أظهرت رسالة وجهها المكتب الإعلامي التابع لحماس إلى إدارة قناتي “العربية” و”الحدث” انزعاجا وغضبا من طريقة التغطية الإخبارية للحرب على غزة التي لم تنحز إلى الحركة وتناولت مختلف الآراء، بما فيها التي حمّلت حماس مسؤولية الحرب وتدمير غزة. غزة - أعرب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة التابع لحركة خماس عن استيائه من التغطية الإخبارية لقناتي “العربية” و”الحدث”، معتبرا أن تغطيتهما يجب أن تكون “منحازة للفلسطينيين”، وأن تتركز على رواية حماس، وذلك في رسالة وجهتها إلى إدارة القناتين. وقال المكتب الحكومي في بيان إنه وجه “رسالة استياء شديد من التغطية الإعلامية غير الموضوعية لقناتي العربية والحدث تجاه حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة”، معربا عن "استيائه الشديد من تغطية تداعيات حرب الإبادة الجماعية وآثارها وتحليلاتها ومصطلحات القناتين والمواد المصاحبة للقناة". كما أعرب عن انزعاجه “حتى من طريقة تحرير وعرض الأخبار وحركة الجسد من مذيعي ومذيعات قناتي العربية والحدث”، مشيرا إلى أن “هذا كله يتم بصورة غير موضوعية وغير نزيهة، ولا يُعبّر عن إعلام عربي من المفترض أن يدعم مظلومية الشعب الفلسطيني". وطالبت “رسالة الاستياء” كلاّ من “العربية” و”الحدث” السعوديتين بتوجيه اعتذار للشعب الفلسطيني بسبب “التشفي ومناهضة” الرواية الفلسطينية، وفق تعبيرها. وزعمت الرسالة أن ذلك “لا يعبّر عن إعلام مستقل، بل إعلام منحاز لرواية الاحتلال الإسرائيلي ويظهر منه في الكثير من الأحيان التشفي ضد الفلسطينيين وهذا الأمر مرفوض وغير مقبول من قناة تلبس ثوبا عربيا". وتتماهى رسالة الإعلام التابع لحماس مع حملة سبق أن شنتها حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، على قناة العربية بسبب تغطيتها للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وانتقد أصحابها إيراد وجهات نظر وتصريحات جميع الأطراف من الأحداث الجارية في ما بدت التعليقات تؤيد أن تكون التغطية وفق رؤية حماس فقط. ولا تختلف نبرة الرسالة عمّا جاء في منشورات الحسابات ذات المرجعية الإخوانية وما يسمّى بالمقاومة الاسلامية، من انتقادات حادة والحديث عن مؤامرة وتخوين تحيكها القناة السعودية ضد المقاومة من خلال تغطيتها للعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر. ويقول متابعون إن الإعلام التابع للإخوان شن هجمات متتالية بعد أن عملت قناة "العربية" الإخبارية على كسر السردية الإعلامية التي تسيطر عليها قناة الجزيرة القطرية وتقديم رواية مختلفة للأحداث تثير الجدل في أحيان كثيرة. ويبدو هذا التوجه واضحا من خلال هاشتاغ #مقاطعة_قناة_العربية، الذي يعاد تنشيطه بين فترة وأخرى ضمن نفس الهجمة. وتتعلق الانتقادات بسياسة القناة التي تقوم بتغطية لجميع وجهات النظر دون أن تتجاهل بيانات الجيش الاسرائيلي والتفاصيل العملياتية عن الاعتداءات العسكرية والتحليلات والانتقادات التي تتعرض لها حماس من قبل الفلسطينيين أنفسهم. وقال متابعون إن الجزيرة لها تاريخ في فتح أبواب القناة للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي والمسؤولين الإسرائيليين للحديث عن أمور عربية، وكذلك إدخال المسؤول الإسرائيلي إلى البيت العربي عن طريق التطبيع الإعلامي. ◙ رسالة الإعلام التابع لحماس إلى إدارة العربية تتماهى مع حملة سبق أن شنتها حسابات إخوانية على مواقع التواصل ضد القناة وأشاروا إلى أنه لم يكن هناك مراسلون للجزيرة في إسرائيل وتمت الاستعاضة عن ذلك باستضافة إسرائيليين وفتحت لهم منابر القناة واستضافتهم في الدوحة. ويبدو من صيغة الرسالة التي أرسلتها إلى إدارة القناتين السعوديتين خلال شهر يوليو الماضي، أن حماس مستاءة من آراء الخبراء