ الحدودِ الفكريَّة الاعتياديَّة، وأنه بالمعرفةِ، يمكننا بناءُ عالمٍ أفضلَ لنا وللأجيالِ القادمة. عندما كنت طفلةً، كنت أشعرُ بأن العالمَ من حولي، يتحدَّثُ بلغةٍ خاصَّةٍ، لغة لا يفهمها الجميع. كانت لدي أسئلةٌ كثيرةٌ، وأحلامٌ أكبر، وكانت الموهبةُ التي في داخلي، تُشعِرني بأنني مختلفةٌ، وأحياناً كانت تلك الاختلافاتُ، تشكِّلُ تحدياً في محيطي، وقد عانيتُ كثيراً من التنمُّر بسببها، لكنني كنت محظوظةً بوجودِ أشخاصٍ في حياتي، خاصَّةً أفرادَ عائلتي الذين عرفوا كيف يرعون تلك الموهبة، وقدَّموا لي الدعمَ اللازم، فحوَّلوا تلك الاختلافاتِ إلى نقاطِ قوَّةٍ، وفتحوا لي أبواباً للاستكشافِ والتعلُّم. من خلال هذه التجربةِ، أدركتُ أن التعاملَ مع الموهوبين، يحتاج إلى رعايةٍ خاصَّةٍ. الموهبةُ، هي بذرةٌ، تحتاج إلى تربةٍ خصبةٍ، وإلى رعايةٍ مستمرَّةٍ كي تزهر. من أهمِّ الممارساتِ فهمُ أن الموهوبين، يحتاجون إلى بيئةٍ، تحترمُ فضولهم، وتُشجِّعهم على الابتكار. يجبُ تقديمُ التحدِّياتِ التي تناسبُ قدراتهم، وفي الوقتِ نفسه، يجبُ أن تكون هناك مساحةٌ للخطأ، والتعلُّم منه. كما يجبُ أن يُعطى الموهوبون الفرصةَ للتعبيرِ عن أنفسهم بطرقٍ مختلفةٍ، سواءً كان ذلك من خلال العلمِ، الفنِّ، أو أي مجالٍ آخرَ. الأهمُّ من ذلك كلِّه، يجبُ أن يشعروا بالدعمِ العاطفي، والاعترافِ بقدراتهم. نحن في حاجةٍ إلى أن نكون مرشدين، وليس فقط معلِّمين، وألَّا نكتفي بتقديمِ المعرفةِ لهم، بل والحكمةِ أيضاً، إذ تُمكِّنهم من استخدامِ تلك المعرفةِ لصالح الإنسانيَّة. الموهوبون، هم الشموعُ التي تضيءُ مستقبلنا، وإذا تعاملنا معهم بشكلٍ صحيحٍ، فسيتمكَّنون من الإسهامِ في بناءِ عالمٍ أكثر إشراقاً وتقدُّماً. في عصرنا التقني الذي تتسارعُ فيه وتيرةُ الابتكارِ، والتغيُّر، يصبح زرعُ حبِّ العلمِ في نفوسِ الأجيالِ الجديدةِ مهمَّةً ملحَّةً، أعظم من أي وقتٍ مضى. لكي نغرسَ حبَّ العلمِ بعمقٍ في قلوبهم علينا أن نبدأ بتعريفهم بأن العلمَ، ليس مجرَّد معادلاتٍ، أو نظرياتٍ جافةٍ، وإنما رحلةُ استكشافٍ نحو فهمِ أسرارِ الكون، ووسيلةٌ لإشباعِ فضولهم الفطري حول العالمِ من حولهم. من أهمِّ الطرقِ لزرعِ هذا الحبِّ، أن نجعلَ من العلمِ مغامرةً، وأن نسمحَ لهم بتجربةِ الأمورِ بأنفسهم، وأن نمنحهم الفرصةَ لطرحِ الأسئلةِ الكبيرة حتى تلك التي لا نعرفُ لها إجاباتٍ إلى الآن. علينا أن نُعلِّمهم أن كلَّ فكرةٍ مهما كانت بسيطةً، أو معقَّدةً، يمكن أن تقودَ إلى اكتشافٍ عظيمٍ، وأن لا حدودَ للإبداعِ والابتكار. الأجيالُ الجديدةُ متعطشةٌ للمعرفة، لكنَّهم في حاجةٍ إلى مرشدين يلهمونهم، إلى أشخاصٍ، يرون فيهم العلماءَ، والمبتكرين الصغار الذين سيغيِّرون العالم. يجبُ أن نربطَ العلمِ بحياتهم اليوميَّة، وأن نُظهِر لهم كيف يمكن للعلمِ أن يحلَّ مشكلاتهم الصغيرةَ والكبيرة، وأن نخلقَ لهم بيئةً، يشعرون فيها بالأمانِ لتجربةِ الجديد، واختبارِ الأفكار. كما يجبُ أن نزرعَ فيهم القيمَ الإنسانيَّة التي تجعلُ من العلمَ أداةً للخير، وأن نعلِّمهم أن العلمَ، ليس فقط لاكتسابِ المعرفة، بل ولاستخدامها أيضاً في تحسينِ حياةِ الآخرين. إذا نجحنا في غرسِ هذه القيم، فسنخلقُ جيلاً، لا يكتفي فقط بحبِّ العلم، بل ويراه كذلك مسؤوليَّةً، وأداةً لبناء مستقبلٍ أفضل، وأكثر إشراقاً للبشرية. يُحزنني حقاً أن أرى جيلاً بازغاً، لا يعرفُ عن «تسلا» سوى أنها سيارةٌ كهربائيَّةٌ. التوأمُ الرقمي نسخةٌ رقميَّةٌ من كيانٍ واقعي، يتيح محاكاةَ، وتوقَّعَ النتائجِ دون الحاجةِ إلى التجاربِ الماديَّة. من خلال دمجه مع الذكاءِ الاصطناعي، يمكن تسريعُ عمليَّاتِ البحثِ العلمي، واكتشافُ الأنماطِ المخفيَّة، ما يوفِّرُ الوقتَ، والتكلفة، ويزيدُ من دقَّة النتائج. من إيجابيَّات التوأمِ الرقمي مع الذكاءِ الاصطناعي القدرةُ على تحسينِ النماذجِ باستمرارٍ، وتحقيقُ تقدُّمٍ سريعٍ في مجالاتٍ مثل الطبِّ، والهندسة. مع ذلك، فإنَّ الاعتمادَ المفرطَ على هذه التقنياتِ قد يقلِّلُ من التفاعلِ البشري المباشرِ مع الواقع، ما قد يؤدي إلى تقليلِ الفهمِ العملي لبعض التحدِّيات. إضافةً إلى ذلك، يتطلَّبُ إنشاءُ نماذجَ رقميَّةٍ دقيقةٍ مواردَ كبيرةً، وقد يكون معرَّضاً للأخطاءِ إذا لم يتم إدارتها بشكلٍ صحيحٍ. أؤمنُ بأنَّ كلَّ عالمٍ، قدَّم إسهاماً للبشريَّة، مهما كان صغيراً أو كبيراً، قدوةٌ علميَّةٌ بالنسبة لي. العلماءُ حاملو مشاعلِ المعرفة الذين بنوا جسورَ الفهمِ، والاكتشافِ عبر العصور، لكنْ إذا كان هناك شخصٌ، أخصُّه بالذكر، فهو البروفيسور مايكل كروفورد، العالمُ البريطاني الكبيرُ في إمبريال كوليدج، إذ تتلمذتُ على يديه، وتشرَّفتُ بزمالته بالمعهد نفسه، ولنا أبحاثٌ مشتركةٌ، نُشِرَت في مجلَّاتٍ علميَّةٍ محكمةٍ. البروفيسور كروفورد، ليس فقط مرشداً علمياً، ومعلِّماً فاضلاً، بل وكان له دورٌ عظيمٌ في تشكيلِ فهمي العميقِ لأغوارٍ علميَّةٍ عميقةٍ، وفهمِ كيفيَّة الدمجِ بين العلومِ المختلفة. من خلال إرشاداته وحكمته، تعلَّمتُ كيف يمكن للعلمِ أن يكون أداةً قويَّةً لخدمةِ البشرية، وكيف يمكن للأبحاثِ أن تؤدي إلى تغييراتٍ حقيقيَّةٍ، ومستدامةٍ في العالم. كان البروفيسور كروفورد، ولا يزالُ قدوةً، ليس فقط بعلمه، بل وفي تواضعه أيضاً، ودماثةِ أخلاقه، وإصراره على تحقيقِ الأفضل دائماً. يمكن الاطلاع على قصة نجاح أخرى مع الدكتورة خلود المانع في واقعِ الأمر، نعم، هناك فجوةٌ بين العالِم والمجتمع! وهي فجوةٌ، تثيرُ في نفسي كثيراً من التأمُّل. على الرغمِ من أن العلماء، هم الذين يقفون خلفَ الابتكاراتِ التي تلامسُ حياتنا اليوميَّة، وتجعلها أكثر يسراً وراحةً إلا أن هذا الجهدَ العظيمَ غالباً ما يظلُّ خلفَ الكواليسِ غير مرئي، وغير مفهومٍ بشكلٍ كاملٍ من قِبل العامَّة. قد يعودُ هذا إلى تعقيدِ اللغةِ العلميَّة، أو ابتعادِ العلماءِ عن ساحاتِ التواصلِ المباشرِ مع المجتمع. شخصياً، لا أحبُّ أن يُطلَق عليَّ لقبُ «عالمةٍ»، لأنني مؤمنةٌ بعمقٍ، أن العلمَ المُطلقَ عند الله وحده، وأن الله لم يُؤتِنا من العلمِ إلا قليلاً، وقليلاً جداً. العالِمُ الحقيقي، هو الذي يدرك في كلِّ يومٍ، وساعةٍ، وثانيةٍ، أنه لا يزالُ طالباً للعلم، يسعى للفهمِ، ويبحثُ عن الحقيقةِ بتواضعٍ، وإخلاصٍ. العلاقةُ بين العالِمِ والمجتمع، يمكن أن تصبح أقوى وأعمقَ إذا ما تمكَّن كلُّ طرفٍ من فهمِ الآخر. يجبُ على العلماءِ ألَّا يكتفوا فقط بالسعي إلى اكتشافِ المجهول، بل وأن يعملوا أيضاً على نقلِ هذا العلمِ بطريقةٍ، تمسُّ قلوبَ الناس، وتلامسُ حياتهم اليوميَّة. في المقابلِ، على المجتمعِ أن يحتضن العلمَ، ويُقدِّره، ليس فقط بوصفه وسيلةً لتحقيقِ الراحة، أو التكنولوجيا، بل وبوصفه أيضاً جزءاً من رحلةِ الإنسانيَّة نحو الفهمِ الأعمقِ لوجودها. هنا يأتي دورُ الإعلامِ بالتوعيةِ، وإبرازِ دورِ العلماءِ، والباحثين، والمبتكرين، والمخترعين، وحتى المجتهدين الناشئين في المجالِ العلمي. بصراحةٍ، هناك تقصيرٌ إعلامي في هذا الصدد! عندما نصلُ إلى هذه النقطةِ من التفاهمِ، والتوعيةِ، والتقديرِ المتبادل، سنكتشفُ أن العلمَ، ليس بعيداً عن حياتنا اليوميَّة، بل هو النبضُ الذي يحرِّك التقدُّم، ويصوغ المستقبل. إن هذه العلاقةَ بين العالِم والمجتمعِ دعامةٌ أساسيَّةٌ لبناءِ غدٍ أفضل حيث يكون العلمُ في خدمةِ الإنسان، والإنسانُ في سعي دائمٍ للعلمِ بصدقٍ وتواضعٍ. شغفي العميقُ بالعقلِ البشري، ورغبتي في الحفاظِ على قوَّته الذهنيَّة في عصرٍ، يشهدُ تطوُّراً تكنولوجياً متسارعاً، دفعاني إلى تأسيسِ أوَّلِ مركزٍ متخصِّصٍ في تدريب الخلايا الذهنيَّة بالشرق الأوسط. منذ إنشائه في دبي قبل ثمانيةِ أعوامٍ، بالتعاونِ مع معهدِ الكيمياء الدماغيَّة والتغذية البشريَّة التابعِ لـ «إمبريال كوليدج» البريطاني، حقَّق المركزُ تأثيراً إيجابياً في حياة الآلافِ من الناس، من ذلك زيادةُ التركيزِ حيث يساعدُ المركزُ الأفرادَ، من خلال التدريبِ المكثَّف، في تعزيزِ قدرتهم على التركيزِ والانتباه، ما يُمكِّنهم من أداءِ مهامهم بفاعليَّةٍ أكبر، وزيادةِ إنتاجيتهم في مختلفِ مجالاتِ الحياة. إلى جانبِ تعزيزِ الذاكرة، إذ يتضمَّن البرنامجُ تقنياتٍ متطوِّرةً لتحفيزِ الذاكرة، وتطويرِ قدرتها، بالتالي القدرة على استرجاعِ المعلوماتِ بشكلٍ أسرع وأكثر دقَّةً. كذلك يُطوِّر المركزُ عمليَّة اتخاذِ القرار عبر دعمِ الأفرادِ لتحسينِ مهاراتِ التفكيرِ الاستراتيجي واتِّخاذ القراراتِ المستنيرة لديهم، ما يساعدهم في التعاملِ مع التحدِّياتِ اليوميَّة بشكلٍ أفضل. وأخيراً يعملُ المركزُ على تحقيقِ الهدوءِ النفسي فالتدريبُ فيه يتضمَّن تقنياتِ الاسترخاءِ والتأمُّل التي تُحقِّق التوازنَ النفسي، وتساعدُ في إدارةِ التوتُّر والضغوط بشكلٍ أكثر فاعليَّةً. إن رؤيةَ الأثرِ العميقِ لهذه الفوائدِ على حياةِ الأفراد، وتحسينَ جودةِ حياتهم، يُشعرانني بسعادةٍ غامرةٍ، وفخرٍ كبيرٍ بما حقَّقه مركز ثينك هب حتى الآن، لذا أتطلَّع بشوقٍ لافتتاحِ الفرعِ الأحدثِ والأكبر في الرياض حيث سنواصلُ توسيعَ دائرةِ المستفيدين من هذه الخدماتِ الفريدة، وتمكينَ مزيدٍ من الأشخاصِ من الوصولِ إلى أقصى إمكاناتهم الذهنيَّة لتحسينِ جودةِ حياتهم. تربَّيت في أسرةٍ محبَّةٍ للعلم والمعرفة، وكان والداي مصدرَ الإلهامِ الأكبر في حياتي. والدي كان رجلاً حكيماً، عميقَ التفكير، وغرسَ فينا حبَّ الاستطلاعِ والبحثِ عن المعرفة، بينما كانت والدتي مثالاً حياً على القوَّةِ، والصبرِ، والتفاني في سبيلِ أسرتنا الصغيرة. منهما تعلَّمتُ أن العلمَ، ليس مجرَّد هدفٍ. إنه أيضاً أسلوبُ حياةٍ، وأن التواضعَ، والإصرارَ مفتاحَا النجاح. من الذكرياتِ العزيزةِ على قلبي تلك اللحظاتُ التي كنت أجلسُ فيها مع والدي، وأنا صغيرةٌ، ونتأمَّلُ النجومَ في سماءِ الليل. كان يُحدِّثني عن الكونِ وأسراره، ويروي لي قصصاً عن العلماءِ الذين قدَّموا للعالمِ اكتشافاتٍ عظيمةً. كنت أرى في عينَيه شغفاً لا حدودَ له، وكان يُشجِّعني دائماً على طرحِ الأسئلةِ مهما كانت بسيطةً، أو معقَّدةً. تلك اللحظاتُ، كانت تصوغُ في داخلي حبَّ العلمِ، والشغفَ بالمعرفةِ، وتزرعُ في قلبي يقيناً بأن كلَّ شيءٍ ممكنٌ إذا ما سعينا إليه بإخلاصٍ. كان والدي، يقولُ لي: مهما بلغتِ من العلمِ درجاتٍ، تذكَّري أن جذوركِ في الأرض، ومَن تواضعَ لله رفعه. اليوم، وأنا أسيرُ في دروبِ العلم، أشعرُ بوجودهما معي في كلِّ خطوةٍ أخطوها. أتذكَّرُ دائماً كلماتِ والدي، وتشجيعه لي، وأستمدُّ من والدتي قوَّتها، وصبرها. إن تلك الذكرياتِ، تؤكِّدُ لي دائماً بأنني أسيرُ على دربٍ، رسمته لي أيدٍ محبَّةٌ ومخلصةٌ. كانت وفاةُ والدي تجربةً صعبةً جداً بالنسبةِ لي، لكنْ والدتي أصبحت محورَ حياتي الآن، أستمدُّ منها القوَّةَ، والدعمَ في كلِّ خطوةٍ، وأهمُّ شيءٍ دعواتها المُمطرةُ مثل الغيثِ لي في كلِّ الأوقات. أمَّا أختي الكبرى والوحيدة، فهي سندي، وترافقني في هذه الرحلةِ بحبٍّ وتفانٍ، لا مثيل لهما. والدتي وأختي بمنزلةِ عينَين، أنظرُ بهما للعالم. أمِّي كذلك قلبي النابض. هذا الحبُّ، والمودَّةُ ما يمنحانني القوَّةَ للاستمرارِ، والشغفِ لتحقيقِ الأفضل دائماً. لأولياءِ الأمورِ أقولُ: أطفالكم أمانةٌ ثمينةٌ، ومهمَّتكم غرسُ القيمِ، والمبادئ التي ستُشكِّل أساسَ حياتهم ومستقبلهم في نفوسهم. علِّموهم أن العلمَ، ليس مجرَّد وسيلةٍ للمعرفةِ. إنه رحلةٌ ممتعةٌ، تقودهم نحو الفهمِ العميقِ للعالم. دعوا فضولهم يزدهر، وشجِّعوهم على طرحِ الأسئلةِ، والبحثِ عن الإجابات، لكنْ دائماً مع تذكيرهم بأن المعرفةَ، تحملُ مسؤوليَّةً كبيرةً. ازرعوا في قلوبهم حبَّ العلمِ مقروناً بالصدقِ والأخلاق، وكونوا لهم سنداً، ودعامةً في كلِّ خطوةٍ. لا تنسوا أن تغرسوا فيهم حبَّ الوطن، وأن يُدركوا أن العلمَ وسيلةٌ لخدمةِ بلادهم، والإسهامِ في نهضتها. علِّموهم أن العطاءَ أسمى القيمِ، وأن العلمَ، يصبح أعظمَ عندما يُستَخدمُ في خدمةِ الآخرين، وبناءِ مجتمعٍ أفضل. بتوجيهكم السليم، يمكن لأطفالكم أن يصبحوا علماءَ، لا يقتصرُ دورهم فقط على الاكتشافاتِ العلميَّة، بل ويمتدُّ أيضاً ليشملَ إحداثِ تأثيرٍ إيجابي، ومستدامٍ في العالم، وفي وطنهم العزيز. في مرحلةٍ ما من حياتي، كانت لدي طموحاتٌ كبيرةٌ، تماماً مثل أي شخصٍ، يسعى إلى التميُّز والنجاح، لكنَّني أدركتُ مع مرورِ السنين، أن الطموحَ مجرَّدُ بدايةٍ، وأنه يأتي وقتٌ في حياةِ الإنسان، يتجاوزُ فيه مرحلةَ الطموحِ إلى مرحلةٍ أكثر عمقاً وثراءً، وهي مرحلةُ العطاء. اليوم، لم يعد الطموحُ ما يُحرِّكني، بل العطاء. العطاءُ ثمرةُ الخبرةِ المتراكمةِ على مرِّ السنين، والزادُ الذي أملكه لأسهم في تحسينِ حياةِ الآخرين. العلمُ الذي تعلَّمته، والمهاراتُ التي اكتسبتها في مسيرتي، أصبحت أدواتٍ لخدمةِ مجتمعي، ووطني، والبشريَّة. بالنسبةِ لي، تحقيقُ الطموحِ، كان خطوةً، أمَّا العطاءُ فالوجهةُ التي أسعى إليها الآن خاصَّة لمملكتنا الحبيبة. أؤمنُ أن القيمةَ الحقيقيَّة للعلم، تكمن في كيفيَّة استخدامه لإحداثِ تأثيرٍ إيجابي، ودائمٍ. تعييني مبعوثةً خاصَّةً للأمينِ العامِّ في منظَّمة دولِ الكومنولث بمجالَي العلوم والتقنيَّة شرفٌ كبيرٌ، ومسؤوليَّةٌ عظيمةٌ، أعتزُّ بها. القرارُ، يمثِّلُ تتويجاً لمسيرتي العلميَّة والتقنيَّة على مدى الأعوامِ الماضية، واعترافاً بالجهودِ التي بذلتها في سبيلِ تعزيزِ العلمِ والتكنولوجيا بوصفها أدواتٍ فاعلةً لتحقيقِ التنميةِ المستدامة. منظَّمة دولِ الكومنولث، تضمُّ 56 دولةً بتعدادٍ سكاني، يصلُ إلى 2.7 مليار نسمةٍ، منها دولٌ كبيرةٌ مثل الهند، وأستراليا، وكندا، وبريطانيا، وجنوب إفريقيا، وبروناي، ونيوزيلندا، وباكستان، ونيجيريا، وروندا، وجيانا، وجزر الكاريبي والأطلسي وغيرها من الدول، ما يجعلها أحدَ أقوى التحالفاتِ الدوليَّة. هذه الدولُ، تشترك في رؤيةٍ خاصَّةٍ للتنميةِ المستدامةِ، والازدهارِ الجماعي، وتعملُ معاً لتعزيزِ القيمِ الإنسانيَّة، والتقدُّم الاقتصادي والاجتماعي عن طريقِ الأمانةِ العامَّة لاتحاد الكومنولث بقيادةِ باتريشا سكوتلاند، الأمين العام، التي أتشرَّفُ بالعمل معها. دوري بوصفي مبعوثةً خاصَّةً، يتمحورُ حول تعزيزِ التعاون العلمي والتكنولوجي بين دولِ الكومنولث، وهي مهمَّةٌ، تحملُ أبعاداً عالميَّةً، تتجاوز حدودَ الأبحاثِ التقليديَّة، لتشمل تطويرَ سياساتٍ، ومشروعاتٍ، تسهم في تحسينِ جودةِ الحياةِ للمجتمعات. هذا التعيين، ليس لقباً فقط. إنه التزامٌ بتوجيه المعرفةِ العلميَّة لخدمةِ الأهدافِ النبيلة، ومواصلةِ السعي إلى تحقيقِ التقدُّمِ والازدهار في كلِّ زاويةٍ من زوايا هذا العالم. أشعرُ بفخرٍ كبيرٍ بكوني سعوديَّةً، تُضاف إلى هذا المنصبِ الدولي الرفيع، إذ يمثِّلُ ذلك انعكاساً لدور السعوديَّة المتنامي في المشهدِ العلمي والتكنولوجي العالمي، ويسلِّطُ الضوءَ على الإمكاناتِ الكبيرة التي تمتلكها بلادنا في هذه المجالاتِ الحيويَّة. وفي خبرٍ حصري لمجلَّة «سيدتي»، يُسعدني أن أعلن أنه تمَّ أخيراً تعييني، إلى جانبِ هذا المنصب، مبعوثةً خاصَّةً للأمينِ العامِّ للكومنولث لدولِ مجلسِ التعاون الخليجي. هذه إضافةٌ جديدةٌ لقائمةِ مسؤوليَّاتي الرسميَّة، وتعكسُ أهميَّة المنطقةِ الخليجيَّة، ودورها المتنامي في الساحةِ العالميَّة. أرى في هذه الأدوارِ فرصةً لأكون صوتاً للعلمِ والتكنولوجيا في العالم، وأسهم في صياغةِ مستقبلٍ، يليقُ بتطلُّعاتِ الأجيالِ القادمة، مع تعزيزِ العلاقاتِ، والتعاونِ بين اتحادِ دولِ الكومنولث، ومجلسِ التعاونِ الخليجي. ما رأيك بالتعرف على المهندسةُ منى القويز تلك التحدِّياتُ الصحيَّة، كانت جزءاً من رحلتي، ولم تكن سهلةً بأي حالٍ من الأحوال. تشخيصي بمتلازمةِ أسبرجر في سنٍّ مبكِّرةٍ، جعلني أشعرُ بأنني مختلفةٌ عن الآخرين، وكنت أواجه التنمُّر بسببِ عدمِ فهم المحيطين بي احتياجاتي المختلفة. أدركتُ مع الوقتِ أن هذه التحدِّيات، لم تكن عائقاً بقدرِ ما كانت محفِّزاً لصقلِ شخصيَّتي، وتشكيلِ مساري. متلازمةُ أسبرجر، منحتني رؤيةً خاصَّةً للعالمِ، وقدرةً على التركيزِ، والتعمُّقِ في الأمورِ التي أتعلَّمها، ما ساعدني في رحلتي العلميَّة. كما أن التعاملَ مع مرضِ السكري في سنِّ المراهقة، علَّمني الصبرَ، والتحكُّمَ، وكيفيَّة