يعد المنهج الدراسي -ولا يزال- الركيزة الأساسية في عملية التعليم منذ القدم، لذا كان الاهتمام به واضحاً منذ بداية التعليم النظامي في بلادنا، ونسمع بين فينة وأخرى عن عملية تطوير المناهج الدراسية حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم، حيث تعتبر مواكبة لعصر المتغيرات في جميع المجالات العلمية والفكرية، وظهر أول نظام للتعليم في المملكة في عهد المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز –رحمه الله- بإنشاء مديرية المعارف عام 1344هـ/1926م، والتي تعد بمثابة إرساء حجر الأساس لنظام التعليم في المملكة، وفي عام 1346هـ /1928م صدر قرار تشكيل أول مجلس للمعارف والهدف منه وضع نظام تعليمي يشرف على التعليم في منطقة الحجاز، ومع قيام المملكة اتسعت صلاحيات مديرية المعارف ولم تعد وظيفتها قاصرة على الإشراف على التعليم في الحجاز فقط، بل شملت الإشراف على جميع شؤون التعليم في المملكة كلها، وكانت تضم 323 مدرسة، بدأت بأربع، وفي عام 1373هـ /1953م تم إنشاء وزارة المعارف، وكانت امتداداً وتطويراً لمديرية المعارف، وأسند إليها التخطيط والإشراف على التعليم العام للبنين في مراحله الثلاث (الابتدائي، المتوسط، الثانوي)، وكان الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- أول وزير لها، وفي عام 1379هـ/1959م تم إنشاء الرئاسة العامة لتعليم البنات بعدد 15 مدرسة ابتدائية ومعهد معلمات متوسط واحد. تجربة بسيطة ومع تطور التعليم صدر المرسوم الملكي بضم الرئاسة العامة لتعليم البنات إلى وزارة المعارف عام 1423هـ /2003م، وبعد عام تم تحويل مسمى وزارة المعارف إلى وزارة التربية والتعليم، ومنذ تأسيس الوزارة وهي تسعى إلى تطوير التعليم، حيث بدأت تجربتها في مجال بناء المناهج من تاريخ إنشاء أول مجلس للمعارف في 1346هـ، حيث كانت البداية من المناهج التعليمية، والتي كانت مقتصرة -في ذلك الوقت- على العلوم الشرعية والعلوم العربية والعلوم والحساب، وكانت تجربة المديرية العامة للمعارف في بناء المناهج تجربة بسيطة غير معقدة، إذ اعتمدت في بنائها للمناهج التعليمية التي تدرس في مراحل التعليم العام أو العالي على مختلف التطورات التي طرأت على تلك المراحل على الاستفادة من المناهج المصرية، مع التغيير البسيط والتحوير الضئيل عليها، ويظهر تأثرها ذلك واضحاً خاصةً فيما يتعلق باستقدام المُعلمين من مصر. مشروع تطوير وفي عام 1428هـ صدرت موافقة المقام السامي في البدء بتنفيذ مشروع الملك عبدالله –رحمه الله- لتطوير التعليم -مشروع تطوير-، حيث جاء من أهداف هذا المشروع تطوير المناهج بمفهومها الشامل، وفي عام 1431-1432هـ طبقت جميع المدارس الابتدائية والمتوسطة المشروع الوطني الشامل لتطوير المناهج، حيث بدأ المشروع تدريجياً في ثلاث حلقات كل حلقة تستمر عاماً دراسياً كاملاً، وبدأ بذلك تطبيق مناهج العلوم والرياضيات الحديثة، وفي عام 1434هـ صدر قرار مجلس الوزراء بإعداد برنامج المعايير الوطنية لمناهج التعليم العام التابع لهيئة تقويم التعليم، حيث يركز على الدين الإسلامي واللغة العربية والهوية والمواطنة والمسؤولية، ودعم الابتكار وريادة الأعمال والتحول التقني، كما سعت الوزارة إلى التكامل والترابط بين المواد الدراسية من خلال دمج بعض المواد مع بعضها البعض في كتاب واحد مثل دمج كتب اللغة العربية والعلوم الاجتماعية، وكذلك تأليف كتاب للتربية الفنية وآخر للتربية الرياضية. مواد جديدة وصدر قرار من وزارة التعليم مؤخراً يشمل تدريس مواد جديدة بدءًا من العام الدراسي 1445هـ، وذلك لمرحلة معيّنة من طلبة وطالبات المملكة، وأضافت