مع اقتراب موعد التداول التشريعي لمشروع قانون المالية لعام 2025، تعود الخطوات الإصلاحية الضريبية والمالية للبروز كأحد أبرز المحاور التي تسعى الحكومة لتحقيقها في سياق التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة التي تواجه المملكة، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، حيث تهدف الإصلاحات المقترحة إلى توسيع القاعدة الضريبية وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال توجيه الموارد نحو القطاعات الأكثر احتياجًا. أحد أهم الأهداف التي يتطلع إليها مشروع قانون المالية 2025 هو توسيع القاعدة الضريبية ، وذلك من خلال إدراج فئات جديدة من المكلفين بالضرائب وتفعيل آليات جديدة لمكافحة التهرب الضريبي. وتسعى الحكومة وفق وثائق وزارة المالية، إلى تعزيز الإيرادات الضريبية بطريقة تضمن توزيع العبء الضريبي بشكل عادل بين المواطنين والشركات، مما سيؤدي إلى تحسين تمويل المشاريع التنموية الحيوية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية. في هذا الإطار، يهدف مشروع القانون إلى تحسين كفاءة التحصيل الضريبي من خلال استخدام التقنيات الحديثة والرقمنة في مراقبة النشاطات التجارية وضمان الشفافية في التعاملات المالية. إدخال ضرائب جديدة: ضريبة الكربون نموذج إصلاحي جديد في إطار التزام المغرب بتعهداته البيئية الدولية، يقترح مشروع قانون المالية 2025 إدخال ضريبة الكربون كأحد الوسائل لتحفيز الانتقال نحو اقتصاد أخضر وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. تهدف هذه الضريبة إلى تقليل الانبعاثات الكربونية من خلال فرض رسوم إضافية على الأنشطة التي تساهم في التلوث البيئي. رغم أن ضريبة الكربون قد تواجه بعض المقاومة من القطاع الصناعي والتجاري، إلا أنها تعتبر خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتقليل الأثر البيئي.كما ستساهم هذه الضريبة في تعزيز الابتكار وتشجيع الشركات على التحول نحو استخدام تقنيات طاقة متجددة وصديقة للبيئة. تحفيز الاستثمار ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى جانب الإصلاحات الضريبية، يركز مشروع قانون المالية 2025 على تحفيز الاستثمار ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة(PMEs) التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الوطني. ستتمتع هذه الفئة من الشركات بإعفاءات ضريبية جزئية لتشجيعها على النمو وتوفير فرص عمل جديدة، مما يساهم في خفض معدلات البطالة وتعزيز الإنتاجية الاقتصادية. علاوة على ذلك، يشمل المشروع دعم الاستثمارات الخضراء والمشاريع الابتكارية التي تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة، وذلك من خلال منح حوافز ضريبية للمستثمرين في قطاعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة. تعزيز العدالة الضريبية يمثل تعزيز العدالة الضريبية أحد المحاور الرئيسية التي يرتكز عليها مشروع قانون المالية 2025. تسعى الحكومة من خلال هذه الإصلاحات إلى إعادة توزيع الموارد بطريقة تضمن تحسين الخدمات الاجتماعية للفئات الأقل حظًا. في هذا السياق، يقترح مراجعة الضرائب على الدخل للفئات المتوسطة، ما يحقق توازنًا بين مختلف فئات المجتمع، حيث ينتظر من هذا التوجه المساهمة في تقليل الفوارق الاجتماعية وتحقيق توزيع أكثر عدلاً للثروة، مما يدعم الاستقرار الاجتماعي ويقلل من الفجوات الاقتصادية بين المواطنين. التحديات المستقبلية رغم أهمية هذه الإصلاحات، فإن تطبيقها على أرض الواقع قد يواجه تحديات كبيرة، لا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية المتقلبة. فقد تؤثر الأزمات العالمية مثل ارتفاع أسعار الطاقة واضطرابات سلاسل التوريد على قدرة الحكومة على تحقيق أهدافها المالية والضريبية.كما يتطلب تطبيق ضريبة الكربون توازنًا دقيقًا بين تحقيق الأهداف البيئية وعدم الإضرار بالقدرة التنافسية للشركات المحلية، لا سيما تلك التي تعتمد بشكل كبير على الطاقة الأحفورية. ويتعين على الحكومة والبرلمان مراعاة هذه التحديات عند صياغة السياسات الضريبية لضمان عدم تأثيرها سلبًا على الاقتصاد الوطني.
مشاركة :