استمرت العمليات البيعية في سوق النفط هذا الشهر في ظل انخفاض أسعار العقود الآجلة إلى ما دون 70 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ ديسمبر 2021. وحسب تقرير صادر عن شركة كامكو إنفست، ظل السوق واقعاً تحت الضغوط منذ الأسبوع الأخير من أغسطس 2024 في ظل مخاوف مراقبي النفط من إعلان إلغاء «أوبك» وحلفائها، في اجتماعها المقبل، خطوة خفض الإنتاج بدءاً من أكتوبر 2024. وأدى ذلك إلى تفاقم المخاوف الحالية بشأن نمو الطلب المستقبلي في الولايات المتحدة والصين، نظراً لإشارة البيانات الاقتصادية إلى تباطؤ وتيرة النمو. وأدت بعض الأخبار المتفرقة حول انقطاع الإمدادات من ليبيا ومنطقة الشرق الأوسط إلى توفير قدر محدود من الدعم للأسعار في ظل المعنويات السلبية السائدة في السوق. اتجاه أسعار النفط منذ بداية العام ومع ظهور بعض البيانات التي كشفت عن تزايد الضغوط على نمو الطلب المستقبلي على النفط، لم يكن لإعلان «أوبك» وحلفائها تأجيل رفع مستويات الإنتاج لمدة شهرين إضافيين سوى بعض التأثير الضئيل والمؤقت على الأسعار. وأعقب ذلك اجتياح العاصفة الاستوائية فرانسين التي أثرت على إنتاج النفط في ساحل الخليج الأميركي، الأمر الذي ساهم في رفع الأسعار بأكثر من 1 في المئة ببداية الأسبوع الماضي، لكن خفض توقعات «أوبك» في تقريرها الشهري لمستويات الطلب على النفط، دفع الأسعار للتراجع إلى مستوى 69.2 دولارا للبرميل في 10 سبتمبر 2024، الأمر الذي ألقى بظلاله على المراجعة الإيجابية لتوقعات الطلب من إدارة معلومات الطاقة الأميركية. كما حذرت وكالة الطاقة الدولية من تباطؤ الطلب الصيني على النفط، مما دفع الوكالة إلى خفض توقعات الطلب لهذا العام. من جهة أخرى، شهد الأسبوع الماضي إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عن بيانات التضخم والتي أظهرت تقدماً على صعيد التضخم الكلي الذي سجل نمواً بنسبة 2.5 في المئة على أساس سنوي في أغسطس 2024. إلا أن مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي استقر عند 3.2 في المئة وارتفع بنسبة 0.3 في المئة مقارنة بالشهر الماضي، حيث نما بوتيرة أسرع قليلا من توقعات الاقتصاديين. كما أظهرت البيانات ترسخ معدلات التضخم في قطاع الخدمات، بالإضافة إلى ثبات معدلات التضخم في قطاع الإسكان، ونتيجة لذلك، تتوقع تقديرات الإجماع الآن خفض سعر الفائدة مرة واحدة بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر مقارنة بالتوقعات الأكثر شيوعاً التي رجحت تخفيضات أكبر، الأمر الذي كان سيحدث تأثيراً إيجابياً على سوق النفط. كما أظهرت بيانات من أوروبا ضعف النشاط الاقتصادي في معظم أنحاء المنطقة مما دفع البنك المركزي الأوروبي إلى خفض سعر الفائدة للمرة الثانية هذا العام بمقدار 25 نقطة أساس. بالإضافة إلى ذلك، تأثر الطلب على النفط في المنطقة بدخول المصافي الأوروبية موسم الصيانة، بالإضافة إلى عمليات الإغلاق غير المتوقعة وإغلاق مصفاة جرانجماوث في اسكتلندا، أقدم مصفاة في بريطانيا. أما على جانب العرض، فظل إنتاج النفط في الولايات المتحدة مستقراً عند 13.3 مليون برميل يومياً خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بعد أن لامس مستويات قياسية بلغت 13.4 مليون برميل يوميا خلال الأسبوع المنتهي في 16 أغسطس 2024. في المقابل، انخفض إنتاج «أوبك» من النفط بنحو 0.2 مليون برميل يومياً في أغسطس 2024 ليصل في المتوسط إلى 26.6 مليون برميل يوميا على خلفية التراجع الحاد للإنتاج الليبي وكذلك انخفاض الإنتاج في العراق والسعودية، وفقاً للبيانات الصادرة عن مصادر «أوبك» الثانوية. وقابل تلك الانخفاضات ارتفاع إنتاج نيجيريا فضلاً عن النمو