الوزارة مقررً اختيارياً أيضًا، لكي يتسنى لكل طالب أن يختار المجال الأنسب له، ومن بين تلك المواد اللغة الصينية، والتي تنال شغف عدد كبير من الطلاب لما فيها من غموض كبير وصعوبة الوصول إليها بالنسبة للعديد من الطلاب، وتأتي تلك الخطوات في إطار تحسين العملية التعليمية، وزيادة أهمية المقررات بما يتصل اتصال وثيق مع الواقع، وجاءت المواد التي تمت إضافتها بشكل رسمي لطلاب المرحلة الثانوية -نظام المسارات- كما يلي؛ مبادئ القانون، والأمن السيبراني، والرعاية الصحية، وأنظمة الجسم، وهندسة البرمجيات، والذكاء الاصطناعي، وتخطيط الحملات التسويقية، وعلوم الأرض والفضاء، وإدارة الفعاليات. بناء المناهج وبدأت تجربة وزارة التعليم بالمملكة في مجال بناء المناهج منذ تاريخ إنشاء أول مجلس للمعارف في 1346هـ، حيث صدر الأمر السامي رقم 173 بتشكيل ذلك المجلس، وتحديد مراحل التعليم في أربع مراحل؛ تحضيري – ابتدائي – ثانوي – عالي، وكان من بين صلاحيات ذلك المجلس اختيار الكتب المدرسية للمدارس وسن الأنظمة التعليمية، ومن الملاحظ أن تجربة المديرية العامة للمعارف في بناء المناهج، تجربة بسيطة غير معقدة، إذ كانت تعتمد في بنائها للمناهج التعليمية التي تدرس في مراحل التعليم العام أو العالي على مختلف التطورات التي طرأت على تلك المراحل على الاستفادة من المناهج المصرية، مع التغيير البسيط والتحوير الضئيل عليها، ويظهر تأثرها ذلك واضحاً خاصةً فيما يتعلق باستقدام المدرسين من مصر، كما يتضح من تجربة المديرية العامة للمعارف عدم وجود أهداف عامة تستند عليها عند بنائها لتلك المناهج أو عدم وجود سياسية واضحة، ومعايير علمية يتم البناء على أساسها، كما يتضح كذلك من خلال التجربة الفصل التام بين الموضوعات والمقررات الدراسية وغياب فكرة الدمج بين العلوم إلاّ في بعض الحالات التي قد ترتبط أكثر كما في العلوم الدينية، واللغة العربية، في شهادة الثقافة العامة للمرحلة الثانوية. أكثر من تجربة وذكرت د. أسماء زين صادق الأهدل -أستاذ المناهج وطرق التدريس- أن تجارب تطوير المناهج مرت بالعديد من التجارب من أبرزها التجربة خلال الأعوام 1373هـ – 1380هـ؛ وهي المرحلة التي صاحبة إنشاء وزارة المعارف عام 1373هـ، المتلازم مع تكوين مجلس الوزراء، وقد اشتمل تطوير المديرية العامة للمعارف إلى وزارة للمعارف عدة جوانب، من بينها الميزانية، وجهاز الوزارة، وصدور أول هيكل تنظيمي لها وتوزيع المناطق التعليمية، وكان من بين التطورات ما لحق المناهج الدراسية من تطوير، ففي هذه المرحلة بدأ ظهور الاهتمام بالنوع والكيف، والتركيز على ربط المناهج التعليمية بالبيئة الاجتماعية، إلاّ أنها غير بعيدة عن تجربة المرحلة الأولى، حيث كانت بعيدة نوعاً ما عن وضوح أهداف التعليم العام في المملكة، وعدم ربط تلك المناهج بالاحتياجات الحالية والمستقبلية للمملكة، وكان التركيز منصباً على الاستفادة من مناهج التعليم العام في الأقطار العربية، خاصةً جمهورية مصر العربية، مع إضافة بعض التعديلات على المنهج لتناسب المجتمع السعودي، إلاّ أنها مرحلة تتصف بالاستقرار السياسي والاجتماعي للدولة مما كان له الأثر في زيادة التقدم والرقي في مجال إعداد المناهج، مضيفةً: أما التجربة خلال الأعوام 1380هـ – 1390هـ فهي المرحلة التي شهدت استقرار السياسة التعليمية للوزارة التي رسمها وزيرها الأول خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز –رحمه الله-، كما أن عام 1418هـ يعتبر من الأعوام الجميلة التي مرت على وزارة التربية والتعليم، وهو من الأعوام التي انبثقت فيه أفكار جيدة واتجهت