السلفية جميلة.. إن تقيدنا بها.. السلفية نقية.. إن حاكينا رسولنا من خلالها.. السلفية أساس متين.. إن تتبعنا الأولين في مقاصدها وأهدافها.. .. ولكنها تصبح مرفوضة حين يتم تبنيها دون تطبيقها والاحتكام إليها.. .. تصبح جامدة حين تنسى المقاصد ولا تراعي تحولات المجتمع واختلافات العصر.. .. تصبح حجة للمتطرفين والإرهابيين حين يتم اقتطاع مبررات تراثية ليس للسلف دخل بها.. هل نحن سلفيون فعلاً أم ندعي ذلك لتمرير تقاليدنا المتحفظة ونظرتنا المتشددة للإسلام؟ فالسلفية منهج يدعو إلى فهم الكتاب والسنة (كما فهمه السلف) بدءاً بالصحابة والتابعين وقبلهم نبينا الكريم.. تعني العودة إلى آراء وأقوال وتفاسير السلف وترجيحها على تفاسير وأراء الخلف... جميعنا يتفق مع السلفية في حال كان ماقاله وفعله الرسول صلى الله عليه وسلم هو المرجع الذي يجب أن نحتكم إليه.. ونتفق مع السلفيين في ضرورة العودة (في حال لم نجد جواباً في سيرته الكريمة) إلى ما فعله من بعد الصحابة ثم التابعين... ولكن ؛ هل مانفعله نحن (الآن) هو السلفية الحقيقية؟ ... الجواب (لا) عد مثلاً لعصر المصطفى صلى الله عليه وسلم وتذكر حكايته مع الأحباش الذين كانوا يلعبون في المسجد وعائشة التي تنظر من فوق كتفه.. هل نجرؤ على فعل ذلك في أي من مساجدنا ناهيك عن إدخال زوجاتنا للمشاهدة.. قال الرسول لعائشة حين ذهبت لزواج الأنصار: "يا عائشة ما كان معكم من لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو.".. فهل نحن فعلاً سلفيون حين نكتم أفراحنا هذه الأيام في المناسبات السعيدة... ثبت في أكثر من حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الجماعة في أوقات متفاوتة.. ثبت أنه أخر العشاء لمنتصف الليل، والظهر لبداية العصر، والعصر حتى إحمرار الغسق.. وحين اشتدت أشهر الصيف قال: أبردوا بالصلاة فإن حر الظهيرة من فيح جهنم.. وذات ليلة أخّر صلاة العشاء حتى نامت النساء والأطفال فخرج عليهم وهو يقول: "إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي"... حين نعود لعصر النبوة نكتشف أنه كان يصلى "التراويح" منفرداً حتى اجتمع عليه الناس ولكنه سرعان ما انقطع عنهم وقال (خشيت أن تفرض عليكم).. فهل نحن سلفيون حقاً حين نرفعها إلى عشرين ركعة ونجعلها بالتنظيم المعروف حالياً في المساجد ناهيك عن جمع الناس في صلاة القيام والجهر بمكبرات تمنع الناس من النوم حتى وقت الفجر.. هل نحن سلفيون فعلاً حين يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "من نظر في دار قوم حق لهم أن يفقأوا عينه" فنخالف نحن ذلك من خلال تتبع عورات الناس وأخذهم بالشبهات وتفتيش جوالاتهم وأغراضهم الشخصية لمجرد الشك فيهم.. هل نحن سلفيون حين نعترض على عمل المرأة في الأسواق كما كانت تفعل النساء في أسواق المدينة (بل وكما كانت تفعل جداتنا في أسواقنا حتى وقت قريب).. هل نحن سلفيون حين نطالب بمنع المرأة من الولايات العامة في حين ولّى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الشفاء من بني عدي أمر الحسبة والإشراف على أسواق المدينة.. هل نحن سلفيون حين اعترضنا قديماً على تعليم المرأة وحديثاً على قيادتها السيارة في حين كانت في الحجاز عالمات وفقيهات يملكن زوايا معلومة في الحرمين الشريفين يرتادها طلاب العلم.. أيها الأحباب: السلفيون الحقيقيون يتقيدون بأفعال الرسول الكريم ولا يزايدون عليها.. السلفيون الحقيقيون أفضل الناس خلقاً كونهم يحاكون أخلاق الصحابة وسيد العالمين.. السلفيون الحقيقيون أكثر تسامحاً وتيسيراً وبساطة كونهم يرجحون صدر الإسلام الأول في آرائهم وفتاواهم (قبل انشقاق الأمة واختلاف العلماء وظهور المذاهب والمدارس الفقهية المختلفة).. .. هل نحن سلفيون حقاً؟ أتمنى أن يشغلك الجواب فعلاً..
مشاركة :