والمحللين الذين تستضيفهم القناة والذين لا يعفون قيادات الحركة من مسؤولية الحرب التي أدت إلى تدمير القطاع ومأساة أهله التي لا يعرف متى ستنتهي، إذ تعتبر أنها ممثل لأهل القطاع الذين تمت مصادرة آرائهم بإقحامهم في هذه الحرب. وقال المكتب الإعلامي في رسالته إن “القناتين (العربية والحدث) منحازتان بشكل صادم لرواية الاحتلال الإسرائيلي المجرم الذي قتل من شعبنا الفلسطيني العظيم حتى كتابة تلك الرسالة 38983 شهيدا وأصاب 89727 جريحا”. وأضاف معربا عن أمله في “أن تقوم القناتان بإعادة تقييم لسياستهما التحريرية وتغطيتهما الإعلامية الخاصة بالقضية الفلسطينية وبحرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، بحيث تكون قناة منحازة إلى القضية الفلسطينية وإلى مظلومية شعبنا الفلسطيني". وأضاف المكتب “وإن لم تتمكن القناة من الانحياز إلى الحق الفلسطيني فعليها على الأقل عدم تبني رواية الاحتلال والجيش الإسرائيلي بهذه الصورة المسيئة". ولفت المكتب الإعلامي في بيانه، إلى أنه "يعرب اليوم من جديد عن استغرابه واستهجانه لحالة الهبوط الإعلامي الحاد التي انزلقت إليها قناتا العربية والحدث في الاصطفاف إلى جانب رواية الاحتلال ضد رواية ومظلومية شعبنا الفلسطيني”، معتبرا أن “سياستهما التحريرية تظهران تأييدا صادما لسياسة الاحتلال". وجدد المكتب دعوته للقناتين السعوديتين، إلى “إعادة تقييم سياستهما المُنحازة إلى رواية الاحتلال الإسرائيلي بشكل صادم وغريب"، موضحا أنه لا يطالبهما بالوقوف إلى جانب الفلسطينيين "وإنما نطالبهما بالوقوف إلى جانب الحقيقة والموضوعية والمهنية فقط". ووجه المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في ختام بيانه تحذيرا إلى "الأمة العربية والإسلامية من سياسة القناتين” السعوديتين، مشددا على ضرورة "الانتباه جيدا خلال مشاهدة شاشتيهما". ولفت إلى أنهما “تستمران بشكل فج وغريب في انتهاج سياسة تحريرية لا تعبر عن الموضوعية ولا العربية ولا المهنية البتة، حيث تنشران أخبارا كاذبة وروايات ملفقة روجها الاحتلال وجيشه الجبان، ثم ساعدت هاتان القناتان في ترويج هذه الأكاذيب والشائعات بين الشعوب العربية والإسلامية”، وفقا للبيان. وتناولت الرسالة الحملة التي شنها الإعلام الإخواني سابقا قائلة إن “قناة العربية المملوكة للسعودية، سبق أن تعرضت لانتقادات واسعة بسبب تبنيها رواية الاحتلال فضلا عن موقفها الواضح من المقاومة الفلسطينية”. وكشفت الرسالة بأن الغاية من ورائها الدفع باتجاه الدعاية لحماس والترويج لانتصارات مزعومة، دون توجيه أيّ انتقاد، حيث جاء فيها “كررت ‘العربية’ سواء في أخبارها أو على لسان ضيوفها تحميل المقاومة الفلسطينية مسؤولية المجازر التي يرتكبها الاحتلال، فضلا عن التأكيد على تحقيق هدف الاحتلال الأول والأهم وهو إزاحة حماس من السلطة في القطاع”. وشددت الرسالة على أن تغطية قناة العربية لما يجري في قطاع غزة “تركز على منع الاعتقاد بأن حماس تنتصر". وسبق لوزارة الداخلية التابعة لحركة حماس منع قناتي "العربية" و"الحدث" السعوديتين من العمل في قطاع غزة عدة مرات آخرها عام 2020. وقالت الحركة في تصريح، نشر على موقعها الإلكتروني حينها “إن ما تقوم به قناة العربية وغيرها ينسجم تماما مع سياسات الاحتلال الصهيوني ومخططاته المستمرة للعدوان على شعبنا، وشطب حقوقه التاريخية، ما يجعلها تقف مع الاحتلال صفا واحدا ضد شعبنا مع ما يترتب على ذلك من تداعيات في كل الاتجاهات”. وأغلقت حماس في عام 2013 وبقرار من النائب العام مكاتب “العربية” في غزة. واتهمت الحركة حينها القناة ببث “أخبار غير صحيحة”. وسمحت لمحللين سياسيين وصحافيين متعاونين بالظهور على شاشة القناة خلال حرب عام 2014 التي خاضتها مع إسرائيل.
مشاركة :