الشهري المحدود لإنتاج معظم دول «أوبك» الأخرى. العرض من خارج «أوبك» ارتفعت إمدادات النفط العالمية بمقدار 80 ألف برميل يومياً في أغسطس 2024 مقارنة بشهر يوليو 2024 ليصل إجمالي الإمدادات إلى 103.5 ملايين برميل يومياً بعد زيادة إمدادات غيانا والبرازيل وأماكن أخرى، وفقاً لبيانات وكالة الطاقة الدولية. وقابل هذه الزيادة في الإنتاج من تلك الدول انخفاض الإنتاج في ليبيا بسبب النزاعات السياسية إلى جانب انقطاع الانتاج في النرويج وكازاخستان نتيجة لأعمال الصيانة. الإنتاج النفطي للدول غير المشاركة في ميثاق التعاون المشترك – 2025/2024 (مليون برميل يومياً) في ذات الوقت، تم الإبقاء على توقعات نمو إمدادات النفط للدول غير المشاركة في «ميثاق التعاون المشترك» لهذا العام دون تغيير مقارنة بتوقعات «أوبك» للشهر الماضي. ومن المتوقع أن ينمو العرض من هذه الدول بمقدار 1.23 مليون برميل يومياً في عام 2024 ليصل في المتوسط إلى 53.07 مليون برميل يومياً خلال العام. وكشفت أحدث البيانات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن إنتاج النفط الخام والمكثفات على مستوى البلاد بلغ في المتوسط نحو 13.3 مليون برميل يومياً خلال الأسبوع المنتهي في 6 سبتمبر 2024. وظل الإنتاج مستقراً خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بعد أن تراجع من مستوى قياسي بلغ 13.4 مليون برميل يومياً. كما أظهرت البيانات الأسبوعية لعدد منصات الحفر النفطي في الولايات المتحدة ارتفاع مستوى منصات النفط. ووفقاً لبيكر هيوز، بلغ العدد الإجمالي لمنصات الحفر النفطي في الولايات المتحدة 488 منصة بعد زيادتها بمقدار خمس منصات خلال الأسبوع المنتهي في 13 سبتمبر 2024، ليصل بذلك عدد المنصات النشيطة في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياتها المسجلة منذ الأسبوع الأول من يونيو 2024. كما أبقت «أوبك» على توقعات نمو إمدادات النفط للدول غير المشاركة في «ميثاق التعاون المشترك» دون تغيير لعام 2025. وتتوقع الوكالة أن تنمو إمدادات تلك الدول بمقدار 1.1 مليون برميل يومياً لتصل في المتوسط إلى 54.17 مليون برميل يومياً في العام 2025. إنتاج «أوبك» من النفط الخام انخفض إنتاج «أوبك» من النفط الخام بمقدار 70 ألف برميل يومياً في أغسطس 2024 بعد أن شهد نمواً على مدار ستة أشهر متتالية في السابق، وفقاً لبيانات وكالة بلومبرج. وبلغ إجمالي إنتاج «أوبك» 27.1 مليون برميل يومياً في المتوسط خلال الشهر مقابل 27.13 مليون برميل يوميا الشهر السابق. ويعكس هذا الانخفاض، وفقا لوكالة بلومبرغ، بصفة رئيسية تراجع إنتاج ليبيا في الوقت الذي أظهرت فيه معظم الدول الأخرى الأعضاء بمنظمة «أوبك» تغيراً هامشياً في إنتاجها. من جهة أخرى، كشفت البيانات الصادرة عن مصادر «أوبك» الثانوية عن انخفاض أكثر حدة في الإنتاج خلال الشهر. ويعزى هذا الانخفاض مرة أخرى إلى تراجع إنتاج ليبيا إلى جانب انخفاض إنتاج العراق والسعودية على أساس شهري، وفقاً للتقرير الشهري لـ «أوبك». وقابل هذه الانخفاضات جزئيا ارتفاع إنتاج نيجيريا على أساس شهري، إلى جانب زياد بمعدل أقل لإنتاج الكونغو وفنزويلا ومعظم منتجي «أوبك» الآخرين. وبعد أسابيع من التكهنات بشأن التزام «أوبك» وحلفائها بسياستها المتوقعة لزيادة الإنتاج بدءاً من أكتوبر 2024، وهو الأمر الذي أدى إلى الانخفاض الحاد لأسعار النفط بنهاية أغسطس 2024، قررت دول «أوبك» وحلفاؤها تأجيل خطوة إلغاء تخفيضات الإنتاج لمدة شهرين إضافيين حتى ديسمبر 2024. وسيؤدي ذلك إلى تقليص المعروض المتاح في سوق النفط خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2024 بنحو 180 ألف برميل يومياً.
مشاركة :