الوزارة منذ ذلك العام بفتح قنوات اتصال مباشرة مع المعلمين، والمشرفين التربويين ومديري المدارس للأخذ بمرئياتهم حيال تطوير المناهج الدراسية. أفضل الأساليب ويُعد تطوير المناهج الدراسية في أي دولة ضرورة قصوى، وذلك بالبحث عن أفضل الأساليب والطرق لإعداد مواطن صالح يتمتع بأنماط فكرية وسلوكية تؤهله لكي يكون فاعلاً في مجتمعه، مفيداً لنفسه، خادماً لأمته ووطنه، وتعد عملية التطوير علمية تقوم على أسس علمية تمر بمرحلة التخطيط والمتابعة والمراجعة والتقويم، خالية من العشوائية والتخبط، والمتأمل في عمليات التطوير يجد أن هذه البلاد تولي التطوير أهمية كبيرة فقد أجرت العديد من التعديلات والإضافات ورسمت العديد من الخطط والتي نلمس أثرها واضحاً وجلياً منذ نشأة التعليم حتى وقتنا الحاضر، ومن أهم ملامح التطوير في المناهج في وقتنا الحاضر هو ضم الرئاسة العامة لتعليم البنات إلى وزارة المعارف عام 1423هـ، وبعد عام تم تحويل مسمى وزارة المعارف إلى وزارة التربية والتعليم بهدف تطوير التعليم بشكل متكامل، وكذلك مواءمة الكتب الدراسية لتكون صالحة للبنين والبنات، وتفعيل استخدام التقنية وربطها بالكتب الدراسية، والتركيز على الوسائل التعليمية، والتنويع في استراتيجيات التدريس وطرق وأساليب التقويم المتنوعة، كما ركز تطوير المناهج على المهارات الأدائية من خلال العمل والممارسة الفعلية للأنشطة وربط المعلومات والتعلم بالحياة، باركود الدروس وفي عام 1440هـ تم ربط المناهج الدراسية بالباركود ليساعد في فهم الدرس وشرحه، وأعلنت وزارة التعليم عودة مادتي الإملاء والخط في الصفوف الأولية وتكثيف الأنشطة حولها، مع مراعاة أن تكون هذه الأنشطة والمواد التعليمية متوافقة مع رؤية المملكة 2030، كما تم الاستغناء عن كتاب النشاط الورقي واستبداله بأنشطة تفاعلية إلكترونية يعود إليها الطالب والمعلم من خلال البوابة الوطنية للمعلم -عين-، كما أقرت الوزارة في العام نفسه تدريس اللغة الإنجليزية للصف الثاني والثالث الابتدائي تجريبياً بعد أن أعد مركز تطوير اللغة الإنجليزية –التابع لمركز المبادرات النوعية في الوزارة- خطة بذلك في الصفوف المبكرة بدءا من العام 1439-1440هـ، ومن أساليب التطوير التي حظيت بها المناهج التحول الرقمي وتفعيل بوابة المستقبل في عدد من المدارس، حيث تم التطبيق مبدئياً على 150 مدرسة ثم توسع حتى شمل 1500 مدرسة، كما تم البدء بوضع خطة لإدراج اللغة الصينية كمقرر دراسي على جميع المراحل التعليمية في مدارس وجامعات المملكة -حيث جاء هذا القرار بعد زيارة قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الصين في إطار جولته الآسيوية التي شملت الهند وباكستان ودول أخرى-، وفي مطلع العام الدراسي الجاري أعلنت وزارة التعليم تجريب وإدراج اللغة الصينية في ثلاث إدارات تعليمية شملت الرياض والمنطقة الشرقية وجدة كمرحلة أولى، وقرَّرت بدء تدريس اللغة الصينيَّة في الصف الأول متوسط، اعتبارًا من هذا العام الدراسي الجديد 1446هـ في مدارس مختارة بـست إدارات تعليميَّة عامَّة في: (الرياض - تبوك - ينبع - المنطقة الشرقية - جازان – جدَّة)، وقد استقطبت الوزارة كوادر تعليميَّة مؤهلة من الجنسيَّة الصينيَّة للقيام بتدريس اللغة على أصولها، مما سيسهم في استفادة الطلاب من هذه الخطَّة بالشكل المطلوب. إعداد جيل يواكب النهضة التي تعيشها المملكة ورؤية 2030 التركيز على إكساب المهارات للطلاب حالياً كتاب القراءة العربية للصف الثاني ابتدائي 1407هـ أحد مناهج المرحلة الثانوية قديماً برامج استقبال للمعلمين القادمين من الصين إعداد: حمود الضويحي
مشاركة :