إطالة أمد الأزمة: كيف تستخدم إسرائيل عامل الوقت في غزة والضفة؟

  • 9/9/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تُصر الإدارة الأميركية على احتمالية نجاح مفاوضات وقف الحرب في غزة، وهي مفاوضات مستمرة منذ عدة أشهر دون تحقيق تقدم حقيقي على الأرض. الحقيقة أن الهدف من هذه المفاوضات بات واضحًا للجميع، فالإدارة الأميركية تسعى لتحقيق أي إنجاز دبلوماسي قبيل الانتخابات الرئاسية القادمة، لكنها تجد نفسها مقيدة بالواقع المعقد الذي صنعته الحكومة الإسرائيلية، سواء فيما يتعلق بغزة أو بالجبهات الأخرى التي فُتحت خلال الأشهر الماضية. المفاوضات تتعثر اليوم بسبب الخلاف حول معبر رفح ومحور فيلادلفيا، حيث يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التخلي عن هذا المحور بحجة أمنية تتعلق بالأنفاق وتهريب السلاح. نتنياهو يصر على أن التخلي عن هذا المحور يعني العودة إلى أخطار ما قبل 7 أكتوبر، ويستخدم هذه الذريعة الأمنية لتعزيز موقفه، حتى مع الإدارة الأميركية التي تعارض أسلوب نتنياهو، لكنها في الجوهر تتوافق مع رؤيته الأمنية لهذه الحدود. ورغم ذلك، تجددت الضغوط الأميركية على نتنياهو بعد حادثة مقتل عدد من المحتجزين في غزة، وبينهم حاملون للجنسية الأميركية. تسعى الإدارة الديمقراطية بشتى الطرق لتفادي سقوط مزيد من المواطنين الأميركيين، مما دفع واشنطن للتلويح بعقد صفقة مباشرة مع حماس دون ربطها بمفاوضات غزة. هذا الخيار أثار استهجان الإسرائيليين، لكنه في الوقت نفسه لا يقدم لحماس حلولًا ملموسة أو مكاسب حقيقية على الأرض. مع استمرار تعثر المفاوضات، وسّعت إسرائيل عملياتها العسكرية في الضفة الغربية، مستهدفة البنية التحتية للمخيمات الفلسطينية وساعية لتفريغ سكانها، مما يفرض سياسة أمر واقع قد يضطر الجميع للتعامل معها لاحقًا كواقع جديد على الأرض. هذا التحرك الإسرائيلي في الضفة، إلى جانب إبقاء جبهة لبنان مفتوحة وقابلة للتصعيد في أي لحظة، لا يمكن اعتباره سياسة فردية لحكومة نتنياهو، بل هو جزء من استراتيجية أمنية أوسع تبنتها إسرائيل بعد 7 أكتوبر. في الواقع، يُعتبر فتح الجبهات وتجفيف المخاطر القادمة منها تحركًا يتجاوز الانقسامات السياسية الإسرائيلية، حيث يبدو أن هذه الاستراتيجية ستكون جزءًا من السياسة الإسرائيلية حتى في حال رحيل نتنياهو عن الحكم. استراتيجية إطالة أمد الأزمة التي تنتهجها حكومته أصبحت أكثر فاعلية مع تعدد الجبهات المفتوحة وعدم القدرة على تقديم حلول عملية تغلق هذه الجبهات، خاصة جبهة غزة. على الصعيد الإقليمي، تراجع احتمالية المواجهة المباشرة مع إيران، وتحديد نطاق المواجهة مع حزب الله، منح إسرائيل فرصة لتغيير أولوياتها، وبدء التركيز على الضفة الغربية، التي قد تكون لها انعكاسات واسعة على المستويات الأمنية والسياسية الفلسطينية والإقليمية. ومع زيادة الضغوطات الدبلوماسية الأميركية على إسرائيل، قد تلجأ الأخيرة إلى المناورة على المستوى الأمني والعسكري. لذلك، من المتوقع أن تشهد المنطقة في الفترة القادمة تصعيدًا مستمرًا في الجبهات المفتوحة، خاصة الضفة الغربية، مما يعزز استراتيجية إسرائيل في إطالة أمد الأزمة، وإبقاء الولايات المتحدة في موقع الدفاع عن إسرائيل ضد المخاطر المتزايدة، بدلًا من البحث عن حلول دبلوماسية شاملة. رغم ذلك، تُظهر إسرائيل نوعًا من المرونة الدبلوماسية بالمشاركة في كافة المبادرات والمفاوضات التي تطرحها الولايات المتحدة، لكن هذه المرونة تبدو في جوهرها غطاءً لتحقيق غاية أساسية: إطالة الأزمة وضرب الأهداف الأمنية في المنطقة. كما يبدو أن سياسة الاغتيالات التي انتهجتها إسرائيل قد تعود بقوة في المرحلة القادمة، حيث أن الغطاء الأمني الذي توفره ظروف الحرب يمنحها حرية أكبر في تنفيذ هذه العمليات دون دفع ثمن باهظ على الأرض، وهو ما قد يصبح أكثر صعوبة في حال تم التوصل إلى اتفاقات أو إغلاق الجبهات. الرأي

مشاركة :