مواجهةِ الصعابِ بثباتٍ. هذه التحدِّياتُ، شكَّلت دافعاً لدي لأثبت لنفسي والعالم أنني قادرةٌ على التغلُّبِ عليها، وتحويلها إلى قوَّةٍ إيجابيَّةٍ. على الرغمِ من التنمُّرِ، والصعوباتِ التي واجهتها، كنت مصمِّمةً على ألَّا أسمح لهذه التحدِّياتِ بأن تعرقل طريقي. بدلاً من ذلك، جعلتني أقوى، وأكثر عزيمةً على تحقيقِ أهدافي. أدركتُ أن القوَّةَ الحقيقيَّة، تأتي من الداخل، وأنني مسؤولةٌ عن كيفيَّة استجابتي لكلِّ ما يواجهني في الحياة. هذه التجاربُ، شكَّلت جزءاً كبيراً من هويَّتي، وجعلتني أؤمنُ بأن كلَّ تحدٍّ، هو فرصةٌ للتعلُّمِ، والنمو. عندما تلقَّيتُ خبرَ منحي الجنسيَّة السعوديَّة، شعرتُ بفرحةٍ لا توصفُ بالكلمات. كانت لحظةً مملوءةً بالفخرِ، والعزَّةِ، والانتماءِ، لحظةً فارقةً في حياتي. في تغريدتي، قلتُ: «أرفع أسمى آياتِ الشكرِ والتقديرِ لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، حفظهما الله، لمنحي الجنسيَّة السعوديَّة. ومن هنا أقفُ سمعاً وطاعةً لمسيرةٍ راسخةٍ، وعطاءٍ ممتدٍّ، يملؤنا فخراً وعزَّةً وانتماءً». لقد عنيتُ كلَّ كلمةٍ كتبتها، فالشعورُ الذي غمرني عندما تلقَّيتُ الخبرَ، كان لا يضاهيه شعورٌ. أن تكون سعودياً، يعني أن تنتمي إلى وطنٍ عظيمٍ في ظلِّ قيادةٍ حكيمةٍ ورشيدةٍ، تعكسُ قيمَ الإخلاصِ، والتفاني في خدمةِ هذا البلدِ المبارك. الشعورُ بالانتماءِ إلى المملكة العربيَّة السعوديَّة، ليس مجرَّد جنسيَّةٍ فقط، بل هو شعورٌ، يجري في العروق، وإحساسٌ، يتغلغلُ في الروح، وامتنانٌ لا ينتهي. يجعلني أشعرُ بمسؤوليَّةٍ أكبر نحو هذا الوطن الغالي. أنا فخورةٌ بكوني سعوديَّةً، وأتطلَّعُ إلى أن أكون جزءاً من هذه المسيرةِ الوطنيَّة الرائدة، وأن أسهم بكلِّ ما أوتيت من عزيمةٍ، وعلمٍ، ومعرفةٍ، وخبرةٍ في تحقيقِ مستقبلٍ مشرقٍ لهذا الوطنِ العظيم.   يشرفني أن أرفع أسمى آيات الشكر والتقدير لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسمو سيدي ولى العهد الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظهما الله لمنحي الجنسية السعودية من هنا أقف سمعاً وطاعة لمسيرة راسخة وعطاء ممتد لوطن يملؤنا فخر وعزة وانتماء pic.twitter.com/9nide9fZts   في مقالي المنشورِ بصحيفةِ الرياض، تناولتُ فكرةَ أن ما بعد «رؤية 2030»، هو البدايةُ الحقيقيَّة لمسيرةِ النهضة التي تقودها المملكةُ العربيَّة السعوديَّة. إن «رؤيةَ 2030»، لم تكن خطَّةً للتغييرِ فقط، فهي أيضاً نقطةُ انطلاقٍ نحو مستقبلٍ، يزخرُ بالإمكاناتِ، والتطوُّراتِ التي ستعيدُ تعريفَ مكانةِ السعوديَّة على الساحةِ العالميَّة. وصفتُ في المقالِ سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأنه «المهندسُ الحضاري الذي رسمَ بخطى ثابتةٍ معالمَ رؤيةٍ مستقبليَّةٍ جريئةٍ وملهمةٍ». كتبتُ: «لقد أرسى سمو ولي العهد أساساتٍ راسخةً لمستقبلِ المملكة، مرتكزةً على تنويعِ مصادرِ الاقتصاد، وتعزيزِ الابتكار، والاهتمامِ بالطاقةِ المتجدِّدة، وبناءِ مجتمعٍ حيوي». إن ما بعد «رؤيةِ 2030»، يمثِّلُ المرحلةَ التي سنجني فيها ثمارَ هذه الجهودِ حيث ستتحوَّلُ الأفكارُ الطموحةُ إلى واقعٍ ملموسٍ. ما بعد 2030 اللحظةُ التي سيبدأ فيها التاريخُ بتسجيلِ إنجازاتٍ جديدةٍ لهذه الأرضِ الطيِّبة من خلال استكمالِ المشروعاتِ الكبرى، وتوسيعِ دائرةِ التأثيرِ الإيجابي للسعوديَّة على المستوياتِ الإقليميَّة والعالميَّة. وكما ذكرتُ في مقالي، هذه ليست نهايةَ الرحلةِ، وإنما بدايةٌ جديدةٌ لمسيرةٍ، نُسِجَت بخيوطِ الرؤيةِ، والطموحِ بقيادةٍ فذَّةٍ من سمو ولي العهد الذي وضعَ السعوديَّة على طريقِ التميُّز والريادة. القائدُ الحقيقي، هو الذي يمتلكُ رؤيةً واضحةً، وشجاعةً في اتِّخاذِ القرارات، لكنَّه أيضاً يتَّسم بالتواضعِ، والقدرةِ على الاستماعِ للآخرين. القائدُ الفاعلُ، هو الذي يُلهِمُ مَن حوله، ويحترمهم، ويحفِّزهم ليكونوا أفضلَ نسخٍ لأنفسهم. إنه ليس مجرَّد صانعٍ للقرارات، إنه أيضاً مرشدٌ، يوجِّه الفريقَ نحو تحقيقِ أهدافٍ مشتركةٍ، ويغرسُ فيهم الثقةَ، والإيمانَ بقدراتهم. أمَّا بالنسبةِ إلى الشبابِ الذين يحاولون شقَّ طريقهم في الحياة، فأودُّ أن أقولَ لهم: نحن نتاجُ تأطيرٍ فكري، أقنعنا بأن النجاحَ، يعني إبهارَ الآخرين بإنجازاتٍ عظيمةٍ، وجوائزَ رنَّانةٍ، لكنْ في الحقيقةِ بعضُ هذه الإنجازاتِ العظيمةِ قد تكون في أبسطِ الأشياء. أن تنشئ جيلاً صالحاً، أو أن تكون ولداً صالحاً، أو صديقاً مخلصاً، أو أن تسهم بلمسةٍ طيِّبةٍ في حياةٍ شخصٍ ما، كلُّ ذلك إنجازاتٌ، لا تقلُّ أهميَّةً عن تلك التي تملأ عناوين الصحف. عندما تنظرُ إلى الحياةِ من هذا المنظورِ، ستجدُ أن القيمةَ الحقيقيَّة، تكمنُ في العطاءِ، في الإخلاصِ، وفي السعي إلى تحقيقِ الأفضل، ليس فقط لنفسك، بل ولكلِّ مَن حولك أيضاً. إياك أن تسعى إلى إبهارِ العالمِ، بل اجعل هدفكَ أن تترك أثراً إيجابياً في حياتكَ وحياةِ الآخرين، وستجدُ حينها أن الطريقَ الذي تخطوه مليءٌ بالنجاحِ، والسعادةِ الحقيقيَّة. التحفيزُ الذاتي جوهرُ الوجود، والنورُ الذي يقودني خلال التحدِّياتِ والظلام. لقد واجهتُ في حياتي تحدِّياتٍ كثيرةً، وفي تلك اللحظاتِ الصعبةِ، كنت وحيدةً، ولم يكن إلى جانبي أحدٌ سوى الله عز وجل. في تلك اللحظاتِ كنت الجيشَ، والعدةَ، والعتادَ لنفسي، أخوضُ وحيدةً غمارَ معاركَ شرسةٍ في حربٍ ضروسٍ، تسلَّحتُ فيها بالصبر والإيمان، ولم ألتفت يوماً إلى كلامِ الحاقدين، والكارهين للنجاح. كنت دائماً أعلمُ أن القوَّةَ الحقيقيَّة، تأتي من الداخل، من تلك الشرارةِ التي تضيء القلبَ عندما يتعثَّر العقل. كنت ألجأ للدعاءِ عندما أحتاجُ إلى استراحةِ محاربٍ. تلك اللحظاتُ التي أستعيدُ فيها طاقتي، وأجدِّدُ بها عزيمتي لمواصلةِ المسير. التحفيزُ الذاتي، ليس فقط وسيلةً للنجاح، هو أيضاً رحلةٌ روحيَّةٌ، تُغذِّيها الثقةُ بالله، والقوَّةُ التي تمنحني القدرةَ على الاستمرارِ بغضِّ النظر عن العقبات. هو الإيمانُ بأن كلَّ تحدٍّ، يحملُ في طيَّاته درساً، وكلُّ لحظةِ صبرٍ، تفتح أبواباً جديدةً للفرص. وقتي الخاصُّ قليلٌ، لذا أحرصُ على الاستمتاعِ بكلِّ لحظةٍ فيه. أعظمُ متعةٍ بالنسبةِ لي قضاءُ الوقتِ مع أمِّي الحبيبة، فهي مصدرُ راحتي وسعادتي. كذلك أجدُ سعادةً غامرةً في البحثِ عن كتابٍ يقرأني بقدرِ ما أقرأه، فالعلاقةُ مع الكتبِ، ليست قراءةً فحسب، هي أيضاً تفاعلٌ عميقٌ مع الأفكارِ، والحكمةِ التي تحملها. أحبُّ جداً اقتناءَ الأشياءِ النادرة كأحجارِ النيازكِ، إذ تجلبُ لي إحساساً بالاتِّصال بالكون، والكتبِ القديمةِ جداً حيث أستقي منها جزءاً من حكم الأوَّلين وتجاربهم، وقد يستغربُ بعضهم من عشقي لتركيبِ قطعِ الليجو النادرةِ والمعقَّدة، فأنا أعدُّها تحدياً، يثير بي روحَ الإبداعِ والابتكار، ويمنحني لحظاتٍ من التركيزِ والهدوء. هذه الأشياءُ البسيطة، تمنحني توازناً جميلاً بعيداً عن ضغوطِ العمل، وتملؤ حياتي بلمساتٍ من السعادة، والتأمُّل. العلاقاتُ الإنسانيَّة والصداقةُ من أغلى الكنوزِ في الحياة. بالنسبةِ لي، الصداقةُ أكثر من مجرَّد علاقةٍ، فهي رابطةٌ، تمتدُّ جذورها إلى أعماقِ الثقةِ، والاحترامِ المتبادل. كما يقولُ بيت الشعر البدوي: يا صاحبي خذني معك سيف وحزام... وياك في وقت الرخا والظوايق أخوك بالفزعات ضاري وعزام... يشوقني للطيب والخير شايق ترى البشر يا خوك منقسمة أقسام... بين الردي والطيب شفت الحقايق هذا الشعرُ البدوي، يعبِّرُ بعمقٍ عن رؤيتي للصداقة، فهي اختبارٌ حقيقي في وقتِ الشدَّة، ولا خيرَ في صديقٍ، لا يقفُ معك في الأوقاتِ الصعبة. أستطيعُ القولَ: إنني انتقائيَّةٌ جداً في علاقاتي، ولا أجدُ حرجاً في ذلك. الصديقُ الحقيقي، هو الذي يُثبت معدنه في أوقاتِ الشدَّة قبل أوقاتِ الرخاء، أمَّا الصديقُ الغدَّارُ والخائنُ فلا مكانَ له في حياتي. أؤمنُ أن العلاقاتِ، يجبُ أن تكون مبنيَّةً على الصدقِ، والإخلاص، وهي أسسٌ، لا أتنازلُ عنها أبداً، لذا أعدُّ دائرتي الصغيرةَ من الأصدقاءِ كنزي الثمين، فهي التي تمنحني الدعمَ، والراحةَ في كلِّ خطوةٍ من حياتي. بحكمِ طبيعةِ عملي، يعدُّ السفرُ جزءاً لا يتجزَّأ من حياتي، وهذا أتاحَ لي فرصةَ اكتشافِ ثقافاتٍ كثيرةٍ، وخوضِ تجاربَ متنوِّعةٍ حول العالم. السفرُ بالنسبةِ لي ليس تنقُّلاً فقط بين الأماكن، هو كذلك وسيلةٌ للتعلُّم، والتعرُّف على العالمِ من زوايا مختلفةٍ. على الرغمِ من كثرة سفري إلا أنني أجدُ نفسي مشدودةً دائماً إلى النقيضين في السفر، فأنا أحبُّ الطبيعةَ الخضراءَ، والجبالَ، والوديان، وألوانَ الزهورِ بكلِّ ما تحمله من جمالٍ، يبعث السكينةَ في النفسِ، وفي الوقتِ ذاته، أعشقُ الصحراءَ بهدوئها، وسحرها الذي لا يُقاوَم. ومن بين كلِّ الأماكنِ، تحتلُّ العُلا مكانةً خاصَّةً في قلبي. إنها تجسِّدُ لي جمالَ الطبيعةِ البِكرِ، وعبقَ التاريخِ العريقِ حيث تلتقي الحضارةُ بالطبيعةِ في تناغمٍ فريدٍ. العُلا ليست وجهةً عاديةً، هي تجربةٌ، تُغذِّي الروحَ، وتمنحني إحساساً بالسلامِ الداخلي، والارتباطِ بالأرض. حبِّي للحيواناتِ، ينبعُ من إيماني بأن في كلِّ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ. «جوي»، تلك الكلبةُ الصغيرةُ التي يعني اسمها الفرح، هي مصدرُ بهجةٍ وسعادةٍ لي. هي لا تعرفُ مَن أنا، ولا تعرفُ ما هو عملي، أو منصبي، لكنَّها تحبُّني، لأنني أرعاها، وهي ممتنَّةٌ لذلك. تنتظرني كلَّ يومٍ عند بابِ المنزلِ إلى أن أعود، وعندما أسافرُ، لا تغادرُ مكانها المخصَّص حتى أرجع. حبُّ الحيوانات، هو حبٌّ خالصٌ، وبلا شروطٍ، أو توقُّعاتٍ. «جوي» تجسِّدُ لي في كلِّ يومٍ معنى الوفاءِ، والبساطةَ في الحبِّ. ويبدو أنها غير مستوعبةٍ لحجمها الصغيرِ، لأنها تتصرَّفُ وكأنَّها الحارسُ الشخصي لي! لقد أُمِرنا بالرفقِ بالحيوان، ومن خلال علاقتي بجوي، أعيشُ هذا المبدأ يومياً. هي ليست حيواناً أليفاً فقط، هي أيضاً جزءٌ من حياتي. تعطيني لحظاتٍ من الفرحِ، والسكينة، وتُذكِّرني دائماً بأهميَّة العطاءِ والمحبَّة في أبسطِ صورها. في هذه المناسبةِ الوطنيَّة العزيزة، أودُّ أن أرفعَ أسمى آياتِ التهنئةِ والتبريكاتِ لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظهما الله، بمناسبةِ اليوم الوطني السعودي الـ 94. هذا الوطنُ العظيمُ، يستحقُّ منَّا كلَّ الحبِّ والإخلاص، ونحن نسيرُ بخطى واثقةٍ نحو مستقبلٍ مزدهرٍ بفضل قيادتنا الرشيدة. في هذا اليومِ المبارك، نحتفلُ بالإنجازاتِ التي تحقَّقت، ونتطلَّعُ إلى مستقبلٍ مليءٍ بالنجاحِ والتقدُّم. الحلمُ كبيرٌ، والهمَّةُ جبلُ طويقٍ، ونحن بإذنِ الله من هذه الأرضِ «مستمرُّون.. نحلمُ ونحقِّق». أسألُ الله أن يحفظَ وطننا وقيادتنا، وأن يديمَ علينا نعمةَ الأمنِ والأمان. وكلّ عامٍ والمملكةُ العربيَّة السعوديَّة بخيرٍ وعزَّةٍ ورِفعةٍ. يمكنك أيضًا الاطلاع على هذا اللقاء مع مديرة فندق Novotel Riyadh Sahafa حصة المزروع في حوارها الأوَّلِ والحصري مع «سيدتي»، لا تكتفي البروفيسورةُ مناهل ثابت بفتحِ أبوابِ بيتها، بل وقلبها أيضاً، لتشارك العالمَ، عبر المجلَّةِ، جوانبَ نادرةً، وخاصَّةً من شخصيَّتها التي قلَّما يتمكَّن أحدٌ من رؤيتها. تعدُّ البروفيسورةُ مناهل من أبرزِ العلماءِ في مجالاتِ الرياضيَّات الكموميَّة، والهندسةِ الماليَّة على المستوى الدولي، وتمتلكُ شخصيَّةً استثنائيَّةً، تجمعُ بين العبقريَّة العلميَّة، والنضجِ الإنساني العميق. خلال هذا اللقاءِ المميَّزِ، تسلِّطُ الضوءَ على محطاتٍ من حياتها الشخصيَّة، وتجاربها التي لم تتطرَّق إليها من قبل، وتكشفُ عن الإنسانةِ التي تقفُ خلفَ الإنجازاتِ الكبرى، والروحِ التي تضيءُ لها دروبَ النجاحِ، والشغفِ العلمي. هذا الحوارُ فرصةٌ فريدةٌ للتعرُّفِ على البروفيسورةِ مناهل، ليس فقط بوصفها عالمةً عبقريَّةً، بل وإنسانةً أيضاً، تتَّسمُ برقَّةِ المشاعرِ، وعمقِ التفكير. حوار | لمى الشثري Lama AlShethry مديرة إبداعية | جايد شيلتون Jade Chilton تصوير | غريغ أدامسكي Greg Adamski مكياج | صوفي ليتش Sophie Leach إنتاج | إيتشو دوكاو Icho Ducao المجوهرات من فيري فيرنزي FerriFirenze   تصفحوا النسخة الرقمية لـ عدد سبتمبر 2024 من مجلة سيدتي البروفيسورة مناهل ثابت البروفيسورةُ مناهل إحدى القاماتِ العلميَّة البارزةِ عالمياً. حصلت على شهادةِ الدكتوراه في الهندسةِ الماليَّة، والدكتوراه في الرياضيَّات الكموميَّة، وتأتي بين عددٍ قليلٍ جداً من الخبراءِ في هذه المجالاتِ المعقَّدة. بفضلِ أبحاثها الرائدةِ، التي نُشِرَت في مجلَّاتٍ علميَّةٍ محكمةٍ منذ 2013، حازت مكانةً مرموقةً في الأوساطِ الأكاديميَّة العالميَّة. تشغلُ البروفيسورةُ مناصبَ قياديَّةً عدة، فهي مبعوثٌ خاصٌّ للأمينِ العامِّ لاتحادِ دولِ الكومنولث في مجالَي العلومِ والتكنولوجيا، وبحكمِ دورها، تعملُ على تعزيزِ التعاونِ العلمي بين الدولِ الأعضاءِ الـ 56، ودعمِ تحقيقِ أهدافِ التنميةِ المستدامة. كذلك تشغلُ منصبَ مستشارٍ لرئيسِ مدينةِ الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنيَّة، ومنصبَ نائبِ المدير وبروفيسورٍ زائرٍ لمعهد IBCHN في كليَّة إمبريال كوليدج، وهي أيضاً عضوٌ في الجمعيَّة الملكيَّة البريطانيَّة للعلوم، ونائبُ رئيسِ شبكةِ الذكاءِ العالميَّة WIN، أكبر منصَّةٍ للذكاءِ العالي في العالم، كما أنها مؤسِّسةٌ ورئيسةٌ لشركةِ كونسورتيوم للاستشارات، التي تختصُّ ببنوكِ البياناتِ، والدبلوماسيَّة العلميَّة، والهندسةِ الماليَّة، وإعادةِ هيكلةِ الاقتصادِ المستدام. وحظيت البروفيسورةُ مناهل، خلال مسيرتها الزاخرةِ بالنجاحاتِ، بتكريماتٍ عدة على مستوى العالم، من بينها جائزةُ «عبقريَّة العام» عقل العامِ البريطانيَّة، وجائزةُ جينيس للأرقامِ القياسيَّة في القدرةِ العقليَّة، وجائزةُ إنجازِ الشرقِ الأوسطِ في العلوم. كذلك تمَّ تصنيفها ضمن أذكى عشرِ شخصيَّاتٍ على قيدِ الحياة، وتكريمها بامتيازِ حريَّة لندن، ولقبِ فارسةِ سانت كاثرين. وتمتلكُ البروفيسورةُ شخصيَّةً متعدِّدةَ الأبعاد، وتجمعُ بين الإبداعِ العلمي، والذكاءِ العاطفي، وهي مثالٌ يُحتذى به في المزجِ بين الطموحِ والإنسانيَّة. ومن بين كوكبةِ علماءٍ متميِّزين على مستوى العالم، كانت البروفيسورةُ مناهل ثابت من الذين نالوا شرفَ الحصولِ على الجنسيَّة السعوديَّة بقرارٍ ملكي سامٍ من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تقديراً لجهودها العلميَّة الرائدة، وإسهاماتها، وخبرتها الاستثنائيَّة في ميادينِ العلومِ والتكنولوجيا. في حديثها الخاصِّ لنا، تكشفُ البروفيسورةُ بعفويَّةٍ عن مشاعرها العميقةِ تجاه هذا التكريمِ الرفيع، وتأثيره في مسيرتها الشخصيَّة والعلميَّة، ما يتيحُ فرصةً نادرةً للتعرُّفِ على ما يدورُ في خاطرِ عالمةٍ عبقريَّةٍ، أثرت البشريَّة بعلمها، تجاه هذا التشريفِ الكبير. يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط "العلمُ ليس مجرَّد وسيلةٍ للمعرفة، هو أيضاً رحلةٌ ممتعةٌ تقود الأجيال نحو الفهم العميق للعالم" البروفيسورة مناهل ثابت   البروفيسورة مناهل ثابت يصفكِ العالمُ بالباحثةِ والعالمةِ، وتصفكِ موسوعةُ جينيس بأسرعِ مدقِّقةٍ ذهنيَّةٍ للخرائط، وتمَّ تصنيفكِ ضمن أذكى عشرِ شخصيَّاتٍ في العالم، كما تصفكِ منظَّمة دولِ الكومنولث بالمبعوثةِ الشخصيَّة للأمينِ العامِّ في مجالَي العلوم والتقنيَّة. بين تعدُّد الألقابِ، مَن هي الدكتورة مناهل ثابت الإنسانة؟ بين كلِّ هذه الألقابِ والمسمَّيات مناهل ثابت الإنسانة، هي ببساطةٍ شخصٌ، يسعى دائماً لاكتشافِ المزيد، ليس فقط في مجالاتِ العلمِ، والبحث، بل وفي فهمِ العالمِ المحيطِ بنا، وفهمِ ذواتنا بوصفنا بشراً أيضاً. أنا أؤمنُ بأن العلمَ وسيلةٌ للتواصلِ مع العالمِ، ووسيلةٌ للتعبيرِ عن حبِّ المعرفة، وحبِّ الخيرِ للإنسانيَّة. خلفَ كلِّ هذه الألقابِ، أنا مثل أي امرأةٍ طموحةٍ، ترى في العلمِ نافذةً للأمل، وفي العملِ الدؤوبِ طريقاً لتحقيقِ الأحلام. العلمُ بالنسبةِ لي، ليس مجرَّد وظيفةٍ، أو لقبٍ. إنه شغفٌ متجذِّرٌ في داخلي، يدفعني كلَّ يومٍ إلى الاستمرارِ على الرغمِ من التحدِّيات. في النهايةِ، أرى نفسي إنسانةً، تسعى دائماً إلى تقديمِ الأفضلِ للعالمِ والإنسانيَّة، مدفوعةً بحبٍّ لا ينضبُ للمعرفةِ، ورغبةٍ صادقةٍ في أن أكون جزءاً من بناءِ مستقبلٍ أفضل. أمَّا بالنسبةِ إلى الألقابِ فمن منظوري المتواضعِ الألقابُ قد تمنحك بريقاً، واعترافاً بإنجازٍ ما، لكنْ الشخصُ، هو الذي يضيفُ للقبِ قيمته بأفعاله، وأخلاقيَّاته، وتأثيره في المجتمع. بمعنى آخر، الألقابُ تكون جوفاءَ إذا لم يرافقها عمقٌ حقيقي، وإسهاماتٌ ملموسةٌ من الشخصِ الذي يحملها. كيف بدأتِ الرحلة، وماذا يعني لكِ العلمُ؟ بدأت رحلتي مع العلمِ عندما كنت طفلةً صغيرةً، حين كان العالمُ بالنسبةِ لي كتاباً مفتوحاً، ومملوءاً بالألغازِ التي تنتظرُ مَن يكتشفها. كان يأتيني دائماً ذلك الشعورُ العميقُ في داخلي بأن هناك أكثر مما تراه العينُ، وأن وراءَ كلِّ ظاهرةٍ حكايةٌ، تنتظرُ أن تُروى. بدأتُ بالسؤالِ عن كلِّ شيءٍ، وبحثتُ عن إجاباتٍ، لم تكن دائماً سهلةَ المنال، لكنْ كلُّ خطوةٍ في طريقِ المعرفة، كانت تُشعِلُ داخلي شغفاً لا ينطفئ. العلمُ بالنسبةِ لي ليس مجرَّد مجموعةٍ من الحقائقِ، أو النظريات. إنه نبضُ الحياة. هو الوميضُ الذي يضيء ظلمةَ الجهل، ويمنحنا القوَّةَ، لنحلم، ونبتكر. العلمُ، هو رحلةٌ، نكتشفُ فيها ذاتنا قبل أن نكتشفَ العالم. هو تلك البوصلةُ التي تُرشدنا إلى الحِكمة، وتُعلِّمنا أن نبحثَ عن المعنى في كلِّ شيءٍ، حتى في أصغرِ التفاصيل. من خلال العلمِ، نفهمُ أن كلَّ سؤالٍ، يقودنا إلى سؤالٍ آخرَ، وأن الحياةَ، ليست عن الوصولِ إلى الإجابةِ النهائيَّة، بل عن متعةِ البحثِ عن الحقيقةِ، والاستمتاعِ برحلةِ الاكتشاف. العلمُ في جوهره، هو الإيمانُ بأن الإنسانَ قادرٌ على تجاوزِ الحدودِ الفكريَّة الاعتياديَّة، وأنه بالمعرفةِ، يمكننا بناءُ عالمٍ أفضلَ لنا وللأجيالِ القادمة. رعاية خاصة للموهوبين   البروفيسورة مناهل ثابت استناداً إلى تجربتكِ، ما أفضلُ الممارساتِ للتعاملِ مع الموهوبين؟ عندما كنت طفلةً، كنت أشعرُ بأن العالمَ من حولي، يتحدَّثُ بلغةٍ خاصَّةٍ، لغة لا يفهمها الجميع. كانت لدي أسئلةٌ كثيرةٌ، وأحلامٌ أكبر، وكانت الموهبةُ التي في داخلي، تُشعِرني بأنني مختلفةٌ، وأحياناً كانت تلك الاختلافاتُ، تشكِّلُ تحدياً في محيطي، وقد عانيتُ كثيراً من التنمُّر بسببها، لكنني كنت محظوظةً بوجودِ أشخاصٍ في حياتي، خاصَّةً أفرادَ عائلتي الذين عرفوا كيف يرعون تلك الموهبة، وقدَّموا لي الدعمَ اللازم، فحوَّلوا تلك الاختلافاتِ إلى نقاطِ قوَّةٍ، وفتحوا لي أبواباً للاستكشافِ والتعلُّم. من خلال هذه التجربةِ، أدركتُ أن التعاملَ مع الموهوبين، يحتاج إلى رعايةٍ خاصَّةٍ. الموهبةُ، هي بذرةٌ، تحتاج إلى تربةٍ خصبةٍ، وإلى رعايةٍ مستمرَّةٍ كي تزهر. من أهمِّ الممارساتِ فهمُ أن الموهوبين، يحتاجون إلى بيئةٍ، تحترمُ فضولهم، وتُشجِّعهم على الابتكار. يجبُ تقديمُ التحدِّياتِ التي تناسبُ قدراتهم، وفي الوقتِ نفسه، يجبُ أن تكون هناك مساحةٌ للخطأ، والتعلُّم منه. كما يجبُ أن يُعطى الموهوبون الفرصةَ للتعبيرِ عن أنفسهم بطرقٍ مختلفةٍ، سواءً كان ذلك من خلال العلمِ، الفنِّ، أو أي مجالٍ آخرَ. الأهمُّ من ذلك كلِّه، يجبُ أن يشعروا بالدعمِ العاطفي، والاعترافِ بقدراتهم. نحن في حاجةٍ إلى أن نكون مرشدين، وليس فقط معلِّمين، وألَّا نكتفي بتقديمِ المعرفةِ لهم، بل والحكمةِ أيضاً، إذ تُمكِّنهم من استخدامِ تلك المعرفةِ لصالح الإنسانيَّة. الموهوبون، هم الشموعُ التي تضيءُ مستقبلنا، وإذا تعاملنا معهم بشكلٍ صحيحٍ، فسيتمكَّنون من الإسهامِ في بناءِ عالمٍ أكثر إشراقاً وتقدُّماً. في عصرنا التقني، كيف نزرعُ حبَّ العلمِ في الأجيالِ الجديدة؟ في عصرنا التقني الذي تتسارعُ فيه وتيرةُ الابتكارِ، والتغيُّر، يصبح زرعُ حبِّ العلمِ في نفوسِ الأجيالِ الجديدةِ مهمَّةً ملحَّةً، أعظم من أي وقتٍ مضى. لكي نغرسَ حبَّ العلمِ بعمقٍ في قلوبهم علينا أن نبدأ بتعريفهم بأن العلمَ، ليس مجرَّد معادلاتٍ، أو نظرياتٍ جافةٍ، وإنما رحلةُ استكشافٍ نحو فهمِ أسرارِ الكون، ووسيلةٌ لإشباعِ فضولهم الفطري حول العالمِ من حولهم. من أهمِّ الطرقِ لزرعِ هذا الحبِّ، أن نجعلَ من العلمِ مغامرةً، وأن نسمحَ لهم بتجربةِ الأمورِ بأنفسهم، وأن نمنحهم الفرصةَ لطرحِ الأسئلةِ الكبيرة حتى تلك التي لا نعرفُ لها إجاباتٍ إلى الآن. علينا أن نُعلِّمهم أن كلَّ فكرةٍ مهما كانت بسيطةً، أو معقَّدةً، يمكن أن تقودَ إلى اكتشافٍ عظيمٍ، وأن لا حدودَ للإبداعِ والابتكار. الأجيالُ الجديدةُ متعطشةٌ للمعرفة، لكنَّهم في حاجةٍ إلى مرشدين يلهمونهم، إلى أشخاصٍ، يرون فيهم العلماءَ، والمبتكرين الصغار الذين سيغيِّرون العالم. يجبُ أن نربطَ العلمِ بحياتهم اليوميَّة، وأن نُظهِر لهم كيف يمكن للعلمِ أن يحلَّ مشكلاتهم الصغيرةَ والكبيرة، وأن نخلقَ لهم بيئةً، يشعرون فيها بالأمانِ لتجربةِ الجديد، واختبارِ الأفكار. كما يجبُ أن نزرعَ فيهم القيمَ الإنسانيَّة التي تجعلُ من العلمَ أداةً للخير، وأن نعلِّمهم أن العلمَ، ليس فقط لاكتسابِ المعرفة، بل ولاستخدامها أيضاً في تحسينِ حياةِ الآخرين. إذا نجحنا في غرسِ هذه القيم، فسنخلقُ جيلاً، لا يكتفي فقط بحبِّ العلم، بل ويراه كذلك مسؤوليَّةً، وأداةً لبناء مستقبلٍ أفضل، وأكثر إشراقاً للبشرية. يُحزنني حقاً أن أرى جيلاً بازغاً، لا يعرفُ عن «تسلا» سوى أنها سيارةٌ كهربائيَّةٌ. "الحلمُ كبيرٌ والهمَّة جبلُ طويقٍ ونحن بإذن الله من هذه الأرض، مستمرِّون.. نحلم ونحقِّق" نسخة رقمية من كيان واقعي حدِّثينا عن التوأمِ الرقمي، وكيف يمكن للذكاءِ الاصطناعي أن يساعدَ في مجال البحوثِ العلميَّة؟ التوأمُ الرقمي نسخةٌ رقميَّةٌ من كيانٍ واقعي، يتيح محاكاةَ، وتوقَّعَ النتائجِ دون الحاجةِ إلى التجاربِ الماديَّة. من خلال دمجه مع الذكاءِ الاصطناعي، يمكن تسريعُ عمليَّاتِ البحثِ العلمي، واكتشافُ الأنماطِ المخفيَّة، ما يوفِّرُ الوقتَ، والتكلفة، ويزيدُ من دقَّة النتائج. من إيجابيَّات التوأمِ الرقمي مع الذكاءِ الاصطناعي القدرةُ على تحسينِ النماذجِ باستمرارٍ، وتحقيقُ تقدُّمٍ سريعٍ في مجالاتٍ مثل الطبِّ، والهندسة. مع ذلك، فإنَّ الاعتمادَ المفرطَ على هذه التقنياتِ قد يقلِّلُ من التفاعلِ البشري المباشرِ مع الواقع، ما قد يؤدي إلى تقليلِ الفهمِ العملي لبعض التحدِّيات. إضافةً إلى ذلك، يتطلَّبُ إنشاءُ نماذجَ رقميَّةٍ دقيقةٍ مواردَ كبيرةً، وقد يكون معرَّضاً للأخطاءِ إذا لم يتم إدارتها بشكلٍ صحيحٍ. مَن قدوتكِ العلميَّة؟ أؤمنُ بأنَّ كلَّ عالمٍ، قدَّم إسهاماً للبشريَّة، مهما كان صغيراً أو كبيراً، قدوةٌ علميَّةٌ بالنسبة لي. العلماءُ حاملو مشاعلِ المعرفة الذين بنوا جسورَ الفهمِ، والاكتشافِ عبر العصور، لكنْ إذا كان هناك شخصٌ، أخصُّه بالذكر، فهو البروفيسور مايكل كروفورد، العالمُ البريطاني الكبيرُ في إمبريال كوليدج، إذ تتلمذتُ على يديه، وتشرَّفتُ بزمالته بالمعهد نفسه، ولنا أبحاثٌ مشتركةٌ، نُشِرَت في مجلَّاتٍ علميَّةٍ محكمةٍ. البروفيسور كروفورد، ليس فقط مرشداً علمياً، ومعلِّماً فاضلاً، بل وكان له دورٌ عظيمٌ في تشكيلِ فهمي العميقِ لأغوارٍ علميَّةٍ عميقةٍ، وفهمِ كيفيَّة الدمجِ بين العلومِ المختلفة. من خلال إرشاداته وحكمته، تعلَّمتُ كيف يمكن للعلمِ أن يكون أداةً قويَّةً لخدمةِ البشرية، وكيف يمكن للأبحاثِ أن تؤدي إلى تغييراتٍ حقيقيَّةٍ، ومستدامةٍ في العالم. كان البروفيسور كروفورد، ولا يزالُ قدوةً، ليس فقط بعلمه، بل وفي تواضعه أيضاً، ودماثةِ أخلاقه، وإصراره على تحقيقِ الأفضل دائماً. يمكن الاطلاع على قصة نجاح أخرى مع الدكتورة خلود المانع فجوة بين العالِم والمجتمع البروفيسورة مناهل ثابت هل صحيحٌ أن هناك فجوةً بين العالِم والمجتمعِ على الرغمِ من أن معظم التسهيلاتِ التي أصبحت أساسياتٍ في أسلوبِ حياتنا، هي بفضلِ الله أوَّلاً، من ثم بجهودِ العلماءِ وابتكاراتهم، وكيف ترين هذه العلاقة؟ في واقعِ الأمر، نعم، هناك فجوةٌ بين العالِم والمجتمع! وهي فجوةٌ، تثيرُ في نفسي كثيراً من التأمُّل. على الرغمِ من أن العلماء، هم الذين يقفون خلفَ الابتكاراتِ التي تلامسُ حياتنا اليوميَّة، وتجعلها أكثر يسراً وراحةً إلا أن هذا الجهدَ العظيمَ غالباً ما يظلُّ خلفَ الكواليسِ غير مرئي، وغير مفهومٍ بشكلٍ كاملٍ من قِبل العامَّة. قد يعودُ هذا إلى تعقيدِ اللغةِ العلميَّة، أو ابتعادِ العلماءِ عن ساحاتِ التواصلِ المباشرِ مع المجتمع. شخصياً، لا أحبُّ أن يُطلَق عليَّ لقبُ «عالمةٍ»، لأنني مؤمنةٌ بعمقٍ، أن العلمَ المُطلقَ عند الله وحده، وأن الله لم يُؤتِنا من العلمِ إلا قليلاً، وقليلاً جداً. العالِمُ الحقيقي، هو الذي يدرك في كلِّ يومٍ، وساعةٍ، وثانيةٍ، أنه لا يزالُ طالباً للعلم، يسعى للفهمِ، ويبحثُ عن الحقيقةِ بتواضعٍ، وإخلاصٍ. العلاقةُ بين العالِمِ والمجتمع، يمكن أن تصبح أقوى وأعمقَ إذا ما تمكَّن كلُّ طرفٍ من فهمِ الآخر. يجبُ على العلماءِ ألَّا يكتفوا فقط بالسعي إلى اكتشافِ المجهول، بل وأن يعملوا أيضاً على نقلِ هذا العلمِ بطريقةٍ، تمسُّ قلوبَ الناس، وتلامسُ حياتهم اليوميَّة. في المقابلِ، على المجتمعِ أن يحتضن العلمَ، ويُقدِّره، ليس فقط بوصفه وسيلةً لتحقيقِ الراحة، أو التكنولوجيا، بل وبوصفه أيضاً جزءاً من رحلةِ الإنسانيَّة نحو الفهمِ الأعمقِ لوجودها. هنا يأتي دورُ الإعلامِ بالتوعيةِ، وإبرازِ دورِ العلماءِ، والباحثين، والمبتكرين، والمخترعين، وحتى المجتهدين الناشئين في المجالِ العلمي. بصراحةٍ، هناك تقصيرٌ إعلامي في هذا الصدد! عندما نصلُ إلى هذه النقطةِ من التفاهمِ، والتوعيةِ، والتقديرِ المتبادل، سنكتشفُ أن العلمَ، ليس بعيداً عن حياتنا اليوميَّة، بل هو النبضُ الذي يحرِّك التقدُّم، ويصوغ المستقبل. إن هذه العلاقةَ بين العالِم والمجتمعِ دعامةٌ أساسيَّةٌ لبناءِ غدٍ أفضل حيث يكون العلمُ في خدمةِ الإنسان، والإنسانُ في سعي دائمٍ للعلمِ بصدقٍ وتواضعٍ. حدِّثينا عن تأسيسِ مركزِ القوى الذهنيَّة، أوَّلُ مركزٍ من نوعه في الشرقِ الأوسط؟ شغفي العميقُ بالعقلِ البشري، ورغبتي في الحفاظِ على قوَّته الذهنيَّة في عصرٍ، يشهدُ تطوُّراً تكنولوجياً متسارعاً، دفعاني إلى تأسيسِ أوَّلِ مركزٍ متخصِّصٍ في تدريب الخلايا الذهنيَّة بالشرق الأوسط. منذ إنشائه في دبي قبل ثمانيةِ أعوامٍ، بالتعاونِ مع معهدِ الكيمياء الدماغيَّة والتغذية البشريَّة التابعِ لـ «إمبريال كوليدج» البريطاني، حقَّق المركزُ تأثيراً إيجابياً في حياة الآلافِ من الناس، من ذلك زيادةُ التركيزِ حيث يساعدُ المركزُ الأفرادَ، من خلال التدريبِ المكثَّف، في تعزيزِ قدرتهم على التركيزِ والانتباه، ما يُمكِّنهم من أداءِ مهامهم بفاعليَّةٍ أكبر، وزيادةِ إنتاجيتهم في مختلفِ مجالاتِ الحياة. إلى جانبِ تعزيزِ الذاكرة، إذ يتضمَّن البرنامجُ تقنياتٍ متطوِّرةً لتحفيزِ الذاكرة، وتطويرِ قدرتها، بالتالي القدرة على استرجاعِ المعلوماتِ بشكلٍ أسرع وأكثر دقَّةً. كذلك يُطوِّر المركزُ عمليَّة اتخاذِ القرار عبر دعمِ الأفرادِ لتحسينِ مهاراتِ التفكيرِ الاستراتيجي واتِّخاذ القراراتِ المستنيرة لديهم، ما يساعدهم في التعاملِ مع التحدِّياتِ اليوميَّة بشكلٍ أفضل. وأخيراً يعملُ المركزُ على تحقيقِ الهدوءِ النفسي فالتدريبُ فيه يتضمَّن تقنياتِ الاسترخاءِ والتأمُّل التي تُحقِّق التوازنَ النفسي، وتساعدُ في إدارةِ التوتُّر والضغوط بشكلٍ أكثر فاعليَّةً. إن رؤيةَ الأثرِ العميقِ لهذه الفوائدِ على حياةِ الأفراد، وتحسينَ جودةِ حياتهم، يُشعرانني بسعادةٍ غامرةٍ، وفخرٍ كبيرٍ بما حقَّقه مركز ثينك هب حتى الآن، لذا أتطلَّع بشوقٍ لافتتاحِ الفرعِ الأحدثِ والأكبر في الرياض حيث سنواصلُ توسيعَ دائرةِ المستفيدين من هذه الخدماتِ الفريدة، وتمكينَ مزيدٍ من الأشخاصِ من الوصولِ إلى أقصى إمكاناتهم الذهنيَّة لتحسينِ جودةِ حياتهم. "متلازمةُ أسبرجر، منحتني رؤيةً خاصَّةً للعالمِ، وقدرةً على التركيزِ، والتعمُّقِ في الأمورِ التي أتعلَّمها، ما ساعدني في رحلتي العلميَّة" العِلم أسلوب حياة     البروفيسورة مناهل ثابت حدِّثينا عن والديكِ ونشأتكِ، وهل من ذكرى خاصَّةٍ تحملينها في قلبكِ؟ تربَّيت في أسرةٍ محبَّةٍ للعلم والمعرفة، وكان والداي مصدرَ الإلهامِ الأكبر في حياتي. والدي كان رجلاً حكيماً، عميقَ التفكير، وغرسَ فينا حبَّ الاستطلاعِ والبحثِ عن المعرفة، بينما كانت والدتي مثالاً حياً على القوَّةِ، والصبرِ، والتفاني في سبيلِ أسرتنا الصغيرة. منهما تعلَّمتُ أن العلمَ، ليس مجرَّد هدفٍ. إنه أيضاً أسلوبُ حياةٍ، وأن التواضعَ، والإصرارَ مفتاحَا النجاح. من الذكرياتِ العزيزةِ على قلبي تلك اللحظاتُ التي كنت أجلسُ فيها مع والدي، وأنا صغيرةٌ، ونتأمَّلُ النجومَ في سماءِ الليل. كان يُحدِّثني عن الكونِ وأسراره، ويروي لي قصصاً عن العلماءِ الذين قدَّموا للعالمِ اكتشافاتٍ عظيمةً. كنت أرى في عينَيه شغفاً لا حدودَ له، وكان يُشجِّعني دائماً على طرحِ الأسئلةِ مهما كانت بسيطةً، أو معقَّدةً. تلك اللحظاتُ، كانت تصوغُ في داخلي حبَّ العلمِ، والشغفَ بالمعرفةِ، وتزرعُ في قلبي يقيناً بأن كلَّ شيءٍ ممكنٌ إذا ما سعينا إليه بإخلاصٍ. كان والدي، يقولُ لي: مهما بلغتِ من العلمِ درجاتٍ، تذكَّري أن جذوركِ في الأرض، ومَن تواضعَ لله رفعه. اليوم، وأنا أسيرُ في دروبِ العلم، أشعرُ بوجودهما معي في كلِّ خطوةٍ أخطوها. أتذكَّرُ دائماً كلماتِ والدي، وتشجيعه لي، وأستمدُّ من والدتي قوَّتها، وصبرها. إن تلك الذكرياتِ، تؤكِّدُ لي دائماً بأنني أسيرُ على دربٍ، رسمته لي أيدٍ محبَّةٌ ومخلصةٌ. كانت وفاةُ والدي تجربةً صعبةً جداً بالنسبةِ لي، لكنْ والدتي أصبحت محورَ حياتي الآن، أستمدُّ منها القوَّةَ، والدعمَ في كلِّ خطوةٍ، وأهمُّ شيءٍ دعواتها المُمطرةُ مثل الغيثِ لي في كلِّ الأوقات. أمَّا أختي الكبرى والوحيدة، فهي سندي، وترافقني في هذه الرحلةِ بحبٍّ وتفانٍ، لا مثيل لهما. والدتي وأختي بمنزلةِ عينَين، أنظرُ بهما للعالم. أمِّي كذلك قلبي النابض. هذا الحبُّ، والمودَّةُ ما يمنحانني القوَّةَ للاستمرارِ، والشغفِ لتحقيقِ الأفضل دائماً. ما نصيحتكِ للآباءِ والأمَّهاتِ ممَّن لديهم علماءُ صغارٌ في البيت؟ لأولياءِ الأمورِ أقولُ: أطفالكم أمانةٌ ثمينةٌ، ومهمَّتكم غرسُ القيمِ، والمبادئ التي ستُشكِّل أساسَ حياتهم ومستقبلهم في نفوسهم. علِّموهم أن العلمَ، ليس مجرَّد وسيلةٍ للمعرفةِ. إنه رحلةٌ ممتعةٌ، تقودهم نحو الفهمِ العميقِ للعالم. دعوا فضولهم يزدهر، وشجِّعوهم على طرحِ الأسئلةِ، والبحثِ عن الإجابات، لكنْ دائماً مع تذكيرهم بأن المعرفةَ، تحملُ مسؤوليَّةً كبيرةً. ازرعوا في قلوبهم حبَّ العلمِ مقروناً بالصدقِ والأخلاق، وكونوا لهم سنداً، ودعامةً في كلِّ خطوةٍ. لا تنسوا أن تغرسوا فيهم حبَّ الوطن، وأن يُدركوا أن العلمَ وسيلةٌ لخدمةِ بلادهم، والإسهامِ في نهضتها. علِّموهم أن العطاءَ أسمى القيمِ، وأن العلمَ، يصبح أعظمَ عندما يُستَخدمُ في خدمةِ الآخرين، وبناءِ مجتمعٍ أفضل. بتوجيهكم السليم، يمكن لأطفالكم أن يصبحوا علماءَ، لا يقتصرُ دورهم فقط على الاكتشافاتِ العلميَّة، بل ويمتدُّ أيضاً ليشملَ إحداثِ تأثيرٍ إيجابي، ومستدامٍ في العالم، وفي وطنهم العزيز. الطموح مجرد بداية ما طموحاتكِ، وكيف سخَّرتِ العلمَ لتحقيقها؟ في مرحلةٍ ما من حياتي، كانت لدي طموحاتٌ كبيرةٌ، تماماً مثل أي شخصٍ، يسعى إلى التميُّز والنجاح، لكنَّني أدركتُ مع مرورِ السنين، أن الطموحَ مجرَّدُ بدايةٍ، وأنه يأتي وقتٌ في حياةِ الإنسان، يتجاوزُ فيه مرحلةَ الطموحِ إلى مرحلةٍ أكثر عمقاً وثراءً، وهي مرحلةُ العطاء. اليوم، لم يعد الطموحُ ما يُحرِّكني، بل العطاء. العطاءُ ثمرةُ الخبرةِ المتراكمةِ على مرِّ السنين، والزادُ الذي أملكه لأسهم في تحسينِ حياةِ الآخرين. العلمُ الذي تعلَّمته، والمهاراتُ التي اكتسبتها في مسيرتي، أصبحت أدواتٍ لخدمةِ مجتمعي، ووطني، والبشريَّة. بالنسبةِ لي، تحقيقُ الطموحِ، كان خطوةً، أمَّا العطاءُ فالوجهةُ التي أسعى إليها الآن خاصَّة لمملكتنا الحبيبة. أؤمنُ أن القيمةَ الحقيقيَّة للعلم، تكمن في كيفيَّة استخدامه لإحداثِ تأثيرٍ إيجابي، ودائمٍ. كيف تلقَّيتِ قرارَ تعيينكِ بمنصبِ المبعوثةِ الخاصَّةِ للأمين العامِّ في منظَّمة دولِ الكومنولث بمجالَي العلوم والتقنيَّة؟ تعييني مبعوثةً خاصَّةً للأمينِ العامِّ في منظَّمة دولِ الكومنولث بمجالَي العلوم والتقنيَّة شرفٌ كبيرٌ، ومسؤوليَّةٌ عظيمةٌ، أعتزُّ بها. القرارُ، يمثِّلُ تتويجاً لمسيرتي العلميَّة والتقنيَّة على مدى الأعوامِ الماضية، واعترافاً بالجهودِ التي بذلتها في سبيلِ تعزيزِ العلمِ والتكنولوجيا بوصفها أدواتٍ فاعلةً لتحقيقِ التنميةِ المستدامة. منظَّمة دولِ الكومنولث، تضمُّ 56 دولةً بتعدادٍ سكاني، يصلُ إلى 2.7 مليار نسمةٍ، منها دولٌ كبيرةٌ مثل الهند، وأستراليا، وكندا، وبريطانيا، وجنوب إفريقيا، وبروناي، ونيوزيلندا، وباكستان، ونيجيريا، وروندا، وجيانا، وجزر الكاريبي والأطلسي وغيرها من الدول، ما يجعلها أحدَ أقوى التحالفاتِ الدوليَّة. هذه الدولُ، تشترك في رؤيةٍ خاصَّةٍ للتنميةِ المستدامةِ، والازدهارِ الجماعي، وتعملُ معاً لتعزيزِ القيمِ الإنسانيَّة، والتقدُّم الاقتصادي والاجتماعي عن طريقِ الأمانةِ العامَّة لاتحاد الكومنولث بقيادةِ باتريشا سكوتلاند، الأمين العام، التي أتشرَّفُ بالعمل معها. دوري بوصفي مبعوثةً خاصَّةً، يتمحورُ حول تعزيزِ التعاون العلمي والتكنولوجي بين دولِ الكومنولث، وهي مهمَّةٌ، تحملُ أبعاداً عالميَّةً، تتجاوز حدودَ الأبحاثِ التقليديَّة، لتشمل تطويرَ سياساتٍ، ومشروعاتٍ، تسهم في تحسينِ جودةِ الحياةِ للمجتمعات. هذا التعيين، ليس لقباً فقط. إنه التزامٌ بتوجيه المعرفةِ العلميَّة لخدمةِ الأهدافِ النبيلة، ومواصلةِ السعي إلى تحقيقِ التقدُّمِ والازدهار في كلِّ زاويةٍ من زوايا هذا العالم. أشعرُ بفخرٍ كبيرٍ بكوني سعوديَّةً، تُضاف إلى هذا المنصبِ الدولي الرفيع، إذ يمثِّلُ ذلك انعكاساً لدور السعوديَّة المتنامي في المشهدِ العلمي والتكنولوجي العالمي، ويسلِّطُ الضوءَ على الإمكاناتِ الكبيرة التي تمتلكها بلادنا في هذه المجالاتِ الحيويَّة. وفي خبرٍ حصري لمجلَّة «سيدتي»، يُسعدني أن أعلن أنه تمَّ أخيراً تعييني، إلى جانبِ هذا المنصب، مبعوثةً خاصَّةً للأمينِ العامِّ للكومنولث لدولِ مجلسِ التعاون الخليجي. هذه إضافةٌ جديدةٌ لقائمةِ مسؤوليَّاتي الرسميَّة، وتعكسُ أهميَّة المنطقةِ الخليجيَّة، ودورها المتنامي في الساحةِ العالميَّة. أرى في هذه الأدوارِ فرصةً لأكون صوتاً للعلمِ والتكنولوجيا في العالم، وأسهم في صياغةِ مستقبلٍ، يليقُ بتطلُّعاتِ الأجيالِ القادمة، مع تعزيزِ العلاقاتِ، والتعاونِ بين اتحادِ دولِ الكومنولث، ومجلسِ التعاونِ الخليجي. ما رأيك بالتعرف على المهندسةُ منى القويز "الشعور بالانتماء إلى المملكة العربيَّة السعوديَّة ليس جنسيةً فقط، إنه شعورٌ يجري في العروق، وإحساسٌ يتغلغل في الروح، وامتنانٌ لا ينتهي" التحديات محفز لصقل شخصيتي البروفيسورة مناهل ثابت تمَّ تشخصيكِ في وقتٍ مبكِّرٍ بمتلازمة أسبرجر، وهي شكلٌ من أشكالِ التوحُّد، كما أصبتِ بمرضِ السكري في عمرِ المراهقة. كيف تعاملتِ مع هذه التحدِّياتِ الصحيَّة، وكيف أسهمت في تشكيلِ شخصيَّتكِ؟ تلك التحدِّياتُ الصحيَّة، كانت جزءاً من رحلتي، ولم تكن سهلةً بأي حالٍ من الأحوال. تشخيصي بمتلازمةِ أسبرجر في سنٍّ مبكِّرةٍ، جعلني أشعرُ بأنني مختلفةٌ عن الآخرين، وكنت أواجه التنمُّر بسببِ عدمِ فهم المحيطين بي احتياجاتي المختلفة. أدركتُ مع الوقتِ أن هذه التحدِّيات، لم تكن عائقاً بقدرِ ما كانت محفِّزاً لصقلِ شخصيَّتي، وتشكيلِ مساري. متلازمةُ أسبرجر، منحتني رؤيةً خاصَّةً للعالمِ، وقدرةً على التركيزِ، والتعمُّقِ في الأمورِ التي أتعلَّمها، ما ساعدني في رحلتي العلميَّة. كما أن التعاملَ مع مرضِ السكري في سنِّ المراهقة، علَّمني الصبرَ، والتحكُّمَ، وكيفيَّة مواجهةِ الصعابِ بثباتٍ. هذه التحدِّياتُ، شكَّلت دافعاً لدي لأثبت لنفسي والعالم أنني قادرةٌ على التغلُّبِ عليها، وتحويلها إلى قوَّةٍ إيجابيَّةٍ. على الرغمِ من التنمُّرِ، والصعوباتِ التي واجهتها، كنت مصمِّمةً على ألَّا أسمح لهذه التحدِّياتِ بأن تعرقل طريقي. بدلاً من ذلك، جعلتني أقوى، وأكثر عزيمةً على تحقيقِ أهدافي. أدركتُ أن القوَّةَ الحقيقيَّة، تأتي من الداخل، وأنني مسؤولةٌ عن كيفيَّة استجابتي لكلِّ ما يواجهني في الحياة. هذه التجاربُ، شكَّلت جزءاً كبيراً من هويَّتي، وجعلتني أؤمنُ بأن كلَّ تحدٍّ، هو فرصةٌ للتعلُّمِ، والنمو. حصلتِ على الجنسيَّة السعوديَّة ضمن خطةِ المملكةِ العربيَّة السعوديَّة لاستقطابِ العقولِ النادرة، وأصحابِ الكفاءاتِ، ونالت تغريدتكِ عن ذلك تفاعلاً، وصلَ إلى مليون مشاهدةٍ تقريباً، كيف تصفين شعوركِ وأنتِ الآن مواطنةٌ سعوديَّةٌ؟ عندما تلقَّيتُ خبرَ منحي الجنسيَّة السعوديَّة، شعرتُ بفرحةٍ لا توصفُ بالكلمات. كانت لحظةً مملوءةً بالفخرِ، والعزَّةِ، والانتماءِ، لحظةً فارقةً في حياتي. في تغريدتي، قلتُ: «أرفع أسمى آياتِ الشكرِ والتقديرِ لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، حفظهما الله، لمنحي الجنسيَّة السعوديَّة. ومن هنا أقفُ سمعاً وطاعةً لمسيرةٍ راسخةٍ، وعطاءٍ ممتدٍّ، يملؤنا فخراً وعزَّةً وانتماءً». لقد عنيتُ كلَّ كلمةٍ كتبتها، فالشعورُ الذي غمرني عندما تلقَّيتُ الخبرَ، كان لا يضاهيه شعورٌ. أن تكون سعودياً، يعني أن تنتمي إلى وطنٍ عظيمٍ في ظلِّ قيادةٍ حكيمةٍ ورشيدةٍ، تعكسُ قيمَ الإخلاصِ، والتفاني في خدمةِ هذا البلدِ المبارك. الشعورُ بالانتماءِ إلى المملكة العربيَّة السعوديَّة، ليس مجرَّد جنسيَّةٍ فقط، بل هو شعورٌ، يجري في العروق، وإحساسٌ، يتغلغلُ في الروح، وامتنانٌ لا ينتهي. يجعلني أشعرُ بمسؤوليَّةٍ أكبر نحو هذا الوطن الغالي. أنا فخورةٌ بكوني سعوديَّةً، وأتطلَّعُ إلى أن أكون جزءاً من هذه المسيرةِ الوطنيَّة الرائدة، وأن أسهم بكلِّ ما أوتيت من عزيمةٍ، وعلمٍ، ومعرفةٍ، وخبرةٍ في تحقيقِ مستقبلٍ مشرقٍ لهذا الوطنِ العظيم.   يشرفني أن أرفع أسمى آيات الشكر والتقدير لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسمو سيدي ولى العهد الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظهما الله لمنحي الجنسية السعودية من هنا أقف سمعاً وطاعة لمسيرة راسخة وعطاء ممتد لوطن يملؤنا فخر وعزة وانتماء pic.twitter.com/9nide9fZts — Manahel Thabet مناهل ثابت (@manahelthabet) January 27, 2022   كتبتِ مقالاً، تمَّ نشره في صحيفةِ الرياض عن أن ما بعد رؤيةِ 2030، هو البدايةُ الحقيقيَّة، ماذا تقصدين؟ في مقالي المنشورِ بصحيفةِ الرياض، تناولتُ فكرةَ أن ما بعد «رؤية 2030»، هو البدايةُ الحقيقيَّة لمسيرةِ النهضة التي تقودها المملكةُ العربيَّة السعوديَّة. إن «رؤيةَ 2030»، لم تكن خطَّةً للتغييرِ فقط، فهي أيضاً نقطةُ انطلاقٍ نحو مستقبلٍ، يزخرُ بالإمكاناتِ، والتطوُّراتِ التي ستعيدُ تعريفَ مكانةِ السعوديَّة على الساحةِ العالميَّة. وصفتُ في المقالِ سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأنه «المهندسُ الحضاري الذي رسمَ بخطى ثابتةٍ معالمَ رؤيةٍ مستقبليَّةٍ جريئةٍ وملهمةٍ». كتبتُ: «لقد أرسى سمو ولي العهد أساساتٍ راسخةً لمستقبلِ المملكة، مرتكزةً على تنويعِ مصادرِ الاقتصاد، وتعزيزِ الابتكار، والاهتمامِ بالطاقةِ المتجدِّدة، وبناءِ مجتمعٍ حيوي». إن ما بعد «رؤيةِ 2030»، يمثِّلُ المرحلةَ التي سنجني فيها ثمارَ هذه الجهودِ حيث ستتحوَّلُ الأفكارُ الطموحةُ إلى واقعٍ ملموسٍ. ما بعد 2030 اللحظةُ التي سيبدأ فيها التاريخُ بتسجيلِ إنجازاتٍ جديدةٍ لهذه الأرضِ الطيِّبة من خلال استكمالِ المشروعاتِ الكبرى، وتوسيعِ دائرةِ التأثيرِ الإيجابي للسعوديَّة على المستوياتِ الإقليميَّة والعالميَّة. وكما ذكرتُ في مقالي، هذه ليست نهايةَ الرحلةِ، وإنما بدايةٌ جديدةٌ لمسيرةٍ، نُسِجَت بخيوطِ الرؤيةِ، والطموحِ بقيادةٍ فذَّةٍ من سمو ولي العهد الذي وضعَ السعوديَّة على طريقِ التميُّز والريادة. في رأيكِ، ما الصفاتُ المهمَّة في القائد، وما نصيحتكِ للشبابِ الذين يحاولون شقَّ طريقهم في الحياة؟ القائدُ الحقيقي، هو الذي يمتلكُ رؤيةً واضحةً، وشجاعةً في اتِّخاذِ القرارات، لكنَّه أيضاً يتَّسم بالتواضعِ، والقدرةِ على الاستماعِ للآخرين. القائدُ الفاعلُ، هو الذي يُلهِمُ مَن حوله، ويحترمهم، ويحفِّزهم ليكونوا أفضلَ نسخٍ لأنفسهم. إنه ليس مجرَّد صانعٍ للقرارات، إنه أيضاً مرشدٌ، يوجِّه الفريقَ نحو تحقيقِ أهدافٍ مشتركةٍ، ويغرسُ فيهم الثقةَ، والإيمانَ بقدراتهم. أمَّا بالنسبةِ إلى الشبابِ الذين يحاولون شقَّ طريقهم في الحياة، فأودُّ أن أقولَ لهم: نحن نتاجُ تأطيرٍ فكري، أقنعنا بأن النجاحَ، يعني إبهارَ الآخرين بإنجازاتٍ عظيمةٍ، وجوائزَ رنَّانةٍ، لكنْ في الحقيقةِ بعضُ هذه الإنجازاتِ العظيمةِ قد تكون في أبسطِ الأشياء. أن تنشئ جيلاً صالحاً، أو أن تكون ولداً صالحاً، أو صديقاً مخلصاً، أو أن تسهم بلمسةٍ طيِّبةٍ في حياةٍ شخصٍ ما، كلُّ ذلك إنجازاتٌ، لا تقلُّ أهميَّةً عن تلك التي تملأ عناوين الصحف. عندما تنظرُ إلى الحياةِ من هذا المنظورِ، ستجدُ أن القيمةَ الحقيقيَّة، تكمنُ في العطاءِ، في الإخلاصِ، وفي السعي إلى تحقيقِ الأفضل، ليس فقط لنفسك، بل ولكلِّ مَن حولك أيضاً. إياك أن تسعى إلى إبهارِ العالمِ، بل اجعل هدفكَ أن تترك أثراً إيجابياً في حياتكَ وحياةِ الآخرين، وستجدُ حينها أن الطريقَ الذي تخطوه مليءٌ بالنجاحِ، والسعادةِ الحقيقيَّة. ألجأ للدعاء                                                 البروفيسورة مناهل ثابت   ما أهميَّةُ التحفيزِ الذاتي بالنسبةِ لكِ؟ التحفيزُ الذاتي جوهرُ الوجود، والنورُ الذي يقودني خلال التحدِّياتِ والظلام. لقد واجهتُ في حياتي تحدِّياتٍ كثيرةً، وفي تلك اللحظاتِ الصعبةِ، كنت وحيدةً، ولم يكن إلى جانبي أحدٌ سوى الله عز وجل. في تلك اللحظاتِ كنت الجيشَ، والعدةَ، والعتادَ لنفسي، أخوضُ وحيدةً غمارَ معاركَ شرسةٍ في حربٍ ضروسٍ، تسلَّحتُ فيها بالصبر والإيمان، ولم ألتفت يوماً إلى كلامِ الحاقدين، والكارهين للنجاح. كنت دائماً أعلمُ أن القوَّةَ الحقيقيَّة، تأتي من الداخل، من تلك الشرارةِ التي تضيء القلبَ عندما يتعثَّر العقل. كنت ألجأ للدعاءِ عندما أحتاجُ إلى استراحةِ محاربٍ. تلك اللحظاتُ التي أستعيدُ فيها طاقتي، وأجدِّدُ بها عزيمتي لمواصلةِ المسير. التحفيزُ الذاتي، ليس فقط وسيلةً للنجاح، هو أيضاً رحلةٌ روحيَّةٌ، تُغذِّيها الثقةُ بالله، والقوَّةُ التي تمنحني القدرةَ على الاستمرارِ بغضِّ النظر عن العقبات. هو الإيمانُ بأن كلَّ تحدٍّ، يحملُ في طيَّاته درساً، وكلُّ لحظةِ صبرٍ، تفتح أبواباً جديدةً للفرص. بعيداً عن المجالِ المهني، كيف تقضين وقتكِ، وما الأشياءُ التي تشدُّكِ؟ وقتي الخاصُّ قليلٌ، لذا أحرصُ على الاستمتاعِ بكلِّ لحظةٍ فيه. أعظمُ متعةٍ بالنسبةِ لي قضاءُ الوقتِ مع أمِّي الحبيبة، فهي مصدرُ راحتي وسعادتي. كذلك أجدُ سعادةً غامرةً في البحثِ عن كتابٍ يقرأني بقدرِ ما أقرأه، فالعلاقةُ مع الكتبِ، ليست قراءةً فحسب، هي أيضاً تفاعلٌ عميقٌ مع الأفكارِ، والحكمةِ التي تحملها. أحبُّ جداً اقتناءَ الأشياءِ النادرة كأحجارِ النيازكِ، إذ تجلبُ لي إحساساً بالاتِّصال بالكون، والكتبِ القديمةِ جداً حيث أستقي منها جزءاً من حكم الأوَّلين وتجاربهم، وقد يستغربُ بعضهم من عشقي لتركيبِ قطعِ الليجو النادرةِ والمعقَّدة، فأنا أعدُّها تحدياً، يثير بي روحَ الإبداعِ والابتكار، ويمنحني لحظاتٍ من التركيزِ والهدوء. هذه الأشياءُ البسيطة، تمنحني توازناً جميلاً بعيداً عن ضغوطِ العمل، وتملؤ حياتي بلمساتٍ من السعادة، والتأمُّل. "شغفي العميقُ بالعقلِ البشري، ورغبتي في الحفاظِ على قوَّته الذهنيَّة في عصرٍ، يشهدُ تطوُّراً تكنولوجياً متسارعاً، دفعاني إلى تأسيسِ أوَّلِ مركزٍ متخصِّصٍ في تدريب الخلايا الذهنيَّة بالشرق الأوسط" رؤيتي للصداقة ماذا تعني لكِ العلاقاتُ الإنسانيَّة والصداقة؟ العلاقاتُ الإنسانيَّة والصداقةُ من أغلى الكنوزِ في الحياة. بالنسبةِ لي، الصداقةُ أكثر من مجرَّد علاقةٍ، فهي رابطةٌ، تمتدُّ جذورها إلى أعماقِ الثقةِ، والاحترامِ المتبادل. كما يقولُ بيت الشعر البدوي: يا صاحبي خذني معك سيف وحزام... وياك في وقت الرخا والظوايق أخوك بالفزعات ضاري وعزام... يشوقني للطيب والخير شايق ترى البشر يا خوك منقسمة أقسام... بين الردي والطيب شفت الحقايق هذا الشعرُ البدوي، يعبِّرُ بعمقٍ عن رؤيتي للصداقة، فهي اختبارٌ حقيقي في وقتِ الشدَّة، ولا خيرَ في صديقٍ، لا يقفُ معك في الأوقاتِ الصعبة. أستطيعُ القولَ: إنني انتقائيَّةٌ جداً في علاقاتي، ولا أجدُ حرجاً في ذلك. الصديقُ الحقيقي، هو الذي يُثبت معدنه في أوقاتِ الشدَّة قبل أوقاتِ الرخاء، أمَّا الصديقُ الغدَّارُ والخائنُ فلا مكانَ له في حياتي. أؤمنُ أن العلاقاتِ، يجبُ أن تكون مبنيَّةً على الصدقِ، والإخلاص، وهي أسسٌ، لا أتنازلُ عنها أبداً، لذا أعدُّ دائرتي الصغيرةَ من الأصدقاءِ كنزي الثمين، فهي التي تمنحني الدعمَ، والراحةَ في كلِّ خطوةٍ من حياتي. هل تحبِّين السفر، وما وجهتكِ المفضَّلة؟ بحكمِ طبيعةِ عملي، يعدُّ السفرُ جزءاً لا يتجزَّأ من حياتي، وهذا أتاحَ لي فرصةَ اكتشافِ ثقافاتٍ كثيرةٍ، وخوضِ تجاربَ متنوِّعةٍ حول العالم. السفرُ بالنسبةِ لي ليس تنقُّلاً فقط بين الأماكن، هو كذلك وسيلةٌ للتعلُّم، والتعرُّف على العالمِ من زوايا مختلفةٍ. على الرغمِ من كثرة سفري إلا أنني أجدُ نفسي مشدودةً دائماً إلى النقيضين في السفر، فأنا أحبُّ الطبيعةَ الخضراءَ، والجبالَ، والوديان، وألوانَ الزهورِ بكلِّ ما تحمله من جمالٍ، يبعث السكينةَ في النفسِ، وفي الوقتِ ذاته، أعشقُ الصحراءَ بهدوئها، وسحرها الذي لا يُقاوَم. ومن بين كلِّ الأماكنِ، تحتلُّ العُلا مكانةً خاصَّةً في قلبي. إنها تجسِّدُ لي جمالَ الطبيعةِ البِكرِ، وعبقَ التاريخِ العريقِ حيث تلتقي الحضارةُ بالطبيعةِ في تناغمٍ فريدٍ. العُلا ليست وجهةً عاديةً، هي تجربةٌ، تُغذِّي الروحَ، وتمنحني إحساساً بالسلامِ الداخلي، والارتباطِ بالأرض. خلال جلسةِ التصوير، رافقتنا في كلِّ لحظةٍ، وبكلِّ حماسٍ ومحبَّةٍ الكلبةُ الصغيرةُ «جوي»، ويعني اسمها الفرحَ باللغة العربيَّة، ما أثرها في حياتكِ؟ حبِّي للحيواناتِ، ينبعُ من إيماني بأن في كلِّ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ. «جوي»، تلك الكلبةُ الصغيرةُ التي يعني اسمها الفرح، هي مصدرُ بهجةٍ وسعادةٍ لي. هي لا تعرفُ مَن أنا، ولا تعرفُ ما هو عملي، أو منصبي، لكنَّها تحبُّني، لأنني أرعاها، وهي ممتنَّةٌ لذلك. تنتظرني كلَّ يومٍ عند بابِ المنزلِ إلى أن أعود، وعندما أسافرُ، لا تغادرُ مكانها المخصَّص حتى أرجع. حبُّ الحيوانات، هو حبٌّ خالصٌ، وبلا شروطٍ، أو توقُّعاتٍ. «جوي» تجسِّدُ لي في كلِّ يومٍ معنى الوفاءِ، والبساطةَ في الحبِّ. ويبدو أنها غير مستوعبةٍ لحجمها الصغيرِ، لأنها تتصرَّفُ وكأنَّها الحارسُ الشخصي لي! لقد أُمِرنا بالرفقِ بالحيوان، ومن خلال علاقتي بجوي، أعيشُ هذا المبدأ يومياً. هي ليست حيواناً أليفاً فقط، هي أيضاً جزءٌ من حياتي. تعطيني لحظاتٍ من الفرحِ، والسكينة، وتُذكِّرني دائماً بأهميَّة العطاءِ والمحبَّة في أبسطِ صورها. هل من كلمةٍ أخيرةٍ تودِّين مشاركتها مع قرَّاء «سيدتي»؟ في هذه المناسبةِ الوطنيَّة العزيزة، أودُّ أن أرفعَ أسمى آياتِ التهنئةِ والتبريكاتِ لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظهما الله، بمناسبةِ اليوم الوطني السعودي الـ 94. هذا الوطنُ العظيمُ، يستحقُّ منَّا كلَّ الحبِّ والإخلاص، ونحن نسيرُ بخطى واثقةٍ نحو مستقبلٍ مزدهرٍ بفضل قيادتنا الرشيدة. في هذا اليومِ المبارك، نحتفلُ بالإنجازاتِ التي تحقَّقت، ونتطلَّعُ إلى مستقبلٍ مليءٍ بالنجاحِ والتقدُّم. الحلمُ كبيرٌ، والهمَّةُ جبلُ طويقٍ، ونحن بإذنِ الله من هذه الأرضِ «مستمرُّون.. نحلمُ ونحقِّق». أسألُ الله أن يحفظَ وطننا وقيادتنا، وأن يديمَ علينا نعمةَ الأمنِ والأمان. وكلّ عامٍ والمملكةُ العربيَّة السعوديَّة بخيرٍ وعزَّةٍ ورِفعةٍ. يمكنك أيضًا الاطلاع على هذا اللقاء مع مديرة فندق Novotel Riyadh Sahafa حصة المزروع "قد يستغربُ بعضهم من عشقي لتركيبِ قطعِ الليجو النادرةِ والمعقَّدة، فأنا أعدُّها تحدياً، يثير بي روحَ الإبداعِ والابتكار، ويمنحني لحظاتٍ من التركيزِ والهدوء. هذه الأشياءُ البسيطة، تمنحني توازناً جميلاً بعيداً عن ضغوطِ العمل، وتملؤ حياتي بلمساتٍ من السعادة، والتأمُّل" غلاف سيدتي لـ عدد سبتمبر 2024   

مشاركة :