مع استمرار النزاع المسلح في السودان وتحديات إيصال المساعدات للمتضررين، دعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) إلى اتخاذ إجراءات فورية. وحذر عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الفاو وممثلها الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا، من أن انتشار النزاع في السودان والتحديات التي تواجه إمكانيات الوصول إلى المتضررين والفيضانات واسعة النطاق تعيق بشدة جهود الاستجابة الطارئة للمنظمة في كافة أنحاء البلاد. وحث الواعر، الذي يتواجد حاليا في السودان لتقييم الوضع الميداني، بلدان العالم لإيجاد حل للأزمة المتفاقمة في السودان ودعم تدخلات المنظمة. وقال، وفقا لبيان نشرته منظمة الفاو اليوم علي موقعها الرسمي، إن سرعة ونطاق تدهور انعدام الأمن الغذائي أمر مثير للقلق، كما إن التحديات التي تواجه إمكانية الوصول إلى السكان المتضررين تتزايد يوما بعد يوم. وأضاف "ومع ذلك، ما يزال هناك المجال للعمل إذا ما وحدنا جهودنا واتخذنا إجراءات فورية". وأكد الواعر الحاجة الملحة إلى إيصال المساعدات في الوقت المناسب قائلاً "إن منظمة الأغذية والزراعة وشركاؤها ملتزمون بضمان إيصال المساعدات الزراعية في الوقت المناسب إلى جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق الأكثر تضرراً، حيث تكون الحاجة أكبر"، مؤكداً على أن المنظمة "لا تدخر جهداً لمعالجة هذه الأوضاع الحرجة". --استجابة الفاو الطارئة لانعدام الأمن الغذائي بالسودان منذ أوائل يونيو الماضي، وزعت منظمة الأغذية والزراعة، بدعم من شركائها في الموارد والتنفيذ، ما يقرب من 3900 طن من بذور الحبوب والخضروات الأساسية على أكثر من 400 ألف أسرة من الفئات الضعيفة في تسع ولايات هي النيل الأبيض، وسنار، والولاية الشمالية، وشمال كردفان، والقضارف، وكسلا، ونهر النيل، والبحر الأحمر والنيل الأزرق. ووفقا لبيان الفاو، فأن هذه الجهود الحاسمة تهدف إلى تعزيز الإنتاج الغذائي المحلي واستعادة سبل العيش في خضم الأزمة المستمرة. وتشمل استجابة المنظمة أيضا دعما واسع النطاق للثروة الحيوانية ومصائد الأسماك، وتتضمن أنشطتها في هذا السياق تزويد الأسر بإمدادات الثروة الحيوانية ومصائد الأسماك الطارئة، وتجديد الثروة الحيوانية المفقودة، وتطعيم الماشية وعلاجها. وفي العام 2024، قدمت منظمة الأغذية والزراعة وشركاؤها التطعيمات اللازمة لما يقرب من 2.8 مليون حيوان ضد الأمراض الشائعة، حيث وصلت إلى 558 ألف أسرة زراعية وزراعية رعوية بالسودان. وأشارت الفاو إلى أنه مع ظهور شبح المجاعة في أجزاء من السودان، فان هناك حاجة ماسة إلى الموارد لتلبية الاحتياجات المتزايدة والحد من انعدام الأمن الغذائي واستئناف الإنتاج الغذائي المحلي. وحشدت الفاو حتي الآن مبلغ 32.2 مليون دولار أمريكي لتمويل خطتها للاستجابة للاحتياجات الإنسانية بالسودان للعام 2024، التي تبلغ تكلفتها 104.1 مليون دولار، مما يترك فجوة بقيمة 71.9 مليون دولار. --الأمطار الغزيرة تعيق الجهود الإنسانية وفقا لمنظمة الفاو، فأن هطول الأمطار غير المسبوق هذا الموسم قد أدي إلى فيضانات واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد، مما أعاق الجهود الإنسانية وتسبب في المزيد من موجات النزوح. وأشارت المنظمة إلى أن الأمطار الغزيرة والفيضانات قد أثرت منذ يونيو على 90,300 أسرة (499,619 شخصا) في 69 منطقة في 15 ولاية. فيما أشار أحدث تقرير لوزارة الصحة السودانية إلى أن الأمطار تسببت في إصابة 886 شخصا، منها 205 حالات وفاة. ووفقاً لأحدث بيانات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي والتي نشرت في يونيو يواجه أكثر من نصف السكان (25.6 مليون نسمة) حالة الأزمة أو ظروفا أسوأ (المرحلة الثالثة من التصنيف أو أعلى) بين يونيو وسبتمبر 2024، بالتزامن مع موسم الجفاف. ويشمل ذلك 755 ألف شخص يعيشون مستويات كارثية من الجوع الحاد (المرحلة الخامسة من التصنيف) في 10 ولايات. وأكدت لجنة مراجعة المجاعة التابعة لمبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن ظروف المجاعة (المرحلة الخامسة من التصنيف) قد امتدت لتشمل حاليا مخيم زمزم للنازحين داخلياً في ولاية شمال دارفور. وكان تقرير صادر عن الأمم المتحدة مطلع أغسطس الماضي، أشار إلى أن المجاعة أصبحت متفشية الآن في مناطق من السودان الذي يعاني من نزاع مسلح، ومن المتوقع أن تستمر خلال الشهرين المقبلين. وقال التقرير الصادر بشأن الأمن الغذائي العالمي إن "النزاع المتصاعد الذي استمر 15 شهرا عرقل بشدة الوصول الإنساني ودفع أجزاء من شمال دارفور إلى المجاعة، خاصة في مخيم زمزم للنازحين داخليا". وأضاف التقرير "ستزداد ظروف المجاعة سوءا وتطول إذا استمر النزاع ولم يتم توفير الوصول الكامل إلى المساعدات والأنشطة التجارية". ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) فإن نحو 25.6 مليون شخص (أكثر من نصف سكان السودان) في مرحلة الأزمة أو أسوأ من ذلك من انعدام الأمن الغذائي. ومن بين هؤلاء يعاني 8.5 مليون شخص من مستويات طوارئ من الجوع، ونحو 755 ألف شخص على حافة المجاعة، في 10 ولايات بما في ذلك دارفور الكبرى (جميع ولايات دارفور الخمس)، وولايات جنوب وشمال كردفان والنيل الأزرق والجزيرة والخرطوم. ووفقا لـ(أوتشا) فان خطر المجاعة مرتفع في 14 منطقة في ولايات دارفور الكبرى وكردفان الكبرى والجزيرة وبعض النقاط الساخنة في الخرطوم إزاء تصاعد النزاع وتقييد وصول المساعدات الإنسانية وعدم قدرة الأسر على الانخراط في الزراعة وغيرها من الأنشطة الاقتصادية. لكن الحكومة السودانية تنفي وجود مجاعة في البلاد، وتصف التقارير عن المجاعة بأنها مبالغ فيها. ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت نحو 13 ألفا و100 قتيل، حسب الأمم المتحدة. ووفقا للأمم المتحدة، فقد بلغ إجمالي عدد النازحين في السودان منذ اندلاع القتال منتصف أبريل 2023 نحو 7.9 مليون شخص، كما أدت الحرب إلى لجوء 2.1 مليون شخص إلى دول الجوار، وفقا لتقارير سابقة لـ(أوتشا).
مشاركة :